أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبعوب - الجلاء رؤية واقعية














المزيد.....

الجلاء رؤية واقعية


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


30 مارس 2017م
مرت ست سنوات حتى الآن على هبة فبراير في ليبيا بكل أحلامها المفرحة و خيباتها المؤلمة.. ست سنوات لم يعش خلالها المواطن العادي فيما عدى السنتين الأولى منها ذكرى ولو بسيطة تبعث فيه روح الانتماء لهذه الأرض والإخلاص له.. ست سنوات من عمر تغيير فبراير اختفت خلالها صور الفرح بذكريات الوطن الحقيقية منها والمزورة، فضلا عن تلك المغيبة قصدا لا لشيء إلا لأنها جرت في ظل النظام السابق، و واحدة من هذه المناسبات ذكرى إجلاء القوات الأجنبية الأمريكية والبريطانية عن ارض الوطن التي أستعرض خلفياتها مآلاتها بكل واقعية هنا.

هذه الذكرى التي مرت قبل أيام إحداها وهي الذكرى السابعة والأربعين لإجلاء القواعد البريطانية عن ارض ليبيا التي صادفت يوم 28 مارس الجاري، عادت الى الذاكرة الجمعية لليبيين هذا العام وبقوة لا يمكن تجاهلها، بعد كان قد غطى عليها خلال السنوات الماضية ضجيج وقعقعة الصراعات العبثية على سلطة وهمية بين حلفاء الامس أعداء اليوم.. عودة جسدها إبراز هذه الذكرى وسرد وقائعها وخلفيات تحقيقها في وعي المواطن العادي، من خلال تمجيدها والاعتزاز بها عبر رسائل قصيرة على صفحات التواصل الاجتماعي او على مستوى العلاقات الاجتماعية بين المواطنين في كل ربوع ليبيا، وذلك رغم محاولات التعتيم والتجاهل والتزوير التي قامت بها جهات اعتبارية وحزبية تتقاسم السيطرة على شظايا ليبيا المقسمة ، مستهدفين محو هذه الذكرى كحدث وطني من الذاكرة الجمعية لليبيين وتشويهها وإظهارها كمسرحية مفبركة جرت لجمع الناس حول القذافي الذي اعتلى السلطة بعد أن كان مجرد ضابط صغير في كتيبة مغمورة من كتائب الجيش الليبي في تلك الفترة من تاريخ ليبيا..

بداية يجب أن ندرك حقيقة لا تقبل الجدل عن مبعث وجود هذه القواعد سواء الأمريكية او البريطانية، وهي أن هذه القوات والقواعد كأمر واقع كانت موجودة على ارض ليبيا قبل توقيع الحكومة الليبية في تلك الفترة على اتفاقية وجودها مع أمريكا وبريطانيا، وذلك بحكم أن ليبيا في بداية خمسينات القرن الماضي كانت تحت الانتداب من طرف دول الحلفاء التي ألحقت هزيمة نكراء بدل المحور وأخرجت قواتها من ليبيا لتحل مكانها، أي أن استقلال ليبيا وحريتها كانت منقوصة، وبمجرد إعلان الاستقلال عام 1952 ، كان لابد لهذا الأمر الواقع (التواجد العسكري البريطاني الأمريكي على الأرض الليبية) من تغطية قانونية وشرعية يتم وضعها بين حكومة الاستقلال والدول التي تنتمي لها هذه القوات، يحفظ للحكومة الليبية ماء وجهها أمام شعبها وأمام العالم ويعطي لهذه القوات شرعية التواجد واستخدام الأرض، وهذا ما جرى، وهو الخرج الوحيد المتاح والممكن للحكومة الليبية من هذه الوضعية المخلة .

أمام هذا الوقع المرير والوضع الدولي المتوتر، هل كان لليبيا مخرج آخر يذلل أمامه كل هذه المصاعب ويخرجه بسلام من هذا المأزق؟ هل كان في مقدورها في تلك الفترة من الناحية العسكرية أن تجبر هذه القوى الجبارة التي مرغت انف تحالف الفاشية والنازية في التراب وفككت إمبراطوريتهما المخيفة، هل في مقدورها أن تجبرها على الخروج؟!! لا اعتقد أن عاقلا يفكر بعقل ناضج يمكن أن يخالجه الشك في استحالة هذا الهدف رغم قدسيته. ثم إن ليبيا التي كانت قد خرجت لتوها من أتون هذا الصراع بين الجبابرة، محطمة من كل النواحي وشعبها مشرد بين دول الجوار ومواردها معدومة بعد أزيد من ثلاثة عقود من الاحتلال الفاشي الايطالي والحروب الأهلية والجفاف ، هل كان لها دخل يغنيها عن تأجير هذه القواعد ويمكنها من تمويل بناء قوة عسكرية ترغم هذه القوات الجبارة على الخروج؟.

إن إدريس السنوسي الذي نصبه الحلفاء ملكا على ليبيا وحكومته، لم يكن أمامهما خيار أمام هذا الواقع المرير ، سوى تأجير هذه القواعد والاستفادة من دخلها في بناء مؤسسات الدولة رفع معاناة الجوع والفقر والتشرد عن الشعب، وتفادي صدام عبثي مع قوة جبارة سيطرت على العالم واستفردت به بعد تحطم توازن القوة الذي كان يشكله تحالف المحور والذي يمكن الاستفادة منه في تحقيق مكاسب تبدو مستحيلة.

دعونا نصدق جدلا أن ما جرى يوم 28 مارس و11 يونيو من عام 1970م كان مسرحية كما يتردد اليوم على شاشات العديد من قوات الفتنة الليبية، وأن الأمريكان والانجليز بحكم انتهاء مدة عقد تأجير هذه القواعد المبرم مع حكومة المملكة الليبية، أرادوا أن يعطوا القذافي ورقة قوية تلمع شخصيته المغمورة وتثبت نظامه، وأداروا معه تلك المفاوضات وانسحبوا من تلك القواعد لأنهم لم يعودوا بحاجة لها بحكم تطور وتغير مناهج وأدوات الصراع الدولي في تلك الفترة. ولكن ومع اتفاقنا جدلا مع هذا الطرح، ألا يحق لنا نحن كليبيين أن نحتفل اليوم وفي كل عام بهذه الذكرى بغض النظر عن تاريخ حدوثها وهوية النظام الذي تحققت في ظله والظروف التي ساعدت على إنجازها؟!! أليس من حقنا أن نحتفل ونفخر بتطهير أرضنا من ظاهرة احتلال عسكري مقيتة كانت تشكل وصمة عار في جبين كل ليبي، وأن نرسخ بإحيائها في ذاكرة الأجيال الغيرة والحرص على حرية الوطن والوقوف في وجه كل من يحاول النيل من حريته و كرامته؟!! ألا يشكل إجلاء هذه القواعد إزالة لخطر كان حتى يوم خروجها يتهدد جيراننا وإخوتنا الذين آوونا في كل موجات نزوحنا القديمة والحديثة والمعاصرة، ويعزز روابطنا معهم؟
هناك من الأسباب القوية والبسيطة ما تعجز الذاكرة عن الإلمام بها هنا، تسوغ، بل تفرض على مؤسسات الحكم التي تتقاسم السلطة في ليبيا اليوم، وعلى منظمات المجتمع المدني فيها أن تحيي هذه الذكرى بكل فخر واعتزاز لأنها مناسبات وطنية لا تنال من قيمتها سياسات أي نظام سواء السابق أو اللاحق أو القادم، ويجب على هذه الأطراف أن تعطي لكل ذي حق حقه ، والابتعاد عن المزايدات الرخيصة ومحاولة تشويه الذاكرة الجمعية لليبيين بتزوير الحقائق وتبخيس المكاسب التي لا يمكن إخفاءها بغرابيل الادعاءات الرخيصة والممجوجة .



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (3 / 3 )
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (2 / 3 )
- هل أصبحت القواعد العسكرية في متحف التاريخ؟..
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (1 / 3 )
- التحكم في المناخ؛ أقذر أسلحة الحضارة المعاصرة
- العنصرية.. الطرف الغائب في المشهد..
- قراءة في كتاب نظرية الفوضى-الكايوس- .. ثورة ثالثة في مجال ال ...
- الراحلة ذكرى .. قمة في الانتماء و روعة في الأداء
- -الجينة الأنانية- سفر مبهر في علم مثير.. قراءة في كتاب
- مسالك متري التي قادت ليبيا الى وضع الدولة الفاشلة ..
- مدار الفوضى .. تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف(*)
- -الحروب الصغيرة- سلاح امريكي لتفكيك الدول ونشر الفوضى
- سيد هولاند.. عليك بالاعتذار الأجدى
- مشروع الفوضى الخلاقة كارتدادات لزلزال الحرب العالمية الثانية
- المنظومة المصرفية الليبية الواقع والمستقبل
- -المنبع- الذي لم تقدر قيادة -اسرائيل- قيمة معلوماته قبيل حرب ...
- -إفرايم هالفي- رجل في الضلال.. قراءة في كتاب..
- أي جاري الأوروبي انتبه.. انك تؤذي نفسك.!
- قرار لندن بغزو العراق.. خطيئة دولة لا فرد
- الإسلام الأصولي كنموذج في تعامل الغرب مع المسلمين.. عرض كتاب ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبعوب - الجلاء رؤية واقعية