عبد الله أبو راشد
الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 20:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محمد دحلان رئيساً مُحتملاً للسلطة الفلسطينية بالإكراه
عبد الله أبو راشد*
من مفارقات السياسة الفارقة, أن تبقى مًحافظة على جوهرها ومفهومها ومعانيها المتعددة على أنها :" هي فن المُمكن". وقد تكون خطوة السيد " سعد الحريري" بترشيح السيد "ميشيل عون" هي تتويج لهذه السياسة النفعية, المتبدلة بتبدل المنافع والمصالح حتى ما بين الخصوم والأعداء السياسيين.
وقد تُمسى واحدة من أكثر الطرق الشخصية نجاعة في عالمنا العربي والفلسطيني الداخلي خصوصاً, العصيّة على الحلول لمن ماثلهم في غيهم السياسي ونزواتهم في امتلاك السلطة عبر بوابتها المرنة والمتحركة على الدوام, والمتغيرة بتغير المصالح والغايات. وقد تجد هذه السياسة البرغماتية الذرائعية في فلسفة السيد محمد دحلان الطامحة لتسلم مقاليد السلطة الحاكمة في الداخل الفلسطيني, فرصة سانحة لأن يكون خليفة وبديلاً متوقعاً لرئاسة السلطة الفلسطينية أو مجلسها التشريعي في أقل الطموحات. بعد أن أغلقت حركة فتح " القبيلة" جميع المنافذ لعودته لأحضانها, وبشكل قاطع ونهائي ولا عودة عنه وطرده منها إلى غير رجعة.
ولا بدّ للسيد "دحلان" من المناورة السياسية القائمة على مبدأ : " الغاية تبررها الوسيلة" وخصوم الأمس قد يكونوا حلفاء. بانتهاج سياسات مرنه ومتوازنة المنافع, باتجاه خصومه وأعداءه التقليدين من خارج حركة فتح, والمتمثلة بحركة حماس على وجه التخصيص. وهو الذي يمتلك كاريزما وخبرة اكتسبها من الراحل " ياسر عرفات", في عمليات وآليات تقاربه في مواقفه وحركته السياسية ونسج علاقات سياسية تُحسن من مواقعه. وبما يمتلك من مهارات اللعب على حبال التوازن السياسي في الساحة الفلسطينية والرسميات العربية والدول العظمى والكيان الصهيوني وجميع الأجهزة السياسية والأمنية ذات الصلة بدعمه, وبإمبراطورتيه المالية المُقتدرة على شراء أصوات الناخبين الفلسطينيين الميسورين منهم والفقراء وعلى قدم المساواة.
حركة حماس هي محطته حركته الأولى والجهاد الإسلامي هدفه التالي لكسب ودهما وتُشكيل جبهة تحالفات جديدة** ومؤثرة, كمعارضة سياسية فلسطينية ائتلافية في مواجهة حركة الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" وحركة فتح خصوصاً. وبمباركة ضمنية ومُعلنة من كثير من الدول الأعجمية والعربية التي تجد لها مؤثرات وحصة في القضية الفلسطينية, والساعية لتمكين "دحلان" من تسلم السلطة أو المجلس التشريعي بوسائط شراء مواقف وأصوات فصائل وحركات ومنظمات مدنية أهلية وجماهير شعبية فلسطينية, وخوض غمار ألعاب الانتخابات الديمقراطية حيناً, أو بوسائط الإكراه والضغط المالي والسياسي لسلطة " عباس" وحركة فتح في كثير من الأحيان. وما تشهد الساحة الفلسطينية والعربية والدولية من زيارات مكوكية ما بين عواصم الدعم والإسناد, لكل من الرئيس " محمود عباس ومحمد دحلان" تُشير بوضوح تام لبدأ المعركة السياسية في محاولة لكل منهما الدؤوبة لكسب الدول المحيطة والمعنية بالشأن الفلسطيني الداخلي, وسعي كل منهما لإقصاء الآخر وحرمانه من أخذ مكانه في رئاسة السلطة الفلسطينية وحتى رئاسة المجلس التشريعي.
ومسوغات كل من "عباس" وحركة فتح من ناحية, و"دحلان" من ناحية مقابلة لها ما يُبررها. لاسيما "دحلان" الذي فقد جميع أوراقه الضاغطة والمؤثرة داخل حركة فتح ولجنتها المركزية وعدم عودته المحمودة لأحضانها. وحُسمت أموره فيها تماماً. وبقي له ملاذه الأمن والمضمون داخل قلعته وحركة مؤيديه في قطاع غزة على وجه خاص, وبقية المناطق الفلسطينية في الداخل الفلسطيني. محكوماً بلعبة المصالح والتوازن الفصائلي والشعبي والجماهيري فيه, ومُستفيداً أيضاً من حدة التناقض والتعارض والخلاف القائم ما بين سلطة محمود عباس وسلطة حركة حماس في القطاع, وديمومة الانقسام واللعب أيضا على أوتارها وعلى بوابات الاستدرار العاطفي والحس القبلي والجغرافية السياسية للمكان, والحسبة النفعية والمصلحية التي تجمعهما وفق مبدأ: " عدو عدوي صديقي".
وليس أمامه من خيار آخر لدفع الأمور في الداخل الفلسطيني لمصلحته تعبئة منظمة من الحلفاء وخوض غمار المحاولة في التقارب العلني مع حركة حماس وفق أهداف ومنافع سياسية مُشتركة. وليمسي أعداء وخصوم الأمس القريب أكثر الحلفاء تقارباً وتماسكاً في الرؤى والتحالفات والتقاسم الوظيفي للمصالح. وبالتالي التوصل في نهاية التحالفات الجديدة بالتراضي أو حتى بالإكراه- لاسيما الدور المصري والإماراتي والإيراني- وبقية اللاعبين الكبار على الساحة الدولية الأمريكية والروسية والحركات الصهيونية وكيانها العنصري في فلسطين. لتجعل منه مرشحاً قوياً ومحتملاً لمواجهة قيادة حركة فتح والرئيس "محمود عباس" لخوض أية انتخابات محتملة أيضاً. لتحقيق الحلم الذاتي والشخصي له, في تسلم مقاليد السلطة الفلسطينية بموافقة خصومه اللدودين. وما حركته الآنية والمشهود الساعية لتصل الود مع ما انقطع بحركة حماس وقياداتها في قطاع غزة أو خارج فلسطين. إلا خطوة تكتيكية يتبعها خطوات حاسمة في المستقبل القريب والمنظور. ويتم في نهايتها, عقد اتفاق وحلف فضول وجواز نفعي للعبور إلى مرحلة سياسية فلسطينية, قد تكون أكثر خطراً وإيلاما من منزلقات اتفاقيات أوسلو سيئة الصيت والسيرة. وبالتالي ضياع ما تبقى من حقوق الشعب الفلسطيني في ظلال الخراب العربي المُقيم والذي تشهده المنطقة ودول الربيع العربي, الموصولة بأيدي المُتحكمين بالقرارات الدولية والولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد.
وما حركة "محمد دحلان" المشهودة تشي بحقيقة توجهه السياسي, والنفعي الأنيق مع حركة حماس وسواها من الجهات الفلسطينية والأطراف العربية والدولية الفاعلة. ولن يخسر كل من حركة حماس و"محمد دحلان" –وسواهما- التوافقية والنفعية ما يخسرونه في ظلال الوضع الفلسطيني القائم. والسؤال المطروح: إلى أي مدى ينجح "محمد دحلان" في مناوراته السياسية الجديدة بالتوافق, أو بالإكراه. ويُحقق طموحاته الشخصية ويُنفذ برنامجه وأجنداته العربية والدولية... والأيام القليلة القادمة ستكشف حقائق الأمور, وقد تجعله الرئيس الثالث للسلطة الفلسطينية؟!!!!!
* باحث وكاتب فلسطيني.
** نقاط السيد "رمضان شلح" أمين عام حركة الجهاد الإسلامي, العشرة في مهرجان التاسعة والعشرين لانطلاقة حركته تدخل في سياق حركة "محمد دحلان" ومناورته السياسية.
#عبد_الله_أبو_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟