أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - السنونو والحوت














المزيد.....

السنونو والحوت


نواف خلف السنجاري

الحوار المتمدن-العدد: 1440 - 2006 / 1 / 24 - 05:36
المحور: الادب والفن
    


استيقظ قبل الظهيرة بقليل، تناول طعامه، لم يكن فطوراً ولا غداءاً. تمطى، تثاءب .. كان خالياً من النشاط والحيوية، غنياً لحد لا يجعل للطموح أي فسحة من مساحات
روحه الفارغة. لقد تعود الحصول على أي شيء يرغبه منذ كان طفلاً، ولم يكافح يوماً للحصول على ما يرغب فقد ولد ومعه كل ما يريد. لذلك أصبح جشعاً كحوت لا يشبع، مستعداً لأن يخطف اللقمة من يد طفل يتيم، حسوداً يستكثر(الحمى) على الفقير المريض لأنه لم يذق طعم المرض في حياته كلها. وعلى الرغم من زوجاته الثلاث فقد كان يشتعل رغبة لمزاحمة أي شاب على حبيبته الجميلة ومع كل ما يملكه من سيارات كان يود أن يحصل على كل سيارة جديدة تدخل المدينة. هو نفسه لا يعلم ما يملك من أراضي زراعية ومع ذلك فهو متأهب لمصارعة اضعف الناس للحصول على قطعة ارض هي المعيل الوحيد لمعيشة عائلة كاملة. بينما كان جالساً في مزرعته طرق سمعه صوت ناي حزين لأحد الرعاة يرثي طفله الوحيد بأغنية تبكي لها عيون السماء وينفطر لها قلب الأرض القاسي بنغمات ملائكية ترعرعت على شفاه يبّسها الحزن والحرمان، صادرة من قلب أتعبه الأنين والسهر، لأول مرة أحسّ بالحاجة الى البكاء وأدرك بلحظة علوية بان كل ما يملك لا يساوي تلك العذوبة ولا يعادل شيئاً من ذلك الحزن الشفاف، فتمنى حينها فقط أن ينقلب راعياً حزيناً..
المنقذ
بينما كان يقود سيارته انتبه فجأة لطفل صغير يمشي على سطح احد المنازل التي ليس لها سياج أو مانع حديدي (درابزين). أوقف سيارته أمام المنزل وضغط على جرس الباب كالمجنون، عندما خرج والد الطفل أشار السائق الى السطح وركض بكل سرعته بأتجاه الدرج، وصل خلال ثوان ولحسن الحظ استطاع أن يمسك طرف قميص الطفل قبل أن يسقط. لم يعرف الوالد كيف يشكره وخرجت والدة الطفل وإخوته يصافحون السائق ويغمرونه بعبارات الشكر والامتنان. وفي خضم هذا الجو الاحتفالي حضر بعض الجيران فأزدحم المنزل والكل سعداء لنجاة الطفل. عندها خرج السائق وصعد الى سيارته مودعاً إياهم مسروراً لأنه أنقذ حياة ذلك الكائن البريء، وما أن تحرك بضعة أمتار حتى سمع أصوات الجيران (انتبه.. انتبه.. هوب هوب) نزل فزعاً صعق تماماً وكاد يغمى عليه عندما نظر الى أسفل سيارته ليجد نفس الطفل مضرجاً بدمائه تحت عجلاتها الخلفية.
المنتحر
هرعت الى منزل جاري عندما سمعت صوت طلق ناري، وصلت متأخراً قليلاً عن بقية الجيران الأقرب شاهدته مرميا وقد اخترقت الرصاصة جنبه الأيسر، وبسرعة نقلوه الى المستشفى كانت ملامح الانتصار على وجهه أقوى من ملامح الموت.. قرأت الورقة المتروكة على الطاولة (بعد خمسة وثلاثين سنة اكتشفت إن جميع طرق حياتي خاطئة لذلك قررت أن اسلك هذا الطريق).. زرته في المستشفى فوجدته مستلقياً على سريره وقبل أن أحييه قال مبتسماً: "انظر إلي لقد فشلت حتى في الانتحار" !! .
حجر عثرة
قبل حلول الظلام بقليل، حوّل بعض المشاكسين الحجر الكبير من الجهة اليمنى من الزقاق والتي تستقر فيه منذ أكثر من عشرين سنة الى الجهة الأخرى، وعندما عاد (بيان) الى منزله الواقع في نهاية الزقاق كان الظلام دامساً والكهرباء مقطوعة، ولكنه يعرف طريقه جيداً وقبل أن يصل الى مكان الحجر انتقل تلقائياً الى الجهة الأخرى من الزقاق، لكنه فوجئ بالحجر وعثر به ووقع فأنكسرت زجاجة الراشي التي يحملها، فما كان منه إلاّ أن يعود ليشتري زجاجة أخرى، عندها خرج الجيران وشاهدوا الحجر وقد تحول من مكانه الأصلي وأمامه بقايا الزجاج والراشي المنسكب، عرفوا فوراً إن بعض المشاكسين حوّلوه من مكانه لذلك أعادوه الى مكانه الأصلي لكي لا يعثر به احد المارين من سكان المحلة، وعندما رجع (بيان) هذه المرة وقبل أن يصل الى المكان المشئوم غير مساره لتلافي الحجر وهنا كانت المصيبة! فقد اصطدم بالحجر مرة أخرى! وبدأ يصرخ: من حوّل هذا الحجر بحق السماء..؟! خرج الجيران ومعهم الفانوس ليشاهدوه ممدداً على الأرض وقد تلطخت ملابسه بالوحل فلم يتمالكوا أنفسهم واغرقوا في الضحك.



#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (( زوبعة الزمن ))
- جرح ورماد
- قصص قصيرة جدا /4
- البركان
- همسات
- أحزان
- النظرة العراقية.. والمخلوقات الفضائية
- صخرة سيزيف شعر
- ليس لدى المهيب الركن من يكاتبه
- الحب في زمن الطاغية
- خمسة وثلاثون عاماً من العزلة
- قصة قصيرة المهووس
- طريق المقبرة قصة قصيرة:
- قصة قصيرة رجلٌ .. ونصف جسد
- حلم وفراشات
- ثقافة العناوين..!
- قصتان قصيرتان
- الوطن المقتول
- حفلة تنكرية
- قصة قصيرة - وراء الحياد ..بقليل-


المزيد.....




- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف خلف السنجاري - السنونو والحوت