أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت عوض الله - قضية مجدى مكين














المزيد.....

قضية مجدى مكين


رفعت عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 21 - 23:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قضية مجدي مكين
شاء القدر او الحظ العاثر او همجية ضباط الشرطة وإستخفافهم بكرامة الناس خصوصا الفقراء البسطاء الجهلاء الذين بلا سند ولا مال ولانفوذ ،الذين يعيشون يوما بيوم يكدون ويكدحون لتوفير لقمة العيش لنساءهم واولادهم كثيري العدد ،فالإنجاب وكثرة النسل سمة مميزة لأولئك الفقراء الجهلاء الذين يفترسهم الفقر والمرض والجهل والتواكل .
أقول بعد أن جاب مجدي مكين الشوارع والحارات باع ما في حوزته من سمك فشكر الله علي الرزق الذي وهبه إياه .صرف الأب أبنه الأكبر الذي كان يصحبه ليفي بمطالب الأسرة كبيرة العدد من طعام وغيره ،وذهب هو ليبتاع علفا لحصانه الهزيل المنهك الجائع .في الطريق صادف أثنين من أصدقائه ،وركبا معه الكارو . صادف ميكروباص مسرعا كالعادة ،صدم سائق الميكروباص الارعن العربة الكارو فقال مجدي مكين للسائق المتهور : " مش تفتح ؟! " فسب السائق الرجل .
في تلك اللحظة الفارقة كانت دورية راكبة تسير في ذات الشارع . نظر الضابط " نقيب " وسمع الصياح بين الرجلين ، ترجل من السيارة ، وجه سبابا وشتيمة كعادة ضباط الشرطة . نظر مجدي مكين للضابط وهاله انه لم يرتكب خطأ فلماذا يُشتم ويُسب ؟!
فتجرأ ولعله فعل ذلك لانه رجل مستقيم ومؤدب وقال للضابط : " أنا في سن أبوك ،هل ترضي إن ابوك يتشتم ؟"
لم يكن الضابط المتعجرف المتعالي والذي ينظر بإحتقار لأمثال مجدي مكين العربجي ،يتوقع أن يرد عليه العربجي هذا الرد البليغ ،ودار في ذهن ذلك الضابط أن الرجل يشبه نفسه بوالد الضابط ،وهل من وجه شبه بين وضيع حقير نكرة مثل هذا العربجي ووالد الضابط الباشا ؟ ،وكيف يجرؤ هذا الحقير علي أن يقول له " ترضي ان أبوك يتشتم ؟!" فمن يجرؤ علي شتم والد الضابط الباشا ؟!
ترتب علي كل هذه التداعيات في ذهن الضابط أن تمكن منه الغضب العارم الجامح فأقترب من الرجل المسكين وكال له الضرب ركلا وصفعا وسحلا ،وترك السائق ليذهب ،وإقتاد معاونوه من امناء الشرطة الرجل لقسم شرطة الاميرية .
في القسم نصب الضابط السادي المريض منصة تعذيب وحشي همجي للرجل المسكين ،وامعن الضابط ومعاونوه في تعذيب الرجل وهتك عرضه حتي جاءه قضاء الله الذي وضع نهاية للمهانة والتعذيب الوحشي بموته .
هل ما حدث لهذا الرجل المسكين لون من العبث اواللا معقول ؟ الرجل فقد حياته بعد تعذيب وحشي همجي علي يد ضابط سادي متجرد من الإنسانية ومجموعة من امناء الشرطة لا هم لهم سوي إرضاء الضابط المريض فامعنوا في تعذيب الرجل الذي اغضب الباشا الضابط .
إن الذي حدث للرجل المسكين مجدي مكين حدث مئات بل آلاف المرات مع مصريين مساكين وسوف يحدث مرارا وسوف يتكرر الامر .
في بنية الشخصية المصرية الشرقية ،وفي بنية الدولة ،وبنية الحكومة والسلطة والمسؤولين لا قيمة ولا إعتبار ولا كرامة للإنسان من حيث هو إنسان ،الإنسان المجرد ، فالقيمة للمنصب والنفوذ والفلوس ومن هم علي صلة بالمسؤولين ،او من يحتمون بعائلاتهم .
الطبقية منظور منه ننظر للناس فنصنفهم ونضع طبقة فوق طبقة حتي نصل للطبقة الدنيا والتي عنوانها الفقر والجهل والمرض والإحتقار والإستعلاء عليها والنبذ والتأفف منها ،وإلي هذه الطبقة ينتمي المسكين مجدي مكين .
حين تكون القيمة للمنصب والنفوذ والعائلة والفلوس فلا معني للقانون ،ولا قيمة له ،لان في بلادنا المنصب والنفوذ والفلوس والعائلة دأئما تهزم القانون بالضربة القاضية . لذا غالبا كل الجرائم التي أُرُتكبت بحق الفقراء المهمشين أفلت المجرمون الذين أقترفوها من طائلة القانون ومن العقاب لانهم مسنودون .
وحين يكون الامر كذلك فلا معني لمفهوم المواطنة ،لان ذلك المفهوم يقضي بتساوي الناس في الحقوق والواجبات ،وتساويهم أمام القانون .
نتيجة لتلك الروح التي تحكم بنية المجتمع المصري الشرقي نجد الدولة والحكومة والمسؤولين بل ومجلس النواب الذي يمثل الناس ويزود عن حقوقهم يهونون من شأن الجرائم المرتكبة ،ويصورونها علي انها حوادث فردية ،وتعمل وتتكاتف الاجهزة علي حماية المجرم مرتكب الجريمة ومساعدته علي الإفلات من العقاب ، بل وتزوير المحاضر وتقارير الطب الشرعي ، ويخرج المسؤولون للناس بكلام مخالف للحقيقة ومبرر ومبرئ لمرتكب الجرم . وتكون النتيجة تكريس الجريمة بحق الناس المقهورين وتقديم تحريض ضمني علي إرتكاب المزيد من تلك الجرائم .
البنية الحاكمة لتوجهات وسلوك الدولة والمجتمع المصري لا تسعي الى تغيير ،ولاتريد إقرارا بالواقع المؤلم ، ولا تري حقوقا لمن يقع عليهم الجرم .
هناك علاقة وثيقة بين كيفية حكم البلاد وجرائم الشرطة وغيرهم بحق المصريين . الدولة تُدار وفقا لمشيئة الحاكم ، وبإرادة فردية منه ، وهو بوصفه أبن للمؤسسة العسكرية المصرية وامتداد لحكام يوليو1952، لا يؤمن بالديمقراطية ، لذا نراه حاكما يحكم بطريقة فردية ، وكل مؤسسات الدولة تخدًم علي ما يريده ويراه الرئيس حتي السلطة التشريعية ممثلة في مجلس النواب والذي وظيفته مراقبة الرئيس والحكومة ومعارضتهما إن لزم الامر . نراه يخدًم علي الرئيس والحكومة ويبرر ما يفعلانه ويقررانه .
في بلد محكوم بالنفوذ والمناصب والحكم الفردي ، الفرد ليس له قيمة وخصوصا من كان ينتمي للطبقة المنهوشة من الفقر والمرض والجهل ، فأذا وقع أحدهم في شباك من لهم سلطة وسطوة مثل الشرطة فالويل كل الويل له ، وما حدث للمسكين مجدي مكين انما حدث للكثيرين قبله ، وما سيحدث للكثيرين بعده أمر طبيعي ومنطقي .
مصر لم تعرف بعد الحداثة ،مصر لم تعرف بعد معني الحرية وحقوق الإنسان ، مصر لم تعرف بعد معني المواطنة . مصر لم تعرف بعد معني القانون ولا سيادته ، مصر لم تعرف بعد قيمة الإنسان المجرده ، مصر مازالت تعيش في الماضي اللا إنساني............. أيها المسكين مجدي مكين لن تكون اخر الضحايا !
رفعت عوض الله
كاتب وباحث



#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسي والاقباط
- استدعاء رئيس الطائفه المسيحيه الى قصر الاتحاديه
- الزرع و الحصاد
- الدولة المصرية ومواطنيها المسيحيين
- عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟
- مقتل جوليو رجيني والروح الشرقيه
- عيش حريه عداله اجتماعيه كرامه انسانيه
- الشرطه والدوله والمصريون
- خطيئة الغرب ومقتلة باريس الاخيره
- مصر رايحه لفين
- فشل السلفيين ونظام الحكم في الانتخابات البرلمانيه
- روسيا والحرب الدينيه
- السعوديةواسرائيل
- المسيحية كم اراها
- الحزب العلماني والحزب الديني
- الأصولية الأسلامية والحضارة الإنسانية
- الاصولية الاسلامية والحضارة


المزيد.....




- لغز يحيّر المحققين.. رضيعة تنجو من مجزرة عائلية مروعة والقات ...
- حماس ترد على تصريح ويتكوف حول استعدادها لنزع سلاحها
- أكسيوس تجذب الجمهور بأسلوب تحريري فريد
- تقرير بريطاني: إسرائيل تفعل في غزة ما لم تفعله ألمانيا بالحر ...
- بسبب -صوت مصر-.. شيرين عبد الوهاب تلجأ إلى القضاء ردا على تص ...
- إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أك ...
- 4 أسئلة تشرح سبب الأزمة الحدودية بين أوغندا وجنوب السودان
- كاتب أميركي: على ترامب إدراك ألا أحد يفوز في حرب تجارية
- -أحفر قبري بيدي-.. أسير إسرائيلي بغزة يوجه رسالة لنتنياهو
- الإخفاء القسري.. الانتظار القاتل لأسر الضحايا في عدن


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت عوض الله - قضية مجدى مكين