أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - الدين والالحاد والتطور















المزيد.....

الدين والالحاد والتطور


رفعت عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 5512 - 2017 / 5 / 5 - 05:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين والإلحاد والتطور
الدين حاجة إنسانية ملحة . الدين موجود بوجود الإنسان ، فهناك تلازم بين وجود الإنسان والدين. ورغم ان الإنسان في مسيرته الحضارية استطاع أن يؤكد وجوده بل سيادته علي الطبيعة بل تسخيرها لخدمته وتحقيق رفاهيته بالعقل وبالعلم ، إلا انه ليس بالعقل والعلم وحدهما يعيش الإنسان. فهناك جوانب في الروح والنفس الإنسانية لا يصلح معها التعامل العلمي والعقلي . وهناك أسئلة وجودية تتجاوز نطاق العقل والعلم لا يٌستطاع الإجابة عليها إلا من خلال الدين .
السكينة والطمأنينة اللتان هما مطلب إنساني صميم لا سبيل لهما إلا عبر الدين ووجود الله .
من هنا مهما بلغ الإنسان من تقدم وتطور عبر التاريخ والعقل والعلم فأنه سيظل بحاجة وحاجة ماسة للدين ولوجود الله في حياته .
عرفت البشرية منذ البداية أديان وآلهة شتي ، لها تعبد الإنسان وتضرع لها أن ترضي عنه وتحميه من الأخطار المحدقة به ، وان تُنجح طريقه ، وان تنصره علي اعدائه من اخوته البشر ومن الطبيعة القاهرة والضواري الحية التي تترصده وتعمل علي افتراسه .
إلي أن ظهرت ما تُسمي بالأديان الإبراهيمية نسبة لإبراهيم الذي وُلد بجنوب العراق ثم ارتحل ليعيش في فلسطين بناء علي رؤية إلهية .
علي التوالي ظهرت اليهودية ثم المسيحية ثم الإسلام ،هذه الأديان الثلاث تشترك في مضامينها انها وحي من قبل الله لرسله ،وتشترك في أنها تقدم صورة للإله الواحد اللا منظور ، والذي هوروح بيده كل شيئ . وهوالذي خلق الكون وكل ما فيه . وهو إله خًير وصالح ورحيم ، وقوي وجبار ،يرضي عن عباده من البشر حين يعبدونه بصدق وإستقامة وضمير حي . وهو يريد له كل خير وصلاح .
هناك إختلاف وتمايز بين كل دين من تلك الأديان الثلاث رغم القاسم المشترك بينهم . فالإله الذي تقدمه المسيحية هو إله محب حتي إنه هبط للأرض في صورة إنسان ، كاشفا عن محبة ورحمة الله ونور الله الذي يرفع ويحرر الإنسان حتي يحل اله فيه فيصير سكنا له .
انطوت تلك الأديان وخصوصا اليهودية والإسلام علي شرائع ، وُصفت بأنها شرائع إلهية مما أضفي عليها طابع القداسة والثبات والخلود والصلاحية لكل زمان ومكان .
الدين رسالة مكتوبة في التوراة والإنجيل والقرآن ، يقرأونها البشر في المكان والزمان ، ويفسرونها من خلال عقولهم الخاضعة لجملة الظروف الحضارية التي يعيشونها فكرا وثقافة وإجتماع وتاريخ وجغرافيا وعادات وتقاليد .
وهذا يعني أنه لا يُوجد تفسير مجرد لما يُسمي بالوحي المكتوب ، التفسير يتلون ويتشكل برؤية إنسانية محكومة بظروف المفسر الحضارية .
في العصور الوسطي اسس المسلمون دولة الخلافة الإسلامية في الشرق المسلم ، وكذا اسس المسيحيون في اوروبا ممالك وامبراطوريات مسيحية .
دولة الخلافة الإسلامية قامت علي أساس ان الخليفة الذي هو حاكم الدولة . هو في نفس الوقت أمير المؤمنين وخليفة رسول الإسلام ، ومن ثم هو يمثل الله ورسوله ، ويحكم بإرادة الله ، وهو حارس للعقيدة الدينية التي يمثلها ، يزود عنها ، ويدافع عنها بالجيوش والقوة المسلحة ، ويقرر شرع الله بالجبر والقوة والفرض والقهر .
روح العصور الوسطي روح لا إنساني ، ليس فيه حرية ولا حقوق إنسان ، فيه طغيان مطلق ،وعصف مطلق وعبودية وجبر وإذلال .
هذا الروح السائد في تلك العصور المظلمة شكلت الوعي بالوحي المكتوب فخرج الفقه الذي هو فهم بشري للوحي وتنظيم وتنظير له ،عاكسا ومجسدا لتلك الروح .
فالمؤمنون هم المسلمون فقط وباقي العقائد كفر وشرك . من هنا المركز الحرج الذي كان فيه غير المسلمين بل والمسلمين الذين كانوا علي مذهب آخر غير مذهب الدولة الرسمي " الشيعة"
ومن هنا إنتفاء حرية العقيدة وإستحالة الخروج من الإسلام ، والنظر لكل معارض للخليفة علي انه ليس مجرد معارض سياسي فهو معارض للدين ولله والرسول وبالتالي وجوب قتله والخلاص منه.
هذ ا روح شاع فيه القهر والجبر والتسلط والعنف والخوف والترويع وتوكيد سيادة الحاكم الذي هو ممثل الله .
لم يكن الحال مختلف في الممالك المسيحية . الملوك المسيحيون حكموا وفقا لنظرية التفويض الإلهي ، وبالتالي لا يجوز دينيا وسياسيا معارضتهم . المعارض لهم معارض لله ذاته ،وعقوبته الموت المسبوق بالتعذيب البشع .
في تلك الممالك الحاكمة بإسم المسيحية ، الملك حارس للعقيدة ، والمؤمنون هم المسيحيون فقط وكل اليهود والمسلمين ليسوا مؤمنين وبالتالي لا حقوق لهم .
لسان الحال في ذلك الوقت هو القهر والجبر والتسلط والطغيان .
علي الرغم من خلو نصوص الإنجيل من العنف والجبر والإكراه إلا أن الكنيسة والسلطة السياسية مارست العنف والقتل والرمي بالهرطقة مع المعارضين والعلماء والمفكرين ، لسبب أساسي أن تلك طبيعة وروح العصر التي لونت نظرة الإنسان بلونها القاتم للدين .
بفضل العقل والعلم وثورة الإصلاح الديني في اوروبا وعصر التنوير استطاع الغرب الخروج من كهف العصور الوسطي المظلم . بدأت مسيرة الحداثة من حرية وحقوق للإنسان ومبادي الديمقراطية والليبرالية وإعادة تأسيس الحكم علي اسس بشرية "العقد الإجتماعي " الذي نزع عن الملوك والحكام رداء القداسة والحكم بإسم الله فصاروا بشرا يحكمون نيابة عن بشر وبتفويض من البشر وخضوع للمساءلة و العقاب حين يخرجون عن ما هو مقرر ومشروع .
في ظل الظروف الحضارية الجديدة والتطور الحادث في حياة البشر في الغرب أعادت الكنيسة النظر في توجهاتها ومواقفها من البروتستانت والتي ناصبتهم العداء فيما مضي ، والتي شهدت اوروبا حروبا دموية بين الكاثوليك والبروتستانت راح ضحيتها مئات الالوف من الأبرياء ،فاعتذرت عن مواقفها السابقة واقرت بصحة إيمان الكنائس البرتستانتية ، وكذا اعتذرت عن ما فعلته بالعلماء والمفكرين الذين خالفوا تفسيرها للكتاب المقدس . بل ورأت في المسلمين واليهود إيمانا وان الله يقبلهم . فمن نحن حتي نحكم علي خليقة الله "قرارات مجمع فاتيكان المنعقد ما بين 1962 و1965 "
الدين في الغرب استوعب الحداثة وغير منظوره القديم واصبح منسجماً ومتلاءماً مع روح العصر الحديث .
أما عندنا في الشرق مازلنا فكرياً نعيش في ظلال العصور الوسطي ، وبالتالي مازالت المنظومة الدينية الفقهية الخاصة بتلك العصور هي سيدة الموقف في فهمنا للدين واجوبتنا علي أسئلة الواقع المعيش ، وكأن ليس هناك تغير وتطور وحداثة وقيم جديدة .
مازال رجال الدين يعودون لإبن تيمية ، وابن القيم الجوزية ، وابن الصلاح . مازالوا يتخذون موقف الغزالي المعادي للعقل ، وإعماله في النص . مازلنا مع تغييب العقل ونفي الحرية والإرادة. مازلنا ننظر لأنفسنا نحن المسلمين علي إننا وحدنا المؤمنون والمرضي عنهم من قبل الله . مازلنا نكفر اهل العقائد الأخري ، ونريد أن نعاملهم وفقا لفقه معاملة غير المسلمين الماضوي اللا إنساني . اهل تلك العقائد لا يتساوو بالمسلمين ،هم اهل ذمة .
مازلنا نقول بقتل المخالفين وبث الرعب والفزع بينهم . مازلنا نريد تطبيق الحدود كما هي موصوفة في القرآن من قطع للأيادي وحز الرقاب بالسيوف ورجم الزاني والزانية .
مازلنا نصلي عبر الميكروفونات الزاعقة ونستمطر اللعنات علي غير المسلمين . مازلنا ننظر لليهود علي انهم احفاد القردة والخنازير وليسوا بشرا مثلنا لهم كرامة انسانية .
مازلنا نعادي العلم والحضارة رغم استمتاعنا بمنجزاتها التي لا غني عنها .
مازلنا علي نظرة ابائنا القديمة البالية التي لم تعد مناسبة لعصرنا .
فماذا كانت النتيجة ؟ النتيجة هي وأد كل جهد تنويري ، والتنكيل بكل من يُعمل عقله ، ويحاول ان يبدع فهما جديدا وتفسيرا مغايرا منسجما ومستلهما روح عصرنا الحديث .
والنتيجة الثانية هي شيوع الإلحاد ورفض الدين ورفض ممثليه المتمسكين بالقديم .
فإما أن ننظر نظرة جديدة للدين ، نظرة تستوعب عصرنا ، وتقدم صورة إنسانية للمكتوب او يشيع الإلحاد ويندثر الدين .



#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براءة الازهر
- المقدمه والنتيجه
- الاصلاح الدينى بين الغرب والشرق
- الارهاب والعلمانيه
- هكذا تكلموا عن الارهاب
- داعش تطهر امارة سيناء الاسلاميه من المسيحيين المشركين
- السيسى فى الكاتدرائيه فى ليلة عيد الميلاد
- الدوله المصريه ضالعه فى صنع الرهاب
- قضية مجدى مكين
- السيسي والاقباط
- استدعاء رئيس الطائفه المسيحيه الى قصر الاتحاديه
- الزرع و الحصاد
- الدولة المصرية ومواطنيها المسيحيين
- عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟
- مقتل جوليو رجيني والروح الشرقيه
- عيش حريه عداله اجتماعيه كرامه انسانيه
- الشرطه والدوله والمصريون
- خطيئة الغرب ومقتلة باريس الاخيره
- مصر رايحه لفين
- فشل السلفيين ونظام الحكم في الانتخابات البرلمانيه


المزيد.....




- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - الدين والالحاد والتطور