|
حجايات بغداد ... دعوة وطنية للفرح .. والتفاؤل
رياض الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5426 - 2017 / 2 / 8 - 19:22
المحور:
الادب والفن
لقد فرض الظرف الامني الاستثنائي والتداعيات السياسية والاجتماعية ، التي مرت بالعراق وعلى مدى اكثر من ثلاثة عشر عاما اعقبت سقوط النظام السابق ، حالة من الحزن القاتم والقلق والخوف ، فقد كانت صباحات العراق وخصوصا العاصمة بغداد مثقلة بدخان المفخخات والعبوات الناسفة ، ورائحة الدم الساخن ، مما خلّف آثارا كبيرة على نفسية المواطن العراقي ، وكان النصيب الاكبر منها من حصة المبدعين ، لأنهم الاكثر تحسسا لمجريات الواقع . وظهر ذلك جلياً في التشكيل ، والمسرح ، والدراما التلفزيونية ، والقصة والرواية ، والاغنية ، وغيرها من الجوانب الابداعية الأخرى . ولنا ان نتابع خطا واحدا من هذه الخطوط الابداعية ، وهي الأغنية ، وخصوصا الاغنية الوطنية ، لنرى مدى تأثرها بهذه الحقبة الزمنية الصعبة التي عصفت ومازالت تعصف بالعراق . فمنذ عام 2003 ، ظهرت عشرات الاغاني الوطنية التي جسّدت الماساة العراقية ، وأتصفت بالبكائية والحزن القاتم ، ونحن هنا لانلوم طرفا من اطراف الأغنية ، لأن الواقع كان يفرض طبيعة الخطاب ، ولأن الشاعر ابن بيئته ، فكيف له ان يكتب عن الفرح ، في صباحات بغداد المخضبة بالدم ، وكيف للملحن ان يضع لحنا مفرحا لكلمات اغنية تقطّر حزنا ، ولأن المطرب هو الذي يوصل احساس الشاعر والملحن للمتلقي .. لذا نجده يجسّد حالة الحزن بأبعد وابلغ حالاتها . لقد زادت الاغنية الوطنية من حالة الحزن بل وعمّقته في النفوس ، فهي كانت تدعو للبكاء على اطلال الوطن المنهوب ، والحنين للماضي ، بل ان بعض الاغاني عمّقت الشعور بالخيبة والخسارة والانكسار . وبعد عام 2013 ، وبعد توّحد الشعور الوطني ضد داعش ، وما تتطلبه المرحلة من صمود ، وشد عزيمة ، والتغنّي ببطولات الجندي العراقي الذي يواجه اعتى هجمة ارهابية شرسة ، ظهرت بعض الاغاني الوطنية التي اتسمت بطابع الفرح ، من خلال الكلمات المبهجة والايقاع السريع والراقص ، وكان للمبدعين الشباب حصة الاسد في هذه الاغاني . ومن الاغاني الوطنية الجميلة التي ظهرت في هذه الفترة اغنية (حجايات بغداد ) والتي ادتها المطربة السورية نور عرقسوسي والتي برزت شهرتها في برنامج المسابقات ذا فويس وكانت ضمن الفريق الذي اختاره الفنان كاظم الساهر ، والاغنية من انتاج قناة سامراء ، واخرجها المخرج الشاب سفيان ناصر ، وصاغ لحنها الملحن المبدع علي بدر ، اما كلمات الاغنية فهي للشاعر الذي سيكون محور حديثنا ، وهو الشاعر الشاب احمد هندي ، وهو من الشعراء المبدعين من محافظة الانبار ، والذي سجّل حضورا وطنيا من خلال المهرجانات الشعرية ، قبل ان يجرّب حظه مع الاغنية ، والتي يبدو انه دخلها من اوسع ابوابها . في هذه الاغنية ، اثبت احمد هندي ذكائه وفطنته ، وموهبته الشعرية ، فقد جسّد التلاحم الوطني ، والمصير المشترك من خلال المفردات العراقية القريبة للروح مثل (هلو يابه ... شكو ماكو .. ولك داد .. تأمرني امر ... تدلل وصار ) حيث ان كل مفردة من هذه المفردات تدل على التلوّن العراقي الجميل ، والطيبة والتسامح اللتان تميزان المواطن العراقي ، والذي ظل محتفظا بهما في اقسى الظروف . ولقد جسدت المطربة عرقسوسي الكلمات واللحن بروحية ولكنة شامية محببة ، مما اعطى للأغنية حلاوة تضاف لجمال اللحن والكلمات . لقد كانت (حجايات بغداد ) ضحكة في وجه كل عراقي انهكه التعب ، وقاسى الحزن بسبب فقدان احبته ، او ترحّل عن مدينته ، وما احوجنا للضحة ، والابتسامة في هكذا ظروف . ولو قسنا مساحة البث التي حظيت بها الأغنية وقارناها بأغنية (كلنا العراق ) ، والتي لحنها واداها حسين الجسمي ، وصاغ كلماتها الشاعر المبدع كاظم السعدي ، لوجدنا ان الاغنية ظُلمت ، لأنها لم تبث من اغلب المحطات الفضائية العراقية ، على الرغم من الخطاب الوطني التي تمتعت به . وفي الوقت الذي ندعو فيه مبدعينا الى اشاعة روح التفاؤل من خلال الاغاني الوطنية ، ونبذ الطائفية المقيتة ، والدعوة لبناء العراق الجديد بكل اثنياته وطوائفه ، ندعو المؤسسات الثقافية المعنية بتبني هكذا خطاب ، ومحاولة اعطائه مساحة واسعة من البث اليومي ، ليكون حافزا للمبدع ، خصوصا اذا كان العمل ناجحا وشكّل حضورا بين الناس كأغنية (حجايات بغداد ) .
#رياض_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين الحكومة
-
شمس اب
-
ليلة مصرع الفنانة هيفاء وهبي
-
الى بلبل الفقراء .. الشاعر الشهيد رحيم المالكي
-
مجنون الرصافة
-
أنا يوسف يا أبي
-
الى صديقي أبو نؤاس
-
خسارات
-
دمٌ ... مستباح
-
حميرنا بخير
-
الدنيا ...... كراسي
-
حوار مع الفنان مازن المنصور
المزيد.....
-
مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال
...
-
-موسم طانطان- في المغرب يحتفي بتقاليد الرُّحل وثقافة الصحراء
...
-
“احداث قوية” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 عبر قناة Atv الترك
...
-
ناقد مغربي يدعو إلى تفعيل -سينما المقاومة- ويتوقع تغييرا في
...
-
بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح
...
-
-إلى القضاء-.. محامي عمرو دياب يكشف عن تعرض فنان آخر للشد من
...
-
إلغاء حبس غادة والي وتأييد الغرامة في سرقة رسومات فنان روسي
...
-
اعلان 2 الأحد ح164.. المؤسس عثمان الحلقة 164 مترجمة على قصة
...
-
المجزرة المروّعة في النصيرات.. هل هي ترجمة لوعيد غالانت بالت
...
-
-قد تنقذ مسيرته بعد صفعة الأوسكار-.. -مفاجأة- في فيلم ويل سم
...
المزيد.....
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
المزيد.....
|