أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح كنجي - عن الرحلة الى الوطن ..2















المزيد.....

عن الرحلة الى الوطن ..2


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عن الرحلة الى الوطن ..2

الى صديقي حكمت ..

بغداد..

مازلنا في بغداد .. بغداد الأمل بين الجد والهزل .. الفساد والارهاب يطوقان العاصمة التي فارقتها من اربعة عقود مضت.. كانت اجواء الانتقال للعمل السري والاختفاء في بغداد تعيد بذاكرتي للأشهر الاخيرة من عام 1978 .. ونحن نعد العدة لمواجهة اجهزة القمع البعثية المتكالبة وهي تبحث عن طرائدها لصيدنا في تلك النزهة الهمجية .. التي اعلنها النظام العفلقي لملاحقة الشيوعيين واصدقائهم في تلك الايام .. تحت شعار القضاء على الحزب الشيوعي والتخلص من الشيوعيين.. بالرغم من تواطئ قيادة الحزب الشيوعي العراقي مع نهجه الدكتاتوري .. ودخولها في مشروع تحالف تصفوي اثمر في النهاية عن حملة ملاحقة دموية واسعة النطاق حيثما كان او تواجد فيه شيوعيون او ديمقراطيون ..
لم اكن حينها الا حالة من الحالات التي ينبغي اصطيادها وسحقها للتخلص منها .. وكانت بغداد .. ليس غيرها المدينة التي احتضنتني لأشهر متنقلا بين بيوت متعددة فيها.. من بغداد الجديدة حيث يتمسكن في غرفة تعود للكنيسة خال لي مع عائلته واطفاله.. و الوزيرية إذ يتواجد فيها دار فارهة للشيوعي المخضرم عرب حسو .. قبل ان انتقل لمأوى هادي جمعة .. الذي يتقاسم السكن فيه مع عائلة عادل ناصر واشقائه.. ومن ثم الفقيد خيري حسين.. الذي كان يعمل في بار ليلي .. بالإضافة الى الشركة التي كان يعمل فيها اسود حسين الراعي ـ ابو ابراهيم حارساً.. ووفرت له سكنا صغيراً مع عائلته استفدنا منه كثيراً ..
بين تلك الأيام وهذه اللحظات.. ونحن ندخل لبغداد من جديد مع اشراقة الصباح ثمة تاريخ .. تاريخ ملتبس فيه الكثير من السجلات والمحطات الزمنية .. التي تقفز للذاكرة مع كل لحظة تمر ونحن نجوب شوارع العاصمة.. الى أين سيفضي بي التأمل والمقارنة؟ ..
سأتجاوز الوضع الراهن لبغداد ان تطلب الأمر.. ثمة مفارقات تأخذني الى تلك الاجواء المشحونة بالقمع والموت .. اجد نفسي استفيق من حلم .. حلم دام اربعة عقود من الزمن .. ها هي المرة الاولى اشعر فيها بالحرية في وطني.. انا حر اتجول في بغداد .. بغداد التي تستقبلنا بانسيابية حركة المرور فيها .. إذ لا وجود لنقاط التفتيش و السيطرات .. لا وجود لزحمة مرور ..الأهمُ من كل هذا .. انك تتجول في بلدك للمرة الاولى .. تقتحم اجواء العاصمة وانت حر.. لست مطلوباً ومتابعا من اجهزة القمع .. ستكون حراً في تجوالك .. حراً في تفكيرك.. حراً في تصرفك.. حراً في خيارك .. الحرية تمنحك طاقة لا حدود لها وفيض من المشاعر والعواطف ناهيك عن الأمل والثقة والقدرة على تجاوز ما نحن عليه الآن من معضلات واوضاع شاذة مبتذلة كما تجاوزنا المرحلة البعثية الصعبة ومرارتها ..
في الشارع العام.. بعد ان نزلنا من الفندق مباشرة ونحن نخطو اولى خطواتنا مع منتصف النهار.. استوقفني منادياً يقف بالقرب من كاميرا تلفزيونية تجاوزها كفاح وحكمت.. أخونا ؟!!
حين التفت اليه للتأكد من انه يناديني قال بوداعة كأنه يعرفني من سنين:
ـ اخونا يبين من ملامحك انت مثقف .. ممكن تشارك ويانا في البرنامج لدقائق وتتحدث عن التنازل عن خور عبدالله الذي تم "بيعه" للكويت ..
قلت له .. وهل ستبث ما تسجل من حديث؟ .. قال مؤكد .. بدأ يعد الكاميرا للتسجيل في طرف من الرصيف .. قلت متحدثاً .. المشكلة ليست في حدود خور عبدالله وبيعه للكويت .. لقد باع النظام البعثي الكثير من اجزاء الوطن .. ابتداء من الحدود مع الاردن .. التي منحت اراضي عراقية في الشريط الحدودي كهدية لها من الطاغية المقبور .. كما جرى بيع منطقة الحياد الايجابي بالمجان للسعودية.. وكذلك اجزاء من حدود الوطن في كردستان للأتراك لغزوها متى شاء الجيش التركي مع طائراته الحربية والمقاتلة لعمق اربعين كيلومتراً.. وهكذا الحال مع الحدود المائية حيث تنازل عن شط العرب لإيران.. والآن نواجه حكومة لصوص وحرامية تمنح الكويت حق التصرف بخور عبدالله.. اخشى ما اخشاه ان ننهض من نومنا ذات يوم على صفقة بيعهم للوطن.. كل الوطن.. الشعب من ضمنه.. للشركات والدول ..التي تتاجر معهم في صفقة تصفية العراق.. الى كيانات يديرها اللصوص والحرامية باسم المحاصصة .. لقد فقدنا خور عبدالله .. اخشى ما اخشاه ان يكون اللصوص .. لصوص الحكم والسلطة قد باعونا ونحن لا ندري!!
وحينما تفرست بالمخرج والمعد مودعاً لهم .. ادركت ان بغداد عصية على البيع .. بغداد ليست سلطة لصوص وحرامية فقط .. بغداد ليست وكراً للإرهاب والقتل والعنف .. بغداد هي نبض ثوري يستمد طاقة حرة من دجلة.. شريان الحياة المتواصل فيها .. و ساحة للحرية بفضاء شاسع لا حدود له.. بغداد هي الملجأ للمضطهدين وساحة عمل شاسعة تجمع العراقيين.. كل العراقيين وتمنحهم الفرصة للإبداع والنشاط كما هو الحال مع نشطاء الملتقى الايزيدي في بغداد .. وشارع المتنبي الذي يشكل القلب النابض للعاصمة .. الذي جمعني فيه حكمت كما وعد .. بالعشرات من الاصدقاء الأنصار من مختلف المحافظات ممن لم التقيهم من سنين.. كما جمعني بالعديد من الملحدين الذين اصبحوا جزء من معالم بغداد الرافضة للدين .. الذين يتقاطرون على المتنبي ومكتباته وزواياه بين القشلة ومقهى الشهبندر في حشود يصعب تعدادها.. تبحث عن الكتاب والعلم والقصيدة الناقدة وتجمعات ساخرة وفيض من الصعاليك بمن فيهم صعاليك الادب والثقافة والطرفة.. في كل جمعة بدلاً من الجوامع التي يؤمها المنافقون المتواجدون في بغداد مع المؤمنين .. وغيرهم من شرائح المجتمع البغدادي بتناقضاته واشكالياته التاريخية.. التي اختزلها الراحل قاسم محمد في المسرحية الشهيرة.. بغداد الأمل بين الجد و الهزل.. منتصف السبعينات..
في المتنبي .. هذا الشارع الثقافي الهام .. توقفت لأكثر من مرة لالتقط كتاباً أو لأحيّي من فارقتهم من اصدقاء .. هذا الشاعر هشام عبدالكريم صديقي وزميلي من الموصل .. وهناك الناقد فاضل ثامر صديق ابي .. وهنا بسطة للفنان مقداد عبد الرضا .. وبالقرب منا سروة .. الناشطة الكردية في البرلمان العراقي سروة عبد الواحد.. بنحافتها وحجمها الصغير ونبرات صوتها وهي تتحدث العربية بلكنة كردية محببة تنهض بين الحين والحين لتلبية مطلب من يرغب في اخذ صورة تذكارية معها .. وثمة اسماء واسماء يصعب تعدادها وذكرها .. تمنحك الطاقة للتفاعل والامل .. اسماء عصية على الانكسار والانصهار او الذوبان ..
اسماء تمنحك املا مشعاً يساعدك على الرؤية بوضوح .. يعيد اليك فرح الاكتشاف .. ومتعة القدرة على انتاج الحلول بدلاً من العويل والبكاء على ماضي لن يعود .. ما احوجنا للتوقف والمقارنة والاستنتاج .. ما احوجنا للتفكير بإنتاج حلول لمصائبنا وتجاوز محننا كي نضمن الوصول لبوابة تفضي لمستقبل افضل وحياة آمنة مستقرة ..
ــــــــــ
صباح كنجي
نهاية آذار 2017



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الرحلة الى الوطن
- ببلوغرافيا الدم الشيوعي 2
- رواية حب في ظلال طاووس ملك
- مسالك الإجرام في فقه الإسلام ..!
- عزف المرشاوي بالحروف في تقاسيم الوجع
- مسار الأدب والسياسة في ليلة الهدهد
- التواجد التاريخي للإيزيديين في سوريا
- تأملات.. في تشكيل الدولة الكردية المرتقبة
- مبادرة هامبورغ بين عمق المأساة وآفاق المستقبل
- تجريم التكفير ثانية.. حوار مع د. صادق البلادي
- تجريم التكفير .. تحدي لا بدّ من مواجهته!
- حكاية وليد في زمن الطاغية البليد!
- ببلوغرافيا الدم الشيوعي
- تصورات أولية لمستقبل سنجار وسهل نينوى ..
- تقديرات أولية لخسائر بحزاني وبعشيقة على يد الدواعش
- هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق؟..(7)
- العراق استمرار الزلازل و المهازل
- أينَ الله يَا نادية؟!
- بول البعير في مسارح التحرير ! مشاهد سريالية مِنْ تراجيديا سن ...
- سردار المختار يلتحق بالأنصار


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الصاروخ -فتاح- الذي أعلنت إيران إطلاقه على إسرا ...
- ما هو الرقم الذي قد يُحدد نتيجة الصراع الإيراني الإسرائيلي؟ ...
- أوكرانيا.. مقتل وإصابة 58 شخصاً في هجوم روسي على كييف
- لوس أنجلس تستعيد هدوءها وسط مواجهة قضائية بين كاليفورنيا وتر ...
- المستشار الألماني: إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنا في إي ...
- تصعيد عسكري متواصل بين إسرائيل وإيران وترامب يطالب طهران بـ- ...
- الولايات المتحدة ترفض بيانا قويا لمجموعة السبع حول أوكرانيا ...
- ترامب يمنح -تيك توك- مهلة جديدة 90 يوما لتجنب الحظر في الولا ...
- قصف متبادل بين إيران وإسرائيل وتحذير لسكان منطقتين بطهران وت ...
- ترامب: الولايات المتحدة يجب أن تتحمل مسؤوليتها من أجل تخليص ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح كنجي - عن الرحلة الى الوطن ..2