أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دعد دريد ثابت - لم أصل بغداد الا أمس!














المزيد.....

لم أصل بغداد الا أمس!


دعد دريد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد خمسة عشر يوماً من قدومي لبغداد، وصلتها أمس. ولأول مرة بحياتي أزور شارع المتنبي.
أوصلني خالي الحبيب خليل الى بداية شارع المتنبي بسبب حاجة كان عليه أن يقضيها وأدلني كيف أصل وأوصاني أن أسير ببطئ حتى يلحق بي بقهوة الشهبندر وهي قهوة قديمة قدم الذاكرة المنفية، للقاء أصدقاء الفيس كما تمنيت.
وأنا أسبح وأغوص بجموع الناس وروائح عرق كدحهم وآلامهم وخيبات ظنهم وآمالهم، فقر المعتازين. إمرأة بعباءتها ملتحفة رصيف يبكيها وحدتها في وطنها وعازتها في شيخوختها، ولايخفف عنها غير سيكارتها وقنينة الماء، رجل مسن مقطوع الساقين، لن تقيه فيئ النخلات من حرمانه من أبناء لربما أستشهدوا بإحدى الحروب وماأكثرها في وطني، وإنما كرسي بلاستيكي يفترش كتبه، لعلها تقيه خواء البشر قبل المعدة. لا أعلم أكنت الغريبة أم هذه الجموع هم الغرباء، أم كلنا المنفيون.
سؤالي المكرر عن القهوة المقصودة، بالرغم من أنني لو تتبعت أنفي لكنت وجدته، لكن طبيعتي الحريصة على السؤال لمقتي الضياع، والذي علمت أمس ربما سبب هذا الخوف والمقت من الضياع. وصلت أخيراً لغايتي، ولكم أن تتخيلوا بمظهري وإمرأة تدخل لوحدها لقهوة يملؤها الرجال وإن دخلتها إمرأة فبصحبة رجل.
لم أتوان، بالرغم من صعوبة الموقف وأنني لا أعرف شكل الصديق العزيز ابو علياء الذي أتفقت معه باللقاء به هناك. ففكرت أن أدخلها وادور بين كراسيها وعيون الفضول والتعجب التي رافقتني. تفكرت لربما سيناديني، فهو يعرف شكلي. وحين لم أسمع أحداً، خرجت من القهوة، ليناديني رجل وقور، بإسمي ويعرفني بشخصه فعرفته، وتعرفت على حفيديه، لندخل القهوة ونشرب الشاي، ونستمتع بالأحاديث الرائعة، لحين مجئ خالئّ جليل وخليل. وصدف أنهم جيران وأصدقاء الطفولة والشباب، بالإضافة لمعرفته بعائلة والدي وبيتنا الأول في الأعظمية قبل ولادتي، خمسينات بغداد، حكايا جدي شياع، شارع الأمين، سعاد الصيدلانية، فلان فتوة السينما، وهكذا لتنهال الذكريات كمطر بغداد اليوم بعد قيظ وعواصف ترابية، فأبردت القلوب والأرواح بعد جفاف هذه الأرواح من حنان والفة الصديق والجار والنخوة ومبادئ الإنسانية التي لم تسأل سابقاً عن دين أو طائفة أو مركز أو ماتملك. فأغوص تارة وأخرى أحلق بعوالمهم، لأعيد لروحي التوازن الذي أضاعه شعبي بأكمله لتمتصه جزيئاتي بشغف، كجوع النحلة لرحيق أول ثوب ترتديه الزهور بمقدم الربيع.
وأختتمنا يومنا الفريد المتميز الأليف، بأكلة شعبية وهي كبة السراي، بمطعمه البسيط المتواضع وصور القدماء المعلقة في أنحائه وطعم الكبة واللبن الرائب المدخن لايزال عالقاً بتلابيب روحي، وذاكرة خالي خليل المميزة بتذكره الوجوه للشخوص وتعرفه عليهم، بالرغم من مرور عقود من السنوات على مفارقته لهم. كفاك أيتها الذاكرة أو ربما زيدينا من غذاء عذابك فهو مايجعلنا نحتمل مر واقعنا.
لا أعلم مدى وعمق مشاعري، أأضحك وأقفز كالطفلة أم أبكي الماً لما فقدناه. هذا كثير جداً عليّ. لأقرر الإستسلام والتخلي عن قوتي وعنادي وتكبري على الألم، فأتركني والأمواج لتغرقني إن شاءت، أو تصل بي لشاطئ أمين وإن كان مجهولاً. فمقاومتي لن تجدي نفعاً مع كل الحسرة ووجع الحرمان لأرض ومبادئ وشعب كان يوماً. ريما سيعود ولكننا بغير الإرادة والوعي والحرية لن نرى النور والكرامة ثانيةَ.



#دعد_دريد_ثابت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرمد الغياب
- هل أكون أو من أتوهم بكوني؟!
- ياسٌ ظن نفسه يأساً !
- هجرة حقيبة
- صبر السؤال
- ذاكرة ياسمينٍ منسيّة
- حين تحبو الأرصفة
- مابين ال بين وال بين، لعله البيان !
- تغريدة بلبل
- أسماء بلا شاهد
- سُكر الأعوام بصحو لحظة
- إلتقاء الفاشية بالداعشية، صدفة أم مخطط؟؟؟
- أكشن ياحيوان
- المٌ مجبرٌ على الحياة
- التفاؤل والتشاؤم
- نيجاتف الأرواح
- دفئٌ...... مؤجل
- نداء الصمت
- أمنيات
- نكتشف لاوعينا كل ليلة حين ننام ليعود وعينا ليسلبنا لائه حين ...


المزيد.....




- سوريا.. دوي انفجار بمنطقة المزة في دمشق
- -لبنان في مرحلة تأسيسية-..جعجع: خطاب نعيم قاسم يشكل تهديدا ...
- قبل توسيع العملية العسكرية.. إسرائيل تستأنف إمداد غزة بالخيا ...
- مقتل شرطي في اشتباك مع مسلحين جنوب شرق إيران و-جيش العدل- يت ...
- أمريكا تغلق أبوابها أمام سكان غزة .. هل وقف التاشيرات قرار م ...
- مقتل 9 سوادنيين بنيران طائرة مسيرة -للدعم السريع- غربي البلا ...
- نيويورك تايمز: 6 خلاصات من قمة ترامب وبوتين
- تهديدات جيوسياسية وأمنية.. لماذا تعارض إيران ممر زنغزور؟
- أهالي رامز يحتجّون على تهديد حقّهم في المياه جرّاء تحويل منا ...
- فشل بفحص الرصانة.. رائحة كحول تفضح طيارًا قبيل إقلاعه في الل ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دعد دريد ثابت - لم أصل بغداد الا أمس!