أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - مؤتمر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أي نقابة هي الفيدرالية؟ ما جديد مؤتمرها ؟ ما العمل ازاءها؟















المزيد.....

مؤتمر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أي نقابة هي الفيدرالية؟ ما جديد مؤتمرها ؟ ما العمل ازاءها؟


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 11:02
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


محمود جديد
نظمت الفيدرالية الديمقراطية للشغل مؤتمرها الثاني أيام 30 شتنبر و1 و2 أكتوبر 2005، بعد زهاء سنتين ونصف من ميلادها. ويتميز سياق هذا المؤتمر بتدهور وضع الحركة النقابية جراء سنوات من التخبط ما بين إضرابات مجزأة ومرتجلة وتفاوضات باردة مع أرباب العمل والحكومة مفضية الى اتفاقات لا تنفذ، كل ذلك في ظل الهيمنة السياسية لقوى غير عمالية ليبرالية. وانعكس هذا التدهور في انكماش الجسم النقابي، سيما بالقطاع الخاص، وتشظيه سيما في القطاع العام حيث ظهرت الحركات الفئوية نتيجة مباشرة لسوء تدبير القيادات النقابية وتخاذلها. هذا كله وسط تصاعد الهجوم البرجوازي على قوت الكادحين وظروف عملهم وعلى الحريات، ونجاح الحكومة في تمرير سياساتها بتعاون القيادات النقابية نفسها.
يضع هذا على كاهل المناضلين العماليين مهمة الإحاطة بطبيعة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وتحديد الموقف منها طبق ما يخدم وحدة نضال العمال وارتقاء وعيهم.
لهذه الغاية نساهم برأينا، دون مجاملة ولا تحامل، مبرزين في البدء ظروف ميلاد هذا الاتحاد النقابي، ثم متناولين مؤتمره الثاني من زاوية مدى الاستجابة لمستلزمات الساعة بالساحة النقابية.

طبيعة الفيدرالية الديمقراطية للشغل

الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: من أداة مناوشة في إطار سلم اجتماعي ...

برزت الفيدرالية في ظرف سياسي جديد متمثل في الموقع الجديد الذي أصبح للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الساحة السياسية، أي انتقاله من "معارضة جلالة الملك" إلى حكومة جلالة الملك.
ورغم كل ما قيل عن كون ظهور الفيدرالية "انتفاضة" ضد التبقرط المفرط و "نقابة الزعيم" الخ، تمثل النقابة الجديدة انعطافا سياسيا أي تبدلا في نوع العلاقة التي يريد الاتحاد الاشتراكي ان يقيمها مع النقابة العمالية.
فمنذ إقدام الاتحاد الاشتراكي على إنشاء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978، كان هذا الحزب يستعمل القوة العمالية لمناوشة النظام وفق منظور يروم دفع هذا الأخير الى تنازلات طفيفة، مع حرص شديد على تفادي أي انفلات لتلك القوة واستقلالها وفق خط مصلحتها الطبقية الخاصة. يتجلى هذا بوضوح في الكيفية التي أجهض بها الاتحاديون نضالات عمالية عديدة انطلقت من تلقاء ذاتها، و افتعلوا إضرابات من فوق بارتجال حسب حساباتهم المتغيرة مع الظرف السياسي. لقد جعلوا من الكونفدرالية نقابة التعاون الطبقي التي تناوش لكنها تضع فوق جميع الاعتبارات مصلحة "الاقتصاد الوطني" و "استقرار المغرب"، أي بلغة صريحة مصالحة أرباح الرأسماليين واستقرار نظام الاستغلال والاضطهاد.
لقد كانت الكونفدرالية أداة الهيمنة السياسية لحزب إصلاحي برجوازي على قسم من الطبقة العاملة.
لكن لنضال العمال دينامية خاصة تتخطى حدود أهداف الأحزاب البرجوازية مما أدى إلى انفلاتات من قبيل نضالات نقابية اعتبرها الساسة البرجوازيون في غير محلها وعملوا لنسفها (إضرابات اليوسفية 1986 وجرادة 1989 إضراب 25 فبراير94 الذي الغي استجابة لمساعي أحزاب المعارضة البرجوازية ...) والى انتفاضتي البيضاء في 1981 وفاس في 1990 التي ليست بنظرهم "نضالا ديمقراطيا" لكنها تظل "مقبولة" ما دامت عفوية ودون هدف سياسي في ظل غياب الاستقلال السياسي للعمال، لا بل تستعمل لتفزيع النظام: حتى حزب الاستقلال شارك في الدعوة إلى الإضراب العام سنة 1990 .
بقصد ضمان دوام هذه العلاقة بالنقابة العمالية، المستلزمة دوما احتياطا وضبطا بالغين، عمل الاتحاد الاشتراكي لمحاربة تأثير التيارات الراديكالية داخلها بدوس ابسط شروط الديمقراطية: السطوة على أجهزة القرار وقمع حرية التعبير وتعميم الجهل في القاعدة واستعمال الافتراء لإقصاء المعارضين.
وان كان تحكم الاتحاد الاشتراكي في النقابة يؤتي أكله سياسيا، فقد كان في الوقت ذاته مصدرا لضغط قاعدي لا يلائم على الدوام حسابات الحزب.
وعلى مر السنين، تغيرت الشروط السياسية ومعها الاتحاد الاشتراكي، مما سيفضي الى حاجة هذا الأخير إلى تغيير علاقته بالنقابة العمالية .

أدت عقود من عمل الاتحاد الاشتراكي في مؤسسات الديمقراطية المزيفة، بمبرر كونه سبيل التغيير، إلى تغيير الحزب نفسه: تشكلت فئة من مناضلي المؤسسات وتعاظم وزنها داخل الحزب ونمت مصالح مادية بنهب الجماعات المحلية وبما يوفره موقعها من علاقات مع رجال الأعمال ورجال السلطة. وكان الوجه الآخر لهذه السيرورة متمثلا في استئصال التيار الجذري داخل الحزب، وهي عملية توجت بالتواطؤ مع البوليس في مايو 1983 للتخلص من يسار الحزب المتأثر بالماركسية والداعي إلى بناء حزب ثوري.

اصطدمت استجداءات الحزب ( تعديلات مجهرية لدستور الحكم الفردي وانتخابات اقل تزويرا ) بتمسك الملكية بكامل السلطات وتبخرت أوهام انصياعها (خرافة التوافق). فتجلى عقم مسعى الحزب الخائف من أي تعبئة جماهيرية.ومع تعاظم قوة التيارات السلفية، تطور الحزب في اتجاه المزيد من التنازلات والجنوح اليميني .
هذا ما أعطى الحزب سيماء واضحة أكثر فأكثر: حزب ليبرالي-اجتماعي يحاول تكييف الإستراتيجية الاشتراكية-الديمقراطية مع الاستبداد السياسي.

ثم جاء انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته، وما صاحبه من انزلاق الأحزاب الاشتراكية نحو اليمين ومعها اغلب الأحزاب الستالينية. وتعمق نهج التعاون الطبقي لدى الأحزاب الاشتراكية -الديمقراطية واجتهدت في تطبيق سياسات الرأسمال عالميا، وتراجعت القوى التحررية بالعالم الثالث عن مشروع تنمية مستقلة بعد زوال موازين القوى التي كانت تسمح بمثل تلك الأحلام .
هذا هو سياق انعطاف الاتحاد الاشتراكي يمينا، انعطاف متوج بقبول دستور1996 الأسوأ من سابقيه، وبعده المشاركة فيما يسمى بحكومة التناوب وهي الصيغة التي بلورها الملك ووفر شروط نجاحها لتأمين مناخ جيد لخلافته ومواصلة السياسة النيوليبرالية التي يمليها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي دون هزات اجتماعية .

... الى عبء ثقيل على التوافقات

كان الاتحاد الاشتراكي طيلة 22 سنة يستعمل كدش ، من خلال جهازها الاتحادي بالكامل تقريبا، ليحصر إضرابات العمال في حدود غير مضرة بالاقتصاد الرأسمالي التابع ( مصلحة الاقتصاد الوطني المزعوم ) كابحا أي تجذر للنضالات، مع سعي حثيث للحد من نمو التيارات الراديكالية بدوس فظ لأبسط مبادئ الديمقراطية الداخلية، وفي نفس الوقت يستغل النقابة لتحريك الساحة الاجتماعية عند الحاجة وكقاعدة انتخابية من خلال دعوة أجهزتها للتصويت على " القوى التقدمية" ، وانخراط الأموي نفسه ، وباقي الأطر النقابية في حملات الحزب الانتخابية . علاوة على خرط النقابة في مؤسسات النظام بغية تعزيزها ( مجلس حقوق الإنسان ومجلس الحوار الاجتماعي ثلث البرلمان ثم الغرفة الثانية واللجنة الملكية التي وضعت ميثاق التعليم ...) ، كما استعملها لمرافقة تنفيذ السياسات النيوليبرالية التى قرر الحزب ان يكون أداتها بدخوله ما سمي بحكومة التناوب ( توسيع الخوصصة وتقليص النفقات الاجتماعية وضرب مجانية التعليم (الميثاق) والصحة (مرسوم 30 مارس 1999 ) مدونة الشغل، الخ حيث كانت النقابة تعلن الرفض كلاميا مستنكفة عن أي تعبئة ميدانية من شأنها ان تصد الهجوم او تربك تنفيذه الكامل .
لكن حدة الاستغلال وتدهور الأوضاع الاجتماعية يجعل الحزب عرضة لضغوط القاعدة العمالية التي لا تحتمل الى ما لا نهاية ، وليس اعتراض البيروقراطية النقابية الكلامي على إجراءات عديدة وممارسة نوع من المعارضة بمجلس المستشارين والدعوة الى إضرابات قطاعية غير تعبير عن ما تتعرض له من ضغوط تنقلها الى الحزب .
وبما ان في جعبة حكومة التناوب (الأصح حكومة الظل التي ليست حكومة اليوسفي غير قناع لها) مزيدا من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعادية لأوسع الجماهير الشعبية فان الاتحاد الاشتراكي، العمود الفقري للتناوب المزيف ، في حاجة الى تخليص نفسه من ضغوط القاعدة العمالية في كدش، ليتمكن من التصرف بكامل الحرية في تنفيذ ما أوكل إليه بعقد ما يشاء من تحالفات مع أحزاب رجعية ومشاركة فيما يشاء من حكومات ائتلافية واتخاذ المواقف المطابقة لاشتراكية ديمقراطية "حداثية" .
انه نفس جوهر السيرورة التي أدت بأحزاب الأممية الاشتراكية إلى تغيير علاقتها بالحركة النقابية في اتجاه تعميق تحولها الاشتراكي-الليبرالي. وقد عبرت الوثيقة السياسية للمؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي عن إعادة النظر تلك بقولها:
" كان التوجه السائد لدينا يقضي ضمنا آو علنا بالتوازي الشديد بين التحرك النقابي والدينامية السياسية. وكان مفهوما ان العمل النقابي من خلال معاركه الاجتماعية يعزز موازين القوى على جبهات الصراع السياسي. ولقد تفطنت الأحزاب الاشتراكية، وخاصة التي وصلت الى مواقع السلطة او اقتربت منها، الى ان هذا التوازي اصبح يشكل عبئا ثقيلا على انتظامية الصراع السياسي وتوافقاته المرحلية والإستراتيجية بقدر ما يشكل تكبيلا لمتطلبات التحرك النقابي والاجتماعي ضمن سياقات اقتصادية متبدلة باستمرار".
وتضيف نفس الوثيقة: "تراكمات التجربة السياسية وزخم المطالب الاجتماعية التي وجدت النقابة نفسها مطوقة بها أوضحت بجلاء ان وتيرة العمل النقابي لا يمكنها ان تتقاطع بالضرورة في كل نقطة وفي كل لحظة مع وتيرة العمل السياسي ولذلك فان استمرار التوازي المشار اليه على نفس الصورة وبنفس الطبيعة قد يؤدي الى إحدى النتيجتين : اما فرملة العمل النقابي او تكبيل دينامية العمل السياسي وكلاهما منزلق يتعين تجنب السقوط في حباله"
لا يمكن اذن أن تستمر البيروقراطية النقابية الاتحادية رصاصا يثقل أجنحة الحزب الذي يسعى للتحليق بعيدا في خدمة مصالح البرجوازية المحلية والرأسمال الإمبريالي. يستحيل إذن ان تحافظ على وزنها في أجهزة الحزب ناهيك عن تعزيزه كما يحلم الأموي .
هذا ما يفسر كون اليوسفي لم يبذل أي جهد حقيقي لتفادي انصراف الأموي وبيروقراطية كدش ، متمسكا بشروطه تمسكا نتج عنه قيام حزب المؤتمر.
كان الوجه الآخر لسيرورة تغيير علاقة الاتحاد الاشتراكي بالنقابة هو انفتاحه على فئات اجتماعية خارج دائرة القوات الشعبية . اذ بدأ الحزب يتجرأ على مغازلة أرباب العمل وعدل خطابه بما يشجع على تحسين العلاقة بهم .
نظم في سلا في أبريل 1997 لقاء مع أرباب العمل علقت عليه الجريدة الاتحادية بما يلي :" اللقاء كسر الهوة التي حاول البعض طيلة سنوات جاهدا تعميقها بين المقاولة الوطنية والحزب ... الاتحاد لم يكن أبدا ضد القطاع الخاص الوطني كما يروج البعض " .ولتكريس وتعميق هذا التوجه جاء في الوثيقة السياسية للمؤتمر السادس : سيكون من الضروري مراجعة بعض المسلمات التي حكمت تمثلنا الفكري والسياسي والأيديولوجي للتصنيفات الطبقية والفئوية للمجتمع المغربي وهو تمثل اثقل ممارستنا السياسية باكراهات عرقلت إمكانية توسيع وتجميع صف القوى التي تجد موضوعيا في المشروع الاشتراكي -الديمقراطي مشروعنا نحن التعبير الأمثل عن حساسيتها وتطلعاتها . ومن المحقق ان التقدم صوب هذا المنحى سيجعل حزبنا يتحول الى بؤرة أساسية تصهر مطالب وتطلعات كل القوى الاجتماعية ذات النزوع الديمقراطي (...)"
يستدعي سعي الاتحاد الاشتراكي الى تغيير علاقته بالنقابة العمالية، أي التحرر من ضغطها، تحجيم مكانة الجهاز النقابي داخل الحزب نفسه، وبوجه خاص التيار الأكثر إيصالا لضغط القاعدة العمالية أي أنصار الأموي.ولم تكن لدى قيادة الاتحاد الاشتراكي أي نية في نزع مقاليد النقابة من أيدي هذا التيار، بل فقط إبعاد تأثيره على الحزب. فتركت تلك القيادة الأموي ينظم المؤتمر الرابع للكونفدرالية بالعيون وفق مشيئته وبحضور اليوسفي حضورا اعتبره من من دواعي اعتزازه.
لكن أن يظل للتيار النقابي نفس الثقل داخل الحزب ، فذاك ما لم تقبله قيادة الاتحاد الاشتراكي مفضلة بتر جناح حزبي لقاء التحرر من عرقلته للسير على الخط الجديد. فكان ابعاد تيار الاموي في المؤتمر السادس للحزب، ثم التغاضي طيلة شهور عن عروضه الساعية الى ايجاد حل يبقي الجميع داخل نفس الحزب. كانت نية الاتحاد الاشتراكي الا يغادر الكونفدرالية وفي نفس الوقت أن يغير علاقته القديمة بها : رفض ان تكون النقابة العمالية جسما متداخلا مع الحزب يربك حركته ويوصل اليه ضغط القاعدة العمالية المستاءة . من اجل هذا سعى الاتحاد الاشتراكي الى بناء قوة داخل النقابة تحد من اندفاعها وتحول مضمونها من نقابة تعاون طبقي مرفوق بالضغط الى نقابة تعاون طبقي 100% (النقابة الاقتراحية).
هكذا نظم يومي 20 و21 ابريل 2002 ندوة حول المسألة النقابية أكدت عزم الحزب على فك ارتباط النقابة به، دون شقها (نفي اليازغي في كلمة توجيهية نية إنشاء نقابة جديدة بديلة عن كدش). ونص بيان الندوة في نقطته الأخيرة على وجوب إعادة توحيد قطاع الفوسفاط في إطار الكونفدرالية.( علق الكافوني انتماء نقابته لكدش في فبراير 99 واسس نقابة خارجها في مارس 2000)
و خصصت جريدة الاتحاد الاشتراكي ملف عددها الأسبوعي (28 ابريل 2002 ) للمسألة النقابية تحت عنوان " أي دور للنقابة اليوم ؟" .اعيد فيه نشر مقال صدر قبل أربعة ايام في" الأحداث المغربية" بقلم جمال هاشم بعنوان ثقافتنا النقابية الجديدة .
جاء فيه:" اهم ما ترتكز عليه الثقافة النقابية الجديدة هو احترام خصوصية حقل الممارسة النقابية وعدم التعامل مع النقابات كمجرد ملاحق للحزب لا سلطة لها على قراراتها ، فاذا كانت المرحلة السابقة قد تميزت بهيمنة الحزبي على النقابي نظرا لطبيعة المرحلة وطبيعة الصراع ... فان تطور الأوضاع السياسية وتراكم التجربة النقابية فرض على الجميع الدعوة الى " فك الارتباط" بين الحزب والنقابة خدمة لهما معا ( وتجربة المشاركة في الحكومة تبرز أهمية هذه الاستقلالية ) "
طردوا الأموي من الحزب فطردهم من النقابة، بعد ان عملوا على عرقلة سيرها وفق توجيهات أصدقاء الأموي ( تحول أصدقاء اليوسفي الى كاسري الإضرابات التي تدعو اليها الكونفدرالية اضراب عام ). ولم يكن بد من انفجار الصراع، بفعل تقاليد إعدام الديمقراطية. فكانت كل اساليب التحجيم والإبعاد من التنظيم النقابي المستعملة ضد المناضلين العماليين الجذريين - مثال ناشطي نقابة التعليم بأسفي ونقابتي البحارة والنقل الحضري باكادير - مجرد تمرينات أولية قياسا على الوسائل التي سيستعملها الطرفان الاتحاديان ضد بعضهم.
انفجر الصراع بعنف غير مسبوق، الطرد المتبادل ، حرب للاستيلاء على مقرات النقابة، حملة إعلامية شعواء، فضح متبادل اخرج الى العموم ما كان طي الكتمان طيلة عقود، تراشق بالاتهامات حول اختلاس مالية النقابة ، وصنع الأجهزة، و شراء الذمم وما لا يخطر على بال.
لم يبق للاتحاديين اليوسفيين غير صنع بديل عن البديل التاريخي ( هذا النعت الأخير هو ما طلقوه على كدش لحظة تأسيسها)، وبعد سيرورة من الانسحابات والتنسيقات اعلن عن تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للشغل في ابريل 2003، بعد أن كان اليوسفي قد أعطى اشارة تغيير الاتجاه في اجتماع اللجنة النقابية لحزبه قائلا:
"كما ينبغي ان يكون تاريخ 27 شتنبر 2002 نقطة تحول المسيرة النقابية نحو مقاربة اخرى"
جاء بيان التأسيس ناطقا باسم الاتحاد الاشتراكي اذ نقل رؤيته للوضع السياسي نقلا حرفيا: " يسجل المؤتمر أهمية أوراش الإصلاح المفتوحة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الا انه يعتبر التراجعات التي وقعت بعد انتخابات 27 شتنبر 2002 لا تنسجم ومسار الإصلاح. ويرى المؤتمر ضرورة اعتماد المنهجية الديمقراطية لتحصين بلادنا ضد كل المنزلقات والإخطار".
على هذا النحو ُتحرف النقابة من كونها أداة دفاع العمال عن أفضل شروط لبيع قوة عملهم الى خدمة مشروع حزب برجوازي بحكومة غير ديمقراطية تنسق الهجوم النيوليبرالي على العمال.

أين كان الراديكاليون؟

كان نشوب الصراع بين جناحي الاتحاديين، والأزمة المترتبة عنه في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل فرصة لإطلاق نقاش في قاعدة النقابة حول أسباب الأزمة: التبقرط من جهة وأخطار تبعية النقابة العمالية لحزب ليبرالي من جهة ثانية ، و فرصة للتعريف بآسس الديمقراطية داخل المنظمات الشعبية. بدل هذا كله ابان القسم الأكبر من الراديكاليين عن قصور خطير اذ تهافت على المقاعد بالأجهزة الوطنية والمحلية مزيحا أي اعتبار مبدئي. اعطى ذلك عن الراديكاليين صورة جماعة لا تنتقد سوى لحرمانها من المناصب. هذا ما جعل محاولة الماركسيين الثوريين فتح النقاش، من خلال مبادرة "الملتقى النقابي الديمقراطي"، صيحة في صحراء قاعدة مشمئزة ونافرة من تقاتل قادتها ويسار لم يعد يهمه غير كراسي الهيئات القيادية.
لم يكن موقف غالبية اليسار الجذري إبان الهزة التي عصفت بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل، غير إحدى تجليات افتقاره الى خط نضال داخل النقابات، خط يقدم إجابات على أمهات مسائل الكفاح العمالي، من مطالب وإشكال نضال، خط يقارع به التيارات الإصلاحية لفتح طريق ارتقاء وعي العمال الى مستواه الاشتراكي الثوري.



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة العاملة الإسبانية: بين استفحال ظاهرة العنصرية ضد العم ...
- ما هي الثورة الدائمة؟
- المسيرة العالمية للنساء... نضال النساء المتواصل
- من هو ليون تروتسكي؟
- الذكرى المئوية الأولى لثورة 1905: لما أصبحت الثورة ممكنة
- وحده الحل الديمقراطي- لقضية الصحراء- سينهي مأساة شعوب المنطق ...
- مرحبا... تروتسكي
- راهنية الثورة الدائمة
- مصر: الإنهاك يصيب نظام مبارك
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 6
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 5
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 4
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 3
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 2
- تحديات بناء حركة نقابية قوية بالمغرب - 1
- فنيزويلا : ثورة في الثورة
- الساحة العمالية: هجوم برجوازي كاسح ...وقيادات نقابية سائرة إ ...
- التنمية البشرية في تالسينت وبوعرفة: الرصاص والقنابل المسيلة ...
- كيف تهدد البطالة مكتسبات الطبقة العاملة ؟
- فنزويلا: الثورة البوليفارية


المزيد.....




- Visit of the WFTU Palestinian affiliates in Cyprus, and meet ...
- “100.000 زيادة فورية mof.gov.iq“ وزارة المالية العراقية توضح ...
- WFTU Socio-Economic Seminar at Naledi, Maseru Lesotho.
- زيادة رواتب المتقاعدين في العراق 2024 استعلام جدول الرواتب ا ...
- “بزيادة 100 ألف دينار mof.gov.iq“ وزارة المالية العراقية روا ...
- منحة البطالة للمتعثرين.. كيفية التقديم في منحة البطالة للمتز ...
- فرصة جديدة.. رابط التسجيل في منحة البطالة بالجزائر مع الشروط ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1793 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- “حالًا استعلم” .. رابط الاستعلام عن وضعية منحة البطالة في ال ...
- مكافأة مع مع القبض لبعض الموظفين .. بشرى سارة.. مواعيد صرف م ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - مؤتمر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أي نقابة هي الفيدرالية؟ ما جديد مؤتمرها ؟ ما العمل ازاءها؟