أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوتيار تمر - بين الحرية والفوضى















المزيد.....

بين الحرية والفوضى


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في مقال سابق لنا ذكرنا بعض المفاهيم المتعلقة بالحرية " الحرية بين الازدواجية والواقع" والتي تحاول مجتماعتنا الشرقية ان تلبس رداءها وتقليدها دون الاخذ بنظر الاعتبار جملة امور ومترتبات تفرضها تبني تلك الافكار، ولذلك نجدها تقع في وهم الحرية ووهم صناعة الحريات، واستكمالاً لتلك المقولات السابقة نأتي على ذكر المعطيات التلازمية التي تنتجها تلك المفاهيم من حيث الاداء الفعلي للحرية ومن حيث الانفلاتات التي تحدثها تلك المفاهيم بالاخص في الشرق الاوسط، وسنخص جزء من المقال بذكر ما يحدث من سوء استخدام لمفهوم الحرية في اقليمنا الكوردستاني.
لايختلف اثنان على ان بين الحرية بفهومها التقليدي والرصين وبين الفوضى بكل انواعها خيط رفيع،ان لم يتم التعرف اولاً على اتجاه الخيط، ومن ثم ماهيته وقدرة تحمله، تحول كل شيء ضمن جغرافيته الى فوضى تخلق الكثير من الاشكاليات الفهمية والتعاملية والعلائقية على جميع الاصعدة، وهذا بالضبط ما يجعل مجتمعاتنا تعج بالابواق المنادية بالحرية، وفي نفس الوقت تعج بالممارسات التي تقيد كل الحريات، فالتناقض يبدأ من سلسلة الابواق الببغائية المقلدة التي لاتعي كيفية تبني الافكار، ولاتعرف كيف تمارس موجبات الافكار، وبالتالي تخلق الفوضى التي تجرح وتؤذي انسانية الانسان داخل مجتمعاتنا.
فالحرية التي تتبناها اغلب المجتمعات الشرقية هي كالتي رواها الاديب الكبير برنارد شو حيث قال بانه كان جالساً في مكان ما، وفوجئ بشخص امامه يضع يده في انفه "برناردشو"، فاستنكر الاخير ذلك الامر ورفض الموقف، وكانت المفأجاة اكبر حين سمع الرجل يقول له انا حر......، كانت الكلمة كالصاعقة عليه، فرد عليه الاديب الكبير حدود حريتك تقف عند حدود انفي..وهذا بلاشك تأكيد على المقولات التي تناولتها المجتمعات باختلاف نعراتها ونزعاتها حول الحرية، ولكن لايمكن لاي منها تجاهل مفهوم الحرية القائل بان اية حرية تنتهي عند حدود حرية الاخر، ونحن في الشرق فقط، تجاوزنا هذه الحدود، ومارسنا الحرية التي تكاد لاتختلف عن الدكتاتورية بكل تمفصلاتها كتأكيد على ان مقولة شعرة معاوية لم تأتي من فراغ انما كانت ولم تزل كالميكافيلية هي الفيصل في الاحكام السلطوية داخل مجتمعاتنا، وفي حين اني لااستنكرها ضمن الجغرافية الشرقية وذلك للجهل الحاصل في تقبل المفاهيم المتعلقة بالحرية، وسوء الممارسات الفعلية لها، الا انني اجدها بحق تدخلاً شمولياً في الجوانب الحياتية للفرد الشرقي حتى انه تدخل في سياستة مع نفسه.. بلاشك انها مسألة فهم وادراك وحتى توظيف للمفاهيم ضمن مداراتها وانساقها التي تتناسب وكل مجتمع، وضمن التجربة الحياتية بكل تمفصلاتها واصعدتها، والتي برهنت انه لم ينجح اي فكر وسطي ضمن المجتمع الشرقي، والامر واضح ليس لانه هناك عيب في تلك الافكار، انما هناك اشكالية مزمنة وهي ان العيب في الفرد الشرقي بكل اثنياته، وبكل مذاهبه واديانه، لانه ليس الا سليل اوهام التاريخ الذي دونه بنفسه وانحاز منذ البدء لبني جنسه وفضله على غيره، وغير ملامح الكثير من افعاله الشنيعة تجاه الانسانية، واعتقد بان اي مجتمع يبني اسسه على الاوهام التاريخية التي يرويها بنفسه ليقنع الاجيال بانه كان متسيداً ومتجبراً ومتسلطاً على العالم فانه لن يغدوا الا مجتمعاً ببغائياً مقلداً متخلفاً في جوهره ومتعملقاً ومتباهياً في ظاهره.. لانه ما ان يخضع التاريخ الى الحقائق والحقيقة حتى يتم كشف الزيف الذي فرضه هولاء على الواقع ومن ثم تتحول المجتمعات بصورة طوعية الى مغارات مظلمة يحاول البعض من اشباه الحكماء التسلط فيها وذلك بطرح افكار خارجة من مجتمعات تقدر القيمة الانسانية للانسان، داخل مجتمعات اسسها مبنية على وهم التفاضل على الاخرين.. وبذلك تبدأ المفاهيم بقتل نفسها حين تجد الممارسات التي تحدث الفوضى باسمها.
والحرية باعتبارها اهم الركائز الفكرية التي طرحت سابقاً وحاضراً وستطرح مستقبلاً، تعيش حالة من الهيستريا الجدلية، لكونها في المجتمعات الشرقية كانت ولم تزل تتحول الى برك دم وموت وخراب، دون ان يعي احد القيمة الدلالية والفعلية للممارسة الحقيقية لفعل الحرية، ولسنا هنا بصدد اعادة المقولات الكثيرة التي لاتعد ولاتحصى عن الموجبات التي انجبتها المطالبات الشعبية للحريات بكل انواعها على مر التاريخ الشرق الاوسطي ولاسيما في الاونة الاخيرة حيث تحول مفهوم الحرية وصناعة القرار والاستقلالية والتحرر من الامبريالية والشعوبية والدكتاتورية الى محطات ذات فواصل كارثية بحق الشعوب، وكل هذا وحسب اعتقادي راجع الى الممارسة السيئة للفعل المتعلق بالحرية وسوء فهم المنطق المتعلق بالحرية، وبالتالي سوء استخدام منتجات الحرية ضمن الجغرافيات المتاحة.
ونحن في كوردستان لم نستثنى من هذه الممارسة غير المنطقية لموجبات الحرية والتحرر، لكوننا حولنا تلك المفاهيم ضمن قوالبها الاصلية وحاولنا ان نسقطها على واقع متردي سياسياً واقتصادياً ومنهك اجتماعياً، فكانت النتيجة ان حولنا المسارات التاريخية الى اصفاد وسلاسل تعيق الحركة التحررية باكملها، وذلك خدمة للمصالح الذاتية الحزبية، دون ان نحاول ولو لمرة ان نخوص في المعطيات التي انجبت الحرية واعطتها ذلك البعد الايديولوجي العالمي والتاريخي معاً، وبالتالي فقط خضنا غمار التجربة كاغلب المجتمعات الشرق اوسطية، وذلك عن اخذ الفكرة ببغائياً في التلقين والالقاء، وتقليداً في الممارسة والفعل، فاغرقنا السفينة في وحل لم نعد نعرف كيف نخرج قاعها منه.. فلا المعارضة السياسية هي معارضة تمارس الحرية وفق منطقها الممنهج المؤدي الى خلق التغييرات اللازمة لكل المرحلة، ولا الساسة " الاشخاص" استطاعوا ان يحدثوا بمقولاتهم وتصريحاتهم وارائهم تلك المساحات الممكنة لخلق ابواب تفضي الى الخروج من الوحل، وهذا بالضبط ما نسميه اللعنة التلازمية التي سترافقنا لعقود اخرى طالما لانجد الممرات المناسبة لكسب الحرية، وللأخذ بالافكار التي تخدم القضية، دون اللجوء الى العنف اللساني التصريحي المؤدي الى خلق انشقاقات اخرى داخل الاجتماع المنشق اصلاً بفضل الانشقاق الحزبي.
ان المتابع للمجتمع الكوردستاني سيجد ان بنيته تكاد تنهار بسبب عمق الانشطار الفكري والتوجهي والتحالفي فيه، واعتقد بان هذا الامر ناجم وبشكل اساس الى سوء الفهم الحاصل في الاخذ بالمفاهيم وبالاخص مفاهيم الحرية، ففي حين يظن البعض ان الحرية هو ان تخرج للشارع لتطالب بحقوقك نجدهم انفسهم يقومون بتأطير ذلك ضمن هياكل التحزب وهذا ما يعيب الخروج وليس الخروج نفسه، لانه حين يكون الخروج شعبياً دون محركات ذات اجندات خاصة.. وقتها تكون الحرية في مأمن من اية اشكاليات خارجية، ولكن العكس يخلق التماهي بين المدلول والفعل، ولا اجد الا الخلط الحاصل بين الاخذ بمفهوم الحرية وتطبيقه واقعاً، وهذا ما ادى ويؤدي دائما الى الفوضى وعدم الاحترام السائد في الاجتماع الكوردستاني حالياً؛ فضلاً عن التصريحات اللامسؤلة من بعض الشخصيات السياسية التي تخلق دائما رفضاً شعبياً مضاداً بالاخص اذا ما كانت تلك الشخصيات من الاحزاب المعارضة.
وما يعني بالتالي ان الخيط الرفيع الذي يفصل الحرية عن الفوضى لم يعد له وجود في مجتمعاتنا، لكوننا اصلا مجتمعات لانهتم بالاتجاهات ولا المسارات ولا حتى الحقائق، طالما نحن نلبس رداءً عصرياً ونملك لساناً ينتج ضمن ادبياته الكثير من اللغط السياسي التمردي الرفضي غير المحكم الى العقلانية، وذلك تحت شعار ممغنط ذا ابعاد عالمية يسمى الحرية.. ونسعى ضمن نطاقنا الاثني القومي الديني العرقي الحزبي التحالفي لخلق نهج غير منظم لممارسة فعل الحرية.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب التصريحات والاجندات وحتمية المنظومة
- الحرية بين الازدواجية والواقع
- حرائق اسرائيل هل هو الانتصار العربي المنشود..؟
- الارهاب التركي والتطبيل الخليجي
- النزاعات الداخلية هل تخدم القضية الكوردية
- مابعد اوباما والعهد الترامبي
- المشهد التركي بين فلسفة التاريخ والواقع
- مابعد تحرير الموصل اراء وتكهنات
- الدافعية (Motivation ) واثره على المتعلم في اقليم كوردستان
- البيشمركة/ قصيدة
- دار الكفر ودار الخليفة
- ارهاب داعشي ام داعش ارهابي
- عملية تحرير الموصل بين الوطنية والمصالح
- امسية ادبية حول الكتاب النقدي( دوافع هلكورد قهار الشعرية وتن ...
- نحتاج الى لغة انسانية
- هل هي مزايدات ام حرية
- اصدار نقدي بعنوان - قراءة في دواقع هلكورد قهار الشعرية وتنوع ...
- لعبة المصالح والكورد
- خبث عجوز/ قصة
- الى اين نسير..؟


المزيد.....




- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- مراسل فرانس24 في طهران في قلب مراسم تشييع قتلى الحرب بين إسر ...
- ترامب: محاكمة نتنياهو تعيق قدرته على التفاوض مع إيران وحماس ...
- موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، فهل تغيّر طقس القارة العجوز؟ ...
- Day at the Races 789club – Cu?c ?ua t?c ?? m? màn chu?i th?n ...
- عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: نعتزم مع شركائنا الأوروبيين ال ...
- العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
- فيديو.. عامل معلق رأسا على عقب في الهواء بعد صدمة مفاجئة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوتيار تمر - بين الحرية والفوضى