أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر علي رشيد ـ الحرب والطفولة














المزيد.....

الشاعر علي رشيد ـ الحرب والطفولة


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 397 - 2003 / 2 / 14 - 01:50
المحور: الادب والفن
    



 

  من يقرأ الشاعر علي رشيد عليه أن ينسى نفسه ويأتي إلى هذا الديوان كما يأتي طفل أول مرة إلى حقل أزهار وفراشات ومكائد وعصافير خائفة وعليه أن يتعلم فك رموز الكتابة.

وماذا عليه أيضا؟
عليه أن ينسى المعنى المألوف للكلمات، لأن علي رشيد يبلبل الذاكرة، ويهشم القاموس، وينبش الحجر والمكيدة والحرب ويقلب النظام المتعارف للكلمات.
إنها كتابة  النسيان.
نوع من حفر الذكرى على الموج أو الريح أو الغياب أو الرمل أو المطر أو الضباب.

 هذا الشاعر الخارج من خرائب الحرب وأنقاض الفجيعة مسكون بذاكرة لا تهدأ ولا تنسى ولا تستريح.
ذاكرة تصهل.

كل شيء عند علي رشيد يأخذ معنى مغاير، وتتحول الكلمات في قصيدته إلى مخلوقات لها هيئة جديدة.

فللبنادق( مكر العوانس).
وللبنادق( آلهة تبيح قيامتها).
والمدن يا علي رشيد؟
( مدن تبيح خصائصها للغزاة).
 والبيانات؟
(بشراهة الموت تتقافز البيانات، وهي مصاغة
  بحكمة الثعالب).

علي رشيد طفل كربلائي خارج من مواكب العزاء والرايات السود ومشاهد الموت الطقسي، وحزن العصور التي ما نست  ليل الخديعة.

لكن الخديعة  تتقمص شكل المواسم وتطيح بالأسماء، وهو يريد صحوة:
( صحوة تعرف أن تخوض خديعتها).

 وكيف؟
( غيبة لا تلوي خديعة المكان
 تمسك بأعنة
 ممالك مأهولة بأبخرة هامدة
تبحث عمن يوقد بهجة السواد).

هل هو ديوان مراثي للعائدين من الحرب؟. هل هو نشيد حزن عن قيامة لا تنهض إلا من جفاف ورماد وموت؟ هل هي حكاية أيوب مرة أخرى؟ وهل أرضنا هي أرض( عوص) موطن الألم  و الابتلاء؟.

 وماذا عن الجند؟
 ( إن الجند أكثر حماقة من أنقاض الحرب).

جيل علي رشيد غارق حتى في الحلم بمفردات: الخديعة، الخطيئة، المكيدة:

*( ريح هنا
مقصد آخر للشروع،
فتك يتذرع بالمكائد).

*( للغارقين في مكائدهم، للهاربين من  مداخل الحكاية).
*( يطيبون هواء الخديعة بماء الورد)
*( والأرض بيرق لا تحركه المكائد).
*( لنسوق جمال الخديعة لمستهل جديد).

لكن من يكتم السر؟.

( هذا الذي رجوته أن يكتم السر
لم يكن أخي أو صديقي الذي يستعيد بداءته بي
ولم يكن رفيق دراستي المتجمد كالحصى
بل هو السر نفسه).

  من خرب ذاكرة علي رشيد؟ وكيف انقلبت الأسماء؟.

إنها الحرب.
( كنا نسمي الأشياء بأسمائها
حتى إذا ما جاءت الحرب
أصبحنا نسمي
 الأيام مقابر.. والمساءات فجيعة
والحلم.. دما شاحبا).

 وبعد كل هذا الخراب، ماذا تبقى لنا يا علي؟
( لم نكن نملك غير أسمائنا
تلك التي غيبتها المنافي).

هذا الشاعر الطفل قرر العصيان في طفولته والمكوث فيها فليس غير البراءة  من يحمي من بطش الخديعة:
( لو
 أني ملكت مفاتيح خطاي
لما سلكت
غير درب الطفولة).

يبني علي رشيد تجربته الشعرية بصمت الأزهار والسواقي وهدوء الينابيع  وجمال نوم الفراشات المتعبة.

شاعر لا تقترب منه أقلام النقاد ولا إعلانات الصحف ولا تحبه مهرجانات وغير مدعو إلى احتفالات الصخب. وهو يرفض أن يوظف أحزانه في مشهد الزور ويقيم في ذاكرة لا تمل من الصهيل، وهي آخر ما تبقى  له فوق هذه الأرض الخراب.

إنه شاعر أعزل يحتضن براءته كما يحتضن طائر قطبي جناحه داخل العاصفة  ويحلم بالنسيان.
علي رشيد شاعر آخر من جيل الرماد سوف نتذكره كثيرا في مواسم قتل قادمة !
ـــــــ*
يقيم علي رشيد في هولندا، وديوانه( ذاكرة الصهيل) صدر من دار نينوى، دمشق، سنة 2001ـ 2002.
* عنده كتاب آخر ( أضحية رمزية لمعارك الله) تخطيطات مع قصائد، وهو رسام أيضا.




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة البطريق ـ نقد العقل الاختزالي 8
- محنة البطريق ـ تفكيك صورة الجلاد 7
- محنة البطريق ـ نقد العقل الجنسي 6
- محنة البطريق ـ مقتل محارب نظيف5
- محنة البطريق ـ الحريق، الحريق 4
- محنة البطريق ـ الرؤية المشوهة
- محنة البطريق ـ فوضى الادوار2
- محنة البطريق وعلامات التحول 1
- الكتابة والاحتيال
- بغداد لن تتزوج الجنرال
- الروائي محسن الرملي ـ الحرب والفتيت المبعثر
- الروائي صدام حسين ـ مسخ الكائنات
- الروائي حيدر حيدر ـ وليمة لأعشاب الظلام!
- الشاعر دينيس دوهاميل ـ كيفية مساعدة الاطفال اثناء الحرب
- الروائي صنع الله ابراهيم ـ رواية وردة والمسكوت عنه
- الى المتماوت رعد عبد القادر ـ مات طائر بغداد المغرد
- الشاعر الشيلي بابلو نيرودا ـ تعالوا انظروا الدم في الشوارع
- الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين
- الروائي الالماني هرمان هيسه ـ اذا ما إستمرت الحرب
- الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر علي رشيد ـ الحرب والطفولة