أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبدالله هاشم - ثقافة الشعارات














المزيد.....

ثقافة الشعارات


كريم عبدالله هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 5387 - 2016 / 12 / 30 - 21:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سقطت الشعارات لدينا وفقدت معانيها الحقيقية ، ككل الأشياء الساقطة في الوحل الذي نغوص به .
ففي ظل غياب المعاني الحقيقية الصادقة في نفوسنا للمباديء والقيم والألتزامات التي (( يفترض )) اننا نتبناها ونرفعها كشعارات ولافتات طريق ، يصبح الهدف نحو مسخنا واتلاف شخصيتنا وتغييبنا أسهل وأمضى .
لقد رفعت كل الحركات والأمم والأحزاب شعاراتها عبر تاريخ نضالها المجيد ، وقد قدمت التضحيات والقرابين والشهداء تحت ساريتها .
وقد اختلفت الشعارات بأختلاف الأمم ، وتنوعت بتنوع الأهداف والغايات التي ترجوها . حتى أصبحت هذه الشعارات هي الأهداف والغايات لها وبالتالي شكلت الجزء الأكبر من هوية وجودها وديمومتها .
فهي اذن – الشعارات – المباديء التي يتحطم على عتباتها كل فعل معاكس ومناهض وكل سلوك منحرف ، وتصبح هي عمود الظهر لتقويم محيطها ورسم الخطى له بما ينسجم ويتوافق معها .
كل حركات التحرر في العالم رفعت شعاراتها وناضلت وكابدت وقدمت ماتوجب عليها من الضحايا والقرابين لأجلها .
كل ثورات الكادحين في العالم رفعت شعاراتها والتزمت بها الى حد الرقبة . . كل المناضلين . . كل الأبطال . . كل المظلومين . . كل المهمشين والمقهورين والمعدمين . كل دعاة التصحيح والتقويم ومحاربة الأنحراف والتحريف رفعوا شعاراتهم وأصبحت هي طريق مسارهم ومنهاج حياتهم . كل الأديان والأنبياء والأتقياء والصالحين كانت شعاراتهم هي منهاج حياتهم .
في نفس الوقت ،
كل حركات الأستعمار والغزو أوجدت لها شعارات وبررت غزوها واستعمارها وحركتها . كل تكتلات الرأسمالية والبرجوازية والأقطاعية ، وكل هيئات ومنشآت الأقتصاد والأجتماع والعلوم والبحوث كانت لها أهدافها وشعاراتها المعلنة وغير المعلنة وتمضي بخطى حثيثة لأجل تحقيقها وتحقيق غاياتها (( مهما كانت تلك الغايات وتلك الأهداف صالحة أو قبيحة )) لكنها أوجدت شعارات تبررها .
التاريخ العربي والأسلامي والعالمي مليء بالرموز والشواهد والدلالات العميقة لعظماء التزموا بمبادئهم ورفعوا شعارات تسمو معانيها مع سمو وعمق التفاني والتضحيات التي قدموها لأجلها ، رجال أحرار وثورات حرة ، أفكار ومشاريع تحرر ومشاريع نهوض وتقويم وبناء ، كبيرة كانت أم صغيرة ، سواء أخذت وضعها وفاعليتها أو لم تتمكن من المضي والأنجاز وتوقفت الى حد معين بفعل ماجرى عليها من محاولات اطفاء واخماد .
واذا اردنا ايراد الأمثلة والشواهد على ذلك فلن يتسع المجال لذكر أكثر من ثورة التصحيح التي سعى لها (( الحسين بن علي بن أبي طالب )) في تاريخنا الأسلامي ، أو ثورة المغلوبين السلمية التي سعى اليها المهاتما غاندي ،أوالنضال والكفاح الذي قدمه مانديلا أوجيفارا أو المئات من المناضلين والثائرين في عصرنا الحديث في كل دولنا وأقطارنا ، الذين كانت شعاراتهم هي البداية وهي الخلود وليست النهاية لهم .
في كل ماذكرناه أعلاه لم تكن تلك الشعارات مجرد حبر على ورق سوف تمحوه الشمس أو يزيله المطر أو تذروه الرياح عما قليل وانما كانت نتاج ومحفز لفعل وهدف وبناء ذات وقيام أمم . ولم تكن تلك الشعارات مجرد واجهات تختبيء وراءها المآرب الشخصية والنفعية الضيقة كما صار يحصل الآن في زمن اسقاط القيم والمثل والمباديء وزج العباد في سيول وتيارات من الألهاء والتلهية .
هذا الكم الذي لاحدود له من الشعارات والهتافات المكتوبة بأحدث طراز وبأجمل الخطوط التي نغرق بها يوميا في كل مكان وعلى مختلف الأصعدة والنشاطات الأجتماعية والسياسية والخدمية ، أصبحت مجرد - حبر على ورق - . فقد أصبحت اليوم الشعارات واللافتات والأدعاءات البراقة مجرد وسيلة للأيهام والخداع وابعاد الأنظار والأبصار عن الحقيقة المرة ، وأمست وسيلة لتغطية وتزويق وتلميع العجز والتهاون والفشل والخيانة . مما أفقد هذه الشعارات والأدعاءات معانيها وجعلها سهلة التفسخ والتحلل والأندثار .
كلنا أصبحنا نرفع شعاراتنا العامة والشخصية لأجل أن نختفي وراءها أو نخفي وجوهنا الحقيقية . .
مجرد شعارات ، ومجرد هتافات . .
لانستحي من رفعها واطلاقها على الناس ولانتردد بتلميعها وتزويقها لأيهام الآخرين بنا .
لم يعد لدينا الحياء الكافي لغرض مراجعة أنفسنا بين مانتقوله وحقيقة مانفعله وما نرمي اليه ، فقد ضاعت علينا خيوط الأمساك بأنفسنا وأغرقتنا براقع الضوء والتلميع والتزييف وأصبح كل منا يختفي وراء شعاراته ويلبس أكثر من برقع لأكثر من وجه وأكثر من غاية وأكثر من طموح صغير ذاتي دنيء .
هذا كله لايتماشى مع ماعرفناه وماقرأنا عنه وماكان يجب أن نتربى عليه من سفر التعاليم والأديان والمذاهب والطقوس التي كانت بكل وجوهها تحمل غاية وشعارا لتكويننا نحو الأحسن ، أو من جدليات التاريخ التي تم دعكنا وصقلنا من خلالها بما فيه الكفاية لظهور وجه مشرق لنا . . ولكن ماذا نقول وقد تم تحريفنا وجرنا نحو هاوية الأكاذيب . . .
علينا اعادة النظر بذلك .

كريم عبدالله هاشم



#كريم_عبدالله_هاشم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسلامنا . . العقد والأصلاح
- ثقافة التبرير
- من أجل استعادتنا
- حين قتلنا الحسين
- تواقيع الشظايا (( عدنان حسين في أسفاره ))
- خارطة الموت (( قراءة نقدية في رواية - مثلث الموت - للكاتب عل ...
- وليمة الأله الجديد (( قراءة نقدية في المطولة الشعرية - خطبة ...
- دخان 11 سبتمبر الكاذب
- وهم الأنتخابات
- كلمة للطرشان
- لمواجهة الموت الجماعي
- وطن ومواطنة : (( هاشم الزيدان نموذجا ))
- الفلوجة
- المطلوب : اعادة نظر
- لاوجود لنا . . . (2)
- لاوجود لنا . . . (1)
- من جد لم يجد
- بين ملك هاشمي وسلطان نجدي : تبعثرنا
- سقوط القلعة
- النشيد الفلسطيني (( قراءة نقدية في رواية - مصائر - للكاتب - ...


المزيد.....




- أضاءت عتمة الليل.. لحظة تفجير جسر لاستبداله بآخر في أمريكا
- إطلاق سراح محسن مهداوي.. كل ما قد تود معرفته عن قضية الناشط ...
- بسبب جملة -دمروا أرض المسلمين- والدعوة لـ-جحيم مستعر-.. القب ...
- من النكبة ثم الولاء للدولة إلى الاختبار -الأكبر-... ماذا نعر ...
- كلمة محمد نبيل بنعبد الله خلال اللقاء الوطني تحت عنوان: “ال ...
- سلطات تركيا تنفى صحة التقارير عن عمليات تنصت على أعضاء البرل ...
- بلدان الشرق الأوسط بحاجة إلى حلول
- تزايد معاناة عمال فلسطين بعد 7 أكتوبر
- إسرائيل تطلب مساعدة دولية جراء حرائق ضخمة قرب القدس وبن غفير ...
- المرصد السوري: 73 قتيلا غالبيتهم دروز في اشتباكات طائفية وار ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبدالله هاشم - ثقافة الشعارات