أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود عباس - خطأ الخالق أم المخلوق 2/2















المزيد.....

خطأ الخالق أم المخلوق 2/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5413 - 2017 / 1 / 26 - 03:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع إزاحة نظرية التطور البشري الطبيعي، والتي تقبل العقل لا النقل، جانباً في هذا المقال، سيظل السؤال الأبدي مع ملحقاته فارضا ذاته على الإنسان: إن كانت الأديان من الخالق، لماذا يُسّير أمور خلقه بشكل غير مباشر، وعن طريق عدد قليل من الأنبياء والرسل؟ الذين تراكمت حولهم المشكوكين فيهم أكثر من المؤمنين بهم، وهو القادر أن يغير في مخلوقاته ما يشاء، ويجعلهم على الهيئة التي يريدها، ويفرض ما يجب أن يكونوا عليه؟ أم أن الخالق في الأديان بحد ذاته ليس الخالق الكلي؟ أخطأ الإنسان في تكوينه، فكان فيه نقص، مثلما يخطأ اليوم الإنسان كخالق في مخلوقاته من الأدوات، والأجهزة!
فالعقل البشري اليوم يسأل، ما هو ذنب البشر، جيناته مليئة بالأخطاء والأمراض الفكرية والجسدية، والحيرة تلازمه طوال عمره، يعيش الضياع في المعرفة، وبعمر زمني لا نهائي من الصغر مقارنة بعمر الكون، أو لنقل بعمر خالقنا اللانهائي. أم أن الإنسان من صنع المخلوق الخالق الذي له ربما حدود وقدرات غير مطلقة، مثلما للإنسان بداية ونهاية، خلق الإنسان بهذا النقص؟ أم أن السؤالين طوباويين، كونهما الإنسان لذاته لإشباع رغباته الروحية وتوسيع مداركه؟
وإن كان للإنسان خالق، فأيهما يجب أن يحاسب؟ الخالق أم المخلوق؟ لربما المقارنة التالية مجازية وفيها بساطة: الطفل الذي بدأ يحبو؟ أم الوالدين؟ عندما يتركونه يقع في الهوة وهو لا يزال في خطواته الأولى؟ هل بإمكان الطفل الدراية، حتى وأن قال له والديه ألاف المرات لا تخطو يا بني في اتجاه الهوة؟ أليس عقل الإنسان بسيطاً بل عدماً مقارنة بعقل الخالق، ولا يمكن مقارنته بمقياس عقل الطفل بعقل والديه؟ مع ذلك، فجريمة سقوط الطفل في الهاوية تقع على الوالدين، ولا يُحَمل الخالق جريمة سقوط الإنسان في الهاوية؟ أم أن جريمته تشبه جريمة الإنسان كخالق للأجهزة الإلكترونية الحديثة، والتي قد تبلغ درجة التحكم بالذات في القرون القادمة، مع ذلك ستظل تلك الأجهزة ناقصة، وستظل حاملة للعديد من الأخطاء الواجبة تطويرها لتتلاءم والعصر ومتطلبات خالقه، والإنسان هي آلة لخالق ما، والاثنان ينقصهما الكمال، مثلما ينقص الإنسان ومخلوقه الكمال.
تقول الأديان السماوية الثلاث، خلق البشر في أحسن تقويم، وهكذا ينقل المفهوم مع حظر استخدام العقل فيه، وكل هذه الشرور والآثام والأهوال تلازمه على الأرض! والأمراض تتبعه، وينتقل من خطأ جسمي وفكري إلى آخر، يشبه نواقص الكمبيوتر، وبمقارنة جدلية يلاحظ أن التعديلات، تجرى على الإنسان والكمبيوتر، ويظلان في حاجة دائمة إلى تطوير، فأمراضنا مشابهة لنواقص الألة، مع الاختلافات ما بين مادية الكمبيوتر، وروحانية أو فيزيولوجية الإنسان، ومثلهما جميع الأحياء.
وما دامت الشرور تتفاقم، والجرائم تتصاعد، مقارنة بالماضي، ولا نهاية لها، ولم يبلغ الخالق غايته بعد انتشار رسائل الأنبياء بالنقل، فلماذا أنعم الإله العالم بالعشرات منهم في عصر الضحالة المعرفية، وقلة الخبرة، وفي فترة لا تزيد عن بضع ألاف من السنوات، وترك خلقه بدون رسول أو نبي جديد، يتلاءم وعصر التطورات العجيبة، والمختلفة كليا عن العصور السابقة، والمرحلة هذه بدأ الإنسان فيها يبحث عن أسرار الكون، ومنها أسرار وخفايا أنبياءه، وبالتالي أسراره، فاحتمالية أن خالق الإنسان مخلوق مثله. وإن لم يكن كذلك، وخالقه هو كلي، فما هي غايته من خلقه لهذا الإنسان العدم في حدوده اللامتناهية، وبهذا النقص، وتحت حكم تجريمه لنواقصه، أو لماذا:
1- لا يقوم بتصحيح مسار ملل الأديان الضالة.
2- لا ينبيه مخلوقه على نواقصه بين فترة وأخرى، وعلى سوية معارفهم، وعلى سوية تطورات كل مرحلة وبشكل مباشر.
3- لا يضع حد للحروب وقتل الأطفال والغزوات، وإن كانت بعضها، كما يقال في الأديان، في عصور أنبياءه، من ضروريات المرحلة، فهي ليست كذلك الأن.
4- يخلق وعلى مر العصور تفاوتات غريبة بين معيشة البشر، كالبون الشاسع ما بين اليابان وأفغانستان وشعوب الأمازون.
5- خلق الجنة والجهنم سلفا، وإن كان لا بد من خلق البشر، فهل يستحقون العيش الدائم في الطرفين، وهو القادر أن يخلقهم جميعا على خلق واحد، أشرار أو أخيار، أصحاب الجنة أو الجهنم.
6- يسمح لأشخاص يتحدثون باسمه ويكتبون عنه ولا يوقفهم عندما ينافقون.
7- يحافظ على الأسئلة اللامتناهية التي يطلقها المخلوق لخالقه، ومنذ البدء، وستظل تتالى، ولربما بلغ البعض إلى حقيقة، وهي أن الأديان من صنع الإنسان لتقييم المجتمعات، وهي ثورات فكرية لا بد منها، مثلها مثل الثورات العلمية، فبدأ يقتنع بعد أن ثار على منطق النقل، بأن الإنسان على خلقين، روح ومادة، ولا بد للطرفين من غذاء، وتفعيل، لتستمر وتتطور البشرية، ولا بد من خلق رباط شعوري أو لا شعوري، أو علاقات خيالية بين الروح والغموض حيث الخوف من المجهول، أو اللاتعيين أو اللامعرفة، وهذه بوابة الرهبة، والرهبة هي من عناصر التي تحتاج إليها الروح لتستقيم، كالخوف من الظلام، فعندما يصبح كل شيء مضاء تزول الرهبة، أي عندما تكتمل المعرفة. فالإنسان يواجه الأخطار بتخطيط، وإن كانت الأخطاء في النور أكثر منها في الظلام.
8- ما دام البشر يغرقون في الأخطاء، وفيهم كل هذه النواقص الجسدية والفكرية، ويشكون أن خالقهم ناقص، لم يستطع خلقهم بالشكل الكامل. وهذه ترجح المفاهيم التي تذكر أن الإنسان من صنع المخلوق وليس الخالق، وهو المخلوق المتطور بطفرات، بالنسبة لتكويننا كبشر، والبشرية بواقعها الناقص هذه، تظل سائرة في حكمة المخلوق، وهو بذاته قد يكون تحت ظل مخلوق أعلى، والخالق الكلي خارج هذه الجدلية الإنسانية، التي تفسرها الأديان، والأديان ومفاهيمها بوجود الصراع، تبقى معارفها ناقصة وكذلك تأويلاتها وتحليلاتها، مثل نقص العلوم المعرفية المادية، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها، ولا بد لها أن تتطور لتواكب تتطور المعارف المادية، ولا شك النسبية في الجانبين لها موضعها، إلا أن مواكبة الأديان وليست الروحانيات في العالم، بطيئة أو جامدة مقارنة مع تطور الوعي والتراكم المعرفي، إلى درجة توصيفها بالمطلق الذي خلفه الخالق. فقضية التكلم مع الخالق، وأبن الخالق، وآخر أنبياء الخالق، ملغية، أو لربما يحتاج البشر إلى تأثيرات جديدة فكرية منه، لتتلاءم مفاهيم الأديان مع مفاهيم المراحل الحضارية أو الثقافات الروحية والمادية الجديدة، ومواكبة العصر الجاري.
9- رغم التراكمات المعرفية الجديدة والطفرات التكنلوجية العصرية، لا يلغي الشرور المبنية على الثقافات الدينية الماضية، والسائدة على سوية تراكمات معرفية ضحلة غارقة في الجهالة والتوحش، ولا تشذبها لحاضرنا، وتعدل من الروحانيات أو الأديان المبنية على الضحالة المعرفية، والتي لم تعد تتلاءم والعصر، ولا الفكر الجاري، ولا التراكم المعرفي، المادي وعصر التكنلوجيا.
10- سمح بالتطور المتسارع في الاختراعات ووفي كل المجالات المادية، لتتجاوز التطور الفكري الروحي أو على الأقل المفاهيم الدينية، خاصة وأن الإنسان بحد ذاته وفي العقود الأخيرة أصبح خالقاً، وهي مرحلة تقترب من المرحلة التي خلق فيها المخلوق الأعلى الإنسان، لغاية ما، والتحكم بمسيرته قدر المستطاع إلى أن خرج من سيطرته.
الإنسان أمام مراحل لتكوين مخلوقه، ليصبح هو بذاته الخالق، ويطوره لينقله من مرحلة المخلوق الضعيف المادي إلى مخلوق يحمل خواص قد يتحكم مستقبلاً بذاته وله شعور، وإعطاء مفهوم مغاير عن المجهول. ولربما الخالق خلق الإنسان، على متكاملتين، وليست متناقضتين، المادة والروح، لأنه بدون الروحانية والأديان، والرهبة من المجهول لن يبلغ الصفاء الفكري غايته، وتحفيزه للاستمرار في الحياة، والقناعة بالمجهول، وعن طريق منطق النقل لا العقل، جزء من الإيمان بالخالق، بأنه كلي القدرة، وفي حالة ما سيظهر له مساعدته. وعلى الأغلب وفي مجريات التطورات الحضارية في جغرافيات، والتخلف المرعب في مناطق أخرى، أصبح المجهول الديني لم يعد يجدي هذه المرحلة، ويحتاج إلى تطور في مفاهيمها، لتتلاءم والتراكمات المعرفية، والتطور التكنلوجي.
والجمود الجاري في الأديان، يؤدي إلى ثورات الإنسان عليها، ومن أحضانها، وهي مواجهة غير مباشرة لخالقه، لتقويض منطق النقل، وتحكيم العقل، والتي قد يواجهها الإنسان ذاته مثلها يوما مع مخلوقه، والخطأ في كل المراحل، وفي كل النواقص، هي من الخالق وليس المخلوق.


د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
5/11/2016م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطأ الخالق أم المخلوق 1/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 2/2
- كيف ستكون فيدرالية الكرد في سوريا 1/2
- ما دور الكرد في آستانه
- الوجه الأخر لخلافاتنا
- الكرد والإيديولوجيات والاستراتيجيات
- سوريا محمية روسية بامتياز
- ترمب من إمبراطورية إلى إمبراطورية
- عندما يدرس ترمب المستنقع السوري
- إيجابيات الصراع الكردي-الكردي-2/2
- أين إيجابيات الصراع الكردي-الكردي- 1/2
- ترمب ما بين تركيا والكرد
- انتخبتُ هيلاري
- من شنكال إلى صلاح الدين دمرتاش - 2/2
- من شنكال إلى صلاح الدين دمرتاش - 1/2
- حروب عالمية بالوكالة
- ما لا تود المعارضة السورية استيعابته
- لا خيار لمرشحي رئاسة أمريكا سوى الكرد
- موصل ما بين كركوك وحلب
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء الحادي ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود عباس - خطأ الخالق أم المخلوق 2/2