أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - شيطان قصيدته !..














المزيد.....

شيطان قصيدته !..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5438 - 2017 / 2 / 20 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


في مرة قبل رحيله، حاولت الكتابة عنه. كنت أفكر كيف، ولماذا، ومن أين أبدأ الكلام عن هذا الأنسي الحاج الذي ملأ مكانه كما يجب على جميعنا أن يفعل. كان الهم في هذا الأمر يكمن في حقيقة هذا الرجل الممتلك لزمام أمره بكل الثقة والمعرفة والجمالية. فكرت كيف عليّ تعريفه بشكل يليق به، أنا الذي عرفته منذ مدة ليست بعيدة، وصادقته على شرعة أهل البحث عن جماليات الكلمة أنّا استطاعوا.
كنت أقرأ له واستزيد بعد كل قراءة في محاولة لمعرفة أي الخصائص يتميز بها عن غيره من مريدي الكلمة والمنوع الثقافي. وفي كل مرة في محاولاتي، كان يلح عليّ سؤال واحد بعينه: هل أنسي الحاج شاعر أم ماذا؟ نعم هو يكتب القصيدة النثرية بصورتها المثلى، على أنني كنت أجد في هذا الشاعر ليس الشاعر المبدع فقط، المتمكن من أدواته وصوره وألوانه، المبهج والمدهش في نفس الوقت.
الأقدر على امتلاك ناصية اللغة قبل الهم في كتابة القصيدة
ليس هذا فحسب. كان يسترعي انتباهي أنه شيطان قصيدته. الشيطان الذي ينتظر الآخرون حضوره في محفل اللحظة كي يكتبوا. لذا، اعتقدته وفق هذا الحجم من الحضور أنّه القدرة الإلهامية لذاته التي يستطيع من خلالها أن يدهشنا بما يخلق من معجزة في عالم القصيدة. وجدته، أو هكذا تراءى لي، أن أنسي الحاج ليس شاعراً، إنما هو فيلسوف يريد وبقدرته كشيطان للشعر، أن يفلسف ماهية الشعر، وكيف على القصيدة أن تكون على قياس اللغة التي عليها أن تطاوعه كي يكتبها أو تطاوعه بعناية. كان ووفق هذا، هو الأقدر على امتلاك ناصية اللغة قبل الهم في كتابة القصيدة. كان يفلسف الجمال في صور شتى.. المرأة، اللون، الصورة، الزمان، المكان. المتعة التي تستغرق الذائقة لتحصل معجزة التفاعل والتماهي. المتغيرات الحياتية والنفسية. في السياسة والاجتماع والفلسفة ذاتها. كل هذا في لغة مطواعة حيناً، ومتمردة في أحايين آخر. يتلاعب بها كما يتلاعب نحات فنان في طينة اشتغاله كي تأتي على هواه وإلا فلا. هذا المتفلسف في مناخاته المتعددة، وهو المقتدر على لغته التي يحق لي تسميتها باسمه "اللغة الأنسية"، كان قادراً على تغيير مناخات اللغة حتى يجدها مناسبة لمناخه هو. لمواسم شعره. تذكرت أنني في إحدى المرات، قرأت له رداً على محاولات البعض النيل من سعيد عقل قائلاً: "ما كان ليكونوا لولا سعيد عقل، كثيرون من حملة حملة الأقلام اليوم. سيكتبون أحسن لو قرأوا سعيد عقل. الأديب يقاس بكتابته، خاصة حين يكون أكبر من معظم الذين يقيسون". عذراً، لم أكن أقيس أنسي الحاج، إنما كنت، وقد أفقت من غيبوبة الاندهاش به، أُكبر في محاولات الآخرين إيفاء حق الحاج قدره كظاهرة، أكان على شكل احتفالية بمناسبة ذكرى رحيله، أو تقديراً يستحقه بجدارة حين يضعون صورته مع عملاقين آخرين على طابع بريدي. أجده إن لم أقل إن هذا أقل شأناً منه، أنه كان يكفيه أنه ابن للبنان الجمال والثقافة، وأن على لبنان أن يفخر بأنسيه.
..................
نشرتها صحيفة ( الأخبار ) اللبنانية في 19/ شباط/ 2015.



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يكفي لشغاف اللثمِ..
- في وداعك أنسي الحاج..
- عن النص والمنزلق اللزج.
- وقلتُ أنتظريني على رونق النهم..
- إشارات...
- في الميقات الأخضر...
- العرض والكشف في مجموعة (صمت الغرانيق) القصصية
- مقالة نقدية...
- حوار في بعض - الممنوع -!..
- عن مقهى الشابدر وجريمة العصر!..
- سيد الرخويات...
- من يسعفني بالميسور؟!...
- عن شرف الاسماء والكلمة..
- لقراءة أخرى..
- ثمار الاقاصيص..
- ما حدث كان مفاجأة...
- الحب في زمن المربعات .. قصة قصيرة
- أخي نيلسون مانديلا..
- يستصرٍخُكَ اضطراب الضوءِ
- ما العمل؟.. ما البديل؟..


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - شيطان قصيدته !..