أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعادة أبو عراق - قصة قصيرة / خذوني معكم














المزيد.....

قصة قصيرة / خذوني معكم


سعادة أبو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 5384 - 2016 / 12 / 27 - 20:07
المحور: الادب والفن
    


خذوني معكم
حينَ احتاجَ الزعيمُ إلى بعضِ وِحداتِ الدّمِ إثرَ عمليّةٍ جراحيّةٍ عاديةٍ وصل المستشفى مائة ألف متبرع، كان كل واحد يصر على أن يكون المتبرع الذي يحظى بأن يسالَ دمًهً في عروق الزعيم ، فرح مدير بنك الدم الوطني الذي طالما اشتكى من نقص المتبرعين الذين لا يؤمنون بهذا التبرع الذي يجهلون مستحقه، أما الآن فإنهم لا يأبهون لمن يؤول دمهم الذي سوف يسيل في أكياس لا عد لها، ولم يسألوا عن نوع الدم الذي يليق بالزعيم، لذلك طلب مدير بنك الدم أن يتوزع المتبرعون على كل المستشفيات الخاصة والحكومية، ويقولون لكل واحد منهم أن نوع دمه هو من زمرة دم الزعيم، وبذلك أثبت الزعيم للعالم أن تعلق الشعب بقيادته حالة فريدة في التاريخ، وإنها نوع من الديمقراطية التي ينسجم الشعب بها مع الزعيم انسجاما دمويا، فالديمقراطية الحديثة ،ما هي إلا تواطؤ زمرة الأقلية مع زمرة الأكثرية على تعيين الزعيم.
وحينما احتاج الزعيم إلى كِليةٍ جديدة بدل كليته التالفة، وجد أيضا أن آلافا مؤلفة ممن استعد لهذا الفداء، وأخذت آلاف الكلى التي لم تتوافق أنسجتها مع أنسجة الزعيم ، أتلف الكثير منها، والكثير أيضا تم التبرع به لمدينة قُتل نصفها ونصفها الآخر مصابا بالفشل الكلوي نتيجة دواء مضاد للإنفلونزا أخذته المدينة ذات خريف.
وحينما احتاج الزعيم بعد وقت إلى قرنية تزرع في عينه التي تلفت وهي ساهرة على أمن الشعب وتأمين معيشتهم، كان المتقدمون بالمئات هذه المرة واحدة فقط هي التي لاءمت أنسجتها أنسجة الزعيم لأن معظمهم من كبار السن الذين لا تصلح قرنياتهم الهرمة، وكانوا أيضا من الذين دنا أجلهم ،فأحبوا أن يرمموا عينا كلَّت وهي ساهرة تبكي خشية لله كما قالت وسائل الإعلام ورجال المخابرات التي كانت تقوله كأنها تفشي سرا من أسرار الدولة .
إلى هنا توقفت أجهزة الدولة عن إذاعة أخبار الزعيم وهو يغير أجزاء جسمه إذ أصبحت عمليات التبديل تجري في الخفاء حينما راحوا يبدلون للزعيم كل عضو تالف في جسمه، فغيروا القلب والكبد والطحال والبنكرياس وأمتار من الأمعاء والقولون، كما غير انفه وجفون عينيه وخديه المجعدتين ، وشعره الأشقر المصبوغ بشعر فاحم السواد وقدميه المنتفخة بالأورام، وأصبح كالسيارة التي تبدل قطعها فتجعلها جديدة دائما وصالحة للاستخدام، وها هو زعيمنا الذي بلغ المائة من عمره، مازال شابا متمتعا بقواه الجسمية والجنسية، فهو زير نساء كما يقال، فحلٌ كما يجب أن يكون الزعماء الأفذاذ، ولعل هذه الظاهرة التي فسّرها الإعلام على أنها حظوة اختصه الله بها، ومكافأة على إخلاصه وتفانيه لشعبه الذي يستحق رئيسا مثل هذا الزعيم، مما استدعى مجيء خبراء في طب الشيخوخة والصحة العامة والجينات وعلم الأعصاب والفسيولوجيا، إذ اكتشفوا أن زعيمنا، نموذجا فريدا في الكمال الجسماني لا يتكرر إلا كل مليون سنة، لذلك كثرت الدعوات لاستنساخ زعيمنا والإكثار من سلالته واستبدالها بسلالة آدم، لتبدأ سلالة جديدة في تاريخ الجنس البشري وهي سلالة زعيمنا.
ومن الأعاجيب التي وجدها خبراء الغرب أيضا هو انخفاض شديد في نسبة المواليد، وهو خلاف لما هو موجود في العالم الثالث، الذين يتباهون بالنسل الغزير، ولم يجدوا في الإعلام ما يشير إلى برنامج للحث على الإقلال من النسل والاكتفاء باثنين فقط، لكن إعلامنا النزيه فسرها، بأنها بسبب دعوة مستجابة للزعيم، فزعيمنا دائم الصلة مع الله، حينما قال مبتهلا في جوف الليل(رب لا تضيق على شعبي في أرزاقهم ) لذلك فإن الله قد استجاب له بأن جعلهم على قدر غِلالِهم التي تنتجها أراضيهم.
لكن هذا التفسير لم يرق للخبراء الغربيين الذين جاءوا أو الذين جيء بهم ليفسروا المعجزات التي حدثت على يد زعيمنا المبارك، فراحوا يبحثون عن سبب حقيقي لهذا الانخفاض في نسبة المواليد والتي تواكبها ازدياد في ارتفاع معدل سن الشيخوخة.
وها هم الخبراء الغربيون يكتشفون أثناء فحص الذكورة والإخصاب أن معظم الرجال قد أزيلت خِصاهم، فكانت فضيحة مجلجلة في العالم استدعت هبة عارمة من المجتمع الدولي لإنقاذ شعب من الإبادة والانقراض، بتحريض من منظمة الصحة العالمية، جاء الخبراء، رغم ممانعة زعيمنا أطال الله في عمره وأبقاه الله لنا، إذ سمح لعدد قليل لدراسة هذه الظاهرة، ويروا بأم أعينهم اثر الزعيم الملهم على شعبه، لكن الرجال الذين تم فحصهم سألوهم إن كانوا يذكرون ما جرى لهم كانوا يرفضون الحديث ويبكون بصمت، فالرجال لا يمكنهم الإفصاح عن عجزهم الجنسي، يسألونهم من أجرى لهم عملية الإخصاء فلا يجيبون، تعجب العالم من شعب كأنه يتحرك و يتكلم ويعمل بإشارة من الريموت كونترول،
أما أنا الفقير إلى الله فقد اشترطت عليهم قبل أن أقول لهم الحقيقة أن يأخذوني معهم، وينقذوني من خجل يقتلني على مهل، فوافقوا وقلت لهم، إن خصيتيّ ركبوهما ذات يوم للزعيم، واستعملهما أسبوعا كما هو عمرهما الافتراضي معه، ثم رموهما في القمامة، ليأخذوا بعد ذلك ابني ليزعوا منه خصيتيه للزعيم



#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى
- ما يمنع احتفال المسلمين بميلاد المسيح
- ملاك الشعر
- هل المعجزة ضرورية للإيمان؟
- من أين نبعت فكرة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم؟
- أين الإعجاز في القرآن الكريم
- رحلة
- الحافلة/ قصة أدب غرائبي
- هل كان مع الإسراء معراجا؟
- ترشيد الدعاء
- وصية
- من قسم البشر إلى كفار ومسلمين؟
- نجومية رجال الدعوة
- هل نحن بحاجة إلى دعاة؟
- إلى الذين يستنكرون المولد النبوي
- في رثاء الشهيد زياد أبوعين
- مصداقية التوثيق الشفاهي
- فقه إدارة البؤس
- ليس كابوساً / ادب غرائبي
- تديين العادات


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعادة أبو عراق - قصة قصيرة / خذوني معكم