موسى راكان موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5413 - 2017 / 1 / 26 - 00:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يختلط الحابل بالنابل حين يجري تداول لفظة (العلمانية) ، دون الغفل عن العادة في جعل (الدين) كطرف آخر نقيض في أي معادلة تكون العلمانية فيها . و لتجنب الولوج في وحل الاشكالات و الاستشكالات المفاهيمية للعلمانية ، فسيُكتفى بتعريفها بكونها نظام حكم وضعي بشري .
هذا التعريف محايد جدا بالنسبة لمن ينطلق من قاعدة فكرية مادية ، إذ يمثل كل أنظمة الحكم التي عرفتها البشرية أو ستعرفها ، و هذا يعني أن النظام الديني (الثيوقراطي) هو علماني ، لأنه نظام حكم وضعي بشري ، بغض النظر عن الهيئة التي يزعمها أو التي بها يبرر الأنماط التي يحويها نظام الحكم . بالتالي فإن رفع راية العلمانية ستبدو عبثية بالنسبة للمادي ، إلا إن كان أقصى ما يبتغيه من القائمين على نظام الحكم أن يعترفوا بكونه نظام حكم وضعي بشري ! .
أما بالنسبة لمن ينطلق من قاعدة فكرية مثالية ، فلا عجب في أن تصير هيئة نظام الحكم هي نظام الحكم نفسه ، فنظام الحكم ديني لأن هيئته دينية ، و نظام الحكم علماني لأن هيئته علمانية ! .
بالنسبة للمثالي فالأمر متوقف على :
* تسمية هيئة نظام الحكم التي يصرّح بها القائمون على نظام الحكم .
* أن يُسمي المثالي نظام الحكم بهيئة هو يرتضيها ، و إن خالفت التسمية التي صرّح بها القائمون على نظام الحكم .
بالتالي ففي المثالية ، فإن الاختلاف هو في المسميات و الألفاظ ، و الخلاف لا يتعدى الحدود الذاتية من الرضى و القبول و الرفض . لكن في المادية ، فإن الاختلاف يظهر سطحيا ، و الخلاف سيكون ما بين السطحية و تجاوز هذه السطحية .
إن المرء الذي يحدد هويته (علماني) أو رايته (العلمانية) لم يمض أبعد ممن يحدد هويته (ديني) أو رايته (الدين) ، فكل ما قام به هو أن ((شارك)) الآخر في البنطال ، كما فعل مارتن لوثر الذي جعل العلماني و رجل الدين يشتركان في حق تفسير الإنجيل ، محولا بذلك العلماني إلى رجل دين آخر ! .
#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟