أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الحرفُ يقتل!














المزيد.....

الحرفُ يقتل!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 13:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هل "الحرف يقتل" كما تقول الأدبيات المسيحية؟ نعم. الحرف يقتل. المقصود في النص الديني (الحرفُ يقتلُ والروحُ تُحيي): أن يُستدلَّ على المعنى من "روح" النص، وليس من "حرفية" النص. بينما المقصود من مقالي هذا هو حرفية المعنى. أي أن "الحرف" بالفعل قد يقتل، لأن زيادة حرف أو غياب حرف من كلمة، قد يغيّر معناها، فُيساء الفهم، ويتغاضبُ الناسُ وقد يتقاتلون، بسبب ارتباك المعنى.
كثيرًا ما تجد من يكتب "إنشاء الله"، وهو يقصد "إن شاء الُله". فانظر إلى هول اختلاف المعنى. “إنشاء" تعني: تشييد أو بناء، فهل هذا هو ما نقصده حين نقدّم مشيئةَ الله في أي عمل نعمله؟ هذا ما فعله غياب مسافة صغيرة بين كلمتي: إن- شاء. وليس الحرف فقط ما يغيّر المعنى، بل أن "النقطة" فوق حرفٍ تغيّر المعنى تمامًا. بعض الناس يكتبون لفظ الجلالة بالتاء المربوطة: (اللة)، بدلا من الهاء (الله)؛ فهل يدرون أنهم بهذا يعطون المرادف الصوتي لأحد آلهة الوثنيين: (اللات)؟! بل أن علامة الترقيم (الفاصلة، الفاصلة المنقوطة؛ النقطتان: الشرطة – علامة الاستفهام؟ علامة التعجب!، وغيرها) قد تنقل المعنى من النقيض إلى النقيض. فإن أخبرك أحدهم بأنه مريض؛ فقلت له: “لا، شفاكَ الله."، غير ما تقول له: “لا شفاكَ الله.” فالأولى هي استنكار لمرضه، ثم دعاء له بالشفاء، بينما الثانية هي الدعاء عليه بعدم الشفاء! مجرد فاصلة صغيرة بين كلمتين عكست المعنى من المحبة إلى البغضاء. أنا شخصيًّا أتعرضُ للمحاكمة لأن أحدهم أخطأ في قراءة كلمة في بوست نشرته بصفحتي. كتبت: (آله) بمعنى (أهله)؛ كما نقول: اللهم صلّ على محمد وآله وصحبه"، أو كما نقول: “آل عمران"، "آل خليفة"، وهلمّ جرّا، فقرأها شخصٌ: (إلهه)، بمعنى ربّه، وظنّ أنني أخطئ في الذات الإلهية، حاشاني أن أفعل!
أتذكّرُ الآن واقعة طريفة حدثت معي منذ سنوات بسبب (نقطة فوق حرف)، أحكيها لكم.
كنت أقود سيارتي في شارع "مصر والسودان" بحي "حدائق القبة". لمحتُ محلاًّ للزهور مكتوبًا على يافطته: "عبدة الزهور الجميلة". أدهشني العنوان الغريب، وقررتُ التوقف لتحية صاحب المحل على اختيار اسم مجازي جسور لمحلّه، وتنبيهه إلى هِنة إملائية صغيرة.
استقبلني صاحبُ الورود بحفاوة وقدّم لي وردةً حمراءَ، وتحدّثنا قليلا فعلمتُ أنه جامعيٌّ افتتح هذا المحل منذ سنوات، لأنه عاشقٌ للزهور، ويأسًا من انتظار القوى العاملة الكسول في مصر. ابتسمتُ وقلبي يرقص فرحًا بأبناء بلدي المكافحين، ثم بادرتُه: “أنا فخورة بك حقًّا، فأنتَ تحمل قلب شاعر! لكن أخبرني كيف خطر هذا الاسمُ المشاكس على بالك؟! هل قرأتَ مثلا رواية ’عَبَدَة الصفر‘ للفرنسي ’آلان نادو‘؟أم تراك استلهمت عنوانك رأسًا من اسم جماعة فيثاغورث الإغريقية الشهيرة بجماعة ’عبدة الصفر‘؟"
حدّق الرجلُ في عينيّ بدهشة، وهو يومئ برأسه علامة الموافقة المستريبة. جذبته من يده وأشرتُ إلى اليافطة وأخبرته بشيء من الحياء: “فقط لو تحذف اللام الزائدة من كلمة "للزهور"؛ لتصبح "الزهور"، وبهذا يستقيم المعنى: ’عَبَدة الزهورِ الجميلة.‘”
تحوّل الرجل الوديع الذي منحني زهرةً، إلى أسد هصور يزأر: “جرى ايه يا ست؟! اليافطة كده صح: “عبده للزهور الجميلة". أشار إلى الزهور في المحل وهتف: “آدي الزهور الجميلة"، ثم أشار إلى نفسه وأكمل: "وآدي عبده. حضرتي. عشان أنا اسمي عبدووووووو"!!!
مادتِ بي الأرضُ، وهمستُ في وهنٍ: “اسكتْ! اسكتْ أرجوك! يا ريتك ما تكلمت! أفسدت الصورة اللي كانت في خيالي! لكن يا عم عبدووووو، اسم حضرتك بالهاء مش بالتاء المربوطة زي ما كاتبه على اليافطة يا متعلم يا بتاع المدارس.” وركضت فورًا لسيارتي قبل أن يفتك بي بائعُ الزهور الجميلة!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعادلة المستحيلة ... لا تطفئوا مِشعلها!
- كيف تصير مشهورًا دون تعب؟
- حُرّاس لغتنا الجميلة، وقاتِلوها
- يا ماعت: اخلعي حذاءك في المطار
- صاحبة السعادة تهدينا مذاقاتِ طفولتنا
- سبعُ قبّعات فوق رأسك
- مشروع قومي: ضدّ الطائفية
- حرية التعبير يا حمادااااا
- اخرج م الطابور يا خروف!
- يا ريتها كانت بركت وفطّست العجينة
- ولاد الناس …. وولاد اللامؤاخده
- حموكشة الربعاوي
- على مقام الهُزام
- من ثنيّات الوداع
- الجمال المستحيل
- العلاقمة... قرية مصرية جميلة
- القديسةٌ أم الأمُّ؟
- رسائل محمد بك وفاطمة هانم
- ((قصيدة ((ليلى))
- على طريقة تشارلي تشابلن


المزيد.....




- الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري ...
- الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ ...
- كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟ ...
- الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج ...
- 3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
- آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود ...
- جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل ...
- 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
- الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن ...
- رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الحرفُ يقتل!