أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - طبيب الطبقة الوسطى ..














المزيد.....

طبيب الطبقة الوسطى ..


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5399 - 2017 / 1 / 11 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


عمد طبيب الطبقة الوسطى
=============

على درج العمارة العالية كانت الحركة قوية صعودا وهبوطا. ..سالني حارسها عند الباب عن هدفي قلت له طبيب الاسنان الصقلي فسخر مني ..ليس في العمارة طبيب اسمه الصقلي ... حك راسه وتفكر قليلا وقال تقصد الدكتور السقاط ..حينها ضحكت .. فكرت في العوائل الفاسية التي درست ابنائها الطب والزراعة والعلوم التقنية غداة الاستقلال ..وهاجروا العلوم الانسانية ..قرات على اللائحة اسماء بن شقرون تخصص طب الاطفال ..السميرس الامراض العقلية ,,والصقلي اختصاصي في الترويض ..واخيرا السقاط تخصص طب جراحة الاسنان..اشار علي حارس العمارة بالصعود الى الاعلى عبر الدرج لكون مصعد العمارة معطل. الى الطبقة الوسطى ..الرابعة ..و عند الوصول ما علي سوى الانحراف الى اليمين.. الباب اول.. لا .. لكن الباب الثاني ..نعم. ..وراءه توجد عيادة السقاط ..طبيب جراحة الاسنان. وما علي سوى طرق الباب .كان طاقمي القديم يوجعني واستوعبت منه بعض الكلام ..كان الباب مغلقا ..لونه اصفر واعرف ان الاصفر لون الامال ..وامل في طاقم جديد..دفعته ودخلت بدون استئذان ..الانسة الجميلة ابتسمت في وجهي ..وطالبتني بالادلاء ببطاقة تعريفي الشخصية.ورقم هاتفي ..وغابت في غرفة الطبيب ..ثم عادت تبتسم..تيقنت حينها انني ساقوم بالعملية بلا اجراءات تحديد الموعد..
في قاعة الاستقبال المكتظة بالزبناء وجدت مقعدا في نهاية القاعة فجلست اقاوم اوجاع الفك العلوي بالنظر الى الزيناء ..لم اكن وحدي اتالم .. لكن الجميع هادئ وصامت .. اصوات المقصات والكلاليب الحديدية وحدها كانت تتكلم يسمع.هسيسها من داخل غرفة العمليات..في القاعة يسود الصمت تاركا المجال لوقع خطوات المساعدات والادوات الجراحية وهي تنطف من الدم وتعقم من جديد ..هذا الصمت كاد يقتلني لكني ناورته بالسماع لموسيقاي الخاصة ..كنت انقر على فخداي بنظارتي السوداء ضربات موسيقى من كل صنف ..الشعبي والغربي وكناوة..موسيقى الجدبة تنفع عند قلع الاضراس ..
في القاعة الالم و الصمت فقط ..لكن حين يفتح باب عرفة عمليات الجراحة يسمع تجويد القران .كان المشهد رهيبا في الداخل ..عكس عيادة طب الاطفال التي كنت ازورها مع الاطفال ..ضجيج وصراخ في قاعة الاستقبال ..وفي غرفة الطبيب تصدح موسيقى كلاسيكية باذحة لفاستو بابيتي تهدأ بعض الاعصاب ..عزفت الكثير من المقاطع الموسيقية لكناوة ..وناس الغيوان ..كي انسى الامي واندمجت بصعوبة في فضاء القاعة ..لم تعد تهيجني حركات المقصات الحديدة في طاسات التعقيم ..عقمت بنجاح اجواء نفسي .فجاء دوري ..تفضلت وسلمت على الطبيب كان شابا انيقا لا يزال يلبس النقاب الابيض على وجهه..تمددت على السرير الالي وغمضت عيناي ,,اكره الاضواء المعكوسة من الاعلى على فمي المفتوح المنكوس من الاضراس القاطعة والطاحنة ..سوى بعض الجدور السوداء التي تؤلمني و تعيق ثبات الطاقم القديم بفمي ..قررت ان اجثت كل ما في فمي من بقايا اسناني البدائية التي ترعرعت معي ..
اقتلع الطبيب الجذور واحد من الشمال والاخر من اليمين ...بعد ان تاكد من قدرتي على اجراء العملية الجراحية الصعبة
- استاذ هل صحتك بخير ...؟
- قلت له :..نحمده ونشكره ........
اجرى العملية..حين تمكن مني التخدير..واستغرق في سلخ لثة فكي العليا.. طويلا وكنت اسمع المناشير الالية الصغيرة تتحرك وتلولب في فكي ..العملية اسغرقت نصف ساعة او اكثر.احسست خلالها ان الزمن توقف وتوسع بي فراغ المكان...عندما انتهى الطحن ..نظف بسرعة فمي..وحشاه بضمادات .نصحني عن الاكل لساعة ..او اكثر........؟ وقال : على سلامتك استاذ ..عطاك الله الصحة ..راك صبرتي ..؟تدكرت ولا اعرف كيف عادت بي الذاكرة الى عهد الصبا الى اغنية فهد بلان (..جص الطبيب على نبضي ..فقلت له ..ياسيدي ان التالم في كبدي ..فاترك يدي ..ياسيدي ...الخ ..) حين كانت تاخد بيدي امي الى قالع الاسنان في راس الدرب ليصب الغاز على ضرسي ويقلعه بخفة بهلوانية مدهشة
يملاء فمي بماء ساخن ومالح ..ويتناول منها 5.00 دراهم فقط قائلا لها ارجعي به للدار ..قضى الله الغرض ...؟
العملية القلعية للاسنان كانت غير جراحية تتم في برهة قصيرة من الزمن ..بلا اصوات احتكاك الحديد ..ولا تعقيم ..ولا موسيقى ..سواء كلاسيكية ..او تلاوات قرانية ..
هبطت الدرج من الطبقة الوسطى ببطء شديد ..على اللائحة ضمن اسماء عديدة حفطت اسم السقاط ..وليس الصقلي .تسمرت امام باب العمارة لوقت طويل استرجع تلك الانفاس الضائعة في غرفة العمليات زال الالم .تحسست بلساني فمي بلا جذور..ولا اسنان .. وبيدي ورقة مواعيدي القادمة ..قرات قائمة الادوية ..حبوب موانع النزيف والالم ..ضمادات ..ومضادات باكثيرية..وورقة التغطية الصحية مطبوع عليها اسمي وثمن العملية 500 درهم........وكان حارس العمارة يحقق في وجهي .. يضحك ولا يتكلم .. اجتاحتني عندها الرغبة العارمة في الصراخ ليس في وجه هذا المسكين و لكن في وجه كل سكاكين وكلاليب...طبيب.. الطبقة الوسطى ...؟؟
ع.س 2017



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدائل ..لتجاوز المازق ..
- العالم في عيون قط...
- ساحة الزمن المفقود
- ما طالعاش...ما طالعاش..
- جنون ..القطيع..!!
- الساحة والزمن المفقود..
- ما احلى سرقة كتاب ...
- بصدد قصيدة النفوس الميتة ...
- القط الابيض ..
- الله يخليها سلعة....
- رعشة في وطن...
- والا...ستزيد طينة الفساد بلة...
- المغرب مطرح عالمي للنفايات ....
- في الحفل ...
- العياشي ( المقاوم)
- شاشية اليهودي ( مساءات مراكشية )
- عبد السلام صديقي ...والساعات.
- وجع و تراب... لويس جانتي
- صورة الخطيئة الاولى ....
- حين أغضب ...(أحيانا)


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - طبيب الطبقة الوسطى ..