أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - دور المنافقين في صنع المستبدين















المزيد.....

دور المنافقين في صنع المستبدين


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدكتاتور لم يأت من لا شيء، بل هو أشبه بالنبتة التي لا تنبت في أرض ما لم تكن التربة خصبة لها. يقول العالم الفرنسي لويس باستور عن قدرة الجراثيم على إحداث المرض: (البذور موجودة ولكن نموها يعتمد على حالة التربة). يعني بذلك أن الجراثيم متوفرة وتدخل أجسامنا على الدوام، ولكن قدرتها على صنع المرض تعتمد على مناعة الجسم. وأقولها بألم، إن أرض العراق تربة خصبة لزراعة الدكتاتوريين ومناعته ضد الإصابة بمرض الاستبداد ضعيفة. وسبب هذه الخصوبة هو كثرة المنافقين من الذين وصفهم العلامة على الوردي ب(وعاظ السلاطين) من المداحين والردّاحين، الشحاذين على أبواب السلاطين من أجل السحت الحرام.

الدافع لهذه المداخلة هو أني اطلعت على مقالة تكرم بها عليّ الصديق فضيلة الشيخ علي القطبي، رجل الدين المتنور، وهي من هذا النموذج الرخيص من أقوال المتملقين من صناع المستبدين، بعنوان (الجعفري مع الحق والحق مع الجعفري.. يدور الحق حيث يدور الجعفري!!). أرجو من الأخ المحرر إبقاء تفعيل الرابط (العنوان) لكي يتمكن القراء الكرام من فتح المقال والإطلاع بأنفسهم على هذا الإسفاف المخجل.

يبدأ الكاتب مقاله، إن جاز لنا أن نسميه مقال، فهو أشبه بقطعة غزلية رخيصة لعاشق ولهان هيمان بمعشوقه، فيقول: (يحتار المرء أحيانا في محاولته لوصف حالة ما أو التعريف بشخصية ما أو تقييم أمر يرى فيه خصال الجمال والكمال ساطعة كسطوع الشمس تثقب الأبصار، عندها لا القلم يكتب ولا الشفة تنبس والعجز يصبح سيد الموقف. وسبب حيرة المرء هو عندما يريد أن يلقي الضوء على شيء ما أو شخصية ما شمسها ونورها أسطع من ضوءه فكيف يا ترى سينيرها والى أي مدى سيكشفها؟.. أليس ضوءه الباهت سيرتد عليه خاسئا وهو حسير؟؟.. وفي عالم الوصف وسماء التعريف بماذا توصف وكيف تقيّم وماذا تنير حين تكون الشمس بازغة مهيمنة حاضرة في كبد السماء، عندها لا يكون للوصف غير الانكفاء والأفول والقصور والضمور..). ويواصل الكاتب قوله لا فظ فوه: (وعجزنا في وصف حبيبنا وسيدنا الجعفري إبراهيم يتزايد يوما بعد يوم كلما أبرز هذا الكريم سجاياه الحميدة وخصاله الكريمة وأخلاقه الرفيعة.. فهذه الشخصية الفذة سحرت قلوب المحبين لهفا.. وأرغمت قلوب الكارهين رغما، فأجبرتها على احترامها والتبجيل لها والخضوع أمامها.. فالحديث عن الجعفري إبراهيم ليس بالأمر الهيّن.. فقد أثبت هذا الإنسان إنه خير مثال للإنسانية وخير نموذج لكي تكون عليه البشرية..). مع الاعتذار لهذا الاقتباس المطول، فالقصد منه فضح الابتذال في الذوبان والتماهي بشخصية الحاكم المعبود.

لا نريد من نقدنا للكاتب التشكيك في اخلاقية الدكتور إبراهيم الجعفري الحميدة، ولكن هل الجعفري هو الوحيد الذي يتمتع بصفات إنسانية نبيلة و السجايا الحميدة؟ فملائمة الشخص المناسب للمنصب المناسب لا يعتمد فقط على طيبته الشخصية وإخلاقه الرفيعة فقط، ورغم أهمية هذه الصفات، بل على مؤهلاته وكفاءته لهذا المنصب. وهل هناك حاجة إلى إسباغ كل هذه الصفات الألوهية على شخص الحاكم وبهذا الغلو؟ يقول الإمام علي (ع): "إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإن أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه وأعارته مساوئ غيره". فلماذا لم يمدح الكاتب الجعفري عندما كان الأخير مشرداً في المنافي ولم يمتدحه إلا بعد أن صار رئيساً للوزراء وفي هذا الوقت بالذات، أي وقت الانتخابات البرلمانية؟ فإذا كانت هذه المقالة هي جزء من الحملة الانتخابية فهي ساذجة ودعاية رخيصة، وغايتها مفضوحة ومردودها معكوس على الممدوح.
فلو كان الجعفري فعلاً قد استطاع حل المشاكل الكبرى التي يعاني منها الشعب العراقي مثل تفشي الجريمة المنظمة وتصاعد الإرهاب وغياب الأمن والنقص الشديد في الخدمات... الخ، لقلنا من حق الكاتب أن يكيل هذا الثناء والمديح له ولصفقنا له. إلا إن الذي حصل في عهد حكومة الجعفري هو العكس تماماً، أي تفاقم الجريمة وتصاعد الإرهاب وتردي الخدمات بشكل رهيب بحيث صار هم المواطن هو ترتيب أمره في مغادرة العراق إلى المنافي طلباً للأمن والكرامة. فهل استطاع الجعفري فعلاً حل المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي لكي يستحق كل هذا التأليه؟

وماذا يختلف هذا الكلام في تأليه الجعفري عن قصيدة شفيق الكمالي في مدحه لمعبوده المستبد صدام حسين عندما قال:
تبارك وجهك القدسي فينا كوجه الله ينضح بالجلال
رأيت الله في عينيك والعربا ... الخ
ويقول في قصيدة بعنوان( لولاكَ):
لولاك ما طلع القمر
لولاك ما هطل المطر
لولاك ما اخضر الشجر
لولاك أيضاً ما رأى أحد ولا عرف النظر
لولاك ما كان العراقيون معدودين في جنس البشر
بل لم يكونوا في الخلائق
أو لكانوا دون سمع أو بصر إنا لنحمد حظنا
إذ كنت حصتنا وجاء بك القدر.

ويرد الشاعر الراحل الدكتور زاهد محمد زهدي على هذه القصيدة فيقول:
لولاك ما كان الكدر
لولاك ما عرف العراقيون ما معنى الضجر
لولاك ما كنا نجوع على غنى بين البشر
لولاك لم يهو العراق إلى الحضيض ولا انكسر
لولاك ما صرنا سبايا
ضائعين بلا أثر
لولاك لم تجدب حقول الخير
أو يجر السحاب بلا مطر
لولاك لم تعد تغد النخيل
بلا عذوق أو تمر
إن كنت يا (صدام) من صنع القدر
لم يبق إلا الكفر بالأقدار
حاشا أن يريد الله شراً بالبشر.

وبعد كل هذه الكوارث بسبب الدكتاتورية، ألم يتعظ العراقيون بالدروس التي قدمها لنا شفيق الكمالي وأمثاله من المنافقين في صنع الدكتاتوريين؟ وماذا كانت نتيجة الكمالي؟ لقد سحقه الجلاد كما يسحق الحشرة.
فالجعفري في رأي الكاتب هو إبراهيم الخليل وهو علي بن أبي طالب وهو مع الحق والحق معه…"يدور الحق حيث يدور الجعفري". ويكفي هنا أن نستشهد بأقوال من الإمام علي(ع) لدحض كل هذه الترهات في أدب الدجالين إذ يقول: )الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال). وقد جاءه يوماً أحد المنافقين فراح يغالي في مدحه، فأجابه الإمام قائلاً: (أنا دون ما قلت وفوق ما في نفسك). ولو كنت مكان الجعفري لجابهت هذا الكاتب بنفس كلام الإمام (ع).



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة والإرهاب وجهان لعملة واحدة فاسدة
- ماذا يعني البعث في ذاكرة العراقيين؟
- مؤتمر القاهرة يخدم أعداء العراق
- رسالة من العراق إلى أنظار حكومتنا الرشيدة
- مؤتمر الأقباط العالمي الثاني انتصار للمظلومين
- إقرار الدستور إنتصار لكل العراقيين
- ماذا هيأتم للانتخابات القادمة؟
- محكامة صدام عادلة لأنها تحت الإحتلال!
- ملاحظات حول محاكمة صدام حسين
- أهمية الاستفتاء على مسودة الدستور
- صولاغ الوزير الغشيم
- ما يجري في العراق فضيحة عربية
- من الذي يحكم في العراق؟
- من المستفيد من تصاعد التوتر في البصرة؟
- ما جدوى مشاركة عراقيي الخارج في الاستفتاء والانتخابات؟
- كارثة 11 سبتمبر وحكمة التاريخ
- على السنة العرب أن ينأوا بأنفسهم عن البعث
- فاجعة جسر الأئمة، من المسؤول عنها؟
- الدستور، والخيار بين - كل شيء أو لاشيء
- مظاهرة من أجل العبودية!!


المزيد.....




- الجيش الأردني يصدر بيانا عن مسيرة محملة بالمتفجرات سقطت في م ...
- دبلوماسيون: محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة وسط ت ...
- ترامب يلوّح بالقوة ونتنياهو يتحدث عن مفاجآت وشيكة... هل تقتر ...
- تخفيف الرقابة على تأشيرة الدراسة للأجانب في الولايات المتحدة ...
- حين تصطدم إيران بإسرائيل، العالم يختار كلماته بعناية
- رضائي: نقلنا اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة
- بيسكوف: بوتين يحافظ على اتصالات مع إيران وإسرائيل
- الإسعاف الإسرائيلي يكشف حصيلة القتلى والجرحى جراء الهجمات ال ...
- إيران تصدر تحذيرا لإخلاء مقر القناة -14- العبرية في تل أبيب ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا حول اليوم السابع من المواجهة مع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - دور المنافقين في صنع المستبدين