أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - حروب عالمية بالوكالة















المزيد.....

حروب عالمية بالوكالة


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5333 - 2016 / 11 / 4 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشرق الأوسط، مهد الحضارات، ومركز الإمبراطوريات، وبؤرة الحروب، وجغرافية الأنهر من الدماء والغزوات والسبي وهتك الأعراض، والصراعات الدينية والقومية، وكهوف الأحقاد والانتهازيين والمنافقين، ومقبرة الوطنيين الشرفاء، المنطقة التي لم تخمد الحروب فيها يوما، تلتهب ثانية، فتسابق الانتهازيون والمنافقون وتجار الحروب، ليستلموا واجهة الصراعات مع المستبدين المستميتين على مناصبهم، معاً يدمرون الأوطان ويعدمون الشعوب.
والقوى العالمية الكبرى، تتحكم بمصيرهم، وتحصر صراعات المنطقة بسياج عسكري سياسي، فخلقت أو زيدت من لهيب الحروب الجارية ضمن جغرافيات معينة، كسوريا؛ والعراق؛ واليمن؛ وليبيا، وغيرها، فمن خلال هذه الحروب تمرر أجنداتها الأنية والاستراتيجية، بعدما ساعدت القوى الإقليمية لتغطية صراعاتها بأبعاد قومية أو مذهبية وأقلها إيديولوجية، معتمة على الأهداف الحقيقية، وبإعلام موجه، فأقحمت العديد من القوى الإقليمية في حلبة الحروب هذه، عن طريق دوائر خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الفيدرالية.
التمعن فيما يجري ضمن هذه الجغرافيات، تتوضح أن العالم أمام صراع دولي يقترب منشبه حرب عالمية ثالثة غير معلنة، والأساليب مختلفة عن الحروب السابقة، والخلفيات مغايرة، ولكن حطبها، كالسابق، شعوب هذه المناطق.
فعلى مر التاريخ، تنوعت دوافع وغايات الحروب، وعكست مفاهيم عصورها، وتجلت في جميعها مصالح السلطات المهيمنة دون الشعوب، مع اختلاف أساليب التدمير، فانتقلت من المواجهات الكلاسيكية المباشرة إلى الحروب بالوكالة، ولكن النتائج هي ذاتها لم تتبدل، حيث المجازر والمعاناة، وهجرات الشعوب، وبشائع بعضها تجاوزت حدود تدمير الحضارات، فبلغت سويات إبادة الإنسان ذاته.
معظم الحروب، المتجاوزة جغرافية معينة، كانت بشكل أو آخر عالمية، ولكن وبسبب وسائط الحركة؛ والتنقل؛ والتوزع الديمغرافي المتناثر؛ وقلة عدد السكان في العالم، عرفت كصراعات إقليمية، لكنها نادراً ما وقفت على حدود شعوب أو دولة، والأمثلة عديدة في التاريخ، كحروب إمبراطوريات الشرق؛ وحروب المقدوني؛ والرومان وبعدها حروب المسلمين؛ والمغول؛ والعثمانيين؛ ونابليون؛ وغيرهم، حيز جميعها عالمية، وغاياتها وأهدافها السيطرة على البشرية.
ففي الشرق الأوسط، حرب عالمية متفرقة لا تختلف عن التاريخية المذكورة، وبشكل خاص في سوريا، فلم تعد البشرية تهتم بالبنية التحتية، وتسحق فيها القيم الإنسانية، إلى أن بلغ بروسيا تسمية مدينة حلب بأكملها (بؤرة الإرهاب) ووصف بشار الأسد الملايين من الشعب السوري بالانحطاط الخلقي والاجتماعي، وأعدمت المنظمات الراديكالية الإسلامية القيم الإنسانية والأديان على مذبحة الإسلام العنفي. وفي الواقع أن كل هذه وغيرها مخططة لتخفي الغايات والدوافع الأساسية، للقوى الكبرى والإقليمية الدائرة في فلكها، وهي ذاتها التي ألتهبت من أجلها الحربين العالميتين أو الحروب التاريخية السابقة، وأن تنوعت أسمائها وأشكالها وأنواعها، وهي المصالح الاقتصادية إلى الصراعات الإيديولوجية، أو ما يحاط بهما.

والجاري في عالمنا الحاضر، تشبهان حربين عالميتين متوازيتين: الأولى: تشبه الحرب الباردة، مع اختلافات هذه عن سابقتها، منها أن المصالح في هذه وليست الأيديلوجية (الشيوعية والإمبريالية) هي محور الصراع، وتتبين من خلال التحركات العسكرية الضخمة بين الجغرافيات، وعلى مستوى القارات، وتجري بين الإمبراطوريات، ولا بد من الانتباه إلى انهم لا يعيرون كثير اهتمام بالأنظمة السياسية بقدر ما يبحثان عن المحاور الاقتصادية الاستراتيجية، وتندرج ضمن الصراع أقطاب أخرى ليست منضمة إلى الحلفين، كالصين على سبيل المثال، وهذا ما يقلل من احتمالية رفع سوية صراعاتها إلى حد المواجهة المباشرة، كما ولأنها تعلم أن أية محاولة هي زوال للبشرية، فأبسط أنسان في إداراتهما، ونقصد هنا أمريكا وروسيا، يدرك أن ترساناتها النووية كافية لتدمير الكرة الأرضية عدة مرات، وأي تطبيق عملي بينها مهما صغرت فلن يكون هناك منتصر، والخاسر ستكون جميع شعوب الأرض بدون استثناء، مع ذلك فمرض جنون العظمة قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
وتتبين هذا النوع من الحرب خلال عملية تحريك روسيا لأسطول بحري، كحاملة الطائرات أدميرال كوزنتسوف، ثاني أكبر حاملة للطائرات في العالم، ومعها ثمانية بوارج على سويتها، من ميناءها في القطب الشمالي إلى السواحل السورية، علماً أنها حاملة تجاوزت عليها الزمن، ويقال أن شروط معيشة البحارة فيها كارثية، وتنقلاتها تكلف الكثير، لكنها لا تزال تحوي قوة عسكرية استراتيجية مؤثرة، مع ذلك ستقطع ألاف الأميال لتبلغ سواحل سوريا، عن طريق بحر المانش ومضيق جبل طارق وبتكاليف تقترب المليارات، فقط لضرب المنظمات الإسلامية الراديكالية أو الإرهابية في حلب! كدعاية إعلامية، وفي الواقع هي قوة ضغط روسية، تريد كسب المصالح التي كانت للاتحاد السوفيتي السابق، تحت خيمة الإمبراطورية الروسية، أي عمليا إعادة ما خسرته السوفييت من جغرافيات، ولذلك ركزت قاعدة للصواريخ النووية السكندر في مدينة كاليننغراد على حدود أوروبا، وطورت صواريخ الشيطان -2 النووية، وهي تحمل عشر رؤوس معاً، وبأعلى تقنية نووية الكرتونية في العالم.
وبالمقابل تحركت ناتو، وعلى راسها أمريكا، فهددت بالمواجهة وعلى لسان وزير الدفاع الأمريكي والبريطاني ورئيس ناتو، فأرسلت بريطانيا طائرات تايفون إلى رومانيا، تحت حجة مراقبة المنطقة، وطاقم 800 جندي مع دباباتهم إلى أستونيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، يشاركهم فيها جنود فرنسيون ودانماركيون، كما وأرسلت ناتو وتحت القيادة الأمريكية بأربع فرق سبقتهم فرقة بطاقم ألف عسكري إلى بولونيا، وسترسل ألمانيا 400 جندي إلى ليتوانيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، ترافقهم قوة هولندية، نرويجية، بلجيكية، وغيرها، وكندا بدورها أرسلت 400 جندي إلى لا تفيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، ومعهم 100 إيطالي، مع عتاد عالي التقنية، وحشدت أمريكا أسطول ضخم في البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب الأسطول الخامس الأمريكي المتمركز هناك. إلى جانب تحركات مشابهة في بحر الصين وعلى سواحل كوريا، وغيرها من المناطق. وصف الرئيس الأمريكي براك أوباما: الجمعة الماضية هذه التحركات، بالتحديات العالمية، أو الضغوطات الدولية، ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: بأن ما تفعله أمريكا قد تخرجنا من صبرنا وتحملنا لتجاوزاتهم.
والحرب الثانية: ساخنة تنفذها قوى إقليمية؛ وبمقاييس معينة، وإثارة معظمها تحددها الإمبراطوريات المسيطرة، وهي حروب بالوكالة، مواقعها متفرقة في العالم، ومنطقة الشرق الأوسط أبشعها في هذه الفترة، ومن المستبعد أن تكون سلطة بشار الأسد لوحده أو القضاء على عدة منظمات تكفيرية راديكالية إسلامية معنية تحتاج إلى هذه الضخامة من التحشدات العسكرية. وهذه الحروب تثار كلما دعت لها الضرورة، أو لم يتم الاتفاق على تقسيم مصالحها في العالم. ولم نستبعد يوما احتمالية تدخل القوى الكبرى غير المباشر في ثورات الشرق لتحريفها إلى حيث تدعي أجنداتها، ودعمها بطريقة أو أخرى المنظمات الإسلامية الراديكالية في هذه المنطقة لغاياتها، وبالمقابل المحافظة على السلطات الاستبدادية.
وغايات الإمبراطوريات المسيطرة، من هذا التصعيد، تتنوع من استراتيجيات بعيدة المدى، إلى مصالح آنية. واحتمالية تكثيف الصراع ضمن العالمين العربي والإسلامي، الغارق في عصر مشابه لعصر الظلمات في أوروبا، ونقل ثورات الشعوب ضد الأنظمة، إلى صراع مذهبي بين الشيعة والسنة، قد تكون من ضمن استراتيجياتها البعيدة المدى والمتفقة عليها، يؤمل منها إحداث تحريف في مسيرة التاريخ، ومنها الحد من امتداد الفكر الإسلامي العنفي، وبشكل خاص هيمنة الراديكالي على الإسلام السياسي، وعزل المنظمات الإسلامية عن التحكم بمسيرة الشعوب السياسية، وحصرها في دور العبادة، مثلما حوصرت المسيحية، بعد عصر الظلمات والصراعات الطويلة في أوربا، ضمن الكنائس، وأبعدت عن السياسية، وقد كانت هذه واحدة من مفاهيم الثورات الشبابية في المنطقة. ولا شك لتنفيذ هذا المخطط تتم التضحية بشعوب المنطقة، عن طريق خلق هذا الكم من المنظمات التكفيرية والإرهابية وبتسميات إسلامية، وتوزيع محاربتهم بين روسيا وحلفائها وأدواتها وأمريكا وتوابعها، فالأولى خصصت لمحاربة قرابة 170 منظمة ضمن سورية وصفت روسياً بالإرهابية، والثانية حملت على عاتقها محاربة داعش. وهما، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الفيدرالية، رغم الصراعات الجانبية على توزيع المصالح، والجزئيات في القضايا، لا يستبعد احتمالية الاتفاق بينهما على الكليات، ومن ضمنها إدامة الصراع والتدمير الممنهج وعدم وضع حد زمني لإنهاء الحروب الساخنة في المنطقة، ولذا يتم الإبقاء على السلطات الاستبدادية، أمثال بشار الأسد أو تغيير السلطات القديمة في المنطقة بجديد مماثل، فعلى الأغلب أن المصالح الأنية تقتضي هذه الديمومة ولا تتعارض مع خططهما الاستراتيجية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
1/10/2016l



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لا تود المعارضة السورية استيعابته
- لا خيار لمرشحي رئاسة أمريكا سوى الكرد
- موصل ما بين كركوك وحلب
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء الحادي ...
- بلاهة التصعيد الأمريكي مقابل العنجهية الروسية
- لو أن المعارضة السورية
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء العاشر
- مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً - الجزء التاسع
- عيوب الحوار العربي الكردي خلال الفترات الماضية - 3/3
- عيوب الحوار العربي الكردي خلال الفترات الماضية - 2/3
- عيوب الحوار العربي الكردي خلال الفترات الماضية - 1/3
- ماذا قدم العروبيون - 2/2
- ماذا قدم العروبيون - 2/1
- سايكس–بيكو في جنيف (ما أشبه البارحة باليوم)-2/2
- سايكس–بيكو في جنيف (ما أشبه البارحة باليوم)-2/1
- فوبيا انفصال الكرد - 2/2
- فوبيا انفصال الكرد - 1/2
- الصور النمطية المعيقة للعرب والكرد - 4/4
- الصور النمطية المعيقة للعرب والكرد - 3/4
- لو أن بشار الأسد - 2/2


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - حروب عالمية بالوكالة