أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف المساتي - رسالة ابن مزارع للكيف: بين ارهاب الوصم والقانون ومتاجرة الانتهازيين














المزيد.....

رسالة ابن مزارع للكيف: بين ارهاب الوصم والقانون ومتاجرة الانتهازيين


يوسف المساتي

الحوار المتمدن-العدد: 5376 - 2016 / 12 / 19 - 21:05
المحور: حقوق الانسان
    


أنا ابن مزارع للكيف
عرفت معنى الخوف والاضطهاد والقلق واللاستقرار النفسي والأسري بسبب زراعة فرضت علينا وكانت هي القدر الاقتصادي الوحيد المتاح أمامنا، عرفت معنى القلق والخوف وأنا أنتظر قدوم أبي إلي بين الفينة والأخرى -التي كثيرا ما تتجاوز الأربعة أشهر- لرؤيتي -أنا المقيم في فاس- حيث تسكنني هواجس أن يكون والدي قد اعتقل في الطريق بتهمة زراعة القنب الهندي كما يعتقل المئات أمثاله من المزارعين.
أنا ابن مزارع للكيف
عانيت من الوصم والتمييز حيث كان علي أن أخفي انتمائي لكتامة، حيث كان مجرد تلفظي بأصلي يجعلني عرضة لمضايقات وأطماع وسخريات لا تنتهي، وأحيانا كثيرة ما عانيت من اقصاء من مواقع وفرص عديدة لمجرد ذكر انتمائي إلى منطقة وصمت بزراعة "محظورة"، ووصم أهلها بثراء فاحش عند البعض، في حين كانت أسرتي وآلاف الأسر غيرنا تتم سنتها وقد غرقت في الديون بمجرد سدادها حتى تبدأ في دورة ديون جديدة، وهو ما جعلني أعيش بهوية مخفية، وكأني أحمل خطيئة الخلق الأولى.
عاينت بأم عيني كيف اعتقل أناس كثر أمامي بتهمة زراعتهم للكيف، لازالت أتذكر صرخات طفلة في السابعة وهي تصرخ وتبكي بحرقة بعدما اعتقلت الشرطة والدها من داخل حافلة لنقل المسافرين عند مداخل مدينة فاس بعدما كان يريد ايصالها للمدينة قصد اتمام دراستها، كما عاينت القلق في عيون أسرتي وهم يسمعون عن اقتحام الدرك لمنازل الفلاحين و"نهب" ممتلكاتهم واعتقال أرباب أسرهم بتهمة زراعة القنب الهندي .
انا ابن مزارع للكيف
كان حلم والده ألا يعيش حياة كما عاشها هو وأباؤه وأجداده من قبل تحت رحمة رجال السلطة وصراعاتهم، لازلت أتذكر كيف أتى بعض أفراد أسرتي بأبي محمولا ذات يوم، وهو يصر على أن يمضي رمضان معي، وأن يشرف ويتابع دراستي، ويشد من عضدي وقد اقتربت امتحانات السنة كما تعود دوما، وقد كان يقول لي سأبذل حياتي ثمنا لأن أراك تدرس وترتقي في الدرجات العلمية، وألا تعيش تحت رحمة الخوف والوصم والتمييز والاضطهاد والخوف والقلق وغياب الاستقرار النفسي والأسري وهو ما عاناه آلاف من الفلاحين وأسرهم.
انا ابن مزارع للكيف
حملت هذه القضية على أكتافي عبئا قد تنوء به أكتاف البعض، وقد يتخلى عنه البعض، وقد يتاجر به البعض، عاهدت نفسي ألا أقترب من الكيف وزراعته، وعاهدتها أيضا أن أدافع عن مزارعيه، عن أرضي، وعن انتمائي، وعن الجذور والأصل، حملت وصية أبي الأخيرة، وآخر كلماته في آخر لقاء جمعنا قبل شهرين من وفاته، وهو يوصيني باخوتي ويوصيني بالدفاع عن منطقتي، وقد تم دفنه قبل أن ألقي عليه النظرة الأخيرة، وكأنه كان يريد أن يبقى حيا في صورتي لتبقى صورته ووصيته بداخلي.
انا ابن مزارع للكيف
أرفض أن تتم المتاجرة بقضيتي، أو أن تصير فرصة للتسويق الانتخابي، أو لاغتناء البعض، والمتاجرة بمآسي الالاف ومعاناتهم، ولن نتنازل عن قضية مزارعي الكيف يوما لأنها أكبر من قضية وأكبر من حلم، إنها جزء من ذاكرة وهوية جريحتين.



#يوسف_المساتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إفطار رمضان : حينما تزايد الدولة والشعب على الله
- اليسار والدين: بحثا عن لاهوت التحرير
- البيجيدي: عندما يحارب النوع والوطن باسم الكيف والأمة
- عن الماجيدي وباناما والصحراء المغربية
- عندما يتمخض القلم فينجب المغالطات (ردا على رشيد نيني)
- خواطر حول القران 01: كلمة لا بد منها
- مرثية إلى روح أحمد بنجلون
- اليسار المغربي: بين فكر المهدي بنبركة والأسئلة المستقبلية
- اعترافات إلى حبيبتي الافتراضية
- أحاديث مع فتاة نت: 3 (الحديث الأول)
- إلى شكيب الخياري: احمل أوراقك وارحل.
- أحاديث مع فتاة نت: 2 (الراوي)
- وطن المحسودين
- البونية وخطاب الملك
- أحاديث مع فتاة نت: 1 (ما قبل البداية)
- مقاربة أولية للإشكاليات المرتبطة بزراعة القنب الهندي
- في انتظار الموت
- لماذا نغضب؟؟
- سيدي صاحب المقام العالي
- ترانيم على قبر الأمل الميت


المزيد.....




- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف المساتي - رسالة ابن مزارع للكيف: بين ارهاب الوصم والقانون ومتاجرة الانتهازيين