هل كان سقراط من الأنبياء؟

أسامة هوادف

الحوار المتمدن-العدد: 5374 - 2016 / 12 / 17 - 02:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

نشرت منذو أسابيع لوحة فنية الرسام ’’جاك لويس دافيد’’ ولتى تحمل أسم ’’موت سقراط’’ التى تصور اللحظات الأخيرة في حياة المفكر والفيلسوف الإغرايقي ’’سقراط’’ وقد كتبت معلق على الوحة أن سقراط كان من الأنبياء الذين لم يخبرنا الله عنهم ، مما دفع بكثير بأتهامي بأزدراء الأسلام وبالكفر والجنون ،وهذا يدل على الفهم الخاطئ الوجود و الأديان السماوية وسيرورة التاريخ ،قول الله تعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ" (غافر _ 78).ولكن لماذا لم يقصص القرأن أخبارهم ، يجيب المفكر نور الدين بوكروح على ذلك قائلا ’’ ربما لأن عرب ذاك الوقت لم يكونوا ليعرفوا شيئا عن تلك الأمم البعيدة ، ويقول في مقال له نشر في جريدة الشروق ’’2015/4/21‘‘منذ إبراهيم الخليل عليه السلام، تتمثل الحجة عند الرسل في الرسالة الربانية التي يحملونها، أما عند الأنبياء والحكماء وكل من لم يحمل كتابا سماويا، فإن الرسالة توجد في العلم الخارق السبَّاق لعصره، لحامله المُختار، وفي الحكمة أو العلم اللذين يُمَيّزانه. فالنبي الذي لا يحمل رسالة أو كتابا يكون إذا دائما شخصا مثالي الأخلاق والسيرة، استثنائي العقل، مثل فيثاغورث مخترع الرياضيات والميتافيزيقية، أو كونفوشيوس صاحب نظام القيم الأخلاقية والفكرية التي لا تزال صالحة إلى اليوم. أو سقراط مربي الحضارة اليونانية العتيقة الذي أسَّسَت طُرُقُ تدريسه لبرامج التعليم في عالم اليوم أجمع.
حسب اجتهادي الشخصي يمكن أن نُصَنّفَ كونفوشيوس، سقراط وفيثاغورث من بين الأنبياء الذين أرسلوا إلى قومهم دون أن تَردَ قصصهم في القرآن الكريم: "وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا" (النساء -164).
لم يكن نور الدين بوكروح وحده من أمن بنبوة سقراط بل هناك الكثير من العلماء المسلمين وهذا الأتصافه بسمات الأنبياء وعدم إيمانه بألهة اليونان القديمة ،يقول جودت سعيد’’إنني أعتبر سقراط في مصاف الأنبياء ،نوح وسقراط ..ينهلان من منهل واحد’’ ويقول ابن رشد ل’’كما أن الأنبياء يتقبلون الوحي فيبلغونه للشعب ،وكذلك الفلاسفة هم أنبياء الطبقة العالمة ‘‘ ،وأمن الخليفة الرابع بالجماعة الإسلامية الأحمدية ميراز طاهر أحمد بالنبي سقراط ،وأكد على أن سقراط كان نبيا ، لأنصافه بسمات الأنبياء وعدم إيمانه بألهة اليونان القديمة وكذلك ذهب أحمد فاروق السرهندي في كتابه المكتوبات وهو من كبار علماء الهند ‘أنه يغلب على ظنه أن سقراط من الأنبياء’’ وقد أستشهد جميع العلماء على كون سقراط من الأنبياء كونه كفر بكل ألهة اليونان حيث قال هذه وثنية فارغة ة وبأن الله وحدا.

محاكمة سقراط
قامت الاتهامات المواجهة لسقراط على أساس أنه شرير ويستهين بألهة اليونان وأنه يعبد ألهة غير التى يعبدها جمهور الدولة ، ويعلم الناس بأن لا وجود قيمة الألهة أثينا وأن الله وحد. وحكمت الأغلبية بإدانته،وحكم عليه بالموت،لكن القانون الأثني كان يعطيه الحق في أن يقترح لنفسه عقابا أخف من هذا ثم يختار القضاة أحد العقابيين، ولكن سقراط لم يقم أي أعتبار لحكم الغوغاء وأقتراح عقابا هزليا لا يدل على أهمية المحاكمة بالنسبة له ،بل أنه طالب القضاة بمكافأته على ما يقدمه لمواطني أثينا من خدمات ، فما كان من المحكمة إلا أن قضت عليه بالموت عن طريق السم.
اللحظات الأخيرة من حياة سقراط
لقد حاول تلاميذ سقراط تهريبه وقد رتبوا الأمر مع حارس السجن الذي كان متعاطف معه، لكنه رفض ذلك ،وعندما سئل لماذا قال أنني علمتكم احترام القوانيين ،نعم أنا ضد هذه الحكومة وضد عدد كبير من قوانيننها ،ولكنها مادامت قائمة فلا يجب الخروج عليها ولو أن كل فرد سولت له نفسه الخروج عن قوانيننها ستسود الفوضي وأنا لن أسمح لنفسي بالتسبب في هذا ،ويضيف سقراط قائلا أنا سوف أذهب الى مصيري فلا تحزنوا علي أنما تدفنون هذا الجلد ، أذا كان الموت فناء فلاداعي للخوف منه وأذا كان الموت رحلة الى حياة مزدهرة ودائمة فهلما به ، وأخر ما أوصى به سقراط هو أن يتم تسديد دين عليه ،وهذا مايدل على أيمانه بيوم الحساب، وقد قدم له سم الشوكران فشربه مطمئن القلب وتمدد على فراشه حتى فاضت روحه اللى ربها ،وهكذا مات سقراط الذي كفر بألهة اليونان لقد كانت حياته ومماته كلها دلائل على أنه من الأنبياء.

#أسامة_هوادف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات