عماد الدين رائف
الحوار المتمدن-العدد: 5338 - 2016 / 11 / 9 - 20:17
المحور:
الادب والفن
وضع الشاعر والكاتب الأرمني الأصل غريغوري بانجيان (1922-2005) سيناريو فيلم "العطش"، المبني على أحداث حقيقية عاشتها مدينة أوديسا الأوكرانية في بداية الحرب الوطنية العظمى، سنة 1941. فيلم بالأسود والأبيض، من إنتاج العام 1959، يروي معاناة المدينة البطلة، التي ترتوي من نهر دنيستر الذي يبتعد مجراه عنها نحو أربعين كيلومترًا، وكان النازيون قد وصلوا إلى مدينة بيلياليفكا، حيث محطة الضخّ، ومنعوا الماء عن أهل أوديسا.. الذين لم ينج كثيرون منهم نتيجة الظمأ، الذي يُعنوِن الفيلم السينمائي.
لعبت الممثلة السوفياتية الموهوبة فالانتينا خمارا (1933-1984) دورَ البطلة الجميلة ماشا، التي تنتظر حبيبها الملازم أوليغ بيزبورودكو، ومثّل دوره فيتشسلاف تيخونوف (1928-2009).. وتحتل قصة حبّهما خلفية طبيعية لإرادة الحياة في مشهد القهر والموت اليومي في المدينة التي يستبسل أهلها في الدفاع عنها في وجه الغزاة.
وهنا يأتي دور كاتب السيناريو الشاعر، الذي يمنح المشاهد متعة صناعة الأمل في أقسى الظروف. للحظات لا يعرف المشاهد إلى أي حلم تحمله أشعار باجنيان، أو كما عبّر الناقد الأدبي الروسي ستانيسلاف ميناكوف "الحلم الأحمر"، فيكون اللقاء الصدفة بين الحبيبين في أحد شوارع المدينة لتختفي كلمات العتب والدهشة وتسرح عبر الشاشة الكبيرة ألحان الموسيقار المبدع أندريه أشباي (1925-2015)، فتتراقص كلمات غريغوري باجنيان في قصيدته "ضفّتان"، بصوت المعجزة الشابّة مايا كريستالينسكايا (1932-1985). يقول على لسان الحبيبة ماشا:
الليلُ للمطرْ .. والعشبُ للربيعْ
وعن سعادتي .. تحدَّث الجميعْ
أنا صدَّقتُهم، لكن قلبيا
الخافقَ العنيدْ.. يدري بشأنيا
فنحن ضفتان، لنهر واحدٍ
مسارُه بعيدْ
**
أرى أوزتين من فوق موجتين
معًا معًا هما..
وكلُّ غادةٍ لها رفيقُها
معًا معًا هُما
أما أنا.. أبِيتُ، أصحو وحيدةً
أنا صدَّقتُكَ، لكن قلبيا
الخافقَ العنيدْ.. يدري بشأنيا
فنحنُ ضفتان، لنهر واحدٍ
مسارُه بعيدْ
**
الليلُ أقبلا، وبعده الصباحْ
أنوءُ بالهَوى، مكسُورةَ الجناحْ
أنا انتظرتك.. صدَّقتُ وانتظرتْ
لكن قلبيا، الخافقَ العنيدْ.. يدري بشأنيا
فنحنُ ضفتان، لنهر واحدٍ
مسارُه بعيدْ
---
حلم غريغوري باجنيان الأحمر.. بين ضفتي الحرب والحُبّ - عيون الشعر الأوراسيّ المغنّى (5)
#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟