أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - انتظار الذي لا يأتي في رواية سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية لميسلون الهادي















المزيد.....

انتظار الذي لا يأتي في رواية سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية لميسلون الهادي


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5432 - 2017 / 2 / 14 - 04:07
المحور: الادب والفن
    


انتظار الذي لا يأتي في رواية سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية
د. هويدا صالح
"سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية" هي الرواية الأحدث للكاتبة العراقية ميسلون الهادي والتي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، وتحكي الرواية حكاية سعيدة هانم التي تعيش مع أختها الرسامة مليكة جان في بيت واحد منذ الولادة. شخصيتان تعيشان حالة من المفارقة، فالأولى عقلانية واقعية تتابع الواقع بدقة ولو عبر شاشات التلفزيون، وتشارك في صناعة الحياة، والثانية تعيش على هامش الحياة، وتكتفي بمزاجها الفني المتقلب، فهي فنانة تشكيلية رومانتيكية تعيش عالمها الخاص في صورة ذهنية تصنعها عن ذاتها وعن الآخر، وترفض أن تسهم في مزيد من أكاذيب الواقع وزيفه، فتقوم بالهروب من هذا الواقع إلى واقع افتراضي يخصها وحدها، حتى أنها تحلم أن تكون "غير مرئية للآخرين" لأنها تتمثل مقولة سارتر "الآخر هو الجحيم". المدهش أن أختها سعيدة هانم تدرك الحالة الذهنية والنفسية التي تمر بها أختها، وتتفهم شطحاتها وحالاتها العقلية تارة والفنية تارة أخرى. تعيش الأختان في بغداد، وتمرّان بالتجارب نفسها، لكن كلاً منهما تنظر للموقف نفسه نظرة مختلفة، فـ"سعيدة هانم" واقعية، منطقية، بعكس أختها الحالمة والخيالية، "إنها تريد الهرب من تصرفاتي المزعجة بالنسبة إليها، لأنها المعنية بالعاطفة والخيال والإبداع، وأنا المسؤولة عن الواقع واللغة والمنطق. أنا العالم المألوف، وهي الروح الحرة. أنا سيدة الكلمات والأرقام وهي الشوق والإحساس.،الذوق والحركة. الأشكال والألوان.الفن والشعر والخيال الجامح. أنا أعرف تماماً من أكون وهي لا تعرف من تكون". تقوم ميسلون هادي بالتجريب في هذا النص المغاير والمختلف عن نصوصها السابقة، فتمزج بين خطابات متعددة حتى تصل إلى بناء فني يناسب هذه الشخوض المميزة التي اختارتها لروايتها، فنجد في النص خطاب فانتازي وخطاب الحكايات الشعبية، وخطاب الواقع السياسي والاجتماعي، وحتى الخطاب النفسي عبر التحليل النفسي للشخصيات" مليكة جان كانت دائما لا تجد المعنى إلا بالصورة التي يجب أن يكون عليها في عالم خيالي جامح أو غرائبي، كما في الأساطير والحكايات الخرافية، حيث تتجول إحدى الشخصيات إلى عنكبوت أو غراب أو ضفدع، والضفدع قد يقفز، ويصير أميرا وهذه القصص تدغدغ الجانب الفنتازي من شخصية مليكة جان، فحيواتنا كما تقول وقتية وعبثية وخالية من المعنى". .وتحضر بغداد بقوة في النص، فبغداد تمتلك على الأختين نفسيهما، حتى أنهما غير قادرتين على الرحيل، حيث يرغب الأخ المهاجر إلى كندا في مغادرتهما لبغداد ومغادرة هذا الوضع المأساوي. ويظل الأخ المهاجر يلحُّ عليهما حتى تأتيا، و الأخ ظلّ يلحَ، وهي ظلت ترجئ الأمر في كل يوم إلى اليوم الذي يليه"هو يريدني أن أتحدث إلى شمس الدين يوم غد. ويوم غد لم يأت بعد منذ السنة الماضية". هكذا يتجلى العنوان، وكأن الأختين تدركان تماما استحالة البعدعن بغداد، فترجئان الأمر ليوم غد، الذي لا يأتي.
الكرنفالية في النص
تتعدد الأصوات في النص، فوجهتا النظر في تناول الحدث الواحد يقدم بصوت مليكة جان ، وصوت سعيدة هانم، فرغم أن الحدث واحد إلا أن زاوية الرؤية تختلف، يتحاور صوتا سعيدة ومليكة، يتناقضان ويتواءمان، وتحلم كل منهما بالذي يستحيل تحققه، كلتاهما تتمنى أن تفر من جحيم بغداد، وكلتاهما أيضا لا تستطيعان المغادرة، ويصبح حلم " أن تكون غير مرئية " الذي حلمت به مليكة جان هو حلم سعيدة هانم أيضا، حتى يصبح الخارج داخلا ، ليحتميا من شرور بالضرورة موجودة في هذه الحياة. ورغم هذا الصراع بين الذات والعالم، ورغم تقصّد الكاتبة أن تغيب صوت الرجل، ليصير محكيا عنه، وكأنها تتمثل مقولة النسويات : أن تكون المرأة ذاتا وليست موضوعا إلا أن مقولات الرجل الثقافية والوعي الذكوري يحكمان النص، فالذوات النسوية المأزومة في النص، ليس مليكة جان وسعيدة هانم فقط تقاومان الهيمنة الذكورية عبر تفاصيل سردية صغيرة لا تلتقطها إلا عيون كاتبة بذكاء ميسلون هادي، فلا تحوّل الكتابة إلى منشور خطابي ضد الرجل، بل تكشف عن عوار الثقافة الذكورية وتقاومها بفضحها وتعريتها.
خطاب السخرية
رغم أن الكاتبة ترسم عالما تراجيديا بامتياز إلا أن استطاعت عبر اللغة التهكمية أن تقدم توصيفا كاركاتيريا لبعض شخوصها النسائية في محاولة لتخفيف وطأة المأساة التي تعيشها شخوص الرواية، فالعمة حورية التي تهيمن على النص هي وصديقاتها قدمتهن الكاتبة في صور ساخرة وعبر رسم تهكمي لشخصياتهن:" في العيد حاءا عمتنا حورية مع حبريشها الرباعي المؤلف من مفيدة السعيدة ودلال الطويلة وبربارة السحارة وسميرة الحقيرة، حورية هي العمة الكبرى لسعيدة هانم ومليكة جان، وهي التي أثبتت، مع حبريشها الانكشاري، بأن الحياة أزلية، وأنها انتقلت من نظام كوكبي إلى نظام آخر على شكل هباءات حية وصلت إلى كوكب الأرض، فبدأت بالتكاثر والتطور حتى بلغت أعلى أشكال الحياة.
إن الكاتبة تمزج بين خطابات عدة، الخطاب النسوي والخطاب الساخر والخطاب السياسي الذي يفضح ما يتعرض له العراق منذ الاجتياح الأمريكي، لكن في لغة ساخرة تبعده عن المباشرة .
البناء الدرامي
تقسم الكاتبة فصول روايتها إلى بورتريهات ولوحات قلمية، تتشارك فيها مليكة جان وسعيدة هانم وسليمان بك وحورية العمة وحباريشها، ثم تختم النص بسرديتين تلخصان عالم الرواية، السردية الأولى عن سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية، وهي السردية التي منحت الرواية اسمها" منذ السنة الماضية وأنت تقولين لي يوم غد ويوم غد ويوم غد، وها هو الغد قد جاء أخيرا ، فأنت أختي الوحيدة ولابد أن أطمئن عليك، بدا مرتاحا وهو يعد العدة لزواج أخته سعيدة هانم، كانت حجته أنه لا يجوز أن تبقى أخته الوحيدة تسكن سنوات طويلة بدون حماية أحد سوى عمته حورية وباقي العجائز اللاتي كن يزرنها بين حين وآخر" فهل سعيدة هانم حدث لها فصام نفسي، فتخيلت شخصية مليكة جان؟ هل تيقن القارئ من وجود شخصيتين أم هي شخصية منقسمة على ذاتها؟ّ!
ثم تأتي السردية الأخيرة عن مليكة جان وتمثالها الأخير، عالمها الموازي لعالم سعيدة هانم الواقعي:" لم تكن ملكية جان تظهر للعيان عندما يأتي أخي سليمان بك، فهي متعبة ومهذبة دائما، ويستبد بها الرفض للقائه كلما حضر".
إنه عالم نفسي مرواغ يتوسل بالسخرية في كشف ما تعانيه الذوات من أزمات نفسية واجتماعية، وما يعانيه المجتمع من أزمات سياسية ضيعت الوطن، وجعلت شخوص هذا العالم تعيش في المتخيل أكثر من أن تعيش في الواقع.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتقى الشباب في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثامنة ...
- جسد ضيق أم روح متمردة لهويدا صالح ..قراءة د. سيد نجم
- رواية جسد ضيق لهويدا صالح ..مقال لممدوح النابي
- ممرات الفقد: فتنة الجسد وبلاغته ، مقال الناقد السوداني زهير ...
- جماليات العرض في باليه فتاة متحررة وباليه جيزيل ..قراءة مقار ...
- رواية جسد ضيق وكشف المسكوت عنه في حياة الراهبات مقال دكتور ...
- مقال الناقد سيد الوكيل عن رواية جسد ضيق
- الشغف المصري في كتاب فرغلي عبد الحفيظ
- التحيّزات الثقافية والحضارية وأثرها على العمران والمدينة الع ...
- جهود فاطمة المرنيسي في مساءلة التراث العربي .
- التفاعلات النصية في ديوان -بياض الأزمنة - لعلي الدميني
- اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -
- دور المثقف في صناعة المجتمع..قراءة في كتاب -واحد مصري- لوليد ...
- السوسيولجيا السياسية في رواية أوقات للحزن والفرح
- تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم
- الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران
- مفهوم مختلف للدين في أعلنوا مولده فوق الجبل
- اللامنتمي يحتج على قسوة البشر
- فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-
- هشاشة الخطاب الديني في حركات الإسلام السياسي


المزيد.....




- “استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد ...
- “بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم ...
- نائب وزير الثقافة اليمني: إيران الظهر والسند والحاضن لكل حرك ...
- -من أم إلى أم-للمغربية هند برادي رواية عن الأمومة والعالم ال ...
- الناقد رامي أبو شهاب: الخطاب الغربي متواطئ في إنتاج المحرقة ...
- جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2023-2024 “صناعي وتجاري وصناع ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 33 مدبلجة على قصة عشق ومترجمة على فوكس ...
- رئيسي : ندعو الكتّاب والفنانين الى تصوير الصراع بين الشرف وا ...
- أغاني حلوة وفيديوهات مضحكة.. تردد قناة وناسه على نايل وعرب س ...
- الإعلان الأول ح 160.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 على قصة ع ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - انتظار الذي لا يأتي في رواية سعيدة هانم ويوم غد من السنة الماضية لميسلون الهادي