الشيلي : ميشال باشلييه رئيسة للبلد

المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:07
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

يوم 16 يناير فازت مبشال باشليه Michelle Bachelet ، مرشحة "التشاور الديمقراطي"، أي التحالف الانتخابي بين الحزب الاشتراكي والديمقراطية المسيحية، الذي يقود البلد منذ 1990 ، بالدور الثاني للانتخابات الرئاسية، بحصولها على 53.5 % من الأصوات مقابل 46.5% لخصمها اليميني ثري الصحافة سيباستيان بييرا.

وقد حظي انتخاب امرأة إلى الرئاسة بأمريكا الجنوبية بتعليقات كثيرة. ففي بلد يبقى به ثلثا النساء بالبيت، وحيث لا فرصة لأغلبية من يعملن سوىالعمل الهش، لا شك ان وضع المنتخبة الجديدة كامرأة طبيبة أطفال وكذا كونها مطلقة تربي وحدها ثلاثة أطفال قد رفع حظوظها كثيرا لدى النساء الناخبات. وكم كانت مثيرة للشفقة محاولات خصمها للتدارك بتوزيع باقات الزهور على الناخبات في نهاية الحملة، بعد ان صرح انه"يلزم رجل لقيادة الشيلي".

بيد ان باشليه ليست وافدا جديدا. فقد تمرست في حكومة الرئيس السابق، الاشتراكي لاغوس، بمنصب وزير الصحة في البدء ثم وزيرا للدفاع. وهو ما شكل "سابقة" أخرى بالنسبة لامرأة وزير في النصف الجنوبي من القارة الأمريكية. وقد كان المنصب صعبا بقدر ما كان على الجيش ان يتحمل المتابعات القضائية الجارية ضد بينوشيه بسبب قسم من جرائمه خلال الديكتاتورية وبسبب الفساد. لكن كونها ابنة جنرال ، وفي لأليندي، كان عاملا لصالحها. وذلك في كل حال ما حدا بقادة "التشاور الديمقراطي" الى جعلها مرشحا لخلافة الرئيس السابق.

طبل العديد من المعلقين لهذا الانتصار "الجديد" لليسار بأمريكا اللاتينية. لكن الواقع هو ان هذا التشاور الديمقراطي يضم يسار الوسط(الحزب الاشتراكي) ويمين الوسط( الديمقراطية المسيحية) ويحكم البلد منذ 1990 ، برئيس اشتراكي منذ 1999.

كانت هذه المساومة بين الساسة في 1990 تروم تأمين "خروج من الديكتاتورية" على نحو هادئ ، بالعفو على العسكر والتزام الحياد إزاء المتابعات القضائية للديكتاتورية، لكن مع تحمل ارثها الاقتصادي. كان بينوشيه بعد ان حطم المنظمات العمالية قد خصخص القسم الأعظم من اقتصاد البلد مستوحيا افكار غلاة منظري الليبرالية. لم يعد التشاور الديمقراطي النظر بذلك ، لا بل قام مكونان منه باستكمال الخصخصة. أتاح هذا لاقتصاد الشيلي، المصدر أساسا للمواد الأولية كالنحاس، تعزيز ازدهار المالكين والبرجوازية الصغيرة المتحلقة بهم، وفي الآن ذاته تعميق التفاوت. ففي 2003 يستحوذ 5% الأكثر غنى على دخل يفوق 209 مرة دخل 5% الاشد فقرا. ولم يكن التفاوت في 1990 سوى 130 مرة. ويقارب الفقر الرسمي 20%. ويعيش نصف العمال بفضل العمل الأسود(اللاشرعي) . ويقل دخل ثلثي الاسر 7 مرات عن الدخل المتوسط لـ20% من الاسر الأكثر غنى.

ولم يرد أبدا بالحملة الانتخابية لميشال باشليه ان تضع حدا لهذا. تقدمت بإصلاحات محدودة في الصحة والتقاعد والتعليم وحقوق النساء، تروم خفض التفاوت دون إلغائه. هكذا أعلنت 36 إجراء متفاوت الأهمية: العلاج المجاني في المستوصفات لمن يفوق عمرهم 60 سنة، ومنح دراسية للأسر الفقيرة، وفتح حضانات جديدة للأطفال، ومساعدات للمقاولات الصغيرة، والتسجيل التلقائي في القوائم الانتخابية، وإحداث وزارة للبيئة و6000 منصب شرطي.

كما تحدثت عن إصلاح نظام التقاعد في أفق 2010 ( وهو نظام رسملة منذ أيام الديكتاتورية، يحرم من المعاش من لم يقدم اشتراكات كافية ومن اشتغل في الأسود). ولا يقين في ان يشهد هذا الإصلاح تطبيقا لأن الراسماليين الخواص الذي يسيرون الصناديق المعاشات لا يقبلون ان يتضرروا . في مجمل الأمر ليس المقصود النيل من الاسر الكبيرة التي استحوذت على القسم الأعظم من الثروات. وتتكيف هذه الاسر الثرية اليوم على نحو جيد من الساسة المنتخبين كما كانت بالأمس تصفق للجيش وهو يحطم عظام الطبقة العاملة. الأهم عندها هو مواصلة مراكمة الثروة.

زوال هذا النظام الظالم أمر ليس بوسع ورقة التصويت. لأن حتى تحقيق المنتخبة الجديدة قسما من برنامجها الاجتماعي او كله، سيبقى الوضع دون إرضاء حاجات السواد الأعظم من الشيليين. وإن كان عمال الشيلي وجماهيرها الفقيرة يريدون فرض قسمة أخرى للثروات التي يخلقون يوميا فليس بإمكانهم ان يعولوا على غير نضالاتهم.

Jacques FONTENOY

اسبوعية الكفاح العمالي عدد 1955 – 20 يناير 2006

تعريب المناضل-ة

#المناضل-ة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل