صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5378 - 2016 / 12 / 21 - 01:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
و بعد ما قلناه عن براءة العرق العربي من الهمجية التي تعاني منها البشرية ، والتي نرى وكما وضحنا أنها بسبب الإسلام كدين ، لا من العرب كعرق ، فوجب عليها القول هنا أن هذه التبرئة ليست تبرئة مطلقة ، بل هي تبرئة لها شروط أولا ، و اذا لم يحقق العرب تلك الشروط أولا ، فلا يمكن لكل ما قلناه أن يكون صالحا ، فمهما يكن ، فالعربي نعم بريء من جرائم الإسلام ، و لكن في النهاية فعليه أن لا ينسى أن العرق العربي كان له الدور الأكبر في إنتشار الإسلام أول الأمر ، و أن العرب كانوا هم الجنود الأوائل الذين غزى بهم الإسلام باقي الحضارات التي فتحها للدرجة التي جعلت شيوخ الإسلام يقولون "و ما قيمة العربي بدون إسلام " وهو كلام في الواقع صحيح إذا نظرنا للأمر من وجهة نظر براغماتية ، فالعربي كان ليكون مجرد بدوي يقطن صحاري نجد و الحجاز ، و من جعل له قيمة و أدى لإنتشار لغته وسيادة عرقه على العالم فهو الإسلام ، فالعرب وهو أمر لا ينتبه له كثيرون ، هم في الواقع أحد أطول السلالات التي حكمت العالم ، فهم ومنذ 1400 يحكمون بلادا كثيرة ، وهم حتى الآن يحكمون كثيرا من البلاد بإسم أنهم عرب فقط ، فمثلا ملك الأردن يحكم بلاده بإسم نسبه الهاشمي الذي يعود للنبي محمد ، و محمد السادس في المغرب يحكم المغرب بإسم نسبه العلوي الذي يعود للنبي محمد ، وفي إيران يحكم خامنئي وجوقة الملالي ذات العمائم السوداء إيران ، بإسم النسب الفاطمي ، و الذي يعود لفاطمة بنت محمد ، وهكذا كان حال كثير من الحكام على مدار التاريخ ، حيث دائما يشترط فيهم النسب العربي و تحديدا القرشي المحمدي لكي يحكموا ، ومن هنا ، فالأصل ومن اجل تبرئة العربي من جرائم الإسلام فعليه أن يفعل الكثير و الكثير لإصلاح هذا الوضع ، ونتلوا منها :
أولا : أن يتبرأ العربي من ديانة الإسلام ، فإذا كان العربي مسلما و يدافع على الدين الإسلامي فهو إذن مدان إدانه مطلقة ، فكما شرحنا فالعربي البريء من جرائم العرب عبر التاريخ بإسم الإسلام هو الكافر به ، أما العربي المسلم فهو ليس سوى مجرم يؤيد ديانة إجرامية ، و لا أمل إذن له في إدعاء البراءة ، وهنا وحتى لو صعب على العربي ترك دينيه لضروف أيمانية معروفة ، فليرفض على الأقل شقه المدني وهو الشق المليء بالإرهاب والهمجية و الدعوة لإحتلال الدول الأخرى ، و طبعا أن يرفض معه ذلك التاريخ من الغزو و النهب لبلاد الآخرين لكي لا يجد حجة عليه من معارضيه ، وليبقي فقط على الشق المكي كما طالب مثلا المفكر السوداني طه محمد طه في كتابه الرسالة الثانية من الإسلام ، بحيث يبقى الإسلام مجرد معتقدات آخروية تخص العبد و ربه ، ولا يهم أن تكون صحيحة أو خاطئة ، فحرية المعتقد مكفولة للإنسان ، مادامت ديانة مسالمة .
الأمر الثاني و الذي على العربي فعله ، هو أن يعتذر علانية لكل الشعوب التي غزاها أجداده ، فكما فعلت البشرية مع السود ، و إعتذارها لهم بسبب تاريخ البشرية البيضاء المخزي مع الرق ، فكذلك على العربي الإعتذار للأمم الأخرى التي إحتلها أجداده و أن يسعى مرارا وتكرارا على تأكيد هذا عن طريق دعمه و السعي لإحياء ثقافات ولغات تلك الأمم التي أبادها الإسلام ليعود الواقع لما كان عليه ، فلا يمكن تصور تبرئة بدون إعادة للحقوق المسلوبة ، وهنا طبعا وبعد هذا فلن يكون هناك حجة للآخرين على لومه ، فنعم أجداده في التاريخ القديم قاموا بمذابح ، ولكن ها هو الحفيد يحاول أن يكفر عن أخطاء الأجداد بالاعتذار والتسامح فهو أساسا لم يفعلها ، وشخصيا لا اضن أي حضارة من الحضارات التي تم غزوها و الفتك بها من قبل العرب المسلمين، لو فعل العربي معها هذا ، أنها سترفض هذا الفعل منه ، اللهم طبعا العنصريين المتطرفين الذي لا يريدون للمشكل الذي جرى أن يحل بسلمية ، والذين لا يفهمون أنهها أحوال الزمن القديم ، والتي يجوز لنا الاعتراض عليها ، ولكن ليس أن نحاول قلبها بطريقة راديكالية ، واقصد هنا البعض الذي يدعوا لطرد العرب ليعودوا لبلادهم ، وهو كلام عنصري لا معنى له سوى في حالة واحده ، وهي ان يكون ذلك العربي ما يزال يمجد الإسلام و يدعوا له ، فهذا نعم يجوز طرده ، و لكن العربي الذي نحكي عليه كما قلنا ، والذي يدعم دولة المواطنة وحق الشعوب المفتوحة بلادها في إستعادة حقوقها ، فهو لا يستحق .
الشرط الثالث كذلك والذي على العربي فعله ، هو أن عليه السعي لتفكيك الواقع الإجتماعي الذي فرضه الإسلام من أجل إحلال واقع إجتماعي جديد ينبع من واقع ثقافات الشعوب التي إحتلها الإسلام ، فمعلوم أن الإسلام فرض أمور كثيرة تخدم العرب على حساب باقي الأمم ، ومنه فيجب إعادة الحقوق المغتصبة لأصحابها ، و منها مثلا فرض الإسلام للغة العربية على تلك الشعوب ، والتي يجب ان يتم منعها ، وهذا لتخلي مكانها للغات الأصلية لشعوب البلاد المحتلة ، وكذلك طبعا الحال مع التاريخ الذي زوره الإسلام ، والذي يجب أن تعاد كتابتاه لكي يسترجع أصحاب الحق حقوقهم ، فالغازي يجب أن يسمى غازي ، و المجرم يجب ان يسمى مجرم ، وعلى جميع الشخصيات التاريخية أن تحوز على حقها العادل في الوصف والتأريخ ، خلافا لما هو حاصل الآن ، حيث منذ حل الإسلام على بلاد تلك الشعب ، فقد تم تزييف الواقع لكي يكون المسلمون هم البطال فقط ، بينما المقاومون و المدافعون على بلادهم أعتبروا مجرد شخصيات بلا قيمة ، فيما الأصل أنهم أبطال يجب ان يخلدهم التاريخ كمقاومين على بلادهم .
وهنا وجب التنويه إلى شيء ، أن الشروط الثلاثة وكما هو واضح تشترط أنه على الشعوب التي تريد إدانة العربي بسبب ما فعله في تاريخه ، أن عليها التخلي عن الإسلام هي كذلك ، لأنه و كأبسط سؤال بديهي يواجهنا : و كيف يدين شخص العرب بحجة مجازرهم بحقه ، و هو لا يدسن أصل الداء الذي دفعهم لهذا وهو الإسلام ؟ فهل يمكن لوم الفرع ، وترك الأصل ، و الإدعاء أن هذا أمر منطقي ؟ .
وعلى هذا فمن يحق لهم بنظرنا حق إدانة العربي ، هم من تركوا الإسلام فقط ، أما جماعة ( العرب بشعون – و الإسلام جميل) فهم بتصوري مجرد بلهاء لا يعتد بهم ، فالرافض لغزوات المسلمين العرب لبلاده حقا ، فهو الكافر بدين الإسلام ، وليس المسلم ، وشخصيا اجد أنه من الجيد مثلا أن إنتفاضة الأمازيغ في بلدي الجزائر مثلا ، قد ترافقت مع موجة من الإلحاد و الإنتقال للمسيحية ، فشعب كالشعب الامازيغي إذا أراد أن يستعيد مجده وبلاده من نفوذ العرب المسلمين ، فعليه أن يتنكر لدينهم أولا ، فالأمازيغي الثائر على العرب، و الذين يدين بديهم ، هو مجرد مزيف لا يدري ماذا يفعل .
رابعا و اخيرا وهنا لا نتكلم على مستوى الفرد ، بل على مستوى العرق العربي كله إذا أراد تبرئة نفسه من الجرائم التي قام بها بحق البشرية ، وكذلك ومن أجل أن يعود له المجد الذي كان فيه هو نفسه ، فهو بأن ينصب تمثالا لابو الحكم داخل الكعبة ( يسميه المسلمون أبا جهل ) فبدون خطوة رمزية كهذه لرد الإعتبار لذلك الرجل العظيم الذي قاوم غزو الظلام ، فسيبقى العرب مدانين لا محالة على مستوى المجموع ، لأنه ومادام الإرهابي الكبير يتم تمجيده في مكة ، فحال العرب لن ينصلح ، ونحن لن نرى العرب بخير ، سوى حين تعود مكة لسابق عهدها المجيد ، حيث هي مدينة لجميع الديانات وكعبتها معبد لكل الالهة البشرية ، ويجب أن تعود أوثان كهبل واللاث ومناث والعزى ، لتؤكد الثوبة العربية عن حقبة الإسلام المظلمة .
وما نقصده بالمختصر بهذا الكلام اعلاه ، فهو أن على العرب ارجاع مكة لعدها القديم كما كانت ( هايد بارك ) حر منفتح على كل الثقافات و الاديان ، و بدل ان يكون الحج كما الأن مقصور على المسلمين فقط ، فسيكون الحج لكل الأحرار في العالم ليزوروا تلك المدينة الخالدة ، والتي تم غزوها من قبل الإسلام ، و تغيير تاريخها حتى اليوم .
وفي الختام فما نقول هنا ، فهو أن العربي مثله مثل الآخرين قد تم غزو بلاده إستعباده ، و أن لديه الفرصة ليصحح الأوضاع ، وعلى الجميع دعمه ، ولكن طبعا لا شيء من كل ما قلناه سابقا مقبول ، سوى بعد تحقيق الشروط ، فبدون تحقيقها ، فسيبقى الأمر كما هو عليه الآن .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.