أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - العراق من منظور تأصيلي















المزيد.....

العراق من منظور تأصيلي


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 10:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيما تــرى أهل العراق أنني أوطنت أرضا لم تكن من وطني
ابن بــري

مقدمة : ضياع معاني العراق
اختلطت اليوم في ثقافتنا العراقية جملة هائلة من المفاهيم الاساسية التي تحتاجها الاجيال مع توالي الايام ، وتنوع الثقافات ، وتعدد المراجع ، وتفاقم الاعلاميات .. لقد اختلطت ليس على النشئ الجديد حسب ، بل حتى على المثقفين والمختصين والساسة والكتاب وحملة الشهادات العليا .. وهذا ما لم نجده البتة في ثقافات اخرى حتى العربية ، علما بأن العراقيين عرفوا تلك " المفاهيم " واستخدموها على درجة عالية من الحذاقة والتركيز في استعمال المعاني منذ اكثر من قرن كامل .. وانهم لم يطالوا الالفاظ ان لم تكن في مواقعها الحقيقية كونهم وازنوا ايام عزّهم بين الالفاظ والمعاني وان كل ما يقولونه او يكتبونه له دلالاته من المعاني الصائبة ، ولا يمكن خلط هذا بذاك .. ربما نجد اسهابا في الالفاظ واطنابا في الكلام ولكن قلما نجد خلطا فيها وانعدام معرفة لاستخدام ما لا يمكن استخدامه هنا او استخدامه هناك .
ان من أشدّ ما يؤلم حقا ان العراقيين – بشكل خاص – قد اضاعوا المعاني الحقيقية للوطنية نتيجة الظروف الصعبة التي مرّت عليهم منذ ازمان ، فضلا عن حالة الفوضى الفكرية واللغوية التي يعيشون فيها .. اذ دوما ما يخلطون بين مصطلحات وشعارات . ولعّل ابرز ما يعلن من خطايا في السياسة والاعلام وعلى لسان الكّتاب الجدد الذين ظهروا فجأة بعد سقوط النظام السابق وحتى في المؤسسات الرسمية العراقية اقتران مصطلح العراق الموّحد قديما بـ " مصطلح العراق الاتحادي" حديثا .. وكأن ليس للعراق وجود لا في التاريخ ولا في الجغرافية .. وكأنه ليس بوطن قديم جدا ، بل ان " الدولة " غدت في العرف العام اهم من الوطن وهذه من اكبر جنايات ليس العراقيين وحدهم ، بل حتى العرب في القرن العشرين .
وعليه ، هل يمكننا ان نوّضح في مثل هذا الباب من " مفاهيم اساسية " المعاني الحقيقية لمثل هذه المفاهيم التي يحتاجها الانسان العراقي يوميا والتي لابد ان تشغل باله وتفكيره ووجوده ، ومن اجل التخلص من هذه الفوضى الفكرية التي تعّم حياتنا منذ قرابة خمسين سنة في عالم اليوم ؟؟

معنى " الوطن " لغة
الوطن ( بفتح الواو والطاء ) : المنزل تقيم به ، وهو موطن الانسان ومحله .. والجمع اوطان . وأوطان الغنم والبقر : مرابضها وأماكنها التي تأوي اليها .. ومواطن مكة : مواقفها . وطن بالمكان وأوطن : اقام . وأوطنه : اتخذه وطنا . يقال : أوطن فلان ارض كذا وكذا أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيها .. والموطن : مفعل منه ، ويسمّى به المشهد من مشاهد الحرب ، وجمعه مواطن . والموطن : المشهد من مشاهد الحرب . وفي قوله تعالى : لقد نصركم الله في مواطن كثيرة . وأوطنت الارض ووطنتّها توطينا واستوطنتها أي اتخذتها وطنا .. اما المواطن ( بفتح الميم والواو ) فكل مقام قام به الانسان لأمر فهو موطن له .. وعلى حد تعبير ابن سيدّه : وطّن نفسه على الشيئ وله فتوطنت حملها عليه فتحمّلت وذّلت له ، وقيل : وطّن نفسه على الشيئ وله فتوطّنت حملها عليه ( لسان العرب ، المجلد 13 ، ص 451) .

معنى " العراق " اصطلاحا
لقد اختلف المعنى الاصطلاحي والضمني لـ " العراق " من زمن الى زمن آخر ، اذ نجد في ادبيات العراقيين القديمة من يقول – مثلا – بـ " ميزوبوتيميا " Mezopotamia " ( = بلاد ما بين النهرين ) ، او كما يسميه اكزانافون بـ بلاد وادي الرافدين دجلة والفرات .. والعراق مصطلح قديم اطلق على مناطق عدة ، ولكن استقر على وضعه اليوم . ولقد وجد نفسه على ايام العرب منذ قبيل عهد الفتوحات الاسلامية حتى امتدادات العثمانيين يتّكّون من قسمين اثنين : اولهما بلاد ارض السواد وثانيهما بلاد الجزيرة الفراتية ( وبضمنها كردستان التي يطلق عليها : جبال الاكراد ) كما توقفّنا في التواريخ الاغريقية وكتب البلدانيات الاسلامية على مصطلح العراق ضمن تشكيلات متباينة .
لقد وجدنا العراق يتشكّل ضمن نظام الشرق الذي كان وراء تأسيسه السلطان سليمان القانوني بتقسيم العراق الى ولاياته الكبرى الثلاث الموصل وبغداد والبصرة ، وهي الاقاليم الادارية التي دامت حتى الاحتلال البريطاني ، وخلال تلك الحقبة كانت مصالح العراق مشتركة بين الولايات الثلاث التي يربطها كل من دجلة والفرات .. ولقد تعّززت الروح العراقية وترّسخ مفهوم المواطنة عند العراقيين المتمدنين ( = الحضر ) اي بمعنى : استقرارهم في المكان والفتهم له وتوطنهم فيه واكتسابهم الوانه وخصائص بيئته وكل جمالياته او قبائحه .. في حين ان البدو المتنقلين من مكان الى آخر ، لم يكن في عرفهم اي استقرار في مكان معين ، ولكنهم ايضا لهم الفتهم للفضاء المكاني الذي يدورون فيه مكتسبين خصائصه وسماته ، بحيث لا يمكن فصلهم عن بيئتهم التي عاشوا فيها اجيالا بعد اجيال .

معنى العراق وطنا
يبدو ان زمنا طويلا مضى والعراقيون لا يدركون معنى العراق ! ولا اقصد بمعنى العراق لغة واصطلاحا ، بل أقصده جغرافية وتاريخا . ولا اقصد جمهرة الناس العاديين الذين ليس لهم باع في البحث والتقّصي ، ولكن أعني أولئك الذين يتخصصون في شؤون العراق من العراقيين ، اذ يتوهمون كثيرا ما الذي يعنيه هذا العراق ؟ ومن رسم حدود العراق ؟ وهل رسمت في بدايات القرن العشرين من فراغ ؟ وهل رسمها الانكليز كما جاء ذلك في محاضرة لأحد الاكاديميين العراقيين مؤخرا في ندوة مركز الامارات للدراسات الاستراتيجية في ابو ظبي ؟ وهل استيقظ العراقيون هكذا فجأة ، ليجدوا أنفسهم في بلاد جديدة صنعها الانكليز لهم كما يجري ذلك اليوم على السنة الكثير من العراقيين وهم اما جهلة غفلة او يتغافلون ويتجاهلون لتمرير ما يريدون على الناس .. والانسان عدو لما يجهله !
لقد ورثت بريطانيا العراق بشكله الحالي عن الاتراك العثمانيين الذين حكموا العراق اربعة قرون بولاياته الثلاث بحدودها التاريخية . وعليه ، فان بريطانيا ورثت حدود الولايات وحدود العراق مع ايران بكل مشكلاتها التي تضمنتها 15 معاهدة عقدت على امتداد خمسة قرون .. مؤملا ان نخرج بما ينفع ذاكرتنا اليوم عن معان اعتبرها ثمينة جدا .. ولا يمكن التهاون معها ابدا مهما كان هناك من توّجهات مبيتّة لتقسيم وطن اسمه العراق وهذا لابد ان يدركه كل العالم في هذا الوجود .



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق غير قابل للتقسيم
- محاضرة الدكتور سّيار الجميل بمنتدى دراسات المستقبل بوردو / ف ...
- الديمغرافية السكانية : اللحظة الثالثة
- فضائيات عقيمة : اعلاميون مضللّون ومتكلمون بدائيون
- فوضى الابعاد : العراقيون .. هل يصعدون نحو الهاوية ؟
- رفقا بالنصف الآخر: حقوق المرأة العربية
- افتراق التاريخ
- معضلة العراق اكبر من مشروع مصالحة
- تجربة كوزموبوليتانية :عندما يكون للمدن مركزية جذب وعبقرية حي ...
- الحرة عراق: درس متطور في الاعلام المرئي
- رسالة صريحة في نقد خطاب السيد فاروق الشرع
- صرخة أعلنها للملأ : الخلايا النائمة تستيقظ بشاعتها
- ثقوب سوداء بين عالمين : دعوة ليست للتشاؤم
- نزهة عند ضفاف التايمس بصحبة نيازي وسميرة
- متى يتعلم العرب الأشياء الثمينة ؟
- كيف نبني فكرا سياسيا جديدا ؟؟
- صدام حسين في قفص محكمة الجنايات
- فاجعة العراق بين الرصافة والجسر
- كنا ننتظر دستوراً
- العرب في سجن مؤّبد !! متى يهندسون تفكيرهم وزمنهم ومصيرهم ؟؟


المزيد.....




- مقطع فيديو تم نشره حديثًا يُظهر مسلحًا يطلق النار على رجال ا ...
- قد تحدث لك.. كيف تُصمّم بناءك لمواجهة فيضانات مدمّرة؟
- حزب الله يعلن رفضه تسليم سلاحه للحكومة: إما أن نبقى ويبقى لب ...
- هل هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا؟
- مباشر: لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا... قمّة قد ترسم معالم مرح ...
- ما هي الأهداف المعلنة وغير المعلنة لخطة سموتريتش الاستيطانية ...
- هجمات أوكرانية على روسيا قبيل قمة ترامب وبوتين
- الاتحاد الأفريقي يدعو لاعتماد خريطة -الأرض المتساوية- إنصافا ...
- خريطة لإسرائيل الكبرى تفضح خطط نتنياهو
- هل يشكل هجوم اليمين الإسرائيلي على زامير مقدمة لإقالته؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - العراق من منظور تأصيلي