أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثالث















المزيد.....

هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثالث


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5432 - 2017 / 2 / 14 - 19:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


والغريب هنا كيف ظهرت في نهاية القرن الثاني الهجري، ومن شبه العدم، موجة أدبية بين الشعوب المحتلة انحرفت عن الإسلامية العربية، ومن بينهم الكرد. فهل كانت الحركة الثقافية معدومة فعلا قبل الإسلام، ونبتت تحت تأثير الدين الجديد؟ أم أنها طمرت تحت فرض النص الإلهي المطلق، لتظل طوال تلك الفترة بدون صوت؟ أم أن الانحلال في ثقافة الشعب المهيمن تحت الغطاء الإسلامي واللغة العربية، كان من القوة بحيث طمرت معظم المآثر الأدبية الماضية. أم أن الأجيال اللاحقة تخلت عن مآثر أسلافهم فعلا، كرها أو قناعة؟ وأي كان، فالنتيجة كانت كارثية، ضياع آثار قروناً من النتاج الفكري الحضاري.
والحالة هذه تكررت مع أسلاف الكرد سابقاً وعلى مرحلتين، الأولى عند هيمنة الأخمينيين، والثانية في عهد الحضارة الساسانية، حيث المزج شبه التام بالفرس، أصحاب السلطة، ومعهم نسبة كبيرة من الشعوب الأخرى، تحت تأثير الدين (الزرادشتية والمانوية والمزدكية) والتقارب اللغوي، وعرفوا جميعا عند المؤرخين اللاحقين بالفرس والثقافة الفارسية والإمبراطورية الفارسية، وهو ما نقرأه اليوم في معظم المصادر التاريخية، فنادرا ما نجد صفحات تخص الكرد دون الهيمنة أو الصبغة الفارسية، وكانت عن طريق الإرضاخ والسلطة، وإلا فلو كانت عن قناعة لما بقي من آثر للوجود الكردي، ويصف ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة هذه الحقيقة، عندما يقول " أما أدبهم وفنهم فلم يبق منهما لا حرف ولا حجر" ويقصد أدب أسلاف الكرد من الميديين.
وتأكيداً على ما قيل، فإن العديد من المؤرخين والباحثين في التقاربات الثقافية والتراث الأدبي، وبينهم عرب، نقلوا فتات من الأدب والشعر الصوفيين في الحضارة الساسانية، كقصص الحب العذري، والتي ظهرت في المراحل المتأخرة من الغزوات الإسلامية بأشعار عربية، ونسبتها شعراء العرب إلى ذاتهم، فصاغوها بلغتهم وأسلوبهم، كقصة (مجنون وليلى) حيث الحيز الصوفي العذري في أشعار لم تكن موجودة سابقا في الشعر العربي، وهي دلالة على أن الأدب الأفيستي كان سائدا حتى فترة متأخرة، ونشطت بعد هيمنة الترجمة إلى العربية، لغة السلطة، وزالت بعدها كلياً آداب الكرد والفرس والسريان ما قبل الإسلام عندما تصاعدت حركة تعريب الدواوين، وألغيت الكتابة بالحروف البهلوية وحرمت لغة أفيستا، والتي طمرت مع الزمن مقابل لغة القرآن.
وبالاطلاع على كتاب (الفهرست) لأبن النديم، وهو خير من عرض أسماء الأدباء والعلماء والفلاسفة والشعراء وفي الحقول الثقافية والعلمية والفنية الأخرى في عصره وما سبقه، والقارئ سيلاحظ ورود أسماء عديدة كردية وفارسية وسريانية ومن غيرهم من الشعوب في فهرسه، أو ذكر كتبهم إن كانت بلغاتهم أو المترجمة إلى العربية لكنها جميعا أسماء لأدباء وشعراء وفلاسفة للذين تم الاحتفاظ بمآثرهم، خارج الجغرافية الإسلامية العربية، ومعظمها مخزونة في مكتبات الجغرافيات التي لم تتم السيطرة عليها، ومن المدن التي لم تطالها أياديهم، وأغلبهم من اليونان أو من الهند أو المدن البيزنطية أو الرومانية، كما ونلاحظ بأنه حتى نهاية القرن الثاني للغزو، لم يكن حتى لهؤلاء ولا لكتبهم من ذكر، إلى أن بدأت حركة الترجمة إلى العربية، ومعظمها دمجت أيضاً بالثقافة الإسلامية العربية. علما أن أغلبية من عمل في النقل والترجمة من اليونانية والفارسية والسريانية إلى العربية كانوا غير العرب، ومن بينهم العديد من الكرد أمثال (محمد بن الجهم البرمكي وهشام بن القاسم موسى بن عيسى الكردي) وآخرون وردت أسمائهم في كتاب الفهرست لأبن النديم يمكن التعرف عليهم فقط من خلال نسبهم.
وهكذا وعلى مدى قرنين أو أكثر من الزمن طمرت انتماء شعوب المنطقة، إلا ما ندر، إلى قوميتهم أو جغرافيتهم أو لغتهم، وهي الفترة التي سيطرت فيها العصبية العربية تحت الموجة الإسلامية، إلى أن برزت الموجة الشعوبية على يد الخلفاء العباسيين، ليقلصوا الهيمنة العربية، وبها فتحت الأبواب لردة الفعل عند هذه الشعوب، فتحررت مجموعات من هيمنة اللغة العربية، وأحيوا لغاتهم،، وفي هذا يقول بروكلمان في كتابة التراث العربي القديم الجزء الأول الصفحة(36) " ولم يؤثر الإسلام تأثيراً عميقاً في شعراء العرب، فقد سلك شعراء العصر الأموي دون مبالاة في مسالك أسلافهم الجاهليين. ولم تسد روح الإسلام حقاً إلا بعد ظهور العباسيين...وهكذا نما في عهد العباسيين أدب إسلامي بلسان عربي" وظهر على أثرها وفي فضائها أدب كردي وفارسي وسرياني جديد، بنكهة إسلامية صوفية، ولا شك الإسلامية تعني نفحات من لغة القرآن. وبرز أسماء شعراء وأدباء ومشايخ كرد وفرس، ومؤرخين سريان وأراميين وباللغة الآرامية، تحت غطاء السلطة الإسلامية العربية، والعديد منهم عادوا إلى الكتابة بلغاتهم لكن بالحروف العربية، مع طغيان كلمات الفقه الإسلامي، والآيات القرآنية العربية، ومن المؤسف أن هذه الموجات ظلت سجينة الحيز الإسلامي دينا والعربي حروفاً وكتابة، فلم تتمكن من أحياء التراث الماضي ما قبل الإسلام، ولم ينسخوا أثرا أدبيا، والذي لربما كان لا يزال باقيا على رفوف المكتبات المهملة، إلا شذرات لا تذكر مقارنة بما قامت به السلطات العربية الإسلامية، خاصة في عهد الخلافة الأموية وبدايات العباسية، من استخدام أساليب للحفاظ على أسماء الشعراء الجاهليين ونتاجهم.
ومن احتماليات عدم توثيق أسماء الأدباء والشعراء والفلاسفة قبل الإسلام للشعوب التي تمت غزوها هي:
أولاً-عدم معرفة القبائل العربية الغازية القراءة والكتابة، إلى جانب عدم فهمهم لغات تلك الشعوب.
ثانيا-الخلفية الثقافية البدوية الجاهلية لم تعير أهمية للثروة المعرفية، وخاصة للكتب.
ثالثاً-حتى ولو تجاوزنا السببين الأولين، وأسلمنا جدلا عدم فعاليتهما، فإن عدم معرفتهم للكتابة والقراءة بعربية قريش أو غيرها من لغات القبائل (كانت لبعض القبائل لغاتها وليست لهجات قبل هيمنة لغة القرآن، لغة قريش) لم تمكنهم من نسخ ما سمعوه من الشعوب، أو ما كانت تحتويه المكتبات، كما ولم يستطيعوا حفظها كما كانوا يحفظون الشعر العربي.
يتبع ...

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
9/12/2016م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناقد الكبير الأستاذ إبراهيم محمود
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام-الجزء الثاني
- هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الأول
- الحورية السورية في مؤتمرات النخاسة
- لماذا لم تتحرر مدينة الباب
- خطأ الخالق أم المخلوق 2/2
- خطأ الخالق أم المخلوق 1/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 2/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 1/2
- ما دور الكرد في آستانه
- الوجه الأخر لخلافاتنا
- الكرد والإيديولوجيات والاستراتيجيات
- سوريا محمية روسية بامتياز
- ترمب من إمبراطورية إلى إمبراطورية
- عندما يدرس ترمب المستنقع السوري
- إيجابيات الصراع الكردي-الكردي-2/2
- أين إيجابيات الصراع الكردي-الكردي- 1/2
- ترمب ما بين تركيا والكرد
- انتخبتُ هيلاري
- من شنكال إلى صلاح الدين دمرتاش - 2/2


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمود عباس - هل كان للكرد أدباء وفلاسفة قبل الإسلام- الجزء الثالث