أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - حكاية قتيلة / قصة قصيرة الى روح اختي .














المزيد.....

حكاية قتيلة / قصة قصيرة الى روح اختي .


سمرقند الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 13:34
المحور: الادب والفن
    


حكاية قتيلة
الى روح اختي

شباط 1977:
كان يوما باردا عندما ولدت أمي بنتا سمراء اختار لها ابي اسما من كتاب الف ليلة وليلة أراد ان يكون اسمها "انس الوجود" تيمنا بجارية فطنة محبوبة ذكية ، ومن اول يوم لها في هذه الأرض عقدت صداقة مع ضعف صحتها، لكن طالعها من برج الدلو كان يميل لجعلها كثيرة الحركة كنحلة تحب بستانها، عرفوها محبوبة من اقاربها وجيرانها وكل من عرفها اعترضت جدتي على الاسم وانتظرت التحاق أبي في الجيش الشعبي لتخرج لها هوية أحوال مدنية باسم " انيسة" قائلة للضابط المسؤول عن التحقق من الأسماء :-" عيني ما عليك شمكتوب ببيان ولادتها، اكتب انيسة ، لا أنس الوجود ولا بطيخ، قربانه للوعد ،ابوها بطران "حمودي" حيكسر حظ بناته بهالاسماء "

تشرين الأول 1983:
دخلت المدرسة وتعلمت الكتابة، احبت الرسم فلقد كانت ترسم اشياءا غريبة عن عالم تراه وحدها، أتذكر ذلك اليوم الذي خرجت فيه منتصف الليل راكضة في الشارع بلا وعي وهي تصرخ ( جمر ، جمر) كانت ترى في لحظات فقدانها للاتصال بعالمنا ما يحرق جسدها اخذها أبي الى طبيب نفسي وكنت اراقبها وهي تدفن الدواء تحت شجرة التوت الكبيرة في بيتنا كارهة طعمه ومفعوله ، ولكن جدتي زكية اختارت لها شيخا قرر ان يربطها الى شباك فضي ويقرأ تعاويذه عليها ابنة الست سنوات التي كانت ترى الجن القصار القامة ذوي العين الواحدة وهم يتقافزون لإحراق اخوتها النائمين.

كانون الأول من سنة ما:
كبرت " نوسة " ودخل اخوتها الثلاث الذين يصغرونها معها الى الابتدائية لتتولى مهمة اصطحابهم معها وتوجيههم كأنها أم، تلك الفتاة القصيرة التي تسميها جدتي " فلفل" لأنها كانت تتحرك بسرعة وحيوية، فلفل تعلمت فنون الحياة لامرأة كبرت مبكرا بسبب مرض والدتها، فلفل تعلمت الخياطة، فلفل لا تنام ظهيرتها لتطبخ اشياءا غريبة تخترع لها اسماءا تضحكنا، فلفل حبيبة ابيها التي لا يزعل من لسانها الطويل الذي يشابه لسان الغجر.

شهر ما من سنة 1992:
يدخل والدها السجن ظلما، وترى عالما آخر اشد قسوة، تتولى مهمة أكبر من عمرها الوردي وتحاول امساك تفاحتين في يد واحدة، تكتب مذكراتها عن اول حب لها وأول موعد قرب جسر الصرافية، تتفتق الانوثة مثل النار في اوردة فتاة الفلفل، وانا كأخت كبرى اتلصص على عالمها وكقوات التدخل السريع أتواجد كي لا تسقط حمامة قلبي في شراك آدم.

أيلول 1998
تتخرج من معهد الإدارة، مخلفة وراءها عشرات القلوب التي كانت تتمنى ان تكون " نوسة" زوجة لهم"، ورغم تاريخ والدها المعادي لأنظمة بلاده الدكتاتورية التي تحرم ذوي المعارضين من حق التوظيف، استطاع ذلك الذي يقدس مسيرتها ان يجد لها وظيفة حكومية ويظلل المخبرين الذين يتقصون سيرة الموظف قبل تعيينه، صارت أبا لنا، تتفقد نواقص البيت وتعيل افراده بمرتبها الذي طرح الله فيه كل بركته.

تموز عام 2000
يساق والدها للإعدام بالسم، وتصاب والدتها بالعمى، ولكنها تعرف كيف ترمم بيتها بالفرح.

شباط 2006
تختار لها الاقدار زواجا بائسا من رجل لا يعرف الحب، وتنجب ابنتها التي تشابهها حظا ولا تمكث في دار إلا وانتقلت لغيره فلا يتغير طالعها الموسوم بالتعب، ولا تتغير ضحكتها الحلوة، كانت أياما من الحنظل وهي تتعرض للضرب لأول مرة في حياتها.
من أمن للزمان فهو خاطئ، فبعد عام ونصف يحرق زوجها البيت ويرمي عليها يمين الطلاق، عادت لتعيش معي هي وابنتها " مريم" فصرنا عائلة من امرأة مطلقة وأخرى ترى في عدم الزواج اختيارها الأفضل، كنت اعود من عملي لاجد روحا تبدد وحشة بيتنا الواسع في الوزيرية، ونختار مساءات بين التبضع والشواء وزيارة الأصدقاء كأننا نكتب قصة حلوة لثلاث نساء " مريومة، ونوســــة، وانا"

2009- 2013
ست سنوات، يتوافد الخطاب على اختي وهي ترفض، ست سنوات كانت استراحتها الوحيدة من العذاب، فلقد استأجرنا دارا حلوة قرب دجلة، وعادت أصغر اخواتي للعيش معنا هي وأولادها، يا رب هل كانت السعادة تعلن الصلح وتمد يدها لتمسد على قلب اختي، أم كانت الأعوام تستغفر عن ذنبها بحق عائلتي، غير ان الاستراحة انتهت بسـرعة.

حزيران 2013

تتزوج من رجل مطعون بالصمت والانزواء، يشابه زوجها الأول في موت قلبه وطمعه بما تملك، اختي كان لديك حلم بأن تمتلكي دارا من كد يديك، تحرمين على نفسك لذة الشراء لتجمعي المال لاجل حلمك، اختي كنت تحلمين بان تلدي ولدا كي تحققي لأمي الراحلة رغبتها، عام ونصف من وجع خفي ، لم تخبري أحدا بحزنك الجديد ونارك تحرقك وحدك وانت كل يوم تأكلين نفسك " هل اظل مع رجل يظلمني خوف الطلاق للمرة الثانية ، ام الوذ بصمت ينخر عظامي الناعمة ، تزوجت لعله يكون أبا لابنتي او حبيبا يعوضني او عائلا ، بل كان علة أخرى هو وبناته على قلبي".


شباط 2015
عام ونصف من المشاكل والحزن ، ولكنك تنتفضين هذه المرة ، ولا تقنعين بطفلك الذي حقق الله لك نعمة ان تحمليه في احشائكِ، جاء متأخرا ، فلا فرح يكتمل لديكِ، لانك لم تعودي تحبين ان تظلي مع رجل يهينك ويضرب ابنتك ، تقررين الطلاق بعد الولادة، اذن سيحرم زوجك من نعمة التمتع بما تدرينه عليه من مالك ، سيعود كادحا ذلك الذي تعلم ان يعيش اميرا بفضلك بعد ان كان يعمل من الصباح الى المساء ، ذلك الذي كان يخجل مني ويقول انه يتمنى ان يعلو لمقامكِ، ترى كم لزمه من الوقت ليقرر مع قريبته القابلة المأذونة على تدبير خطة قتلك بجرعة زائدة اثناء الولادة لتمزق رحمك المسكين ولتنزفي حد الموت سرا بدون اخواتك الأربع ، يختار لك الله الشهادة ، ويختار اليتم قدرا لابنتك وابنك من بعدك ، ترحلين من مساء قارص البرد تاركة نارا لا تهدأ تاكلني طفلان بعدك يحملان قدرا غامضا ، وقصة امراة اختار لها ابي اسم " أنــس الوجود " لكنها لم تر غير تعاسة وجودها في الحياة ، تمضين بعد ستة وثلاثين ربيعا الى جنتك راضية مرضية .

من مجموعتي القصصية (علب كبريت )
دار الروسم
2016






#سمرقند_الجابري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مخلفات الحرب - معرض نحاسي للفنان -حيدر عرب-
- اربع شاعرات يستقبلن العام الجديد
- الدورة ال60 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب
- ورشة السلامة المهنية للصحفيات العراقيات
- التشكيلي العراقي سعد الطائي و (مائيات) عمره الجميل
- فلم (محمد رسول الله) المثير للجدل في بغداد
- عمر السراي يحتفي ب - وجه الى السماء ونافذة الى الأرض-
- مهرجان الشعر العربي الافريقي في السودان
- الفنان العراقي علي العزي مرشحا عن العراق في عالم الفن التشكي ...
- ثمانية فوتوغرافيين في قاعة كولبنكيان
- رحلتي الى ماليزيا
- مهرجان ( سُر من قرأ) في سامراء
- جرح الكرادة - الى ارواح شهداء الكرادة الكرام
- المغدورون - قصيدة لضحايا مجزرة سبايكر
- قرش
- تسعة وخمسون خزافا يعيدون مجد الطين
- زياد جسام فنان يدعونا ل (إعادة تدوير ) في برج بابل
- مسرحية يا رب : أمهات يمهلن الله 24 ساعة لايقاف الحرب
- عشرة دول ترسم لمهرجان (على طريق القدس)
- مسرحية ( سليفون ) احتفاءا بيوم المسرح العالمي


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - حكاية قتيلة / قصة قصيرة الى روح اختي .