أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - لما لا .. !؟* الفصل الأول














المزيد.....

لما لا .. !؟* الفصل الأول


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 5445 - 2017 / 2 / 27 - 09:32
المحور: الادب والفن
    


لما لا .. !؟*

الفصل الأول

خرجت من السكن وكأنها هاربة من جحيم لايطاق , ولاتدري إلي أين تقذفها أقدامها المهرولة بإنفعال وتسرع وكأن هناك حريق في السكن يقترب من ثيابها ليلتهم جسدها رويداً رويداً , فلملمت ملابسها الفضفاضة وكأن ألسنة اللهب المتوهجة تقترب منها لتلتهم جسدها الهارب بتشفي لامثيل له , أو هكذا خيل لها , أو تراءت صور متسلسة وكأنها تتمني هذا الحريق ليأتي علي السكن فيحيله إلي ماضي وأطلال ليس لها تاريخ من السعادة أو الفرح والحبور , لأنها بسكناها هذه التي قادتها إليه جملة من العادات والأعراف والتقاليد بعد أن تأبت علي عقلها الوثاب للتحرر من أي اسر , وخاصة اسر التقاليد البالية الملعونة , تقاليد تزرع اللوعة والأسي لدرجة الإنتحار بحبال الماضي الطفولي والبراءة والأحلام الجميلة التي مالبثت أن تحولت إلي كوابيس ملعونة تؤرق النفس , وتجهد الروح , وتشقي الجسد لتحيله إلي مجرد جثة لاينقصها إلا تلك الروح المؤرقة الهامدة المجهدة ..

خرجت بلا أمل للعودة , وكأن العودة هي الإحتراق بنيران لم تشعلها ولم تساعد في إشعالها , ولم يكن لها ثمة إرادة في صناعتها والإعداد لتراتبيها المتوالية بغباء وحقد دفين مبني علي المقارنة بين نفس ونفس وعقل وعقل وروح وروح , مبني علي بواعث حقودة لئيمة بماضيها العفن في النكران لكل جميل تم إسداؤه , أو مساندة وقت ضيق وشدة , ولكن هذه المقارنة اللئيمة الحقودة صنعت منها علي مرارات الأيام وبؤسها إنسانة أخري , فبعد أن كانت حالمة بحياة مشرقة جميلة جذابة ساحرة , تحولت تلك الأحلام إلي مجرد أماني مرصوصة علي أرفرف غبية حقودة لاتريد لها أن تتحول إلي حقيقة ..

ماذنبها وهي الإنسانة الوديعة الجميلة بحياء خلاق ليس له مثيل بين أقرانها من ذوات الفجاجة والتجمل المصطنع والخبث في الكلام واللؤم في الفعل , هي لم تكن كذلك , ولن تكون , إلا أن مرارات الأيام قد تحولها إلي مرافيء التلون من باب راحة النفس وأن هذا لن يضر في حين أنه لن ينفعها بقدر مايؤثر علي هدوءها الداخلي ..
إنطلقت خارج السكن غير عابئة بما قد يكون , أو بما ينتج عن هذا الخروج الذي يشبه الهروب بالنفس والروح الساكنة في جسد شارف علي الإنهدام , ومر شريط زكريات سنوات طويلة في ثواني معدودات , لتتغير ملامحها وتتبسم بمقت , وتضحك في سرها بسخرية , ولاتكاد تكون علي هذه الحالة حتي تنهمر العبرات ملتهبة وكأنها تريد أن تكوي خديها وشفتاها اللتان طالما ظمئت لما تحب وتهوي , وخديها يتحسران علي ماض كانت شفتا الأب تجعل منهما قبلة في الصباح والمساء , بعد حرمان من الحب صار فارضاً نفسه منذ لحظة عقد الزواج والجلوس بجواره في حفلة أرادوا لها مسمي ليلة العمر , ولكنها كانت لحظة بدايات النقصان من العمر والحرمان من الحب والوجد والشوق حتي وكأنها حينما تتسمع أغاني الحب تتحسر وهي مازالت في ريعان شبابها وبضاضة جسدها ومشاعرها المتوهجة وأحاسيسها التي كانت تريدها متفجرة كبركان ثائر بالحب وطاغي في حنانه وأشواقه الدفينة .
ليس هناك عذر للموت والفقد والفراق , فكما أراد أن ينتقل بها وبشقيقاتها والأم إلي سكن آخر إرتأي أن يكون بمثابة نقلة حضارية من جوف الريف إلي قلب المدينة الجافي المراءي ..
ومازالت تتذكر تلك المرارات المتلاحقة المتسارعة في حلقها بإستمرار والغصة التي مازالت منغرسة في قلبها وتنزف دماً ممزوجاً برائحة الحنين لأيام أن كانت طفلة , فكلما تذكرت بدايات التغير الطارئة علي جسدها والمرافقة لمرحلة البلوغ والمراهقة , وكلما استطال عودها واستدار نهداها وبدت كعروس مدللة تتهادي في مشيتها وهي فرحة سعيدة بما وصلت إليه من إشتهاء لمرحلة البلوغ لكي تكون مثل النساء ويجري عليها مايجري عليهن , ويوم أن ارتعبت وبكت حينما رأت الدماء تسيل بين فخذيها لأول مرة , فبكت وشهقت شقهقات كشهقة الموت أو أسوأ , وهي لاتدري أنها مرحلة الطمث الشهرية , ولكن الفجأة اللامعهودة بنزول مثل هذا الدم , والرعب الذي حاصرها جعلها تتذكر زكري مريرة أليمة مرعبة هي الأخري : يوم ختانها الذي اختاروا له يوم عيد الأضحي , وكأنه موعد للتضحية بالبراءة والفطرة السوية السليمة ليكون الرعب ملاذاً لها , والخوف نقاباً تتستر به في المستقبل وكأنها لاتريد لأحد أن يراها أو يتعرف عليها ويشير إليها بأنها إبنة الختان وإبنة الطمث والعادة الشهرية , فوجود الداية أو القابلة أو السيدة التي تقوم بإرتكاب جريمة الختان لها , وكأن كم الرعب مازال يلاحق أعصابها المتوترة المرعوبة من تلك اللحظة المشئومة بتعريتها وفسخ قدميها لتتمكن قابلة الشؤم من جز مالايجوز جزه وقطع مالايتوجب قطعه , بدعوي كارهة للإنسانية والطفولة والبراءة , دعوي الطهارة , وكأن هذه الزيادة بمثابة النجاسة أو الفحش والبذاءة , فماذا تصنع تلك الزيادة التي تم جزها بلاشفقة أو رحمة ومن غير إرادة لتلك الصغيرة التي مازالت تتذكر مشهد الرعب هذا وجعلها مصابة برهاب لاتدري إسمه أو نوعه أو طريقة علاجه , هو المجتمع المريض الذي من ضمن أفراده ذاك الأب وتلك الأم ومعهم الجد والجدة والعم والخال والعمة والخالة , فكلهن مختتنات , وكلهن مررن بهذا الرعب والرهاب إلا أنهن وكأنهن تردن الإقتصاص والقصاص من بناتهن حتي لاتكن شاذات عاهرات فاجرات , ولكن ماعلاقة الفجور والعهر والشذوذ بقطع الشفرين وجزهن من الجذور , وهل من رابطة علمية بين الجز والطهارة والشرف , أو عدم الجز والعهر والفجور والشذوذ , أعتقد أن العهر والفجر والشذوذ هو ماتم بحق تلك الطفلة
• الفصل الأول من رواية " لما لا .. !؟ " .. رواية تصادق الواقع المأزوم بكافة مراراته , والإنتكاسات التي تحدث للمرأة منذ الولادة وحتي مابعد الوفاة , في سياق مشئوم بوقائع فعلية ..



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأكتبك آية
- هي والبحر ..
- ألبوم صور
- إلي .. كمال طارق خلوي .. .. .. !؟
- كٌن أنت ..
- جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصر ...
- جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصر ...
- جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصر ...
- جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصر ...
- ربع إمرأة ..
- تحريم طباعة المصاحف بين الفتوي والفرمان .. والحبر النجس !!
- زيارة سفير إسرائيل لمنزل عكاشة .. والسؤال الجدير بالإجابة !!
- سعيد الشحات ينشر رسالة عن موقف بطولي للعقيد ياسر حسن عصر
- مسؤلية الدولة عن الإجرام المسكوت عنه :
- مسؤلية الدولة عن الإجرام المسكوت عنه : عن نعي ياسر برهامي ل ...
- تروتسكي : محمد عبده .. دراسة صانع الزعامات ورجل الصف الثاني ...
- تروتسكي : محمد عبده .. دراسة .. صانع الزعامات ورجل الصف الثا ...
- مقاطع .. والحبر في إصبعه ..
- غيبوبة إرادية
- كرامة الإنسان


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - لما لا .. !؟* الفصل الأول