أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - الميديون الساسانيون الكرد















المزيد.....

الميديون الساسانيون الكرد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5483 - 2017 / 4 / 6 - 09:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


جزء توضيحي، حول قضية ندرة ورود اسم الكرد في التاريخ، متممة للحلقات التي ننشرها (هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام) و(مصداقية المثقف العربي...) ...
لا بد وأن وراء عدم ذكر اسم الكرد في الكتب التاريخية القديمة بقدر ما ورد اسم الفرس والعرب، وفي الآثار الأركيولوجية؛ وكذلك في نصوص الديانات السماوية، وغير السماوية! ظاهرة غريبة، أو قدر لم يتوفق فيه الكرد، فيما لو آمنا بالجبرية، وبالتالي خيمت عليهم إشكالية تاريخية، استفاد منها أعداؤهم بقدر ما جلبت عليهم من مصير قاتم ومؤلم.
علماً أن الواقع الجاري، ورغم كل العوامل الموضوعية المعاكسة للوجود الكردي، فهم اليوم يحتلون جغرافية مترامية الأطراف، وديمغرافية لا تقل عن الفرس والترك والعرب، فيما لو تم تصفية هذه الشعوب من عمليات التعريب والفرنسة والتتريك، ولا يعقل أن ينوجد هذا الشعب، فجأة خلال القرون القليلة الماضية، أو من شبه العدم أو التعتيم التاريخي، وبلغته المركبة من لهجات متينة، وركيزة قواعدية وأدبية تجاري لغات الشعوب المجاورة، لها دولها على مدى قرون، في الوقت الذي واجهت اللغة الكردية ولا تزال تواجه حركة معاكسة عدائية لتطورها وتطويرها.، وتعرض كمجتمع وتاريخ على مدى القرون الماضية إلى كل أنواع العداء؟!
كثيرا ما تفرض احتماليات ظهور (كرد) كصفة ما، دينية أو نبالة، أو قوة، لتفرض ذاتها كاسم جديد حمل الشمولية على القديم المحصور بالرموز والخصوصيات، أتصف به شعب دون الأخرين في المنطقة، جمعتهم البنية الديمغرافية، أو اللغة، أو الانتماء القومي، ولا يستبعد بأنه تتالت التغييرات والتحويرات على الأسماء القديمة للشعب الكردي كالميديين والبارثيين والساسانيين، لتحل رحالها على تسميتهم بالكرد، وظلت أسم فارس أو الفرس المأخوذ من مملكة فارس التي كانت تقع في جنوب غربي الإمبراطورية الساسانية، على شعب تلك المقاطعة، وأستمر معرفتهم بتلك الصيغة، وحمل التاريخ اسمهم، بل وتصاعدت فيما بعد لتطغى على تاريخ شعوب المنطقة الإيرانية، ومن ضمنها تجاوزاً على الساسانيين، والذين إذا كان هناك صفة يجب أن يعرفوا بها الساسانيين ستكون الصفة الكردية، ومن المعروف أن الفرس قدموا من أحضان الحضارة الاشكانية والأخمينية.
وبالمقابل فإن المقارنة والاستقراء التاريخي، توضح خلفية غامضة، وتزيد من احتمالية انتماء العائلة الساسانية، مؤسسو الإمبراطورية، إلى الشعب الكردي، أي كانوا جزء من الكرد، خاصة وأن التاريخ يؤكد كردية مؤسسها الأول، أردشير الأول أبن باكك ابن ساسان المتزوج من عائلة البارزنجيين الكردية. يقول المؤرخ أرثر كريستنسن في كتابه (تاريخ إيران في عهد الساسانيين) الصفحة(73) أن " ساسان، وهو من عائلة نبيلة، متزوج من فتاة من بيت البارزنجيين، سادناً لبيت نار هيد (أنا هيتا) في اصطخر. وقد استفاد ابنه بابكك، الذي خلفه في وظيفته، من صلته ببيت البارزنجيين فنصب واحدا من أولاده الصغار، أردشير(ارتخشتر) في الوظيفة العسكرية الكبرى، أرككبذ على مدينة دارابجرد." وفي المراحل اللاحقة من توسع الإمبراطورية، أصبح الشعب الكردي والذي من ضمنهم الساسانيين والميديين والبارثيين جزء من الإمبراطورية، لتوسعها وسيطرتها على شعوب عديدة، وعلى مدى القرون الأربعة من حكمها كان الكرد ركائز الدولة، وبناء الحضارة الساسانية، وملوكها كانوا من العائلات الكردية الست الرئيسة المتنفذة في الإمبراطورية.
الحيرة والضبابية راودت خلفيات التطورات المتلاحقة على شعوب الحضارات الإيرانية إلى أن تعاظم أسم الكرد مع مر القرون. ففي الفترة الأولى من الحضارة الساسانية كان الاسم (كرد) نادر الوجود، وكان له صفة خاصة، لحقت بأسماء الأشخاص أو أوصاف اجتماعية أو دينية معينة، وكان متمما لبعض الأسماء المعروفة، كاسم أحد ملوك الساسانيين المشهورين، (يزد كرد الأول والثاني والثالث) والكتب المقدسة بين الشعوب الساسانية ككتاب (الدين كرد) والتي كانت واحد وعشرين كتاباً، حددت فيها نص الأفيستا، وبقيت منها الثامن والتاسع وهي تعاليم الديانة الزرادشتية؟
فيقول آرثر كريستنسن في كتابه (تاريخ إيران في عهد الساسانيين) في الصفحة (131) " والأوستا الساسانية، التي لم يبقَ منها اليوم غير أقلها، والتي لدينا مختصر منها في الكتابين الثامن والتاسع من الدينكرد، جمع للنصوص البهلوية ترجع إلى القرن التاسع، لم تكن قاصرة على النصوص الخاصة بالعبادات فحسب بل كانت في الوقت نفسه نوعاً من دائرة معارف تحوي العلوم كلها". وعلى الأغلب هذا الكتاب الديني المقدس كان موجودا في بدايات انتشار الديانة الزردشتية، وضاعت مع ظهور الإغريق أولا والعرب المسلمين ثانيا، وفي الحالتين على خلفية دينية، أعيد محاولة كتابتها في القرن التاسع، وظل معروفا (دين كرد) وكلمة دين على الأغلب فرضت ذاتها بسبب هيمنة اللغة العربية، وتعكس الكثير، منها أن الذين حافظوا على الديانة الزردشتية والمانوية، والمزدكية، هم ملوك الكرد الساسانيين، الذين تنقلوا بين الديانات الثلاث، ومذاهبها، وبعضهم تم تسميتهم في التاريخ العربي بالمجوس. أما بالنسبة لورود صفة (كرد) مع أسماء الملوك، كجزء متمم لكلمة سابقة، يذكر المؤرخ آرثر كرنستنسن، تاريخ يزدكرد الثاني في كتابه السابق، في الصفحة (146) "وإذا تقصينا المصادر النصرانية، فإن أمراً خاصا يلفت نظرنا: وهو الحرمة العظيمة التي كانت للشمس في الديانة المزدية الساسانية، فيزدكرد الثاني يقسم (بالشمس) الإله الأعلى، الذي ينير الدنيا بأشعته، والذي يدفئ بحرارته المخلوقات جميعاً. ثم هو يكرر ثلاث أو أربع مرات القسم الصريح بالشمس" وفي رواية أخرى عن مذهب الزروانية التي سادت الديانة الزرادشتية في عهد الساسانيين يقول المؤرخ آرثر في نفس المصدر في الصفحة (141) " وأما ما يتعلق بالعلوم الدينية الزروانية، فإنه يجب البحث عنها كما فعل نيبرج في الآداب البهلوية، وخاصة البندهشن الذي حفظ في نسخته الإيرانية، عبارات زروانية، وفي –المينوكك كرد-الذي هو زرواني"، ولم تقف صفة (كرد) على الملوك والكتب المقدسة بل تعدت إلى العمران، فإلى جانب مدينة تيسفون أفضل مدن كسرى أنو شيروان، والتي هجرها، بنى مدينة سماها بـ (دستي كرد) والتي تقع بين همدان والمدائن، وفيها تزوج أخت بهرم جوبين الكردية، والتي وصفتها زوجتها الأولى النصرانية شيرين بالمتوحشة والشيطانة، بعد قتلها لأحد ملوك الساسانيين الذين قاموا ضد أخيها بهرم.
والسؤال الجدلي هنا؟ لماذا فجأة أصبح هذا المصطلح أو الصفة اسم لشعب كامل، يمتد بجغرافية وديمغرافية أوسع وأكثر من الفارسية في الوقت الذي حكمت فيها السلطات الفارسية قرون طويلة؟ ما هي أسباب هذه التحويرات؟ فهل كان الحضور الكردي كشعب، أو كمجتمع أوسع من ميديا وساسان والبارثيين، وشكلوا الغطاء الشعبي الأوسع، والظهور كان يحصل من ضمن قبائل تابعة لكلية الكرد؟ وماذا كان سيحصل لو أن اسم ميديا أو برثيا انتشرا عوضاً عن الكرد، أو لو كنا نعرف اليوم بالميديين، أو الساسانيين بدل الكرد؟! فهل كنا سنلاقي نفس الإجحاف التاريخي والجغرافي والسياسي، من قبل الغزاة العرب والمحتلين الفرس والأتراك؟ والدول الكبرى التي استعمرت المنطقة وقررت مصيرها؟ وهل كان المؤرخون سينكرون التاريخ الميدي، مثلما يفعلونه بالتاريخ الكردي، على خلفية عدم حضور أسمهم بقدر حضور الميديين والساسانيين؟ وهل كان التاريخ سيمدنا بالقوة الكافية لتكوين دولتنا كردستان، أو ساسانيتان أو ميديا ستان؟
ومن الأهمية ذكره، لمعرفة حجم مملكة فارس في فترة الإمبراطورية الساسانية، مقابل الميدية وبرثيا، يجب معرفة الأقاليم التي تكونت منها الإمبراطورية، وهي حسب كتاب (تاريخ إيران في عهد الساسانيين) لآرثر كرنستنسن، الصفحة (126) " وقد أثبت أمين مارسلن بيانا بمعظم الولايات التي كان يحكمها في زمنه بيدخشات (وملوم وستاربه. وهذه الولايات هي: آشور وخوزستان، وميديا، وفارس، وبرثيا، وكرمان الكبيرة، وهيركانيا (جرجان)، ومرو، وأقاليم بلخ والصفد، والساج، والسيت وراء المودون، وسريكا، وهراة وأقاليم باروبانيزاد ودرانجان، (سجستان) وآراخوزى، وجدروزى،" وحتى أنهم قبلها لم يكونوا بالأهمية التي برز اسمهم فيها فيما بعد في التاريخ ما بعد الإسلام، فيقول الجغرافي والمؤرخ الإغريقي سترابون (64ق.م-23م) كتب في الجزء الـ(15) من كتابه في القسم3-الصفحة(24) "كان للفرس ملوكهم خاصة، ولكن هؤلاء كانوا بلا حول ولا قوة فقد كانوا تابعين لملوك البرث “ فمملكة فارس لم تكن سوى إقليم بين أقاليم عديدة، تنامت فيما بعد، كما يقول آرثر كريستنسن في الصفحة (494) " أيام السامانيين وهم أول من أحيا الروح الفارسي".
لا شك هذه التحويرات، فتحت الأبواب لمؤرخي الحركات العنصرية في السلطات المعادية للكرد، على فبركة التاريخ الكردي، والطعن فيه كلما سنحت لهم الفرص، فإلى جانب الفبركة، يحاولون الاستناد على غياب اسم الكرد بمقاييس ما ورد فيه الفرس أو العرب، في الماضي، التشكيك في حيزهم الجغرافي التاريخي، وبالتالي الطعن في القضية القومية الكردية، وخاصة بعد تهافت الأساليب الكلاسيكية القديمة التي تم فيها التعتيم على الوجود الكردي. بدأت تظهر محاولات للنهش في جغرافيتهم من خلال تشويه التاريخ.
نحن ككرد اليوم أمام قضايا مصيرية، تاريخية، وجغرافية، وسياسية، وحروب عدوانية تختلف عن الماضي، ومن المهم لنا كشعب، هو تصعيد الثقة بالذات وبتاريخنا، وبوجودنا كأمة صاحب حق، والأهم معرفة بأنه لنا طاقات خام كافية ليس فقط لتحرير مجتمعنا من الاحتلال، بل ربما قيادة مجتمع الشرق الأوسط، إلى حيث الأمن والسلام والعدالة في الحقوق. فالشعب الذي ظل صامداً أمام كل الكوارث، والغزوات المتنوعة الأشكال من قبل الأعداء، وبقي محافظاً على لغته، وجغرافية بحجم كردستان، حتى ولو كان اليوم خارج الواقع الفعلي، فلابد وأنه يملك الإمكانيات التي ستنقذه كشعب وقومية وستنقذ الشعوب المجاورة من الظلم والمعاناة، فقط نحتاج إلى بعض اليقظة مقرونا بالتلاحم والعمل المشترك.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
1/4/2107م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كن رجلاً أيها العروبي
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام -الجزء الثاني عشر
- الجدلية بين الأسد والتكفيريين
- جنيف البعث والرقة التكفيريين
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الحادي عشر
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء العاشر
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء التاسع
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء الثامن
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء السابع
- ماذا بعد جنيف-4
- ماذا يجري في جنيف-4
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء السادس
- لماذا حررت تركيا مدينة الباب السورية
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء الخامس
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام - الجزء الرابع
- نفاق الحل السياسي في سوريا
- ليت سوريا لم تكن
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثالث
- الناقد الكبير الأستاذ إبراهيم محمود
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء الثاني


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - الميديون الساسانيون الكرد