أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟















المزيد.....

لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5363 - 2016 / 12 / 6 - 14:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يتوقف العقل الحر أمام ظاهرة لم يتوقف أمامها أبناء الديانة العبرية (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) وهى ظاهرة أنّ أبناء تلك الديانة يـُـخاصمون بعضهم البعض ويعتدون على بعضهم البعض، سواء بالقتل بالسيوف أو بأسلحة القتل الحديثة، أما الظاهرة الأخطر فهى أنّ أبناء الشـُـعبة الواحدة داخل الديانة العبرية، انقسموا إلى (مذاهب) ثم انقسمتْ المذاهب إلى فرق مُـتناحرة، وكل فرقة تــُـكفــّـر الأخرى ، وهو ما حدث فى (كل) شـُـعب الديانة العبرية الثلاث، بل إنّ أصحاب المذهب الواحد انقسموا إلى فرق مُـتنوّعة. وكانت نتيجة هذه الانقسامات المتوالية، اشتعال الحروب ، سواء بين دولة ودولة أخرى ، أو داخل الدولة الواحدة ، وهى الحروب المعروفة باسم (الحروب الأهلية)
حدث ذلك على مدارالتاريخ منذ بدأتْ الشعبة الأولى (اليهودية) رغم التشابهات الكثيرة داخل الشـُـعب الثلاث فى الديانة العبرية، خاصة وقد صنــّـنفوا أنفسهم ضمن التقسيم غير العلمى على أنهم (ساميون) نسبة إلى (سام) الذى رضى الرب العبرى عنه فى مقابل أبناء (حام) المغضوب عليهم وأنّ الرب هو إله سام واعتبر أبناء (حام) عبيدًا للساميين (تكوين: الإصحاح 9) ومن بين التشابهات الكثيرة قصة خلق (آدم وحواء) والطرد من (الجنة) وقتل الشقيق لشقيقه و(الطوفان) وقصة (إبراهيم) وذبحه لابنه (اسحق فى اليهودية وإسماعيل فى الإسلام) وقصة يوسف الذى فتن النساء وموسى الذى أمر الرب بتدمير مصر.. إلخ.
بدأتْ الديانة العبرية باليهودية (الشعبة الأولى) ثـمّ تلتلها المسيحية (الشعبة الثانية) ثـمّ الإسلام (الشعبة الثالثة) اتفقتْ الشـُـعب الثلاث فى الكثير واختلفتْ فى القليل، بينما البنية العقلية والتوجه الأيديولوجى واحد، خاصة فى نظرة العداء لأغلب شعوب الأرض باستثناء بنى إسرائيل الذين حازوا على (مُـباركة) الرب العبرى الذى انحاز إليهم، فى مقابل العداء لغيرهم من الشعوب. ومن التشابهات الموقف من المرأة، فهى أقل من الرجل، والانحياز لمجتمع رعاة الغنم، فى مقابل العداء لمجتمع الزراع.. إلخ
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نشب الصراع بين أبناء تلك الديانة الواحدة، التى تأسّـستْ على (الوحدانية)؟ فى مقابل العداء ل (التعددية) وأنّ الرب فى الشـُـعب الثلاث: واحد، لاشريك له، قادر، جبار.. إلخ . وأنّ (إبراهيم) أبوالأنبياء.. إلخ. ورغم أنّ بنى إسرائيل والفلسطينيين يؤمنون بإبراهيم، وبكل الأنبياء العبرانيين، فقد حدث صراع دموى بدأه بنو إسرائيل– فى العصور القديمة- ضد الفلسطينيين. وفى العصر الوسيط غزا ملوك أوروبا (المسيحيون) الشرق بحجة الدفاع عن الأراضى المُـقـدّسة التى كانت تحت سيطرة (المسلمين) وهى الحروب التى عُـرفتْ باسم (الحروب الصليبية) فهل حماية ما يـُـسمى (أماكن مقدسة) يـُـبرّر الاحتلال والغزو؟ وإذا كان المسيحيون والمسلمون أبناء ديانة واحدة، فلماذا لم يتــّــفقوا على صيغة تـُـحقــّـق الحماية والسلام فى وقت واحد؟ دون إراقة الدماء. وهكذا فإنّ الغزوالأروبى (المسيحى) كان بهدف الحصول على خيرات الشرق، أى أنه استعمار تخفى فى ثياب دينية. وأنّ تحقيق الهدف النهبوى أنسى (أهل المسيح وأهل محمد) أنهم أبناء ديانة واحدة .
وإذا كان المسيحون غزوا الشرق فى العصر الوسيط (القرن الثانى عشر الميلادى) فقد سبقهم العرب عندما غزوا الشام والعراق والمغرب ومصر، فى القرن السابع الميلادى. وكما تذرّع مسيحو أوروبا بحماية الأراضى المقدسة، وتخفوا وراء آيات من الأناجيل، فإنّ العرب الغزاة تحجـّـجوا بحكاية (نشر الإسلام) بينما كان الهدف الأول والأخير هو الحصول على (خراج الأرض) و(الجزية على الرؤوس) وكان أول سؤال سأله الغزاة العرب لمن كانوا يحتلون مصر(الرومان) كم مقدار الجزية التى كنتم تحصلون عليها من المصريين؟ وهو ما فعلوه مع باقى الشعوب الذين احتلوا أوطانهم. ولعل أدق دليل على نفى (نشر الإسلام) كسبب للغزوات، أنّ القرآن لم يتم جمعه إلاّ فى عهد عثمان، بينما غزو مصر- كمثال – كان فى عهد عمربن الخطاب. كما أنّ وضع النــُـقط فوق حروف كلمات القرآن لم يحدث إلاّ فى القرن الثانى الهجرى، أى بعد وفاة عمربن الخطاب بنحو مائة سنة. وأنّ من وضع النــُـقط يحيى بن يعمر المتوفى سنة 129 هـ . وكان يرى أنّ فى القرآن لحن (أى أخطاء فى القراءة) وقد تبيـّـن ذلك عندما سأله الحجاج بن يوسف الثقفى: ((هل ألحن فى قراءة القرآن؟ فقال له: تلحن لحنــًـا خفيفــًـا. فقال له الحجاج: أجلتك ثلاثة (أى منحه فرصة ثلاثة أيام) فإنْ وجدتك فى أرض العراق قتلتك)) وكذلك ما رآه بعض الولاة من أنّ دخول المسيحيين فى الإسلام ((قد أضرّ بالجزية)) وهو ما عبـّـر عنه عبد الملك بن مروان فى رسالة منه إلى عبد العزيزبن مروان وطلب منه أنْ ((يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة)) فكلـّـمه ابن حجيرة فى ذلك فقال ((أعيذك بالله أيها الأميرأنْ تكون أول من سنّ ذلك بمصر. فوالله إنّ أهل الذمة ليتحملون جزية من ترهـّـب منهم، فكيف تضعها على من أسلم منهم؟ فتركهم عند ذلك)) (ابن عبد الحكم القرشى فى كتابه " فتوح مصر وأخبارها " – ص 107) ولكن أهم وأدق دليل على أكذوبة (نشر الإسلام) هو حديث نبى الإسلام (محمد) الذى نهى فيه السفر بالقرآن إلى أرض (العدو) وكانت حجته ((مخافة أنْ يناله العدو)) (السجستانى فى كتابه " المصاحف " – ص 205)
وفى العصر الحديث، أصرّ يهود أوروبا على الاستيلاء على أرض الشعب الفلسطينى ، بحجة تحقيق وعد الرب العبرى بالعودة إلى (أرض الميعاد) وأعتقد أنّ ما حدث فاق خيال مُـبدعى الأساطير فى العصور القديمة، خاصة الأساطيرالإغريقية. وللعقل الحر تخيـُـل أنّ من كتب الأوديسا والإلياذة صوّر الصراع الفلسطينى/ الإسرائيلى بعد احتلال فلسطين– كما حدث فى القرن العشرين الميلادى، فإنّ القارىء سيعتبرأنّ ما ذكره الكاتب من باب (الخرافات) وليس من باب الأساطير، لأنّ الأساطير- رغم غرائبيتها ولامعقوليتها– تتضمّـن الحكمة والموعظة، بتكثيف خطورة (سفك الدماء) وما يتعرّض له البشر من مآسى وكوارث بسبب الصراعات التى– كثيرًا– ما تكون (عبثية / جنونية) وبالتالى يكون الدرس هو: التنبيه على ضرورة أنْ يعيش البشر فى حالة (سلام) ونبذ حالة (الحرب) من أجل تجنب القتل، وترك كل شعب ليعيش فى سلام، والاعتماد فى غذائه على ما تــُـنتجه يداه وأرضه، وليس على الاحتلال والغزو، تحت شعارات (زائفة) ارتدتْ أقنعة ممسوخة مصنوعة من نسيج دينى.
من الأمثلة المذكورة بعاليه يتبيـّـن أنّ الغزاة كانوا يتستــّـرون وراء أقنعة دينية. وإذا كان شعبنا المصرى– أثناء الغزو العربى– كان يعتنق الديانة المسيحية، وإذا كان القرآن قد اعترف بتلك الديانة، فلماذا كان الغزو؟ واحتلال مصر؟ ولماذا لم يترك العرب باقى الشعوب الذين احتلوا أراضيهم فى حالهم؟ وإذا كان الفلسطينيون واليهود أبناء عمومة، فلماذا كان الطمع فى الوطن الفلسطينى بحجة (أرض الميعاد)؟ وإذا كان الإسلاميون المُـسلــّـحون بالآيات القرآنية وبالرشاشات (أمثال أعضاء تنظيم داعش وغيرهم) قد دمـّـروا العراق وسوريا وليبيا.. إلخ، وهم يقتلون مسلمين موحـّـدين مثلهم، ويـُـعادون أبناء الشعبة الأولى (اليهودية) وأبناء الشعبة الثانية (المسيحية) ويمنعون بناء الكنائس وتدمير الموجود منها، فأين تكمن المشكلة؟
أعتقد أنّ مأساة شعوب المنطقة العربية، وكذلك مأساة شعبنا المصرى، تكمن فى منظومة التعليم ومنظومة الثقافة السائدة، حيث أنّ المنظومتيْن ضد تدريس (تاريخ الأديان) وكذلك مادة (الأديان المقارنة) لأنه لو حدث العكس وتـمّ تدريس هذيْن البابيْن من أبواب العلوم الإنسانية، فإنّ الوضع سيكون أفضل بكثير. بمراعاة أنّ أبناء الديانة العبرية سيتأكــّـدون أنهم أبناء ديانة واحدة– رغم بعض الاختلافات- ويتأكــّـدون من التشابهات الكثيرة فى كتب الشـُـعب الثلاث. وأعتقد أنه كان سيترتب على ذلك تحجيم التعصب الدينى بدرجة أو أخرى، ولا أقول محوه تمامـًـا من عقول المؤمنين بتلك الديانة الواحدة.
أما دراسة (الأديان المُـقارنة) فكانت كفيلة بإقناع كثيرين بأنّ ديانة مصر القديمة، وما جاء فى تعليمات بوذا وتعليمات كونفوشيوس.. إلخ فيها الكثير من الحض على الخير، ونبذ الشر. وتكريس المحبة والسلام بين كافة شعوب الأرض، ويكفى أنْ يقرأ طلاب تلك المادة تاريخ بوذا الذى لم يـدّعى النبوة، ولم يقل أنّ معه كتابـًـا نزل عليه من السماء، ورغم ذلك قال ((إذا زرعتَ شجرة فلا تقطف كل ثمارها.. اترك بعضها للإنسان العابر وللطير المُـهاجر)) فهل هناك رقة إنسانية أكثرمن ذلك؟ وكونفوشيوس أيضـًـا لم يـدّع النبوة ومع ذلك قال ((عامل الآخرين بما تــُـحب أنْ يـُـعاملوك به. ولا تفعل بالآخرين ما لاتــُـريد أنْ يفعلوه بك)) وقال إنّ ما يجعل البشر إنسانيين هو (جين) أو طيبة القلب الإنسانى. ولخـّـص فلسفته فى تعبير(حب البشر) وقال ((يرغب الإنسان فى الثروة والشرف ولكن إذا تـمّ تحقيقهما عن طريق مُـخالف لمبادىء الأخلاق، فإنه لاينبغى الإبقاء عليهما)) ورأى أنّ الأخلاق والخير فوق القوانين والعقاب لتطوير السعادة الإنسانية. ومع ملاحظة أنّ بوذا وكونفوشيس سبقا ميلاد المسيح بخمسمائة سنة، ناهيك عن ميلاد محمد الذى جاء بعد المسيح. فهل يمكن للبشر(أقصد الناس الذين لايتاجرون بالدين) التخلص من النصوص الدينية، ليكون تعاملهم– مع بعضهم البعض– وفق معطيات الواقع الذى يعيشون على أرضه، وليس وفق نصوص كــُـتبتْ لزمن غير زماننا وبيئة غير بيئتنا؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوابت الدين وتغيرالبيئة والزمن
- هل الشيخ محمد عبده من التنويريين ؟
- لماذا أحرق عثمان المصاحف ؟
- حُلم الإسلاميين الطوباوى ب (تنقية) التراث
- دور البيئة الطبيعية والتأقلم
- ملاحظات حول مشكلات اللغة العربية
- التطور من الخلية الواحدة إلى الإنسان
- انعكاس الثقافة القومية على الإبداع (10)
- زراعة الأنسجة ودور العلم
- المواجهة بين العلم والكهنوت الدينى
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (9)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (8)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (7)
- العلوم الطبيعية والأنظمة العربية
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (6)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (5)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (4)
- محمود تيمور ومشكلات اللغة العربية
- انعكاس الثقافة القومية والدين على الأدب (3)
- عروبيون وينتقدون اللغة العربية


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا انقسم أبناء الديانة العبرية ؟