أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي زيني - وزحف الظلام














المزيد.....

وزحف الظلام


محمد علي زيني

الحوار المتمدن-العدد: 5406 - 2017 / 1 / 18 - 23:52
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد أثارت شجوني الصيحة التي نشرتُها مؤخراً على الفيسبوك للفيلسوف والطبيب الموسوعي الشهير إبن سينا (980-1037م)، والقائلة "لقد بلينا بقوم يظنون أن الله لم يهدِ سواهم، يدعون الناس الى الجنة وهم عاجزون عن دعوة يتيم الى مائدة، يدعون الناس الى الجنة وأوطانهم مليئة بالمتسولين وماسحي الأحذية، حمقى البلاد وقطّاع الطرق, أخذوا مال الأرض وورثوا بيت السماء! أي ربّ ربكم!! أيّ دين دينكم!!" ولا شك أن القارئ لهذه المقولة في وقتنا هذا سيفكر فوراً بسلطة المحاصصة الجاثمة الآن على صدور العراقيين والتي نشرت الخراب في البلاد وأودت بالخزينة الى الأفلاس. ولا ألوم القارئ على ذلك!

أما إذا رجعنا الى الوراء بنحو مائتي سنة من زمن إبن سينا فسنشاهد المعتزلة وهم في أوج عصرهم. والمعتزلة فرقة في الأسلام ذات مشروع حضاري تنويري نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في زمن الخليفة العباسي المتنور "المأمون" (786-833م) ثم اصطدمت بالفكر الأسلامي المحافظ الذي قاده الأشاعرة وشايعه الخليفة العباسي "المتوكل". يقوم مذهب الأعتزال على أصول خمسة هي: (1) التوحيد (2) العدل (3) الوعد والوعيد (4) المنزلة بين المنزلتين (5) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذ لا مجال هنا لتوضيح كافة هذه الأصول نذهب الى الأخير منها وهو المبدأ "التنويري" الذي يدعو الى الدفاع عما يمكن أن نسميه بلغة اليوم "حقوق الأنسان" ومن بينها حق التخلص من الحاكم الطاغية حتى لو تطلب ذلك اللجوء الى الثورة المسلحة. وقد وقف ضد هذا المبدأ وعارضه "أهل الحديث" الذين قالوا: "السيف باطل، ولو قُتلت الرجال وسُبيت الذرية، وإن الأمام قد يكون عادلاً، ويكون غير عادل، وليس لنا إزالته وإن كان فاسقاً، وأنكروا الخروج على السلطان،" ويأتي على رأس القائلين بهذا الرأي الأمام أحمد بن حنبل.

ثم جاء أبو الحسن الأشعري بموقف وسط بين الأثنين (873 - 935م)، أي بين فِرق "الجبرية" القائلين بأن الأنسان مُسيّر وليس مُخيّر ومنهم الحنابلة، وبين المعتزلة القائلين بأن الأنسان مُخير وليس مُسير. فبينما قال "المجبرة الخالصة" بإنكار إرادة الأنسان وقال المعتزلة بتوفر الحرية والأرادة للأنسان، جاء الأشاعرة بنظرية الكسب، ومفادها "أن الأفعال يخلقها الله ويكسبها العبد، وإنها ثمرة الأرادتين الألهية والأنسانية". بتعبير آخر تقول هذه النظرية إن للأنسان إرادة أو اختيار – كما تقول المعتزلة – ولكنه غير قادر على القيام بالفعل من أجل تنفيذ تلك الأرادة – كما تقول الجبرية – وهنا يأتي دور الله لتنفيذ الفعل لأنه الوحيد القادر على ذلك! وقد انتشرت عقيدة الأشعرية بمر الزمن حتى عمّت أغلبية العالم الأسلامي.

وعندما حل عهد القادر بالله (947-1031م) أصدر هذا الخليفة في سنة 1018م ما أصبح يُعرف بالوثيقة القادرية، حدد فيها المعتقدات التي يتعين على المسلمين الأعتقاد بها، واستتاب هذا الخليفة فقهاء المعتزلة فأظهروا الرجوع وتبرؤوا من الاعتـزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام. وبالقضاء على المعتزلة انطفأ مشعل تنويري في الأسلام كان يقوده أهل العقل من أجل نشر مبادئ العدالة والحرية والأختيار وتحرير الأنسان من عبودية السلطان. إضافة الى القضاء على المعتزلة أغلق القادر بالله باب الأجتهاد. وبمنع الأجتهاد جَمَد فكر أهل السنة والجماعة – وهم الغالبية العظمى في الأسلام - على ما جاء به أئمة السنة الأربعة: أبو حنيفة النعمان، مالك بن أنس، محمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل.


لقد عاصر إبن سينا، صاحب الصيحة أعلاه، الخليفة القادر بالله وكذلك عاصر محمود الغزنوي الذي، بحجة الأستجابة لأمر الخليفة العباسي، وقع قتلاً وحبساً ونفياً بالمعتـزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة وغيرها من الطوائف المدعوة "أهل البدع". وبإجهاض الفكر التنويري وغلق باب الأجتهاد دخل الأسلام والمسلمون نفقاً رهيباً من الجهل والتخلف والعبودية. وزحف الظلام.



#محمد_علي_زيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة فريدة الأهمية في تطور النشئ الجديد*
- نهضة العرب من جديد ليست بمستحيلة
- السلطات العراقية طاردة لذوي الكفاءات*
- اضواء على الاقتصاد العراقي
- إن فسد الملح فبماذا يُمَلّح؟
- متى يحكم العراق رجل مثل مهاتير محمد؟
- الشهيد عبد المنعم السامرائي
- خطاب مفتوح الى الدكتور حيدر العبادي (الجزئ الثاني)
- خطاب مفتوح الى الدكتور حيدر العبادي
- في ظل الحاكم المدني بول بريمر: فساد وإفساد
- لا الرَّيل....ولا حمد
- فليسقط الكهرباء وليسقط النفط ولتحيى الطاقة!
- هل العراق يحتضر؟
- أثر صفقة غاز الجنوب بين الحكومة العراقية وشركة شل على الأقتص ...
- العقلية الريعية للحكومة العراقية
- حول مذكرة التيار الديمقراطي في المملكة المتحدة الى مجلس النو ...
- خارطة طريق إقتصادية: ردٌ على نقد
- أيها النواب العراقيون: هل ستحمون مصالح الشعب الذي انتخبكم؟
- هل وفيت بوعدك يا سيد حسين الشهرستاني؟
- خارطة طريق اقتصادية (الحلقة السابعة، وهي الأخيرة) (1)


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي زيني - وزحف الظلام