أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - العلاقمة... قرية مصرية جميلة














المزيد.....

العلاقمة... قرية مصرية جميلة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5297 - 2016 / 9 / 27 - 17:24
المحور: المجتمع المدني
    


=================

وأنا أكتب عن تلك القرية الصغيرة (العلاقمة)، أعلم أن كلامي ينطبق على العديد والعديد من قرى مصر الجميلة، التي لم يسمح أهلُها بأن يضربها فيروس الطائفية القاتل، لأنهم واعون أصحاءُ القلوب أنقياءُ الروح، لم يقبلوا أن تُدنِّس قلوبَهم أدرانُ الفتن، أو يلوِّث أرواحَهم ميكروبُ البغضاء.
هي إحدى القرى التابعة لمركز "ههيا" محافظة الشرقية بمصر. ربما كل ما يردنا عنها من أخبار أنها غرقت في مياه الصرف، وأن أهلها يعانون البؤس بسبب ابتزاز أصحاب الكسّاحات الذين يوقفون العمل لرفع أسعار النقل وفرض إتاوات في ظل إهمال الحكومة عن الإشراف والمتابعة، ما يتسبب في غرق بيوت القرية في مياه الصرف، وما يتبع ذلك من أمراض وأوبئة، خاصة أن سائقي الكسّاحات يلقون الصرف في بحر فاقوس، أحد فروع النيل وأهم روافد الريّ الزراعيّ بشرق الدلتا، وغير ذلك من الأخبار التعسة، التي تعاني منها معظم قرى مصر ونجوعها. لكن ذلك لا يرسم الصورة كاملة، بالنسبة لتلك القرية.
الزاوية المشرقةُ من الصورة، رسمها أحدُ القراء المسيحيين. المهندس: عادل نصحي إبراهيم إلياس، حكى لي عن طفولته الدافئة وسط أهل القرية المسلمين، وعن منزلهم الذي لم يخلُ يومًا من أفراد أسرتيْ الحاج علي والحاج عبده، الذين كانوا يتسابقون في قولهم: أنا أبوك وأولادي إخوتك، وأنا أمّك وأجدادُنا هم أجدادك. قصّ عليّ مراسم العزاء الأسطوري يوم وفاة والده حيث كان الشيخ يقرأ ربعًا من القرآن الكريم، يتلوه القسّ يُلقي عِظة من عظات السيد المسيح عليه السلام. نشأ أطفالُ القرية في مناخ أسريّ هادئ، حيث جميعُ الأمهات والآباء، مسلمات ومسلمين مسيحيات ومسيحيين، هنّ أمهاتُ الجميع وآباؤهم، دون طائفية تقتل في الطفل نبتة المحبة وتزرع في برعم القلب الغضّ أدرانَ البغضاء. وكبُر الأطفالُ وصاروا أطباء ومهندسين وتجّارًا، لكن المحبة لم تفتُر بينهم، نقلوها بدورهم لأبنائهم وأحفادهم حتى الجيل الثامن، مثل ميراث مقدّس لا يجوز التفريط فيه. يقول المهندس نُصحي إنه محظوظ لأن له عشراتِ الأمهات وعشراتِ الآباء، شأنه شأن كل أبناء تلك القرية الجميلة. لم يسمع في حياته كلمة "مسيحي ومسلم". في سرادقات العزاء، يحضر الشيخ "صلاح الشيلاوي" مقرئ البلدة، في صحبة القس أو الأسقف، لكي يُصلّيا معًا على الجثمان، فيتحول السرادقُ إلى ساحة مسجد وكنيسة. وإذا مرِض طفلٌ ذهبوا به إلى الست "أم إلياس" المشهود لها بالبركة، فيهدأ قلبُ الأم حتى يأتي الطبيب.
عمدةُ القرية الحاج "أحمد قورة"، المشهود له بالاستنارة والوعي الرفيع، هو ابن عم "د. فاروق قورة" أحد أكبر أساتذة المخ والأعصاب بمصر، كثيرًا ما يردد لأصدقائه المسيحيين: “أنا لو هاسيب العمادة، لن أتركها إلا لأحدكم.” وهو يعلم أن هذا لا يجوز، للأسف، ولكنه لونٌ من التوقير والتبجيل لرموز القرية المسيحيين. أخبرني المهندس نصحي الذي يقطن مدينة الزقازيق، أنه في أوقات غياب الانضباط الأمني التي مرّت بمصر أثناء الثورة، كان يلجأ إلى تلك القرية ليحتمي بها مع أسرته بين أبناء القرية المسلمين، عائلته الكبيرة.
لماذا أكتبُ عن تلك القرية؟ لأنني أريد أن أشدّ على يدي قائلة: ها هو ما تحلُمين به، واقعٌ وحادثٌ في وطنك، فقط لا يعرفه الناسُ لأن الأخبار التعسة هي الأعلى صوتًا، بينما الجمالُ دائمًا هادئ النبرة لا يلتفت إليه أحد. حنجرةُ القبح والطائفية والاقتتال صاخبةٌ جهورة تثير الذعرَ والضجيج فيسمعها القاصي والداني، فيما حنجرةُ المحبة والسلام هادئة وديعة غير مشغولة بالإعلان عن نفسها. لهذا نُعلن عنها لكي يحذو الناسُ حذوَها.
هل أقترح على الحكومة المصرية أن تكافئ قرية العلاقمة، وما شابهها من قرى مصرية جميلة بأن تُحلّ فورًا مشاكلها الحيوية من صرف ومياه وكهرباء وما إلى ذلك، حتى تكون الحياةُ الكريمة، (التي هي بالأساس حقٌّ لكل مواطن مصري)، مكافأةً عادلة للمحبة التي ينهجها أهلها؟ ربما تغارُ القرى الطائفيةُ من تلك القرى الطيبة، وتنبذ الطائفية القاتلة، فيعمُّ السلامُ وتسود المحبةُ بين أبناء مصر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القديسةٌ أم الأمُّ؟
- رسائل محمد بك وفاطمة هانم
- ((قصيدة ((ليلى))
- على طريقة تشارلي تشابلن
- هي العصافير متوحّشة؟
- -تحوت- …. ربُّ القلم والنيروز
- حوار مع أبي: وألحقني بالصالحين
- بيان فاطمة ناعوت حول البوست الذي تُحاكَم بسببه
- هل نحب مصر؟ هل نحن فاسدون؟
- يا شيخَ الطيور.... سلامات
- شايلوك البرلمان المصري
- وصفات سحرية للقتل الشرعي
- سلامٌ عليك أيها الفارس
- توضيح الواضح في فوضى التعريفات
- اسم الصليب عليكِ!
- يومي الأول بالمدرسة
- خرج م الطابور يا خروف!
- احنا آسفين يا مُغير
- فانتازيا
- من أجل صليب وجرس


المزيد.....




- منظمات إغاثة: عملية إسرائيل في رفح تعطل الخدمات الطبية
- منظمات إغاثة دولية: تعطل الخدمات الطبية بعد بدء إسرائيل عملي ...
- الأمم المتحدة تنتقد قرار إخلاء مدينة رفح وتعتبره -غير إنساني ...
- الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا
- صحيفة إسرائيلية: السجون لم تعد تتسع للمعتقلين الفلسطينيين
- NBC: اعتقال عسكري أمريكي في روسيا
- إعدام دفعة جديد من المدانين بـ-جرائم إرهابية- في العراق
- عاجل | مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار العملية ...
- اليونيسيف تحذر : الهجوم البري على رفح الفلسطينية سيهدد 600 أ ...
- نائب رئيس حماس: تبادل الأسرى والمحتجزين سيتم على 3 مراحل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - العلاقمة... قرية مصرية جميلة