أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الدين رائف - رؤيا شاب قوزاقي تطيحُ رأسه














المزيد.....

رؤيا شاب قوزاقي تطيحُ رأسه


عماد الدين رائف

الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 27 - 19:54
المحور: الادب والفن
    


تحتلُّ جدران الممرّ تحت الأرضي، الأكثر اتساعًا في مدينة روستوف على الدون الروسية الجنوبية، لوحاتٌ فسيفسائية ضخمة، تجسّد مشاهد من ملحمة ميخائيل الكسندروفيتش شولوخوف (1905-1984) الشهيرة "الدون الهادئ". يقع الممرّ تحت تقاطع شارعي بوديونوفسكي وبولشايا سادوفاسا (إنغلسا سابقًا)، ويقودك إن تابعت شرقًا، عبر درج طويل منحدر، إلى ضفة نهر الدون اليمنى. أكثر ما يرسخ في الذهن لوحة غريغوري ميلوخوف (غريشا) فوق حصانه، وهو يعاكس عشيقته اكسينيا، التي تحمل على كتفها دلوين ممتلئين بماء الدون فوق عارضة خشبية.

الرواية التي استغرق شولوخوف اثنتي عشرة سنة في كتابتها، وحازت على جائزة نوبل في للآداب سنة 1965، هي محاولة جديّة منه لتأريخ الحرب الأهلية الروسية التي انتهت بانهيار جبهات القوازاق الذين كانوا يدافعون عن ديارهم في وجه الزحف البلشفي الأحمر. لملم شولوخوف روايته من ظروف عاشتها بلاد القوزاق المترامية الأطراف بين جنوب أوكرانيا وسيبيريا، مركّزًا على قوزاق الدون، الذين كانوا يشكّلون رأس الحربة في مواجهة الجيش الأحمر عبر جيشهم - "جيش الدون الأكبر". إلا أن الرواية التي تتداخل فيها مصائر ستمئة شخصية ثانوية، ترسم مصيرًا واحدًا بوضوح، وهو مصير غريشا، المتأرجح بين الحمر والبيض، والذي يترجم شولوخوف من خلاله نظرته النقدية العميقة حيال الحرب الأهلية والخسائر البشرية الجسيمة التي لحقت بشعبه، من دون جدوى تذكر.

حظيت الرواية بترجمات إلى معظم اللغات الحية في العالم، وقد ظهرت ترجمتها العربية على أكثر من ألفي صفحة في أربعة مجلدت، باسم كبار المترجمين من الروسية، وهم الأساتذة علي الشوك وأمجد حسين وغانم حمدون، بإشراف ومراجعة من الكاتب والمترجم غائب طعمة فرمان. وقد ضمّن شولوخوف روايته عددًا من أغاني القوزاق، خاصة تلك التي كانوا يغنّونها أيام السلم في الحقل أو على البيدر وقت الحصاد. بعضها كانت تختلط فيه مشاعر الحبّ بالغضب، إلا أن الفكرة المحوريّة في أغاني القوزاق، والتي قد لا تخلو أغنية منها، هي فكرة الحرية، وعدم التبعية. وهي نزعة عامة لدى القوزاق، ترجموها في حياتهم وفي بيئتهم الاجتماعية وفي تعقيدات علاقتهم بالسلطات الروسية القيصرية ثم السوفياتية.

الأغاني القوزاقية أعيد إحياؤها مع انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، فغير بعيدٍ عن الدرج الذي يقودك إلى ضفة النهر ينتصب مبنى محطة الباصات النهرية، حيث يقلّلك الباص إلى المحطة الثالثة شمالا، إلى بلدة "تسارو تشركاسك"، حيث ربما ستحظى قرب كنيستها الأثرية مساء بالاستماع إلى كورال القوزاق المحليين بأصواتهم الأوبرالية يغنّون "هي ليلة"، التي يعرفها جميع القوزاق. وبالرغم من أن رواية شولوخوف لم تذكر تلك الأغنية، إلا أنها تعتبر عنصرًا مكمِّلًا في لوحة غريشا ميليخوف، أو هكذا قد يتبادر إليك بينما تتجاذبك أصوات الكورال التي لا ترافقها موسيقى.

تقول الأغنية التي لا يُعرف لها كاتبٌ أو ملحّن:

هيَ ليـلةٌ دهـماءُ أخفـــتْ نجمــتي
جاهــدتُ فيــها أن أنـــامَ قلــــيـلا
بعثتْ مخاوفَ أرّقـــتْ ليْ مُقلـتِي
فاشـتَـقَّـتِ الرؤيَــا إلـيَّ ســبيــــلا
***
أبصرتُ في نومـي كأن حصاني
ذاك الرفيــقُ الجاسـرُ المُتفـــاني
يهتزُّ تحتي.. ينحــني ويُعانــــي
ويثورُ مهتاجًا، يُثيــر عـــــويلا
***
تجتاحُني ريحُ النوى المجنونــــة
من شـــرقِنا مغبرَّة ملـــعونَــــــة
فتطيحُ عن رأسي الكِسا برعونة
وأبيت في بحــــر الظنون نزيلا
***
فهرعتُ نحـــو معلّمي النــــوّارِ
ليعبّرَ الرؤيــــــا مع الأســــرارِ
فأجابنـــي من خالـــصِ الأفـكارِ
ستُطاحُ رأسُك، فاتعظ، قد قيـلا
---
رؤيا شاب قوزاقي تطيحُ رأسه - عيون الشعر الأوراسيّ المغنّى (3)



#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصفورة إيفان الجريحة بصوت ديانا الملائكي
- ليف أوشانين: سأنتظرك - عيون الشعر الأوراسي المغنّى (1)
- ليو تولستوي في مدينة زحلة
- ستيبان كوندوروشكين حيٌّ من جديد - 2 -
- ستيبان كوندوروشكين حيٌّ من جديد – 1 –
- أوكرانيا: حكاية إعادة إحياء -عالم الشرق-
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- أوسيتيا الجنوبية: عامان على حرب الأيام الخمسة
- طاجيكستان تحظر تعليم -مبادئ الإسلام- منزلياً
- -الأهداف الإنمائية للألفية- بين الأمم المتحدة والمجتمع المدن ...
- حول السجين الأكثر سرية في العالم
- في الترويج لمستقبل اليسار عبر -المجتمع المدني-!
- الهرويين الأفغاني يقضي على 80 روسياً يومياً
- الانتخابات العراقية شأن عراقي.. لهذه الأسباب
- حول الإصلاح الانتخابي المفقود في لبنان
- مقاربة صحافية ل -التمييز المزدوج تجاه المرأة العربية المعوقة ...
- اليساريون ونعمة التنظير على الطابق الثاني
- بين الحزب الشيوعي اللبناني وأبي حبيب.. نقدان ذاتيان انتخابيا ...


المزيد.....




- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الدين رائف - رؤيا شاب قوزاقي تطيحُ رأسه