أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجي مهدي - عن الدولة والوطنية














المزيد.....

عن الدولة والوطنية


راجي مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5472 - 2017 / 3 / 26 - 04:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«الوطن هو ألا يحدث هذا كله»، الشهيد غسان كنفاني.
رأس الدولة يحدثنا كثيرًا، بلا خجل في كثير من الأحيان، الفقرة الثابتة في خطابه هي: أريد مزيدًا من الأموال لأجل مزيد من التنمية، أو «لإدخال البهجة على قلوب البسطاء» على حد تعبير صانع البهجة وإله الفرحة في وادي النيل، وتتهاطل قوائم المشروعات في أحاديث فخامته من كل حدب وصوب، بما يوحي أن مصر تتحول إلى تنين اقتصادي، ويا للعجب، تنين يموت مواطنيه غرقـًا في محاولة بائسة لإيجاد مصدر للعيش، المواطنون الجاحدون، الرافضون للمشاركة في مسيرة التنمية المظفرة، يهرولون نحو الهجرة، ويتساءل نيافته: «سايبها وماشي ليه؟ تزعلنا وتزعل أسرتك وتزعل مصر كلها عليك ليه؟ طب ما احنا مش سايبينك خالص، بلدك مصر مش سايباك»، يقتات رأس الحكم على الزيف، يحيا به، يتمرغ في وحل الزيف بلا خجل، الهجرة هي خيار تُدفع إليه الغالبية العظمى من المهاجرين دفعًا، يرحلون عن أسرهم وأصدقائهم وأحبائهم قهرًا، ولا نظن أن السيد الرئيس أو أيًا من بطانته، أو فردًا من تحالفه الطبقي قد عرف معنى القهر، هم سادة القهر في هذا الوطن.

وعلى ذكر الوطن، لم يعد الوطن سوى فكرة، فكرة لا وجود لها سوى في خيال الحالمين، أما في الواقع فإن مصر تتحول باضطراد إلى غابة موحشة، يتذوق سكانها الأضعف الذل والمرارة والقهر والجوع يوميًا، غابة يديرها كبار ضواري رأس المال العالمي عن طريق الوكيل المحلي، التابع المنبطح العميل بطبيعته، الوطن، تلك الكلمة التي ابتذلها الرسميون منذ عشرات السنين، الكلمة التي تُذكر دومًا وبحماس في لحظات التفريط الوطني خصوصًا، تقترن دومًا بفيض من الكلمات العاطفية المزيفة، إن الحكم ينحدر إلى شكل مغرق في الابتذال والسخافة.

ما الوطن إن لم يكن الكرامة والشعور بالسيادة في هذه الأرض؟ من يشعرون بالسيادة في مصر سوى التحالف الطبقي الحاكم: الكمبرادور الضارب بجذوره عميقـًا في كافة مؤسسات الدولة المتنفذة، التجار والسماسرة والشرائح الصناعية الصغيرة داخل الطبقة، وكبار قدامى موظفي الدولة، باختصار، السيادة في هذا الوطن للبرجوازية الكبيرة والمتوسطة والشرائح العليا من البرجوازية الصغيرة، بأي زي، مدنيًا كان أم عسكريًا، سيادة على القابعين في أسفل السُلم الاجتماعي، الطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة في الريف والمدينة، وهؤلاء هم الأغلبية العظمى من مواطني مصر.

ما الوطن إن لم يكن حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية؟ إن أجيال ما بعد هزيمة يونيو نشأت في حالة اغتراب تام عن الوطن، نتيجة ما حدث من انقلاب طبقي أدى إلى تفكيك كل البُني الوطنية في مصر، سواء المؤسسات الصناعية التي جسدت حالة مقاومة وعداء لكل منتج أجنبي، ومحاولة مستميتة للفكاك من التبعية، أو المؤسسات الثقافية والتشكيلات السياسية الوطنية، المصريون لا يعرفون ما الوطن موضوعيًا، حتى وإن ظل باقيًا كشعور مبهم في ذواتنا، شعور ينتظر الانطلاق في الواقع، لكن الغالب أنك إن تحدثت عن الوطن في جمع من هؤلاء الذين تربوا في زمن الحلم الأمريكي، أجيال التسعينيات وما بعدها، فالأغلب أنك ستصبح مثارًا للسخرية والدهشة، الوطن وطن السادة وليس وطن العبيد، العبد لا وطن له.

توارى الوطن في ظلال الصراع الطائفي الذي انفجر في مصر حين ثُقبت الدولة المصرية بالمعول الساداتي، ظهر التمترس الطائفي بديلًا للتمترس الوطني، وبدلاً من العدو الطبقي ظهر العدو الديني، وُضِعت الدولة المصرية تحت تهديد دائم، وخطر متزايد بسقوطها في ثقب الحرب الأهلية الأسود، التهديد الذي تتعامل مع النخبة الحاكمة بما يليق بسلطة نهب، الجيش جاهز للانتشار في كل أنحاء مصر في غضون 6 ساعات، هكذا إذن، تمامًا كالسيناريو السوري. هناك أيضًا جنحت سلطة بشار الأسد يمينـًا حتى وجدت سوريا نفسها في منزلق لم يستطع الجيش السوري الحيلولة دون الانزلاق فيه، ورغم كل ما يقال عن فارق الإمكانيات، وتركيبة الجيشين، فإن الأكيد أن أعتى القوى المسلحة في الأرض غير قادرة على كبح جماح التناقضات الاجتماعية في حالة نضوجها.

وتسقط قواعد المنطق والاقتصاد السياسي مشلولة حين يتحدث صوت الدولة ورأسها عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، عن ارتفاع الأسعار والفاتورة التي لا يدفعها سوى فقراء مصر، هو يمول العجز بالتضخم ويُسكن التناقض الاجتماعي بمزيد من البنكنوت المطبوع، ثم يُحمل من هم تحت فواتير عبثه وانحيازه الطبقي، المشروعات التي يعلن عنها، لمن تؤول أرباحها؟ من هم مُلاكها؟ يبدو أن موضوع الملكية الاجتماعية ليس مطروحًا على جدول أعمال الحكم، ليس مطروحًا لأنه يمثل هؤلاء المُلاك بالذات، لأن الدولة هي دولة النهابين، وأداة قهر وجباية، الدولة ليست خارج الصراع الطبقي بل هي أداة مباشرة في الصراع بين الأسياد والعبيد، الدولة ليست كيانـًا محايدًا ولن تكون، وهي في حالتنا الراهنة لا تكتسب وضعًا خاصًا، لكنها تتعرض لضغوط خاصة جدًا نتيجة الأزمة التي تعصف بالإمبريالية العالمية، الدولة التي تقبع بين مطرقة المخطط الإمبريالي وسندان التناقض الاجتماعي يبدو بقاءها ضروريًا جدًا بل مسألة حياة أو موت للشعب المصري، هذا البقاء الذي لا يدعمه استمرارها كدولة الكمبرادور، إن بقاء الدولة لا ينفصل عن استردادها من قبل الطبقات الشعبية، لا سبيل لبقاء تلك الدولة في ظل هذا الوضع الاجتماعي، وإن كان إسقاط الفاشية الدينية في يونيو 2013 قد منح مصر فسحة من الوقت للفكاك من بحر الدم، نظرًا للتأثير الطائفي المباشر لجماعة دينية كالإخوان المسلمين، أود التشديد على أن بقاء الدولة المصرية لا يعني بقاء التحالف الطبقي الراهن، بل إن بقاءها يبدو في تناقض مع هذا التحالف.



#راجي_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الصيدلة وشرف المهنة
- عن الرأسمالية والفاشية الدينية
- في فقه انتفاضة يناير
- عن كاسترو والسعار الأمريكي وتخاريف الإشتراكيين الثوريين
- أكتوبر المسكوت عنه والوجه الآخر للعبور
- عن الازمة الوطنية وهوية السلطة في مصر
- سليمان خاطر
- حول التبعية والتحرر
- الكلام الزين في البرادعي وحمدين - مربعات بالعامية المصرية
- الهزيمة التاريخية
- حول القطاع الصحي في مصر
- لاظوغلي
- اذكريني
- يا وطن
- عن التفريعة و التبعية و أشياء أخري (1)
- ثوريون أم خونة ؟ .. الإشتراكيين الثوريين مرة أخري
- البرلمان اليوناني يصوت لصالح - الإجراءات الأولية- المفروضة م ...
- رباعيات وقحة جدا
- الإقتصاد السياسي للتحرش
- حي علي البندقية


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجي مهدي - عن الدولة والوطنية