|
الممر الآمن المؤمّن لهروب الدواعش
سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 18:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
العملية العسكرية الداعشية الاخيرة في الرطبة التي كانت تهدف بوضوح لسحب جزء من القوات العسكرية قبالة الموصل الى صحراء الانبار اثبتت وبما لا يقبل الشك بأن "فكرة" ايقاف تحرير هذه المنطقة الحساسة من العراق وتركها بيد داعش هو خطأ كبير جدا يمكن ان يعود وبالا على مجمل الخطط العسكرية الموضوعة لتحرير البلد. لن ندخل بتفاصيل العملية التي انتهت بتحرير المدينة حسب البيان العسكري (وهو ما يعني بانها قد سقطت كليا بيد إرهابيي داعش بعد إنجاز تحريرها سابقا). وليست فقط الانبار هي ما اُخطيء "بصدفة ما" بتجريده من القوات ليتحول الى منطقة رخوة. لذلك سندقق في خارطة المنطقة وما حولها لاعطاء صورة واضحة عما يجري على الارض.
خلال النصف الاول من هذه السنة 2016 بدأ الجيش العراقي والحشد الشعبي بعمليات تحرير محدودة لمحافظة الانبار ابتدأها بمناطق غرب الرمادي مثل هيت وكبيسة وصولا الى البغدادي فحديثة تبعها بتحرير الفلوجة. بعدها انتقل الى تأمين المناطق الواقعة بينها وبين مدينة الرمادي على ضفتي نهر الفرات القريبة من الشمال ومن الجنوب. ثم جرت عمليات اخرى لاعادة تحرير هيت وجِزيرتها الواقعة شمال نهر الفرات. استغرقت هذه شهرا كاملا انتهت حسب البيانات العسكرية الى تحرير كامل المنطقة مجددا بعد سقوطها بيد داعش اثر التحرير السابق. بعدها توقفت العمليات العسكرية عند هذه المنطقة لتبدأ بعدها بايام عمليات تحرير نينوى ! لن نسأل عن سبب او صدفة توقف العمليات وترك مساحات واسعة جدا في غرب الانبار تحت سيطرة الدواعش. لنكمل النظر في المناطق الباقية في العراق والمنطقة لنتعرف على حجم المؤامرة.
في العام الماضي اعلن في الاخبار عن تواجد قوات امريكية في القائم وعن قوات بريطانية خاصة تعمل في صحراء الانبار ضد داعش كما قيل في الصحافة الغربية. كذلك كنا قد ذكرنا في مقالة سابقة بعنوان (العبادي يعيد رشيد فليح الى الانبار) عن إرسال ما يسمى بالحشد العشائري الى منفذ الوليد مع سوريا لمسكه عدا عن ايلائهم مسؤولية مسك كل الاراضي المحررة في الانبار. وقد اعلنا فيها عن اعتراضنا على هذا الاجراء بسبب الفساد الطاغي في ذلك الحشد الذي يموله الامريكيون حيث قاموا بتسهيل تسرب افراد من داعش الى المدن المحررة حسب شكاوى النازحين العائدين ، وبسبب ماضي قائدهم الحالي القائد الاسبق لعمليات الانبار الغارق بالفساد والمتسبب بسقوط المحافظة باكملها بيد داعش وانتشارهم منها الى باقي البلد ، وعن غضه النظر عن وجود الاعداد الهائلة من الجنود الوهميين في وحداته. وهو ما كشفت عنه لجنة الامن والدفاع في الجلسة السرية التي اجرتها معه قبل سنتين. عدا هذا تتواجد القوات الامريكية وبكثافة كما هو معروف في قاعدة عين الاسد قرب حديثة بحجة تدريب القوات العسكرية. وقد لوحظ انه حيثما تتواجد القوات الامريكية يتواجد الدواعش بكثافة ايضا !
شمالا في نينوى تتواجد قوات امريكية بالقرب من سنجار منذ العام الماضي منذ تحريرها من قبل قوات حماية الايزيديين والبيشمركة وبغطاء جوي عراقي. بعدها لسبب غير معروف جرى ترك هذه المدينة الحدودية والتي تشرف على خط إمداد الدواعش من سوريا بيد الاكراد ، ومعهم الامريكيون بحجة تقديم الاستشارة. وخط إمداد داعش هذا قد ظل مفتوحا منذ حزيران 2014 مع بقاء البيشمركة تتفرج عليه من على مبعدة دون ان تتدخل لقطعه. وكان يرى من موقعهم إمدادات داعش من مؤن ورجال تسير عليه آتية من سوريا. وهو ما اثبتناه في مقالة لنا سابقة العام الماضي. ابعد من سنجار الى الشمال تتواجد قوات امريكية وكندية ايضا منذ الصيف الماضي انزلت بالطائرات عند معبر ربيعة عند منطقة السايلو وقرية زمار حسب شهادات من اهالي الموصل.
من الجهة الثانية من الحدود يحتوي الوضع في سوريا على شيء من الشبه. ونبدأ من الشمال من حيث يتواجد اكرادهم. فهؤلاء قد قبلوا بتنظيم انفسهم في مجموعة مسلحة بتدريب ودعم جوي امريكي سميت بقوات سوريا الديمقراطية !! وكانت هذه المجموعة قد اعلن عن تشكيلها العام 2015 مع هدفها المعلن الذي هو طرد تنظيم داعش وجبهة النصرة من منطقة الجزيرة السورية. وهي تضم الى جانب الاكراد من وحدات حماية الشعب الكردية (وهم الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي او البي كا كا) مجاميع عشائرية عربية واخرى سريانية وأرمنية وتركمانية وبضعة فصائل من إرهابيي ما يسمى بالجيش الحر. تسيطر هذه القوات بمحاذاة الحدود مع العراق على المنطقة الممتدة من المنطقة الكردية السورية حتى ناحية الشدادي الواقعة جنوب مدينة الحسكة على الطريق مع مدينة دير الزور ، والتي استولت عليها هذه القوات من داعش قبل شهور. وهذه الناحية هي اقصى نقطة تحت سيطرة هذه القوات الى الجنوب من مناطقهم الشمالية. بعدها جنوبا تبدأ مناطق سيطرة داعش حتى نهر الفرات حيث مدينة البوكمال الحدودية التي يسيطر عليها داعش منذ العام 2014 حتى دير الزور. بعدها صحراء التنف الجهة السورية ومنطقة مثلث الحدود مع الاردن. في هذه المنطقة الاخيرة جرى وضع مجموعة مسلحة تسمى قوات سوريا الجديدة !!! وهي ايضا جزء من إرهابيي الجيش الحر. جرى تدريبها في الاردن (الشقيق جدا) في معسكرات صحراوية تحت إشراف... القوات الخاصة البريطانية. ويشرف هؤلاء الاخيرين عليهم مع الامريكيون لدى انتقالهم الى سوريا. وهذه المجموعة المسلحة هي من قام بانتزاع منفذ الوليد السوري من القوات السورية التي كانت تمسك به. من جهتنا العراقية كان مخططا في وقت سابق وضع ذلك الحشد العشائري الممول امريكيا للامساك بمنفذ الوليد - التنف. ولا ندري إن كان هذا الحشد ما زال هناك ام انه قد جرى استبداله.
نحن إذن هنا امام قطعة كبيرة جدا من المناطق الصحراوية في الجِزيرة والانبار حتى الحدود مع سوريا تمتد من التنف الحدودية حتى البغدادي وحديثة شرقا خلال صحراء الانبار الى القيارة شمالا ثم ربيعة على الحدود السورية في الشمال ، بعدها نزولا بمحاذاة مناطقنا الحدودية حتى الشدادي ثم التنف مرة اخرى مرورا بالبوكمال من الجهة السورية ! هذه المساحة الكبيرة جدا كما يرى ، منطقة الجِزيرة ما حول بحيرة الثرثار وغرب الانبار.. تركت خالية من اية تواجد للجيش !! بالنتيجة تتعرض مدن صلاح الدين والانبار المحررة الى هجمات مستمرة من الدواعش كونها تحولت الى مناطق تماس مع الارهابيين. وتشكل مدن هذه المنطقة الكبيرة خواصر مكشوفة لهم.
هل هي صدفة ترك كل مناطق التماس الحدودية مع دواعش سوريا بيد القوات الامريكية وعملائها ؟
كذلك فتتواجد في قاعدة عين الاسد جنب حديثة قوات امريكية مع اخرى من العالم الغربي كله تقريبا.. كندية وفرنسية واسترالية وهولندية ودانماركية... الخ. كل هذه القوات تتواجد في هذه القاعدة آخر نقطة "للتواجد العراقي" اي منطقة تماس مقابل الدواعش... لكن لا من تواجد مواز للجيش العراقي او الحشد. لماذا ؟
نقطة مثيرة للعجب بخصوص اماكن تواجد هذه القوات الاجنبية (وهي قد لا تكون فعلا مثيرة للعجب) هو اننا لم نسمع ولو لمرة واحدة عن هجوم للدواعش عليها او قصفها ، ولا حتى بتعرض بالسيارات المفخخة !!! الا من تفسير... ؟!
من الواضح بأن خلو المناطق الغربية من القوات الامنية العراقية يتعلق بتأمين طريق عريض لهروب الدواعش او لمجيء إمداداتهم من سوريا... او لتأمين مساحة واسعة لهم للاختباء لحين توفر فرصة لهجمات جديدة. هذا هو الاستنتاج الوحيد الذي نخرج منه من ملاحظة كل هذه الصدف "العجيبة" !
من الواضح ايضا بان الاميركان يريدون السيطرة على كل المنطقة الرابطة بين سوريا والعراق واية منطقة تكون امام داعش مباشرة. وإن لم تجري إزاحتهم من هذه المناطق وتأمين المنطقة بقوات عراقية (حقيقية لا قوات عشائر) فسنرى عودة مؤكدة لداعش في العراق.
ننتظر إجراءات العبادي لمعالجة هذه الشروخ.
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى ستجري محاكمة المتسببين بجريمة قاعدة تكريت العسكرية في حز
...
-
العبادي يعيد رشيد فليح الى الانبار
-
تجاوز مفوضية الانتخابات على حقوق عراقيي الخارج
-
هل تقوم حكومة العبادي بالتجسس على مواطنيها ؟
-
من سيتبوأ شرف طرد القوات التركية الغازية ؟
-
قيادة عمليات بغداد وامن العاصمة
-
-زلة- اوباما التي ازالت الغشاوات
-
أيجري تهيئة ضباط عسكريون للميليشيات المسلحة ؟
-
كيف جرى فرض قانون إنشاء الاقاليم في الدستور ؟
-
نطالب الجبوري المقال... بالرحيل فورا
-
ما سبب صمت لجنة الطاقة عن الفساد يا رئيس الوزراء ؟
-
كيف يجري الحفاظ على امن المواطن في ديالى ؟
-
كيف تقوم الحكومة بضمان أمن المواطن ؟
-
اليست هذه الشركة وهمية يا وزير الكهرباء ؟
-
ربع قرن على -الحرب الأشد سمية في التاريخ-
-
الحشد الشعبي ووزارة النفط يصفيان مصفى بيجي
-
معسكر بعشيقة والصراع على شمال العراق
-
هل تطوع العبادي كسلفه للعب دور القاتل الاقتصادي ؟
-
الهروب والخلاص من القائم
-
تذكير لعقود التراخيص النفطية
المزيد.....
-
الكرملين يكشف حقيقة إجراء مكالمة هاتفية بين بوتين وترامب حول
...
-
التنقل بالحافلات والقطارات.. تعرف إلى المسافرين من -ذوي المؤ
...
-
ما المصير المحتمل لأوكرانيا بعد فوز ترامب بالانتخابات الأمري
...
-
حرائق إثر سقوط -شظايا صواريخ- في إسرائيل، وحزب الله ينفي -تر
...
-
خلال محادثة هاتفية.. ترامب ينصح بوتين بعدم تصعيد الحرب في أو
...
-
مخلوق غامض يبث الرعب في قلوب سكان في فيرجينيا الأمريكيين (في
...
-
العلماء الروس يرصدون توهجا شمسيا قويا
-
مراسلنا: قصف إسرائيلي استهدف قافلة مساعدات إنسانية جنوب محاف
...
-
حشوات الثدي.. ما الحل إذا تمزقت؟
-
خبير عسكري: المقاومة تجبر الاحتلال على تغيير إستراتيجيته بلب
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|