أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند احمد الشرعة - اللادينية عند عرب الجاهلية :















المزيد.....

اللادينية عند عرب الجاهلية :


مهند احمد الشرعة

الحوار المتمدن-العدد: 5455 - 2017 / 3 / 9 - 02:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتشكل الصورة النمطية لدى المؤمن العادي الواقع تحت تأثير خطابات شيوخه، وكذلك اللاديني الجاهل، بأن العرب في حياتهم فيما قبل الإسلام كانوا عبارة عن جهلة، وأصحاب غزو، وعابدو أصنام، وقاتلون لبناتهم، وما إلى ذلك من أمور. وللحقيقة فإني لا ألومهم على ما يعرفوه، فهذا الخطاب هو ما تحاول تكريسه سلطة النص، أي التاريخ الذي كتبه المسلمون عن العرب فيما قبل الإسلام، وأرى وهو رأي شخصي أن هنالك جانب من الصواب إذا ما أخذنا طبيعة المناخ، والنمط المعيشي الذي ينتجه، ولكن أرى أن التأثيرات المتنوعة القادمة من الخارج، وباحتكاك العرب بمن جاورهم، بأن هناك جانب مخفي لم يطلع عليه، ولكن يحمله الخطاب التاريخي في أحضانه، فبما أنه خطاب سلطة فمن الطبيعي أن يحمل نقاط مقاومة، بل ويحمل بين طياته ما هو مخفي وجزء من حقيقة يبتغى إخفاؤها، وهذا ما يبينه لنا المنهج العلمي الحديث.
ولكن لماذا يبتغى إخفاؤها؟ ويمكن أن نختصر الإجابة بشكل سريع وهي: لإخفاء الردود على الخطاب الإسلامي وخاصة القرآن، ولأنه لم تصلنا كتابات وكذلك لقلة التدوين بين العرب خاصة في فترة حروبهمفي أول الاسلام، وكذلك تدهور علم الآثار في الجزيرة العربية، أضف إلى ذلك الرؤية التحقيرية لعصر الجاهلية. من هنا كان هناك إخفاء عن طبيعة الحياة الفكرية بشتى أنواعها وتضليل لما هي عليه، وأيضا ضياع الكثير منها، ومن هذه الأنماط والاتجاهات الفكرية كانت الدهرية.
و كلمة الدهرية: مأخوذة من الدهر، وهو الأمد الممدود، والزمان الطويل ومدة الحياة الدنيا، والدهر هو الزمان، ويقال رجل دهري: أي ملحد لا يؤمن بالآخرة، يقول ببقاء الدهر.{ راجع لسان العرب مادة دهر}.
وقد وجدت الدهرية بين العرب في العصر الجاهلي، إذ يقول القرآن في سورة الجاثية، آية 24: ((وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر)) ويعلق ابن كثير على الآية في تفسيره، قائلا: (( يخبر تعالى عن الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد)) أما الطبري فيقول : (( وقوله: وما يهلكنا إلا الدهر، يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء المشركين أنهم قالوا: وما يهلكنا فيفنينا إلا مر الليالي والأيام وطول العمر، إنكارا منهم أن يكون لهم رب يفنيهم ويهلكهم)) ، وعن نزول هذه الآية، فيذكر الطبري أنها نزلت بمن قالوا بأن الدهر والزمان هو من يفنيهم،ثم يسبون ما يفنيهم ويهلكهم، فقال الله: أنا الذي أفنيكم وأهلككم، لا الدهر ولا الزمان، ولا علم لكم بذلك{ راجع تفسير الطبري، ص 178، ج25، دار إحياء التراث العربي}.
وذلك يعني أن هناك نقاشات وحوارات، حول الخالق والدهر والموت وما بعده بين محمد والعرب، إلا أن ما يعاب هنا هو النظرة الشمولية بوصف هؤلاء بالمشركين، ذلك لأنه يوجد فرق ربما لم يدركه المفسرون بين الشرك والدهرية. إذ يورد الشهرستاني في كتابه الملل والنحل عند حديثه عن آراء العرب في الجاهلية فصلا يتحدث به عن معطلة العرب، فهو يقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: من أنكروا الخالق والبعث والإعادة، وقالوا بالطبع المحيي ( أي أن الطبيعة هي من تخلقهم وتخلق الأشياء)، والدهر المفني، وهم من أخبر عنهم القرآن : (( وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا)) إشارة منهم إلى الطبائع المحسوسة في العالم السفلي، وقصرا للحياة والموت على تركبها وتحللها. وهذا يعني أنهم كانوا ينظرون إلى الحياة بتركب بعض الطبائع والأمزجة الدنيوية والتي تتركب بقوة الطبيعة، وفنائهم بتحلل هذه الأمزجة وتحللها سببه الدهر أي الزمن. أي أننا أمام نظرة فلسفية وعلمية بمقاييس ذلك العصر، ويورد الشهرستاني بضع آيات يقول بأنها رد القرآن عليهم، وهذا تصديق لما نعتقده بأن هنالك نقاشات بين محمد وأهل الجاهلية، اختفت فيها وانتقصت وحورت ردود الطرق الأول، من قبل أتباع الثاني. ونرى بأن هذا الصنف من الدهرية هم اليوم مشابهون للملحدين، وطبعا باختلاف آراء الطرفين حسب معارف كل زمان، أي أن الإلحاد هو ظاهرة طبيعية في الإجتماع البشري، وليس غريبا كما يصوره البعض الجاهل.
الثاني: منكرو البعث والإرادة، وهؤلاء أقروا بوجود إله خالق ابتدأ الخلق، لكنهم أنكروا البعث والإعادة، وهؤلاء ليسوا بعبدة الأصنام. وقد ذكرهم المسعودي في مروجه وذكر معهم القسم الثالث الذي سنذكره لاحقا { راجع مروج الذهب، ص137،ج2، دار الكتب العلمية} وهنا نحن أمام مذهب مشابه لما يقوله الربوبيون، وأعتبر هذين المذهبين، هما أساس دهرية العرب.
الثالث: منكرو الرسل وعبدة الأصنام، وقد أقروا بالخالق ونوع من الإعادة وأنكروا الرسل وعبدوا الأصنام، وزعموا أنهم شفعاؤهم في دار الآخرة، ولا أرى هؤلاء من الدهرية، إلا من أنكر منهم البعث والإعادة، وقال بأن فنائه جراء الدهر.{ راجع الملل والنحل، ص235 و 236، ج 2، دار الجيل}.
ولنورد جملة من آراء الدهرية، وإن لم تذكر على أنها آراء دهرية العرب إلا أن هنالك تشابها بين آراءهم وآراء من لحقهم في ظل الحكم الإسلامي، ونرى أن المعارف لم تكن مختلفة خلال تلك الفترة بذلك الاختلاف الكبير، لأنه من الطبيعي أن يكون بين العرب أهل معرفة احتكوا بمعارف من جاورهم وأخذوا منهم، كالنضر بن الحارث وغيره، ممن لم تتحدث عنهم كتب التاريخ حديثا مفصلا، حطا من قيمة تراث الجاهلية الذي ضم بين طياته عدا عن دهرية العرب مللا مختلفة، كالنصرانية الشرقية واليهودية والزرادشتية وغيرها من الملل، ممن لم تصلنا آراؤهم كاملة بمللهم، ومن الطبيعي أن هذه المعارف بقيت مستمرة بخطوطها العريضة في تلك الفترة أي فترة القرون الوسطى ومنظومتها المعرفية. ومن آراءهم:
1- منهم من قال بلا إله ولا صانع، ومنهم من قال بوجود إله.
2- إنكار النبوة والبعث والإعادة.
3- تقديم الحس على العقل، أي أن الحواس هي مصدر الحقائق لا العقل، وهذا يذكرنا بالنقاش الفلسفي العريض على مر التاريخ حول الحس والعقل، والذي أخذ شكلا آخر بعصر الأنوار في الصراع بين التجريبيين والعقلانيين.
4- القول بقدم العالم أي لا موجد له، وأن العالم أزلي أي أنه بلا بداية، وأن العالم لا متناهي أي لا حد له.
5- وقال بعضهم بما أن العالم لا متناهي ، والنفس لا متناهية، فإن النفس متنقلة أبدا أي أنهم قالوا بالتناسخ، ولكن التناسخ عندهم بأجسام النوع، فمثلا: لو مات إنسان، فإن نفسه التي غادرت جسده ستعود بجسم إنسان لا جسم حيوان. وإذا مات طير حمام، فإن نفسه ستعود في جسم طير حمام.
أرجو أن اكون قد نقلت لكم صورة مبسطة عما يدور في خلدي، وأرجو أن أكون قد تمكنت من إيصال معلومات جديدة لكم، وأن أكون ولو قليلا غيرت النظرة الإعتيادية والنمطية التي ننظر من خلالها للتاريخ وللمجتمع ولظواهره، خاصة عند الطرف المؤمن الذي ينظر للادينيين كأشخاص غرباء ،و كلك أتمنى أن أكون قد وضحت أهمية تاريخ الفكر وكيف يمكن أن نفهمه.
المصادر والمراجع :
1- الطبري، أبو جعفر،محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001.
2- ابن كثير، أبو الفداء، اسماعيل بن كثير القرشي، تفسير القرآن العظيم، دار السلام ودار الفيحاء، الرياض ودمشق، ط2، 1998.
3- المسعودي، أبو الحسن، علي بن الحسين،مروج الذهب ومعادن الجوهر، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1.
4- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت.
5- الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، دار الجيل، بيروت، 1986.
6- ابن حزم الظاهري، علي بن أحمد، الفصل في الملل والأهواء والنحل، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1 ، 1996.
7-ابن الجوزي، عبدالرحمن بن الجوزي، تلبيس ابليس، دار البيان الحديثة، القاهرة،ط1، 2001.



#مهند_احمد_الشرعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أخرى في قصة موسى (من الولادة إلى العودة)
- قراءة أخرى في قصة موسى (من الجريمة إلى الرسالة)
- قراءة في سورة يوسف
- الجنس في المخيال العربي (قراءة في نصوص أدبية وقرآنية)
- نظرة حول التخلف
- عبثية العالم بأبعاده وعبثية الواقع الانساني
- اللادينية في الاسلام
- تأملات وجودية
- هروب
- اعجاز علمي.....!
- قراءة في سيكولوجيا الجماهير الشرق أوسطية
- انتحار
- نقد فكرة العدالة في الإسلام(الجزء الأول):
- الوجودي التائه
- هل نحن جاهزون؟
- نافذة الى الوجود
- نظرة حول موضوع الاخلاق
- ما وراء رفض دول الشرق الأوسط للملحدين والمتنورين
- المعتزلة فرقة عقلانية
- قراءات حول العقل الشرق أوسطي


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهند احمد الشرعة - اللادينية عند عرب الجاهلية :