أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوتيار تمر - من اية طينة هو الانسان..؟















المزيد.....

من اية طينة هو الانسان..؟


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 5424 - 2017 / 2 / 6 - 22:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من اية طينة هو الانسان..؟
جوتيار تمر/ كوردستان
3-2-2017
ان اي خوض في المعيات التي تلازم حركية الوجود البشري على الخراب المسمى بالمعمورة " الارض" سيولد كماً هائلاً من التناقضات التي تتعدى حدود الاستكشافات العلمية والدراسات التخصصية، بل انها تعقد الامور الماورائيات نفسها لاسيما تلك التي تعتمد الطوبائية او الميتافيزيقية في توصيفاتها للحالات البشرية بصورة واخرى، فالبشر اللا انساني وجد بتصور سبقي، وهذا التصور السبقي حسب الميثولوجيا الطوبائية ليس قابل للنقض، ولكونه ليس قابل للنقض فانه حتمي والحتمية تستوجب وجود فعل مادي حركي لاثبات ذلك، ولان البشر هم الاداة الاكثر توظيفاً للحراك الميثولوجي المبني على المخيلة قديما والممنهج فيما بعد، فان افعاله واثارها هي التي توضع تحت المجهر لاجراء الدراسات ووضع المعايير واثبات وجهات النظر وفرض النظريات او طرح الافكار وفتح مساحات النقاش والجدل.
وليس بمخفي على احد ان انسنة الانسان وفق اية "معايير تبقى ناقصة غير متكاملة" ، وذلك لكون الانسان نفسه عنصر رغباتي شهواتي تفكيري عقلي عاطفي انفعالي غير ثابت، بل متقلب بدرجة لايمكن وصف معالم ورسم حدود لفيئات تعميمية، وبذلك تتحول الدراسات الى وجهات نظر حتى وان بدت علمية متقنة وفق معايير دقيقة وصارمة، لكنها في الاخير تبقى ضمن هياكل اجتماعية حتى ان بدت منوعة تبقى رهينة الميول والدوافع الذاتية للاشخاص الخاضعين للتجربة التقيمية، وهذا ما يجعلنا نوجه السؤال وبدون تردد ما هي طينة الانسان.. اذا سلمنا ميثولوجياً انه مخلوق من الطين..؟.
ان اية وقفة على الفعل البشري الانساني منذ بدء الخليقة الى يومنا هذا، سنجد بأن اكثر ما يوصف به الانسان هو اللاانسانية العدوانية العنف القتل العمل على ازاحة واقصاء الاخر سواء باسم رغبته الشخصية وميوله الذاتية ودوافعه النفسية وتراكماته العقلية العقدية، او من خلال رصد الموروثات الشعبية والدينية، وسنجد في الوقت نفسه ان اية ظاهرة او حركة اصلاحية وجدت وظهرت في الوجود الارضي لديها غرض واحد وهو كي تعيد الانسان الى الطريق القويم والصحيح، وهذا بالضبط ما يثير التساؤل السابق الذي اثرناه، وبالتالي كيف يمكن وقف هذا المد اللا انساني من الانسان الذي يفترض انه من اوجد المفهوم الانساني بفكره تبعاً للرؤية السبقية التي اوجدته كأنسان، وليس خضوعاً للسبقية الفرضية الحتمية التي اوجدته كمخلوق خاضع لسلسلة مفاهيم معقدة، او تصورات متشابكة كالتي وجدت عن المخلوق الاول حيث وصف مسبقاً، اي بينما كان مازال مجرد فكرة فوقية بانه سيسفك الدماء، ويفسد في الارض.
لابد من الرجوع الى جذور ومكونات تلك الطينة التي وجد الانسان منها ودراستها لمعرفة المترتبات السبقية والبعدية التي اوجدت الانسان البشري بهذا الشكل اللامنطقي واللاانساني المهيمن عليه النزعة الاغترابية الذاتية فتحول الى وحش كاسر منذ الوهلة الاولى تبعاً لشهوته حتى اصبح يؤثث عوالمه الذاتية بعيداً عن الجمعية التلاحمية، وتأكيداً على الرؤية السبقية التي ظهرت عنه تزامناً مع قرار خلقه، فلعل الدراسة تلك توضح بعض المعالم الغامضة التي لم يزل الانسان عاجزاً عن خرق جغرافيتها، لاسيما فيما يتعلق بقدرته الاقصائية وامكانياته الكبيرة في فعل اي شيء" القتل" من اجل الابقاء على نفسه ولو على حساب كل من حوله.
فوفق دراسة جديدة أعدها متخصصون نفسيون في جامعة "موناش بمالبرن" الأسترالية، أنه ليس من السهل الإقدام على القتل أو اتخاذ هذا القرار القاسي، فحتى القتلة المتسللين ينبغي عليهم أن يتغلبوا على الكثير من الضغوطات العصبية القوية، من أجل ارتكاب هذه الجرائم، فخلال اتخاذ قرار القتل، يميل العقل البشري إلى الشفقة والشعور بالذنب، بالإضافة إلى نوع من ألم التعاطف، يجعل الشخص يشعر بنوع من الأذى ودرجة من المعاناة تقترب من نفس درجة معاناة الضحية نفسها، وفق ما ذكرت مجلة "تايم" الأمريكية "، وهكذا حتى الدراسات نفسها عاجزة عن تحديد النمطية التي تتبعها العقليات الاقصائية، بالعكس تماماً فان هكذا دراسة تؤيد وتؤكد المقولة التناقضية السبقية التي اوردناها وتجعلنا نعيدها بصياغة اخرى، حول ماهية الميل البشري للشفقة اثناء ازاحة الاخر، فكأننا نعيش وهماً سبقياً يجعلنا نعيش التعاطف ونحن نقتل الاخر ونزيحه عن الوجود على الرغم من سماعنا لصراخه ومحاولاته المتكررة للنجاة واستعطافه لنا بالرحمة والى غير ذلك من الامور التي ترافق هذه العملية اللاانسانية من الانسان.. ان التناقض لايقتصر على المقولات الميثولوجية المنبثقة من تصور ديني فقط بل تنبثق من الاجمالية التي صنفت الانسان انساناً وهو لايحمل من معاني الكلمة الا الهيكل الخارجي، فكيف يمكنه ان يتعدى مكوناته السبقية الخلقية كأنسان سيحقق التصور السبقي عنه بانه سيسفك الدماء، انها المعضلة الاكثر تعقيداً من حيث التداخل والتشابك بين المفاهيم والاوامر والحتمية والجبرية وحتى التخيير والتسيير الممنهج دينياً.. بالطبع كل هذا بعيداً عن الرؤية القائلة بان تلك السمات الازاحية الاقصائية هي اكتسابية لاسيما من البيئات التي تتأثر بجملة امور خارجة عن هذا النطاق الحتمي، لاننا وقتها سنقول بان اللاحتمية نفسها هنا تناقض وجوديتها لكونها وفق السبق البيئوي وجدت تحت ظرفية لم تكن للبيئة وقتها اية تأثيرات عقدية او عقلية او حتى ظروف تعقيدية حياتية، بل اتت وفق منهجية الحتمية القائلة بالسفك السبقي لا اكثر، لكون تلك الرؤية كانت دقيقة كدراسة ممنهجة بدون معايير وقتية او تحديدات وسائلية، فكان البدء بالاقصاء استكمالاً لتلك المقولات او خضوعاً لتلك للحتمية.. ولم يكن للبيئة هنا اية مؤثرات وتأثيرات، انما فقط كان الامر متعلقاً بالرغبة والشهوة والبدء باحداث انموذج بشري لاانساني قائم على الوحدوية المتسلطة واخضاع ما ليس هو لكينونته..متنافياً بالمقولة ان البيئة او ان هناك من يدفع الانسان الى الجريمة خارج الاطر الذاتية الساعية لتحقيق الحتمية السفكية السبقية اولاً ومن ثم بعيداً عن الرغبة والشهوة التي اظهرت صورته الحقيقية منذ الوهلة الاولى، وحين نغوص في التاريخ الانساني على الخراب الارضي سندرك تماماً ماهية الطينة التي خلق الانسان منها، حتى وان كنا لن نلامسها مادياً، فهذا التجذر العنفي الازاحي متغرس فيه فطرياً، وليس هناك من فسر هذه العفوية وهذه الحتمية واقعياً بشكل واضح مثلما فعله الفنان الرائع مايكل انجلو في احدى اعماله الرسمية حين رسم البراءة في صورة طفل، و ثم صورة لشخص يمثل الاجرام في صورة قبيحة تبرز كيان وهوية وسمات المجرم القاتل، والذي ادهش انجلو نفسه بعد حين هو ان الصورة الاولى التي كانت رمزا للبراءة متمثلة في طفل رضيع هو نفس الشخص الطفل البريء في الصورة الثانية التي تمثل الجريمة والمجرم، فالعملية هنا اتت تزامنية لااكثر،واعتقد انه ليس الا تصوير عفوي لتجذر العنف في النفس البشرية الانسانية منذ الوهلة الاولى " الفكرة " لذا كانت الحتمية وقتها مزامنة ومرافقة للهيئة او الهيكل الذي وجد الانسان عليه، فاصبحت المسارات التخييرية هي بوجود الانسان الشهواني الاقصائي مجردة من فعاليتها، اذا لم تكن اصلا غير مصوغة لتلائم حجم الكارثية التي سبقت الخليقة وتزامنت معها، ورافقتها لوقتنا هذا، وستبقى لاجل غير مسمى.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اراء ومقولات حول الاصل الكوردي
- لمحة عن تاريخ الكورد القديم
- قراءة في نص -الخروجُ مِنْ قلْبِي- للشاعر والاديب المصري صابر ...
- وقفة عند مصطلح الكوردناسي
- سذاجة- عشوائية- الحكومة من سطحية -فقدان الوعي- الشعب
- كيف تكون الهاوية..؟
- بين الحرية والفوضى
- حرب التصريحات والاجندات وحتمية المنظومة
- الحرية بين الازدواجية والواقع
- حرائق اسرائيل هل هو الانتصار العربي المنشود..؟
- الارهاب التركي والتطبيل الخليجي
- النزاعات الداخلية هل تخدم القضية الكوردية
- مابعد اوباما والعهد الترامبي
- المشهد التركي بين فلسفة التاريخ والواقع
- مابعد تحرير الموصل اراء وتكهنات
- الدافعية (Motivation ) واثره على المتعلم في اقليم كوردستان
- البيشمركة/ قصيدة
- دار الكفر ودار الخليفة
- ارهاب داعشي ام داعش ارهابي
- عملية تحرير الموصل بين الوطنية والمصالح


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جوتيار تمر - من اية طينة هو الانسان..؟