أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الرجل ذو البشرة السمراء














المزيد.....

الرجل ذو البشرة السمراء


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5423 - 2017 / 2 / 5 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


الرجل ذو البشرة السمراء
مهداة الى المحامي جبار مطر

كان الجو بارداً ذلك اليوم، هذه هي ايام كانون الثاني، في هذا الشهر بالذات عادة ما تمطر السماء بغزارة. صعدت الغيوم الى كبد السماء، منذرة بسيل من المطر المعهود.
كان الرجل ذو البشرة السمراء الداكنة يشعر ان ضغط دمه مرتفعاً، فتح علبة اقراص الدواء، تناول قرصاً، لعل ضغطه يتوازن، لكن القرص، كما يبدو، لم يأخذ مفعوله، كما كان يتوقع. ظل جسده متراخ، ويداه ترتجف قليلاً، الا انه ما كان يعبه بادئ ذي بدء بالأمر. جلس قبالة مكتبته التي تحتوي على اصناف عديدة من الكتب، منها الفلسفية ،التاريخية، السياسية ،الادبية والفكرية، ومعظمها الكتب القانونية بكل اصنافها واتجاهاتها، والسبب كونه رجل قانون، اذ انه قد درس القانون على يد امهر الاساتذة في هذا الفن، حتى تخرج محامٍ وراح يمارس مهنته حقبة طويلة من الزمن تربو على خمسين عاماً او تزيد قليلاً.
الغريب في الامر، انه لا يأخذ نقوداً كثيرة مقابل اتعابه لكل قضية يكسبها، ليس لأنه ملتزم دينياً ويعد ذلك من باب الحرام، كلا ابداً، بل انه رجل علماني، ويميل الى الماركسية، لكن في داخله انسان، يحب الناس ويكن لهم بكل الاحترام والتقدير، ويشعر ان اخذ الاموال الكثيرة قد ترهق صاحب القضية مادياً ويعتبر هذا غبن، لا يجوز لأي انسان ان يفعله، لاسيما انساناً متعلماً مثقفاً، فضلاً عن كونه زار بلاداً اجنبية وعاش مع ذلك المجتمع، وشاهد بأم عينه، تعاملهم الانساني الذي قارنه بمجتمعنا، فتبين انه لا يشكل قطرة في بحر.
الرجل الاسمر هذا، يسكن في منزل متواضع جداً بمفرده، ليس كونه اعزب، كلا بل انه متزوج وله اولاد وهم ايضاً متزوجون، ويسكنون في بيوت خاصة بهم، واحد اولاده مسجوناً في قضية قتل، وهذه وحدها مأساة اخرى تضاف الى هذا الرجل.
المهم انه يسكن حالياً بمفرده، بعيدا عن زوجه متهما ايها انها شطحت عقلياً، يقصد قد اصيبت بالجنون، او هكذا كان يتصور.
فتح علبة الدواء تارة اخرى، تناول قرصاً آخر، لكن الضغط لا زال كما هو، شعر الرجل بالإعياء وكاد ان يغمى عليه، وجسده يضطرب، كالسعفة في مهب الريح، او كريشة طائر يعبث بها الهواء .. واخيراً نقل الى اقرب مستشفى لإجراء اللازم واخذ الفحوصات. ها هو الان جالساً امام مكتبته يتأمل كتبه، تارة يقلب صفحات هذا الكتاب، واخرى يزيح التراب عن ذلك الكتاب الذي لم تحن ساعة قراءته ولم يسمح له الوقت بتصفح وريقاته. راح يبتسم من القدر، و ينظر الى هذه الكتب، تذكر الجاحظ حينما سقطت عليه مكتبته فمات شهيد الكتب، هو معجباً جداً بالجاحظ، ومكتبته تحوي العديد من كتبه. حانت منه شبه إغماضه. راح يستعرض شريط حياته، مرت على مخيلته كثير من الاحداث، لو بإمكانه كتابتها لجعل منها مجلدات وليس مجلداً واحدا فحسب. تذكر محلته واصدقاء الطفولة، تلاميذ الابتدائية، المتوسطة، الاعدادية، حيث زملاء الجامعة وتعيينه كمساح في دائرة حكومية، عرج الى الاصدقاء الذين مروا في حياته حتى طواهم الزمن وسحقتهم الايام. واصبحوا في خبر كان، هو لا بد ان يلتحق بهم، شاء ذلك ام ابى. وحينما صحا من غفوته، تمنى ان يشرب كأساً من الخمر لعلها تعدل مزاجه وتنقله من عالم الى آخر، عالم اكثر هدوءً واطمئناناً. تناول زجاجة الخمر، وضع فيها مقدار حسوة، رفعها الى فمه، وسكبها مرة واحدة، انتابه بعدها غفوة لم يشعر بها فنام نومة ابدية.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون يأكلون الآلهة!
- -سنجعل أمريكا عظيمة مجدداً!-
- عالية نصيف، وظاهرة التحرش الجنسي
- من قاموسنا الاجتماعي (الزكرتي)
- عساها بحظ الفيس بوك
- يا للهول ... مليوناً و938 الف مطلقة وأرملة
- قواعد داعش الفقهية(2)
- قواعد داعش الفقهية(1)
- بالاموال يستطيع الانسان أن ينكح العالم!
- متى العباس يجلب الماء لسكينة؟
- ما مدى صحة نظرية وأد البنات؟
- الطفلة عائشة - زوجة(7)
- نعم هذه مضار الصوم
- عائشة الطفلة -زوجة(6)
- عائشة الطفلة - زوجة(5)
- عائشة الطفلة -زوجة(4)
- عائشة الطفلة- زوجة(3)
- عائشة الطفلة- زوجة(2)
- عائشة الطفلة - زوجة(1)
- (وجع الذكريات) مجموعة شعرية لجميل الكعبي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الرجل ذو البشرة السمراء