عبد الله أبو راشد
الحوار المتمدن-العدد: 5324 - 2016 / 10 / 25 - 18:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مهزلة طروحات النقاط العشر الفلسطينية بدثار إسلامي
عبد الله أبو راشد*
لقد كلفتنا النقاط العشر "القومجية واليسارية" للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بمعية "أبو النوف" التي أعقبت حرب المهزلة العربية الصهيونية في تشرين الأول للعام 1974. دماء فلسطينية وعربية كثيرة, وانقسامات عامودية وأفقية وحروب طاحنة ودامية ومُدمرة ما بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ومنظماتها وحركاتها. ونحن كفلسطينيين حملنا وزرها حتى اللحظة باعتبارها مقدمات نظرية توجت في ممارسات عملية, وانتهازية مشهودة من قبل القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي قادها "ياسر عرفات" لتُدخلنا في دهاليز التسوية والصفقات التنازلية المشبوهة لمصلحة العدو الصهيوني, والتي اثمرت قطافها في تورط فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية في الحروب اللبنانية وسواها وفي المكان والزمان الخطأ. وبالتالي اقتتال الأخوة ورفاق السلاح, باعتبارهم وقوداً لمساراتها الوظيفية والمرسومة بأيدي أعدائنا جميعاً. وخروج المقاومة من لبنان وخسرانها ساحة استراتيجية في يوميات الصراع العربي الصهيوني. والانكفاء واللهاث وراء سراب التسوية الأمريكية- العربانية. وركب موجة التنازلات والمعاهدات التصالحية العربية الرسمية المصرية والأردنية والفلسطينية عبر بوابة مدريد واتفاقيات أوسلو العار والدمار. وأدخلتنا أيضاً نقاط الأخ "ناصر القدوة" في حزيران الماضي في مارتون المزاودات السياسية البارعة في كسب السباق نحو الهاوية وتدمير منهجي أكثر وبأيدي فلسطينية لقضيتنا الفلسطينية ونضال ودماء شعبنا المبذولة على مدار قرن من الزمن لمصلحة خيارات سياسية أقل ما فيها أنها مهزلة الفصائل والحركات وسلطات العار الفلسطينية مُتفرقة أو مجتمعة.
ويُطالعنا الجهادي" رمضان عبد الله شلح" الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في نقاطه العشرة التي لا تُبشر بدورها بأي خير. ولا تنم بالوقت نفسه عن فهم رداءة الواقع الفلسطيني وظلاميته, وما وصلت إليها الظروف السياسية المحيطة بفلسطين من حروب الأخوة الأعداء. ولا عن وعي حقيقي بمضامينها وخلفياتها ونقاطها المختزلة والفاضحة لحقيقة الصراع الوجودي والمصيري والتناقضي الفلسطيني الصهيوني في فلسطين ما بين عدوين لدودين لا ينتهي إلا بانتصار أحدهما على الاخر. ويُكرس في نقاطه المقولات البديهة التي تقول: ان جلّ مصائبنا المُستدامة كفلسطينيين كامنة في قياداتنا الكرتونية التي تثرثر ولا تفعل الحد الأدنى المطلوب في أرض واقع والمواجهة ودرء العدوان. قيادات امتهنت المزاودة الكلامية والقول المجاني المباح, مدعومة بكورس المطلبين والمزمرين من النخب الثقافية والسياسية الفلسطينية المتوهمة بذاتها وما هي حقيقة إلا أبواق وطراطير وأراجيز مُصنعة لخدمة أولي نعمتهم من أنظمة عربية وأعجمية وديمومة لانتهازيهم ونفعيتهم المنشودة.
ولعل النقاط العشر سيئة الصيت قبل عدة عقود من الزمن لقيت ما يروج لها ولأقبح منها. متجلية بنقاط عشر بدثار إسلامي" شلح" كمقدمة لفتح صفحة جديدة من التناقضات والصراعات داخل الساحة الفلسطينية, ومتاهة هدر الأوقات في انشقاق المواقف وتوصيلنا إلى معابر تُعيد عقارب الزمن إلى الوراء, والكرة البائسة والمرّة في صفوف فصائل وحركات ومنظمات, سواء أكانت داخل منظمة التحرير الفلسطينية أو من خارجها. واستكمال لما بدأه السلف "عرفات" وشركاه من تدمير البنية الحقيقة للمنظمة التي رسم معالمها الأولى واضحة وصريحة وقابلة للتطبيق الراحل الكبير "أحمد الشقيري". وتقودنا هكذا طروحات إلى دروب الهاوية مُجدداً, ونصبح مما نحن عليه من تكتلات سياسية متناقضة ومتعارضة أكثر شرذمة وتشظي, ومتقاتلة فيما بينها من اجل سلطة كرتونية ومناطق نفوذ نفعية أو وهمية هنا وهناك. جعلت المنظمة منظمات وفصائل وحركات وسلطات مسارات عار ودمار.
وتأتي النقاط العشرة من أخينا "رمضان عبد الله شلح" ليشلحنا ما بقي من عرينا وهبلنا السياسي أو مكرنا الموصول بأجندات خارجية, وإيصال قضيتنا الفلسطينية وبلدنا في وضع أكثر سوءاً ومواكباً لليوميات الفلسطينية البائسة والمُخزية على الصعيد الرسمي الفصائلي. وتشي بحقيقة واحدة بأن هكذا قيادات. لا ترى أبعد من أنفها وتختزل القضية الفلسطينية وجوهر الصراع مع العدو الصهيوني, وهي مجرد ثرثرة كلامية ومزاودة وحسب, وتُعيدنا إلى واجهة الصراع والمواجهة ما بين الأخوة الأعداء. وكان المسالة محصورة بإلغاء اتفاقيات المهانة والتسوية الفاقع في " أوسلو" التي هي ملغاة أصلا من طرف واحد هو الكيان الصهيوني منذ توقيعها قبل أكثر من عشرين عام.
إن المتصفح لبنود أخينا "شلح" في نقاطه العشرة, نقطة... نقطة, تدعنا كجماهير شعبية فلسطينية أمام حالة كلامية منفصلة عن الواقع, ومُغردة عن سربه والدخول في تهويمات تزيد الشرخ شرخاً والقطيعة قطيعة متجددة, وتفتح الأبواب مرة أخرى لتدخلات خارجية للعبث في القضية الفلسطينية. وتُظهر هكذا مسؤول في حالة انفصام شخصية, وغريباً في فضاء خارجي يبحر بعيداً عن قضية فلسطين وشعبها ونضاله ودماء الشهداء والضحايا. وهو وتنظيمه الذي لم يعترف قط حتى اللحظة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لجميع الفلسطينيين أينما تواجدوا في المعمورة. ونقول له كفلسطينيين مهجرين ومعترين بسبب حلفاءه وأولياء نعمته "المقاومجين العربجيين والإيرانيين" وسواهم: كفوا عن تقديم الترّهات التي لن تقودنا إلا إلى مزيد من الضياع والخراب الذي ما بعده خراب.
• باحث وكاتب فلسطيني
• [email protected]
#عبد_الله_أبو_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟