أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - هل نحب؟














المزيد.....

هل نحب؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5339 - 2016 / 11 / 10 - 20:32
المحور: المجتمع المدني
    


هل نحبُّ؟
======

حين تحبُّ أطفالَك وأقرباءك، فأنتَ تشبه القطةَ التي تحبُّ أولادها ثم تفترس الفأر، وتشبه الأسدَ الذي يحنو على أسرته، ثم يفترس الظِّباء. ولكي تعلو درجةً عن مرتبة القطة والأسد وتستحق لقب: "إنسان"، فعليك تجاوُز عشيرتك ليظلّل حبُّك مَن لا تعرفهم. في هذا يقول الألماني "مارتن لوثر"، الذي أنقذ أوروبا من صكوك الغفران التي ضحك بها رجالُ الدين المسيحي على بسطاء الناس في القرون الوسطى: “الإنسانُ العادي يتوافق مع الجماعة التي ينتمي إليها. أما الإنسانُ الممتاز فيشعر بانتمائه للبشرية جمعاء؛ فيتجاوز حدودَ الجماعة التي نشأ فيها ليخاطب الإنسانية كلها بلغة الحبّ."
يوم 4 نوفمبر عام 1988، مرَّ نعشٌ لا يسير وراءه إلا ثلاثةُ رجال! فاندهش أحدُ المارّة وسأل عن المتوفى الذي خلت جنازتُه من المشيعين! فعلم أنه عجوز في السبعين، عاش عمرَه دون أن يحبَّ أحدًا، فلم يحبّه أحدٌ. فكتب الرجلُ في عموده "فكرة" بجريدة الأخبار، يستأنس برأى قرّائه في أن يجعل ذلك اليوم "عيدًا للحب"، لكي نتذكّر ونُذكّر بعضنا بعضًا بقيمة الحب. وكان "عيد الحب المصري" الذي أطلقه "مصطفى أمين".
مرّ علينا قبل أيام عيدُ الحبِّ، والحبُّ غائبٌ! أين فرّ؟ وكيف سمحنا له أن يفرّ؟! لصالح مَن تركنا البغضاءَ تنتعشُ في أركان وطننا؟ 
الكراهيةُ مرضٌ قاتل، الحمد لله أن عافانا منه. نقول: ’أحبّوا بعضكم بعضًا يحببكم الله‘، لكي ننعش في قلوب الناس تلك الَملَكة السماوية التي أمرنا اللهُ بها، فأمعنّا في قتلها داخل أرواحنا حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن من ويل ودمار؟!
يُحكى أن الملكَ الفارسي أنوشيوان أعلن عن جائزة قدرها 400 دينار لمَن يقول كلمة طيبة. ثم تجوّل في أرجاء مملكته بصحبة حاشيته. فشاهد فلاحًا عجوزًا تخطّى التسعين، يغرس شجرة زيتون. فسأله الملكُ متعجّبًا: "هل تغرس شجرةً لن تأكل منها، إذ تحتاج إلى عشرين سنة حتى تُثمر، وأنت طاعنٌ في العمر، ودنا أجلُك؟!" فقال الفلاحُ: "السابقون زرعوا؛ ونحن حصدنا. كذلك نزرعُ ليحصد اللاحقون.” فقال الملكُ: “هذه كلمةٌ طيبة.” وأمر له بأربعمائة دينار. أخذها العجوزُ وابتسم. فسأله الملكُ: "لماذا ابتسمت؟" قال الفلاحُ: "شجرةُ الزيتون تثمر بعد عشرين عامًا، وأثمرت شجرتي قبل مولدها.” فقال الملك: "أحسنت! وهذي 400 دينار أخرى لقاء هذه الكلمة الطيبة.” فأخذها الفلاحُ وابتسم. فسأله الملكُ: “ولمَ الابتسامةُ الجديدة؟" فأجاب العجوزُ: "شجرةُ الزيتون تثمر مرةً في العام، وأثمرت شجرتي مرتين!” فأمر له الملكُ بأربعمائة دينار أخرى، ثم مضى مسرعًا بعدما ألقى السلامَ على الفلاح. فسأله رئيسُ الجند: "لماذا مضيتَ قبل اكتمال الحديث يا مولاي؟" فأجاب الملكُ: "إن جلستُ إلى هذا الفلاح حتى الصباح، لنفدت خزائنُ الأموال، قبل أن تنفد كلماتُ العجوز الطيبة.”
لا أشفقُ على أحدٍ قدر إشفاقي على مَن حرموا أنفسَهم من تلك المتعة الهائلة: “محبة الناس". فالمُحِبُّ المانحُ يستمتع بحبّه وعطائه أكثر مما يستمتع "المحبوب" “الممنوح". لو يعرف الباغضون هول النعمة التي حرموا أنفسَهم منها، لتعجّبوا من قسوتهم على أنفسهم. أولئك لا يتذكّرون قيمة الحبّ إلا لحظة الضعف والانكسار. يشبهون العقربَ الذي شاهده حكيمٌ جالس على ضفة النهر. وقع العقربُ في الماء، وراح يتخبّط محاولا النجاة من الغرق. مد الحكيم يده لينقذه، فلسعه العقرب. صرخ العجوز من الألم، لكنه مدّ يده من جديد، فلسعه العقربُ مجدّدًا. وحاول مرة ثالثة، حتى وبّخه صيادٌ قائلا: “ألم تتعظ يا رجل!” فلم ينصتُ العجوزُ للصياد وكرر المحاولة حتى أنقذ العقرب. ثم سار إلى حيث يجلس الصياد وربت على كتفه قائلا: “طبعُ العقرب أن يلسع، وطبعي كإنسان أن أحبَّ وأغيثَ الملهوف. فهل أسمح لطبعه أن يغلب طبعي؟" أحبّوا تصحّوا. كل سنة والأشرارُ طيبون، والطيبون أكثرُ طيبة.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تدخلوا الجنة حتى تحابّوا
- شريهان.... العصافير أنبأتنا عن مخبئك!
- حوار مع أبي .... وألحقني بعبادك الصالحين
- سوف يكبرون ويحبّون العالم
- بيان من فاطمة ناعوت بخصوص مؤتمر واشنطن | لماذا يهاجمني بعض أ ...
- الحرفُ يقتل!
- المعادلة المستحيلة ... لا تطفئوا مِشعلها!
- كيف تصير مشهورًا دون تعب؟
- حُرّاس لغتنا الجميلة، وقاتِلوها
- يا ماعت: اخلعي حذاءك في المطار
- صاحبة السعادة تهدينا مذاقاتِ طفولتنا
- سبعُ قبّعات فوق رأسك
- مشروع قومي: ضدّ الطائفية
- حرية التعبير يا حمادااااا
- اخرج م الطابور يا خروف!
- يا ريتها كانت بركت وفطّست العجينة
- ولاد الناس …. وولاد اللامؤاخده
- حموكشة الربعاوي
- على مقام الهُزام
- من ثنيّات الوداع


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - هل نحب؟