أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - تحية احترام للبابا تواضروس














المزيد.....

تحية احترام للبابا تواضروس


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5461 - 2017 / 3 / 15 - 22:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




“اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر"، كان هذا عنوان مقال كتبتُه هنا بجريدة "المصري اليوم" بتاريخ 11 يناير 2016، بعد زيارة الرئيس للكاتدرائية وتقديم تهنئة الشعب المصري لأقباطنا بعيد الميلاد المجيد. وكانت التهنئةُ ممزوجةً باعتذار سياديّ للمسيحيين على ما لاقوا من صنوف الويل على يد الإرهاب الأسود منذ الإطاحة بنظام الإخوان الدموي في يوليو 2013. وكان والاعتذارُ والتهنئةُ مضفورين بوعد رئاسيّ بأن عام 2016 لن يمرّ إلا وقد رُمّمت الكنائسُ المُهدّمة والمحترقة على يد فصيل الشر. يومَها كتبتُ قصيدة "محرابٌ ومذبح" وأهديتها للرئيس السيسي. وانتظرنا إنفاذ الوعد الرئاسي. وتمّ الوعدُ إلى حدٍّ محترم، لكن "صنبور" الإرهاب لم يتوقف، ولا توقف "صنبور" القرارات الطائفية المنحطّة التي يُصدرها بعض المسؤولين. كان آخرها غلق كنيسة في المنيا بقرار من "الباشا" مدير أمن المنيا! أفلا نشعر بالخجل والغثيان حين نهاجم الإرهابَ المسلّح على يد الدواعش والتكفيريين، بينما ذوو الياقات العالية جالسون في مكاتبهم تمسك أياديهم أقلامًا وأختامًا حكومية، وتحمل قلوبهم طائفيةً لا تقلّ، إن لم تزد، عن طائفية الإرهابيين ذوي القنابل والأحزمة الناسفة؟!
قلتُ في مقالي ذاك إنني منذ عهد مبارك، وبعد ثورتي يناير ويونيو، وحتى الأمس القريب، وأنا أنتظرُ ذلك اليوم المتحضّر الذي تُقدّم فيه مصرُ اعتذارًا سياديًّا رسميًّا لأقباط مصر المسيحيين لقاء ما نالهم على يد الإرهاب منذ حادثة الكُشح والزاوية الحمراء وحتى حادثة كنيسة البطرسية مرورًا بعشرات من حوادث الغيلة والتفجير والقتل والاختطاف والتهجير التي ذاق المسيحيون نارَها ومُرَّها سنواتٍ وعقودًا، وظلّوا طوال الوقت يقابلون الإساءةَ بالغفران، والإقصاءَ بالمحبة، واللعناتِ بمباركة اللاعن والصلاة لأجله. تردد ذلك الحُلمُ كثيرًا في مقالاتي ومحاضراتي ولقاءاتي الصحفية والتليفزيونية منذ سبعة عشر عامًا. لكن يبدو أن الرئيس يقبعُ في بؤرة التنوير التي لا يراها كثيرٌ من المسؤولين في بلادنا، إذ يصرّون على إشاعة الظلام في جنبات مصر. يبدو أننا مازلنا بحاجة إلى عقود طوال من السعي التنويري الدءوب وثورات تعليمية وتثقيفية شاملة تُطيح بالخبث الراكد وتُفسحُ المجال لزهور التحضر حتى تُشرق على أرض مصر، وليس قبل رحيل راهنة الأجيال، أجيالنا، التي تربّت على العنصرية والطائفية والأنانية والأحادية، لتحلَّ محلّها أجيالٌ جديدة نظيفةُ العقول تؤمن بحكمة الله في الاختلاف والتنوع بين بني الإنسان، كما تؤمن بحق الأقباط الأصيل في أرض مصر بحكم التاريخ وبحكم قيم المدنية والمواطنة وبحكم دساتير مصر منذ 1923 وحتى 2014.
وفي مقابل دواعش المسؤولين الذين يُخرّبون كل جهود التنوير، يثبت باباوات الكنيسة المصرية، جيلاً بعد جيل، وعهدًا بعد عهد، جزيلَ وطنيتهم وحبهم المدهش لمصر وأصالة معدنهم النقيّ الذي لا يتبدّل مهما تبدّلت الظروف في بلادنا. هكذا المعادن الشريفة والأحجار الكريمة، كلما صُهرت في النار ازداد نقاؤها وعلت درجاتُ بريقها.
في لقائه الأخير مع مركيل، المستشارة الألمانية، لم يُشر قداسة البابا تواضروس مطلقًا إلى حرق الكنائس وقتل المصلين وغيرها مما يعيش الأقباط من محن داخل وطنهم، ورفض بحسم إلماحَها لاضطهاد الأقباط في مصر، بل أخبرها أن الأقباط تحسنت أوضاعهم بعد 30 يونيو! وربما يوجعنا ذلك الكلامُ ونحن نرى دماءَ الأقباط من حولنا لم يتوقف نزيفُها حتى اليوم. لكن من أوجعته العبارةُ، مثلي، عليه أن يتأمل فكرتين أساسيتين:
1- أن البابا يعي أن هذه اللحظة، ومنذ 30 يونيو 2013، هي لحظة إرهاب ممتدة لم تفاجئنا كمصريين؛ بل كنا نترقّب حدوثها ونحن نُطيح بمرسي العياط. لأن الإخوان الإرهابيين وأنصارهم قد لوّحوا بالإرهاب حال الإطاحة بالعياط. لكن إسقاط جاسوس إرهابي إخواني عن عرش مصر، هو في ذاته نزعُ شوكة مسمومة من جسد مصر ومن جسد المصريين جميعًا بمن فيهم الأقباط. وهذا ما قصده البابا، رغم الفاتورة الباهظة التي دفعتها مصر، والتي دفع ويدفع الأقباطُ القسطَ الأكبر منها ثمنًا لإسقاط الإخوان.
2- أن قداسة البابا، سلك سلوك المواطن المصري الوطني الشريف الذي لا يُعرِّض ببلاده أمام الأغراب، مهما تعقدّت الظروفُ وسال الدمُ البريء. لأن شرفَ مصر هو شرفُ المصريين جميعًا مسيحيين ومسلمين. ونحن لا ننشر غسيلنا على حبال الجار، مهما تعذبنا في بلادنا. قداسة البابا تواضروس، رفض كما رفض من قبله قداسةُ البابا شنودة رحمه الله، أن تُحلَّ مشاكلُ الأقباط من "خارج" مصر. لأن مصر أولى بحلّ مشاكل أبنائها. لهذا، أقدّم بوافر التقدير تحيةَ احترام وإعلاء وشكر لقداسة البابا الشريف، ولكل مسيحي مصري شريف يعرف قيمة مصر التي تعلو على ما عداها من قيم. لكنّ هناك ملحوظة أوجهها لنفسي ولكل مصري مسلم ولكل مسؤول في مصر:
ليتنا نكون على قدر ذلك الدرس الوطني الرفيع الذي لا يتوقف مسيحيو مصر يومًا عن كتابته على سبورة مصر. ليتنا نعي أن ما تحمّلوه من عذابات من أجل مصر منذ خمسين عامًا، ومن أجل إنجاح ثورة 30 يونيو، يفوق القدرة على التصور. لهذا فكل مواطن مصري، مَدين لأقباط مصر بالشيء الكثير، مثلما مصر مَدينة لهم بالشيء الكثير. علينا أن نتحضّر ونسمو ونعيد ترتيب أوراق سلوكنا لنكون على مستوى وطنيتهم وحبهم لمصر وللمصريين ولثورات مصر منذ 1919 وحتى اليوم. علينا أن نتذكر أمهات الشهيدات والشهداء حين قلن: “أنا مسامحة في دم ولادي، ولادي فدا مصر”، حتى نكون عند مستوى إحسانهم. لأن الآية الكريمة تقول: "هل جزاءُ الإحسان إلا الإحسان؟!"



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزي ربنا …. ممكن أعرف عنوانك؟
- أطرقُ باب بيتٍ لا يعرفُ الحَزَن
- المعاصي سرُّ الغلاء .... يقول الإمام
- إنهم يصنعون المستقبل في الإمارات
- المرأةُ العفريت … المرأةُ الصقر
- المعاصي سرُّ الغلاء
- لستُ متسامحة دينيًّا
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (5)
- الأقباط ليسوا بحاجة إلى بيوتنا بل إلى بلادهم
- فيس بوك من دون زجاج
- امنعوا بناتكم من التعلّم!
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (6/6)
- إنهم يصنعون المستقبل
- تكفير داعش مسألة أمن قومي
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (4)
- طارق شوقي … نراهن عليك في رحلة -النكوص-
- ابسطوا قلوبكم مرمى للسهام
- احنا فقرا قوي!
- كاميرا خفية لضبط المعلّم الطائفي
- رسالة إلى شيخ الأزهر من مصري مسيحي (3)


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - تحية احترام للبابا تواضروس