أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - أهمية الاستفتاء على مسودة الدستور















المزيد.....

أهمية الاستفتاء على مسودة الدستور


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1351 - 2005 / 10 / 18 - 10:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيراً خاض الشعب العراقي بنجاح منقطع النظير، معركته الحاسمة الأخرى في سلسلة معاركه من أجل الديمقراطية واللحاق بركب العالم المتحضر بعد عشرات السنين من تسلط الإستبداد البعثي الفاشي وباسم القومية العربية ووحدتها الخيالية من المحيط إلى الخليج، الحكم الذي أضاع على الشعب عقوداً من التطور وأعاده قروناً إلى الوراء. وبعد كل هذه الكوارث، فلا بد للتاريخ أن ينتفض ليأخذ مساره الصحيح.
لا شك أن للجغرافية دوراً كبير في التطور الحضاري لأي شعب من الشعوب. والموقع الجغرافي للعراق هو الذي جعل من وادي الرافدين مهداً للحضارة البشرية، وملتقى للقوميات المختلفة وساحة للحروب بين الدول وموطناً للأنبياء ومنشأً للعديد من الأديان وعاصمة لدولة الخلافة العباسية ومركزاً لتأسيس معظم المذاهب الإسلامية والمدارس الفكرية وغيرها. إذ كانت بغداد، في عصر الخلافة العباسية مدينة كوسوموبوليتانية، عاصمة للدنيا ومركزاً لنشر المعرفة كما كانت البصرة والكوفة.
ورغم مرور العراق بالكوارث، البشرية والطبيعية، منذ غزو هولاكو وإلى الآن، إلا إن هذا البلد العظيم أصر على النهوض واستعادة مكانته وأهميته الكونية في التطور الحضاري في عصرنا الراهن، عصر العولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان، عصر تحقيق وانتصار إرادة الشعوب. فبسبب التقدم العلمي والتكنولوجية المتطورة، صارت المعمورة قرية كونية كبيرة، وأصبحت مصالح الشعوب متداخلة ومتشابكة، بحيث صار من الصعوبة التمييز بين ما هو وطني وما هو عالمي وأية قضية وطنية هي عالمية في نفس الوقت. وأفضل مثال أمامنا هو هذا التعاون الدولي الرائع لمساعدة الشعوب المنكوبة بالزالزل والأعاصير.
لذلك ومهما كان موقف أعداء العولمة والديمقراطية من هذه التحولات الجارية، فإن التاريخ يأخذ مساره الصحيح رغم مقاومة أعداء التطور وأعداء الحياة له. نعم، هناك نقلة نوعية وقفزة كبرى في التطور الحضاري، والعراق صار له دور أساسي في هذه التحولات لأنه يمثل سرة الأرض! أقول هذا رغم أني لست من المتباهين بالماضي ومهما كان هذا الماضي مجيداً، لأني لا أعترف باتخاذ الماضي المجيد تعويضاً للحاضر المتخلف المزري. فكما يقول الشاعر:
إن الفتى من قال ها أنذا وليس الفتى من قال كان أبي
ولكن مع ذلك، يجب أن لا ننكر الحقيقة، أن العراق، وكنتيجة لموقعه الجغرافي ودوره التاريخي وتكوينه الديموغرافي المتعدد والمعقد، فقد اختاره التاريخ ليلعب دوراً مؤثراً فيما يجري في هذا العالم من تحولات سياسية واجتماعية وعلى مختلف الأصعدة وليكون مركزاً لهذه التحولات العاصفة والمتسارعة في منطقة الشرق الأوسط وساحة للمعارك الطاحنة لسحق قوى الظلام والإرهاب وخلاص البشرية من شرورها.

نعم، إن كل ما جرى في العراق عبر التاريخ من صراع له علاقة وثيقة بموقعه الجغرافي وتكوين شعبه المتعدد الأعراق والمذاهب. وما يجري الآن هو شكل من أشد الأشكال دموية في الصدام بين الثقافات، صدام بين الحداثة والتخلف، صدام بين الحاضر المتجدد والماضي الذي يرفض لفض آخر أنفاسه بسلام، صدام عنيف بين الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة والإستبداد والماضوية وجحافل الظلام من جهة أخرى.

إن الإستفتاء على مسودة الدستور العراقي يوم 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ومهما كانت النتيجة، هو بحد ذاته انتصار للشعب العراقي وللديمقراطية والحضارة والحداثة، لأنه عبارة عن تمرين عملي للشعب ودرس بليغ لتكريس الديمقراطية وتثبيتها والإصرار عليها، ليس للعراقيين فحسب، بل لجميع شعوب المنطقة. فكما تحدى هذا الشعب فلول البعث الفاشي المقبور وحلفاءهم الإرهابيين الإسلامويين يوم ثلاثين كانون الثاني الماضي في الإنتخابات العامة، كذلك تحدى هذا الشعب وبعزيمة أقوى، جحافل الظلام في يوم الاستفتاء العظيم وأكد للعالم تصميمه الشديد على الخيار الديمقراطي والحاق الهزيمة بالإرهاب.
نعم، كان الإستفتاء بحد ذاته، وبهذه النسبة العالية من المشاركين في التصويت، 65% من المسجلين وتحديهم الشجاع للارهاب، يعد بحق نصراً للشعب العراقي والديمقراطية بغض النظر عن الناتئج. الإستفتاء بحد ذاته انتصار، لأنه لأول مرة في تاريخ العالم الثالث يجرى هذا الاستفتاء الشعبي وبهذه الحرية والشفافية على مسودة دستور يكتبها عراقيون منتخبون من قبل الشعب وتأخذ المسودة أشهراً من السجال والمشاركة الجماهيرية الواسعة، حيث تم طبع وتوزيع خمسة ملايين نسخة على الشعب أي بمعدل نسخة لكل عائلة في العراق وذلك رغم محاولات أعداء الشعب العراقي اليائسة والبائسة في التشكيك بمصداقية هذا التصويت والتقليل من أهميته.
أستفتاء أشادت به قادة الدول وعلى رأسها الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان. ولكن رغم هذه الإشادة الدولية، إلا إن معظم قادة الحكومات العربية التزموا جانب الصمت منه.
أما وسائل الإعلام العربية فقد أظهرت موقف الطعن والتشكيك بكل ما ينجزه الشعب العراقي. وقد شاهدنا ذلك في طعنهم بنتائج إنتخابات الجمعية الوطنية في بداية العام الحالي رغم مشاركة نحو 60% من المسجلين، بينما لم يطعنوا بنتائج الإنتخابات الرئاسية في جمهورية مصر العربية رغم تدني نسبة المشاركة فيها إلى 23% فقط ورغم غياب العنف في مصر. فلنتصور، ماذا كان رد فعل العربان لو كانت نسبة المشاركة في الإستفتاء العراقي 23%. في هذه الحالة، لما اكتفوا بإعلان فرحتهم بفشل الاستفتاء فحسب، بل ولأعلنوها نصراً مبينا لهم على الشعب العراقي "العميل!!!" ففي نظر هؤلاء إن عشرة ملايين ونصف مليون عراقي الذين شاركوا في التصويت هم عملاء وخونة!!!

وماذا عن نتيجة الاستفتاء؟
إن هذه الحالة هي من الحالات التي يمكن اعتبار الاستفتاء فيها بحد ذاته نصراً للشعب بغض النظر عن النتيجة. فلو انتصرت جبهة (نعم) وأقرت المسودة، وهو ما نتوقعه، فهو خير على خير، رغم تحفظاتنا على بعض مواد مسودة الدستور، لأن هذه النقاط الخلافية يمكن تعديلها من قبل الجمعية الوطنية القادمة عندما تستقر الأمور وستستمر قوى شعبنا الخيرة في استكمال البناء الديمقراطي للعراق الجديد. أما لو رجحت كفة (لا) فلن تكون هذه بمثابة كارثة ولا نهاية العالم أو التاريخ، ولا تعتبر انتصاراً للإرهاب وأعداء الديمقراطية كما يتصور البعض، بل سيعيد الشعب الاستفتاء حتى ولو اقتضى الأمر تكراره عدة مرات. إذ ستجرى أنتخابات برلمانية أخرى في كانون الأول (ديسمبر) القادم، لإنتخاب جمعية وطنية مؤقتة جديدة لإعادة كتابة مسودة الدستور. وفي هذه الحالة ستكون الجمعية الجديدة أكثر مشاركة وتمثيلاً لمختلف أطياف الشعب العراقي، خاصة بعد أن أدرك السنة العرب أن مقاطعتهم للإنتخابات ألحقت بهم أشد الأضرار وهم الذين اختاروا تهميش أنفسهم، وعليهم أن لا يلوموا إلا أنفسهم في حالة مقاطعتهم للانتخابات. نعم، إنها تمارين في الديمقراطية وتعلم قواعد اللعبة.
ومن الإنصاف أن نذكر أن ليس جميع اعتراضات ممثلي السنة كانت خاطئة أو تعجيزية، فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. فإصرار هذه الجماعة على أن يحق للبرلمان القادم النظر في إجراء التعديلات على بعض مواد الدستور بدلاً من الإنتظار 8 سنوات، وتأجيل قضية فيدرالية مناطق الجنوب والوسط، هي من الأمور التي يجب الترحيب بها لأنها لصالح الشعب وقواه الديمقراطية. ولكن هناك فريق آخر من الذين يتحدثون باسم أهل السنة، من الذين أطلقوا على أنفسهم زوراً اسم "هيئة علماء المسلمين" وجماعة صالح المطلق، فهم بعثيون أكثر من كونهم ممثلين للسنة العرب، وغاية هؤلاء إفشال البناء الديمقراطي في جميع الأحوال ولن يرضوا بأقل من عودة حكم البعث الفاشي ليواصل توسيع المقابر الجماعية، لذا يجب مقاومة هذه الزمرة الفاشية وفضحهم لأنهم يمثلون قوى الإرهاب. وعلى العقلاء من أهل السنة أن يصغوا إلى صوت العقل ويطردوا هؤلاء البعثيين من صفوفهم وينضموا إلى قوى الشعب العراقي الخيرة لإعادة بناء دولته الديمقراطية. وهناك علامات خيرة ومشجعة بدرت بهذا الاتجاه، خاصة عندما أعلن الحزب الإسلامي موقفه الإيجابي من مسودة الدستور والمشاركة في التصويت ب(نعم) لإنجاح التجربة الديمقراطية وعدم فسح المجال أمام الإرهابيين الذين يريدون بالعراق الشر المستطير والدمار الشامل. نعم إنها رحلة شاقة لبناء العراق الجديد تستحق التضحيات لأن في نهاية المطاف ستنتصر إراة الشعب العراقي.



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صولاغ الوزير الغشيم
- ما يجري في العراق فضيحة عربية
- من الذي يحكم في العراق؟
- من المستفيد من تصاعد التوتر في البصرة؟
- ما جدوى مشاركة عراقيي الخارج في الاستفتاء والانتخابات؟
- كارثة 11 سبتمبر وحكمة التاريخ
- على السنة العرب أن ينأوا بأنفسهم عن البعث
- فاجعة جسر الأئمة، من المسؤول عنها؟
- الدستور، والخيار بين - كل شيء أو لاشيء
- مظاهرة من أجل العبودية!!
- مسودة الدستور.. ما لها وما عليها
- موقف الإسلامويين من المرأة
- الدستور العراقي في سباق المائة متر!!
- دعوة لتأجيل كتابة الدستور الدائم
- تركة صدام حسين في مسودة الدستور الدائم
- ملاحظات حول مسودة الدستور العراقي
- مخاطر زج العلم في السياسة
- هذه بضاعتكم ردت إليكم
- حرب إبادة الشيعة ستبيد الجميع
- الشماتة لا تليق*


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - أهمية الاستفتاء على مسودة الدستور