عبد الله أبو راشد
الحوار المتمدن-العدد: 5408 - 2017 / 1 / 21 - 17:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الرئيس "دونالد ترامب" الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية:
المسمار الأول والأخير في نعش الولايات المتحدة الأمريكية
"الأمم المتحدة ليست صديقة للديمقراطية... أو صديقة للحرية"
من تصريحات "دونالد ترامب" أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الصهيونية (أيباك)
عبد الله أبو راشد*
لا يختلف أحداً قط على القول: ان الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب" سيواجه ملفات سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية وأمنية ساخنة, سواء على الصعيد الداخلي الأمريكي في الولايات كافة. أو من خلال ما حولها من الدول التي تربطها بها علاقات تعاون استراتيجي وود وإعجاب من دول وحكومات وطغاة ومصالح. أو تلك التي تناصبها العداء من دول وشعوب ومنظمات مدنية وأهلية متنوعة الأيديولوجيات. وهي ملفات مفتوحة على مصراعيها أمام الإدارة الأمريكية بماركتها الجمهورية. والتي حاول الرئيس " ترامب" في استهلال كلمته القصيرة في يوم تنصيبه التوجيه والإيحاء في رؤيته الشخصية الكاشفة لذاته وطموحاته ومصداق أقواله, والتي ظن أنها الصواب في مخاطبة جمهوره ومواطنيه الأمريكيين وسواهم.
كلمات أمريكية قومية بامتياز, تُعيد أمجاد الغطرسة والعربدة الرعناء المصحوبة بفلسفة القوة وقوة رأسمال الربوي الجشع, وإحياء لذاكرة رجل الكابوي ورامبو الأمريكي الأبيض الذي لا يُقهر, والذي لا يعرف أي مكان للقيم ومكارم الأخلاق في سلوكه ولا الصداقة ولا احترام كرامة وحرية الشعوب والإنسان. وهي ملفات سترافقه في مُجون تصريحاته المُسبقة وكلماته القصيرة المقتضبة تلك, في حفل تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية منذ يوم العشرين من كانون الثاني يناير 2017, والتي ركب صهوتها برعونته المشهودة وغباءه المعهود كمدير لشركة استثمارية وليس كرئيس دولة, في خطاب أمريكي شوفيني بامتياز والتي تذكرنا كلمته بالطغاة العرب الديماغوجيين والثرثارين.
وأول الغيث قطرة في سلوكه المدون في مدارات رعونته وخطواته المتسرعة في إلغاء قانون "أوباما كير" والموصول بشريحة اجتماعية واسعة من المجتمع الأمريكي منتفعة بذلك القانون. ونذكر بعضاً من الملفات الصعبة التي ستواجه إدارته الجمهورية وفق ما يلي:
1- مظاهرات الاحتجاج الغفيرة في جميع الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا وجميع دول العالم المنددة بتنصيبه كرئيس. والتي تعني أنه في المكان غير المُرحب به أو المُريح.
2- مفهوم الأمن القومي الأمريكي الجديد وحدود رؤاه وتكتيكاته واستراتيجياته. والمُعبر عنها علنا بمقولة" أمريكا أولاً".
3- الوضع الاقتصادي والمعيشي الداخلي للطبقات الوسطى والفقيرة التي أيدته وساندته في وصوله للبيت الأبيض, واختبار وعوده في تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والصحي والمعيشي والخدمي و التعليمي والتقني والعسكري والأمني ومحاولة الحد من التضخم والبطالة. وتغيير السياسات التي درج عليها الرؤساء الذين سبقوه.
4- قضية المهاجرين وضبط الحدود وتسربهم والتصريحات العدوانية اتجاههم, بما فيها تهديده للإسلام السياسي الراديكالي المتطرف في محوه من الخارطة الكونية على طريقة " وليد المعلم" بوق النظام السوري.
5- الاتفاقيات الدولية المنعقدة مع دول الاتحاد الأوربي وسواها من الدول, والتنديد بحلف الناتو, بما فيها الاتفاق النووي الإيراني, وقضايا سباق التسلح والحفاظ على البيئة.
6- المواجهة المحتملة مع دول البريكست, لاسيما الصين الشعبية التي يغزو اقتصادها ومنتجاتها جميع الأسواق الأمريكية.
7- مشكلات الربيع العربي في شعوبها الثائرة لحريتها وحقوقها وكرامتها, ودولها التي ساهمت الولايات المتحدة في الحفاظ على الطغمة العسكرية الحاكمة فيها وسورية خصوصاً.
8- القضية الفلسطينية ومشكلة الصراع العربي الصهيوني, والفلسطيني الصهيوني ومعضلة حل الدولتين, والتصريحات المُعلنة والمنحازة للكيان الصهيوني, سيما التلويح بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
هي ملفات عاجلة ومُلحة ستطال إدارته الجمهورية عموماً وقيادته الشخصية خصوصاً كرئيس لأقوى دولة في العالم. وتضعه وتضعها وجها لوجه مع جماهير الشعب الأمريكي ومؤسساته الحكومية ومؤسساته الاقتصادية والفكرية والعسكرية والصحية والثقافية وسواها, لاسيما فئات الطبقات الوسطى والفقيرة ومن شرائح الشباب الذين أوصلوه للبيت الأبيض. وقد كانت لخطوته السيئة بإلغاء قانون " أوباما كير" أول صفعة تتلقاها هذه الشرائح من ناخبيه الأمريكيين. وأن مقولته " أمريكا أولاً" هي مجرد شعار مرفوع لدغدغة العواطف الأمريكية ليس إلا. وسرعان ما يكتشف الأمريكيين خديعته المُتخفية وراء طموحاته الشخصية كرجل أعمال يليق به قيادة شركاته ومؤسساته المالية والاقتصادية وحسب, وليس بوصفه رئيس دولة.
وأن سلوكه الشخصي لا يلغي أهمية فريق عمله وطاقمه الرئاسي وإدارته المؤتلفة من حزبه الجمهوري. وهي التي ستحدد في قوادم الأيام طبيعة توجهاته, بوضوح تام لا لبس فيه من خلال وضعها استراتيجيات وتكتيكات مناسبة لإدارته من اجل مواجهة ما سبق وذكرنا من ملفات ساخنة ستواجه الرئيس وإدارته مجتمعة. وثمة من يُعول على تعديل سلوك الرئيس بوصفه تاجر وصاحب رأسمال ربوي جشع, وبينه كرئيس دولة هي مسألة شائكة أيضاً, ولنا فيها وجهة نظر: لن يستطيع الرئيس " دونالد ترامب" تغير جلده وسلوكه في ليلة واحدة أو بضع أشهر أو سنوات. بل سيبقى هو ذاته التاجر الماهر في الربح ومزيد من الربح المالي وتركم الثروة والمتعة المستباحة لجميع أنواع البشر, بذهنيته المعروفة والموصوفة سلوكا وممارسة شخصية. وسيكون حسب ظني واعتقادي الرئيس الخامس والأربعين الأكثر سوء وشهرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية, وبمثابة المسمار الأول والأخير المطروق في نعش الولايات المتحدة الأمريكية, وسبباً في تفككها وانهيارها ودمارها كما كانت عليها الحال لدى نظيره الروسي " غورباتشوف" الذي كان سبباً في تلاشي منظومة الدول السوفيتية ذات يوم. وهذه المقاربة تليق بشخصه ولا يُجاريه فيها بالولايات المتحدة الأمريكية أحد, وسيكون باستراتيجية الفوضى الأمريكية التي صنعتها عائدة عليها بسوء أعمالها وأفعالها وسببا فمن أسباب تفككها وضعفها وتلاشيها, وتكوى بنيرانها وفعلها المُدمر جميع الولايات المتحدة الأمريكية, وهي باعتقادي قابلة لذلك الانهيار.
• باحث وكاتب فلسطيني سوري
#عبد_الله_أبو_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟