أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير















المزيد.....

أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 11:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير

منذ أن عرف الإنسان الدين كإشكالية وجودية برزت معه أزمة هوية بمعنى أن استدلاله الطبيعي أو المفترض على الدين حمله إشكالية ثانية تمثلت بهوية التدين، فهو يعرف أنه مرتبط بقوة خفية قوة لا طاقة له على إنكارها كما لا طاقة له بالتعرف عليها من قرب، فهو دائر بين الإيمان المقدر بدافع الخوف والشك بهذا الإيمان على أنه إلجاء فقط، من هذه النقطة بدأت حيرة الإنسان مع الرب الخالق أو الرب الواجد أو الرب المتحكم أو حتى الرب المتخيل.
في بداية رحلة الدين كانت السماء البعيدة بما تحمل من مجهولية وعمق هي الرب الذي يجب أن يحترم من باب الخوف ومن باب عدم إستفزازه لأنه يملك كل الخيوط التي تحرك مصادر القلق لديه هنا في الأرض، حتى ما أكتشف الإنسان أن السماء ليست دائما واحدة بل فيها أكثر من قوة وأكثر من متحكم حسب لكل قوة إله ورب خاص وخالص، بدأ نزاع الأرباب داخل العقل البشري بناء على تقديرات الذات لقوة القوة وعلاقته بها، الفلاح عبد إله القمر أو ألهة المطر، أما البحارة فقد عبدوا ألهة البحار أو ألهة الريح، الشعراء الأوائل وسكان المدن من الطبقة الأرستقراطية كانت لهم ألهة مميزة تتفق مع ميولهم وأهوائهم المدنية، هناك ألهة الحب وألهة الجمال وألهة القوة والخ من تصنيفات تعتمد المعيار الذاتي المرتبط بالجو العام والحاجة والدافع.
هذا التمايز في الهوية يكشف لنا قضيتين أساسيتين الأولى أن التدين ليس مرتبطا دائما بحقيقة مجردة أو قضية مطلقة وإن كانت في بداية نشوء فكرة التدين تعتمد الخوف والأتقاء، ولكن من حيث شكلية التدين الهوية كانت غير موضوعية بقدر ما تعتمد الإنحياز الذاتي للدافع النفسي، القضية الأخرى أن التدين هو أبتكار يتماشى مع طبيعة العقل المصنوع عند يحاط في مرحلة نشوءه الأولى بالحاجة إلى التفاسير المبسطة التي تنسجم مع نمطية عمله وتركيبه، الطفل الصغير أكثر قدرة على الإيمان بالخيال من الأكبر سنا والأكثر إدراكا.
حتى جاءت مرحلة الديانات السماوية التوحيدية ومحاولة الأنبياء والرسل أستبدال الحس النفسي في صياغة الهويات المتعددة بصيغة عقلية تعتمد على مبدأ وحدة التدين، قبل الإنسان على مضض فكرة أن الرب البعيد المتسربل الغيب والخفي حتى على تبسيط فكرة الماهية هو المالك لكل القدرة، بل حاول أن يتقمص دور الحكواتي أو القصاص الذي يحاول تبسيط الفكرة الصعبة من خلال صياغة فكرة موازية يقبلها عقل الإنسان ويستسيغها مقارنة بما لديه من أدلة حسية.
هنا بدأت فكرة التصورات الذهنية للتدين من خلال مجموعة صور حسية تبدأ بتبسيط فكرة الخالق نزولا لبقية الأفكار الدينية، وظن أنه نجح في ذلك وقرب المشكلة من دائرة الحل، ولكون الإنسان أصلا لم يكن لديه أتفاق أولي على الشكلية الذهنية التقريبية التي تقنع الأخرين ظهرت هناك هويات عديدة للديان وكلا حسب ما يضمر من مقدمات أو معطيات للصياغة، لذا نرى أن الدين الذي قام على فكرة الرب الواحد والدين الواحد تحول إلى منظومة متعددة من الأفكار والصيغ نسفت هذه الوحدة وخرجت عن هوية الموحدين وإن كان الجميع يظن أنه ملتزم بها.
هذا التشرذم في الهوية الدينية أحال الفكرة إلى دائرة الشك التي يرحب بها العقل الطبيعي وكأنها واحدة من طبيعيات العقل وطبيعيات النظام العملي لديه، لذا فلا غرو أن الكثير من المؤمنين بحقيقة التوحيد وضروريته انتفضوا ضد هذا التشرذم وبدأ البعض منهم في دراسة نقدية للأسباب والعلل التي أدت بنا إلى النتيجة المعاكسة، الأقل منهم أتجه للنص الديني محاولا كشف أسرار اندفاع البعض لهذا التحول وهل له علاقة أي النص بالنتائج، أخرون ذهب أبعد من ذلك وبدأ في البحث في أصل فكرة الدين وهل التوحيد حقيقة أو التعدد هو الأجدر، لربما قاد البعض في سلسلة من التحولات إلى أكتشاف عمق الأزمة من خلال محورية فكرة الدين التي يرى فيها أنها كمعرفة من معارف الإنسان خاضعة للتحول والتلون تبعا لطريقة التعاط بها.
المدرسة الأخيرة توصلت لنقطة أساسية ومهمة هي أن فكرة الدين في الأصل هي علاقة فردية للعقل مع حوله الخارجي وقدرته على فهم الحول، فمرة يكون الدين عند بعض العقول حقيقة مطلقة فيما يرى الأخر أن فكرة الدين ما هي إلا معالجة لحالة أكبر قد تكون غير عقلية بالمرة لكنها مطلوبة للإجابة عليها بأقرب حل وإن كان وهميا، تزعمت هذه المدرسة أول خطوات الإلحاد بمعنى أنها وضعت الدين وفكرته على جنب وتركت البحث فيه على أمل العودة له في مرحلة لاحقة قد يمتلك العقل مقدرات وإجابات أكبر عن بعض الأسئلة والقضايا المعلقة، فهم وضعوا الدين في اللحد دون أن يدفنوه بأنتظار أعلان حياة أو إعلان موت.
هؤلاء الملحدون ليسوا بكفرة ولا ناقمين على الدين ولا يمكن وصفهم بأكثر من المرجئة قراراتهم على دليل حاسم هم يبحثون عنه، وإن كانت درجت إيمانهم بالدين مساوية لدرجة الكفر، أما الجاحدون فهم من يعرفون الدين ويعرفون بعض الأجوبة المقنعة لهم ولكنهم غير مهيأين لأسباب خاصة للأقرار بالفكر الدين أو بأصل فكرة الدين وأيضا لا ينكرون إيمانهم به، في حين أننا نجد الكافر يعلن صراحة صادقا أو مواريا رفضه حتى التسليم بإمكانية أن العقل البشري ممكن أن يناقش ويقبل أو يرفض بناء على نتيجة البرهان العقلي المنطقي لفكرة الدين ، فهو رافض لأصل وجود الفكرة ولا يقبل أن يناقش بإمكانية أن يقتنع بأي دليل.
هناك طائفة أخرى هم الى دينين والذين يمكن وصفهم بالخارجين على الهوية الدينية المميزة، فهو يؤمن بالدين واحدة من إنشغالات البشر وأن الكفر والإلحاد والنكران والجحود كلها حقائق على الأرض إلا أنه لا ينتمي لأي هوية منها ولا يريد أن يتحدد بوصف ما ، هذا التناقض في شكل الهوية مرده كما قلنا لسببين أساسيين، هما شكل القراءة ومبدأ الفرض، عندما يكون لدينا معيار موحد لكليهما لا يمكن أن نجد هذا التعدد والتلون في الهوية الإنسانية مقومة بفكرة الدين، كما لا يمكن أن تنشأ أصلا هذه الحالات أن المعيار القياسي سوف يحيل كل فكرة ذاتية لمقياس موضوعي ينتج لنا حقائق متقاربة فتكون الفوارق بسيطة ومديات الأختلاف قابلة للتجسر والتقريب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من الفرات إلى النيل النبيل
- الخوف والتردد في نقد التابو (المحرم المقدس) ودوره في تحرير ا ...
- حوار صامت 33 الأخير
- حوار صامت 32
- بين الحرية السياسية وحقوق الإنسان نقتل مرتين
- صوت الصمت العالي
- حوار صامت 31
- حوار صامت 30
- حوار صامت 29
- حوار 28
- حوار صامت 27
- زهرة مدائن النور
- حوار صامت 25
- حوار صامت 26
- حوار صامت 24
- حوار صامت 23
- نستنسخ خيبتنا لنموت
- حوار صامت22
- حوار صامت21
- حوار صامت 20


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - أزمة الهوية الدينية ... الألحاد والتكفير