أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - عندما تشيخ اللعنات














المزيد.....

عندما تشيخ اللعنات


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


عندما تشيخ اللعنات

بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي

كعادته أبو نجم كان مبكرا في حضوره لمقهى أبو علي, فاليوم مباراة الزوراء وهو مشجع معتق, لا يترك مباراة لنادي الزوراء تفوته, عند الساعة السادسة اكتمل حضور الأصدقاء, أنا الموظف المتعب دوما, وأبو رياض العجوز المتقاعد, وسلام برشلونة الشاب الفيلسوف, وحجي حيدر الكاتب المشاكس, جلسنا في الزاوية المعتادة من المقهى, لحظتها انتبهت إلى أن التعب ظاهرا على وجه أبو نجم, حتى بدا بهيئة غير مرتبة, مع انه يهتم بأناقته, وهو اليوم بقميصه الأبيض يثبت عشقه لناديه المفضل " الزوراء", فسألته عن حاله:
- ما بك يا أبو نجم؟ هل هو الحب عاد إليك من جديد, ليتعب ليلك؟
فضحك الجمع من أن يكون أبو نجم عاشقا من جديد, التفت الى أبو نجم ليوضح سبب التعب, ولكي يبعد تهمة الحب عنه, فقال:
- أي حب تتحدث عنه! لقد اعتزلت الحب منذ عشرون عاما, لكن يوم الأمس كان متعبا جدا, فالكهرباء الوطنية انقطعت تماما, والمولدة الأهلية تعاطلت فجأة, فالمصائب لا تأتي فرادى, لم أجد ألا أن العن الرئيس والوزير والمدراء, والعن هذه العصابة الحاكمة, التي سرقت كل ثرواتنا لتجعلنا نحلم بيوم تضاء فيه المصابيح للصباح, الشتائم لا تليق ألا بالجماعة الحاكمة, فهم مثال لكل نتانة وقذارة وخسة, أنهم متعفنين منذ الولادة, ومن المعيب أن ينتخبهم الشعب.
فصاح فجأة سلام برشلونة:
- لا وألف لا, هل هكذا تتعامل مع الكرة يا هجوم الزوراء, الوقت يفلت والنتيجة مازلت سلبية.
ضحكنا معا أنا وأبو نجم, وأبو رياض الذي يبدو انه كان ينصت لحديث اللعنات, الذي انطلق من أبو النجم, أشعل سيكارته أبو رياض وسحب نفسا عميقا وقال:
- الله يساعدك أبو نجم, اقدر مقدار تعبك, اعتقد أن الحكومة تنتهج نفس أسلوب صدام في السيطرة على الشعب, فتجعل المواطن العراقي يعيش بقلق وخوف مستمر, فتعمل على عدم استقرار الكهرباء, او أن تهدده دوما بتخفيض الرواتب, بالإضافة لإهمالها المقصود للجانب الأمني, فيعيش المواطن في حلقة من الرعب والقلق, وينتهي به الحال أن يتحول إلى موجود خاضع للسلطة, يفكر فقط في كيفية استمرار عيشه.
الحقيقة أعجبني كلام أبو رياض فقلت مؤيدا قوله:
- يا أبو رياض لقد أفصحت عن حقيقة تغيب عن الكثير, وهي أن ما يجري ليس مصادفة بل هو عن قصد, فانقطاع الكهرباء لساعات يوميا مقصود, أو حكاية الماء الملوث الواصل للبيوت هو مقصود, أما قصة الشاي المتسرطن الذي رغبوا بتوزيعه على الشعب المظلوم بالحصة, فهو مخطط فاضح وشرير, وأخيرا حكاية الرز الهندي منتهي الصلاحية, والذي تم توزيعه قبل فترة في بعض المحافظات, ما كل هذا ألا مخطط السيطرة على الجماهير وسحقها وإذلالها.
وفجأة علا الصراخ, حيث كانت هجمة لنادي الزوراء, والمبارة تقرب من نهايتها, فقال حجي حيدر:
- الله اكبر, انظر إلى هذا المهاجم "الأرعن", كيف يضيع هجمة سهلة لا تعوض, يا أبو رياض ويا أصدقائي دعوني العن الاتحاد الكروي الفاسد, الذي جعل كرتنا تتراجع إلى الوراء, هل تصدقون إننا في التصنيف العالمي خلف جزر القمر؟!
انتهت المباراة بالتعادل الغريب مع نادي السويق العماني, وعم التذمر وعلا صوت الشتائم وكلمات اللعن, فقال أبو نجم:
- عقود ونحن نلعن الفاسدين والجاهلين والخونة في هذا العراق العجيب, لكن لم يتغير شيء حتى أصاب لعناتنا الشيخوخة, أما الفساد والانحراف فهو في عز قوته وشبابه, أنا خصصت مقالة كبيرة من اللعنات بحق وزراء التجارة ما بعد 2003 , لكن اشعر بالخيبة لدوام انتصار الباطل, فهم يعيشون متنعمين بما سرقوه من العراق, ونحن نعيش المعاناة, لكن أدرك جيدا أن الشتم واللعن هو نوع من التنفيس عن الروح المخنوقة, التي تعيش هذا الواقع المنحرف, بفعل طبقة حاكمة تنتهج معنا خطط شيطانية, لغرض إذلالنا والسيطرة علينا, وتحويلنا إلى مجرد قطيع خراف, يتبع الحكام ولا يعترض عليهم.
قبل أن أغادر المقهى, قررت أن اعبر عن نصيبي من اللعنات, فقلت:
- يا أصدقائي مع أن لعناتنا بدأت تشيخ, سنوات ونحن نلعن العصابة الحاكمة على سوء أفعالها باتجاه الشعب والوطن, لكن لأخذ حقي منهم فاسمعوا مقالتي في اللعن, اللعنات الكثيرات على كل رئيس لا يفتح بابه للناس, اللعنات الشديدة على كل قائد سياسي يعمل لمصلحة الخارج, يا رب اجعل سرطان بكل وزير يضيع أحلام الشعب ويفسد وزارته, يا رب اجعل جلطة بالدماغ كل مدير فاسد, يا رب اجعل مرض اللوكيميا بكل نائب برلماني يشترك بتضييع حقوق الشعب.
صاح الكل بعد انتهاء خطبتي (( أمين)), وصفق أصدقائي والقريبين من مجلسنا, فقط أعجبتهم لعناتي, وقالوا نطقت بما في سرنا, أما العجوز أبو محمد بقي يردد حتى خروجنا " اللهم استجب دعوة المظلومين".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتجاهات السياسية بين الأمس واليوم
- العنوسة بين المعوقات والحلول
- حديث الحب: الثقة في زمن الدولار
- بديل الشيطان بعد 2003
- يا حكومة السوء, أين ذهب النفط الأبيض؟
- أغتيال موظف نزيه
- رسالة عاجلة للاتحاد العراقي لكرة القدم
- حديث الشرف بين كاتب وعاهرة
- توحش المجتمع وحلول العودة
- هل هناك جدوى من المشاركة في الانتخابات القادمة ؟
- الطريقة الأفضل لصنع منتخب لا يهزم
- جريمة في بغداد فوق خط الفقر
- الانتخابات القادمة والصفعة الجماهيرية
- أحكام العشيرة فوق أحكام الشريعة والقانون
- عندما يتعرى فخامة الوزير
- الفقراء والنازحين وتطلعاتهم لعام جديد
- رأس السنة بين احتفالات الطبقة الحكمة ودماء الفقراء
- ثمرة وحيدة وألف نكبة في عام 2016
- في العراق فقط, المدربون لا يدربون
- كلام الناس: ارتفاع أسعار الأدوية


المزيد.....




- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - عندما تشيخ اللعنات