أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - يا عيني على الصبر المخدّر














المزيد.....

يا عيني على الصبر المخدّر


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يا عيني على الصّبر المخدّر

بدءاً أقول إنني لست من روّاد الجامع او الحسينية ولا ألهف لاستماع خطبة الجمعة مثلما يفعل الاخرون ويستعدون لحضورها ولهم طقوسهم الخاصة للأستعداد لها حيث يغتسلون صباحا من اجلها ويرتدون ملابسهم المختارة بعناية ويسعون اليها مشيا على الاقدام لنيل الثواب المضاعف ويتزاحمون في الحصول على فسحة ارض يجلسون عليها في الصفّ الامامي القريب جدا من الخطيب ، وكثيرا ما اعتذرت عن الحضور رغم إلحاح جاري المسكين الساذج الطيب القلب لاصطحابي لكني استمع اليه وأجامله حينما يعود ويخبرني عما دار من حديث وماذا قال الشيخ في خطبته على المنبر وماذا نوقش في حلقة الحوار بباحة الجامع بعد ان ينتهي من خطبتي الجمعة .
الجمعة الفائتة جاءني جاري هذا مسرعا ليخبرني ان احد المستمعين أمسك بيد الامام الذي انهى خطبته وهو يتحدث عن الصبر وضرورة ان يتحلى المؤمن بهذه الصفة المباركة باعتبارها علاجا ناجعا وبلسما شافيا لكل حالة غضب او تذمّر من شظف العيش او معاناة قد تصيب الانسان في مراحل حياته .
جاءه المستمع وهو غاضب قائلا له : يا شيخنا ؛ هل تريد ان تعلمني ماهو الصبر فانا رجل يسمونني هنا كنّاس شوارع تحقيراً لي وأن تهذّبوا قليلاً ينعتونني عامل نظافة ؛ أعمل في بلدية الحيّ الذي أسكن فيه ، أصحو في الصباح الباكر وقبل شروق الشمس وامسك مكنستي لأقوم بتنظيف الشارع والأرصفة صابرا على تحمّل الغبار الذي يتطاير حولي متحمّلا الاجواء الباردة والحارة والامطار والقيظ والصرّ والقرّ وهي تهلك بدني منتظرا نهاية الشهر كي اقبض مرتبي القليل ، ليتك ترافقني يوما واحدا لترى ما انا فيه حتى اعلمك الصبر واقعا لا تنظيرا وجعجعة لسان .
عذرا ايها الشيخ الخطيب لاتعلّم الثكلى كيف يكون البكاء ولا تلقّن المعنّى معنى الصبر مادمت لم تذق مرارة الكدح الحقيقي فانت تتربع في سيارة فارهة توصلك الى الجامع بمعيّة سائق خاص وتعيدك الى بيتك وتكتسي ملابس من حرير وترشّ على جبينك وهندامك عطرا ثمينا يفوق سعره كلّ راتبي الشهري .
ولو اردت ان تخاطبنا في الجمعة المقبلة ؛ فليكن كلامك عن الظلم الذي نعانيه من جرّاء نظرة المجتمع الينا وجرّاء سلاطيننا الظالمين حيث تقفون معهم ضدنا ، تحدّثْ عن غياب التعاطف بين الميسور والمفقر واكشف عن سرقات مال المؤمنين لتوضع في جيوب وأرصدة السلاطين وسكوت العلماء عن سوء فعل السفهاء ، كان عليك ان تحدثنا عن ظلم الراعي للرعية وعن النخب السياسية التي تمتطي العقائد والطوائف ركابا سهلا لتسحقنا نحن الصغار والمنهكين المكدودين وتدوسنا بأرجلها سحقا .
كفاكم ان تزرقونا بمصل الصبر والسكوت والرضا والقناعة والستر والموعظة غير الحسنة ، أوقن انتم أكثرنا جزعا وهلعا لو ثلمت شأفة صغيرة من امتيازاتكم الهائلة فلا تحيلوا الصبر ايمانا ورسوخا عقائديا وتنسون غاية الرسالات في القسط والعدل في توزيع الثروات والإنصاف في الأحكام وتقويم الموازين المنكسرة .
انت يا شيخي الموقّر كمن ينصح الصبيان بان يبتعدوا عن المخدّرات وسط حياة ملؤها النكد والبؤس والحرمان والفاقة والحاضر المظلم والمستقبل الاكثر ظلمة فاسعَ انت ونخبتك السياسية اولاً لتجعلوا الحياة شيّقة وزاهية بجمالها ثم بعد ذلك اخطب فيهم وقل لهم ابتعدوا عن المخدرات وهاهو حاضركم ومستقبلكم قد بدا واضحا واكثر اشراقا اذ من المحال ان يخدّر الانسان إحساسه عندما تكون الحياة جميلة بشغفها وباعثة للمسرات ، فالعيش الرغيد والحياة الراقية السعيدة هي من تجعل الانسان يقظاً واعيا دون ان يحتاج الى الرحيل الى عالم متخيل طالما ان واقعه يتيح له سعادة وافرة .
بهذا الحال الرغيد والوطن السعيد – وما أبعده عن منالنا -- تنتفي الحاجة الى تغييب العقل والاستنجاد بالأخيلة وآمال الوهم والمنى الغارقة في التخييل مما تجلبه المخدرات في ذهن الانسان المنهك اليائس من الواقع المرير عسى ان يظفر بسعادة وقتية عندما يهرب مما هو فيه من واقع حال سيء للغاية الى حلم ممتع وقتيا وسهل المنال .
وهل اكثر بلادةً ان تُعلّم من ترعرعَ في مرابع الديمقراطية واخضرارها وتنشّق رحيق الحرية بكل أنفاسه واستأنس أجواءها واعتاد على نقاوة مناخها وبيئتها النظيفة ان تقول له معنى الحرية وجدوى الديمقراطية وتشرح له امتيازاتها وتُذيقه حلاوتها مادام هو يمرح في ملاعبها ؟؟
وهنا لايحتاج المرء ان تُذكّره وتُخبره انه حرّ ويعيش في بحبوحة الرقيّ ويسعد بالديمقراطية وأنه وحده من يختار مرشحه الاكثر نزاهة وعلما وخدمة وحراكا من اجل النماء والارتقاء .

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا الربيت ولغيري يصيرون
- حذائي صديق صعلكتي
- مَن لنا غير اليانكي خلاصاً ؟؟
- قصيدة - قدٌ غيرُ ميّاس
- ألوان الثراء لا تعنيني
- مرثية مختنقة الصوت لأثر مسرح في شارع السعدون
- التلاعب بعقول الشعوب وإلهاؤها بالحاجات الوضيعة الرخوة
- التجارة ورتْق الدعارة
- ديكتاتوريون خارج مهابة الاستحياء
- قصيدة ( مثوى ومنفى )
- الشاعر الجواهري وسياط شعره على أوصياء الدين
- قصيدة ( بين جِنان السماء وعشش الارض )
- الضربة الأولى القاضية على الأسلمة والتطرف
- عطري الوفير
- كيف تتمّ قراءة الشعر ؟
- أخطاؤنا الكبيرة ؛ متى نتلافاها ؟
- نجاة الصغيرة من الطفولة الى الكهولة ثم العودة مجددا الى الغن ...
- شِيْلِمْها
- الرجال والهوس بالنساء
- الحاجة الى العصا الغليظة في العراق


المزيد.....




- ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا
- خبير عسكري: تحصينات ديمونة قديمة واستهدافه سيطول هذه المناطق ...
- عاجل| وسائل إعلام إيرانية: دوي انفجارات في شرق #طهران ومدينة ...
- ملك البحرين يتلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس المصري
- تعود للقرن الرابع قبل الميلاد.. اكتشاف بقايا -إيمت- المصرية ...
- إسرائيل تعلن إحباط هجوم إيراني على رعاياها في قبرص
- ماذا سيحدث لو دُمرت منشأة -فوردو-؟.. تقرير يكشف النتائج
- إيران تهدد بضرب شحنات المساعدة العسكرية لإسرائيل
- -قصف فوردو-.. إسرائيل تسعى لاستباق هدنة ترامب
- السيسي يؤكد لرئيس إيران موقف مصر من التصعيد الإسرائيلي


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم غلوم - يا عيني على الصبر المخدّر