أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حكايات من عالم الحمير..!!















المزيد.....

حكايات من عالم الحمير..!!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 15:00
المحور: الادب والفن
    



حكايات من عالم الحمير..!!

نبيل عودة

القسم الأول

1 -

كثيرا ما ادعى الحمار الأبيض القائد لخان الحمير، قدرته على التمييز بين الخواص ذات القيمة والخواص الطارئة. طرح على عموم حمير الخان وحمير البلد والحمير من الزوار والبلدات الشقيقة، تفسيرا قريبا لما طرحه الفيلسوف الإغريقي أرسطو عن نفس الموضوع. الحق يقال ان الحمار الأبيض لم يسمع بأرسطو، أرسطو نفسه لم يفكر ان حمارا ما قد يصير قائدا لنظام خان عربي وفيلسوفا في زمن قادم ويكون من الحكمة والذكاء على قدر يجعله بموازاة أرسطو.
ذكاء الحمار الأبيض القائد أصبح حديث الحمير في البلدات المختلفة ، بل وتناقل أخبار ذكائه أصحاب الحمير، كما يتناقل اليوم الناس أحدث الأخبار. صحيح ان بعض الحمير عبروا عن استهتارهم بهذا اللغو البشري، ولو عرفوا النطق ، كما يعرفون النهيق لأوصلوا الرسالة لأصحابهم ولينقلب فرحهم غضبا.. المسألة لم تعد تؤثر، إيجابا أو سلبا مع حميرنا التي تعاني من اضطهاد وتقييد في حريتها وتشغيل بالسخرة مقابل بعض العلف الذي لا يتغير ولا يضاف اليه ما يفتح الشهية.. لذا ليس بالصدفة ان يُعرف الحمار باسم " ابو صابر".
المقلق كما يتبادل الحمير الأسرار فيما بينهم ، بلغة مشفرة يعجز عن فك طلاسمها أشطر الناس .. ان يكون وراء ذكاء الحمار الأبيض الذي تزعمهم عنوة، حقيقة قد تغير أسلوب التعامل معه ، فيحظى دونهم بما يحلم به سائر الحمير.. معاملة محترمة من أسياد العالم البشر ، فقد بلغ السيل الزبى من القهر والعنف غير الضروري وخاصة التمييز بينهم وبين الحمار الأبيض!!
حسب المعلومات المنقولة من خان الحمير ، حيث بات الحمار الأبيض يعامل باحترام حتى من مسئول الخان وعمال النظافة ، بحيث لا يحملوه أوزانا مرهقة كما هي حال الحمير السوداء..ربما بسبب لونه الأبيض ؟ ربما بسبب فهمهم انه حمار على درجة من الذكاء النادرة عند عنصر الحمير؟
الواقع ان المسئول عن الخان ، قد يكون فك طلاسم هذه اللغة التي يتبادلها نزلائه بعد يوم عمل شاق، اذ ان تواجده معهم يكاد يكون معظم ساعات الليل ، مستمعا لثرثرتهم من غرفته المجاورة لمدخل الخان .. اذ ليس من المعقول في عالمهم ان يعامل الحمار الا بالعنف والضرب .. فلماذا هذه التخصيص والتكريم والاعتبار للحمار الأبيض ؟ هل ذلك بسبب اكتشاف مسئول الخان تميزه وعبقريته وقدراته العقلية ولغته الخاصة التي تشبه لغة الثقافة بوقعها على الأذن ، حيث ان نهيقه بالغ الأناقة كنهيق سائر زعماء - ملوك لا ينزلون عن عروشهم إلا بالعنف أو بقضاء الله .. وهي معضلة لم يتوصل الى حلها وفهم محركاتها مجلس الحمير الموقر.

كان من عادة الحمار الأبيض ان يقف في الزاوية البعيدة داخل الخان ، مراقبا انتظام الحمير في أماكنهم ، شاعرا انه مميز عن سائر الشعب ، يجيل نظراته بين حمير خانه ، قبل أن يخطو خطوتين للأمام ويبدأ حديثه المنمق شارحا فحوى فكرته الجديدة ، جاهدا لتفسيرها بلغة بسيطة وسهلة ، قائلا : ان الخواص القيمية هي التي لا يمكن ان يوجد الشيء بما هو عليه بدونها. ويسال :
- مفهوم ..؟
ويرد الشعب مهموما من الجهل والإرهاق بعد يوم عمل من شروق الشمس حتى مغربها :
- مفهوم !!
الشعب لم يفهم بالتأكيد. لكنه موقف احتياطي حتى لا يتورطوا بالتحقيقات الجنائية والسياسية لدى مجلس التأديب داخل الخان ويتهموا بالعمالة لأعداء الوطن الامبرياليين والصهاينة، فتنهال عليهم العصي اثناء راحتهم أيضا . ويواصل:
- اما الخواص الطارئة فهي التي تقرر كيف يكون الشيء وليس ما هو الشيء.
ينظر بحدة بعيني حمير خانه منذرا من اللغط المتزايد دون ان ينبس ببنت شفة ، يمشي الخيلاء دائرا حول نفسه.. عارضا لونه الأبيض المميز . عندما يسود الصمت الكامل يقف مسلطا نظراته القاسية على الجمهور المحتشد ويسأل :
- الشرح واضح ؟
- واضح واضح يا سيدنا...
ينهق الحمير بببغاوية مستصعبين استيعاب كلام ملكهم الأبيض، لكنهم لا ينسون للحظة واحدة ان الطاعة واجبة لمن يولى عليهم حتى لو كان حمارا.
لا أحد يعرف هل تلقى الحمار الأبيض الولاية بمرسوم من صاحب الخان ، ام ان موهبته قادته تلقائيا لهذه المرتبة السامية ، حتى بدون تصويت ديمقراطي ؟
حتى مسئول الخان الذي وقف دون أن يراه الحمار الأبيض متأملا نهيقه الأنيق ، مثل حديث زعماء المعمورة الذي سمعه مرة في الراديو ... فشل في فهم أسرار كلامه.. والآن لا تسعفه خبرته بالمزيد من فهم ما يدلي به حمار خانه الأبيض .. تأمل ذهول سائر الحمير أمام شموخ الحمار البيض، أصابته الحيرة من تصرفاته. كان هو المحبوب من عمال النظافة ، هو معشوق عموم أهل البلد .. لما يجلبه عليهم من حظ جيد عندما تكون مهمته في أحيائهم كما يروون.
ليس سرا ان نساء الحارة وأطفالها المتواجدين خلال ساعات النهار في بيوتهم ، يخرجون لاستقبال الحمار الأبيض وملامسة عنقه وإطعامه الخبز الناشف او بعض القمح وعرض الشرب عليه من مياه نظيفة ، بل ومد عامل النظافة ببعض أرغفة الخبز او بعض القروش حتى لا يسرع بإبعاد الحمار الأبيض، ويترك الأولاد ليتمتعون لوقت أطول بهذا الحمار النادر اللون..
صحيح تماما ان مسؤول الخان صار يعرف من علاقته طويلة السنين مع حمير الخان ، نهيق الغضب من نهيق الغرام ونهيق الألم من نهيق الفرح ونهيق المعاشرة من نهيق الرفض. ونهيق المرض من نهيق الصحة .. ولو كان يعرف الكتابة والقراءة لوضع قاموسا بلغة الحمير الصوتية ، بحيث يصير التفاهم كاملا وشاملا بين البشر وأبو صابر ..
ولكن مثل هذا الحمار لم يشهد في حياته. والحق يقال انه يدير الخان بانضباط شديد ولا يقصر بالواجبات التي يكلف بها، وإلا لصار لحمه أزرق من العصي ولصارت عظامه مورمة من الحمولات المرهقة والركض من حي إلى حي لجمع الفضلات التي لا تنتهي من الأحياء .
صحيح انه في الشهر الأخير قصر في واجباته بسبب ضغط الموضوع الجديد على دماغه. لكن بغل جديد انضم لنزلاء الخان أنقذ الوضع بسد بعض العجز في عمل الحمار الأبيض ، حتى صار العمال انفسهم يستثنوه من العمل المرهق ، ولا يجروه الا لأحياء الفيلات الفاخرة، حيث الشوارع نظيفة ، لكن لا أحد يخرج لملاقاته والتربيت على عنقه وإطعامه وتقديم ماء الشرب له .. والحق انه كان يفضل الأحياء الفقيرة وساكنيها رغم الإرهاق الزائد في العمل .

2 –

لكل مضرة فائدة .. الراحة فتحت للحمار الأبيض المجال لتطوير نظريته ، بدأ يجد الوقت ليحدث بها مسئول الخان الذي ينصت لنهيقه كما ينصت الحمير محاولا فك طلاسم لغته.
بدأ الحمار الأبيض يكرس وقت أكبر ليشرح للحمير الأشقاء العابرين من أمام الخان ما توصل اليه من معرفة. فيتعوقون رغم غضب راكبيهم وضربات العصي وصرخات " حاحا يا سايب " لحثهم على المشي .. لأن الاستماع للحمار الأبيض زعيم الخان المشهور، فيه من المتعة والفائدة العقلية ما يعلوا حتى على آلام الضرب. بل وظن بعض الأغبياء من الراكبين ان الحمار الأبيض مجرد أتان شبقة ، لكن بان السبب وبطل العجب حين مرت قرب الخان أتان في عز توحمها ، لدرجة أن الحمار الأبيض نسي نظرياته والطابع الهادئ لتصرفاته وقفز عليها موقعا راكبها أرضا ، وقامت طوشة كبيرة بين مسئول الخان وصاحب الأتان ، ولما انتهت الطوشة كان الحمار الأبيض قد قضى وطره منها وعاد لمجلسة هادئا سعيدا بأنه لم يفوت الفرصة السانحة..
وقد منح الحمار الأبيض تبعا لذلك شهادة تقدير من خان البلدة المجاورة ، مشيدين بدورة الوطني في خدمة القضية الوطنية العادلة.. اذ ان الأتان التي قفز عليها ولدت حمارا ابيض صغيرا وجميلا من صنف الزعماء ، لا بد ان يصل للزعامة بعد ان يرى الله أمره في والده، وصار للخان ما يفخر به مثل خان حمارنا الأبيض. بل وأوعز لمجلس الأمة في الخان ان يمنح الحمار الأبيض شهادة بروفسور فخرية .. وقد راقت حمارنا هذه الفكرة ، وهذا ما كان فعلا. فصار الحمار الأبيض زعيما وبروفيسورا وملكا على الحمير وفيلسوفا، أدامه الله .. وأدام عزه وأكثر نسله حميرا بيضاء ذكية لخدمة الوطن.
إرضاء لحمارهم الأبيض كرر حمير الخان أقواله ، التي انتشرت لسائر خانات الحمير في الوطن ، لدرجة ان أحدا لا يعرف هل كان التكرار عن فهم واستيعاب ، أم عن مراضاة لولي الأمر ملك الحمير الزعيم القائد الفيلسوف وبروفيسور في العلوم من جامعة الحمير الوطنية ؟ كذلك أشادوا بمناسبة وبلا مناسبة بفكره العظيم . بل وقام بعض الحمير بكتابة دراسات عن فلسفة الحمار الأبيض معمقة وطويلة وتحفيظ سائر الحمير مقولاته ونظرياته خاصة كيفية إدارة نظام الخان ، ودور الحمير في مجتمع الخان، كيف تعامل انثى الحمار وما هي حقوقها ، هل يصح ظهورها المكشوف أمام الحمير؟
يقال انه أقيم مركز أبحاث خاص لدراسة عبقرية الحمار الأبيض ، جرى نشرها أيضا للفائدة العالمية في الخانات الدولية .. ووصل بعضها الى أوروبا ... لكن لأمر غير مفهوم لم يجدوا حميرا في دول أوروبا المتخلفة والغارقة بالجهل، فقيرة العقل والدين إلا في حدائق الحيوان. رغم ذلك نشر فكر الحمار الفلسفي بين الحمير في حدائق الحيوان ، تحضيرا لانتفاضة تعيد أوروبا الى عصر الحمير ، بعيدا عن ضياعها الذي سيقودها الى نار جهنم.
ازدادت حمير حدائق الحيوان ذكاء ويبدو ان انتفاضتها قاب قوسين او أدنى مما يتوقع الحمار الأبيض، لدرجة ظن بعض أطباء البيطرة ان الحمير في الحديقة أصيبوا بجنون البقر المشهور.
القسم الثاني

1 –

في الواقع ان مسؤول الخان رغم إعجابه الشديد بنزيل خانه الأبيض وانصياع سائر الحمير التلقائي لتوجيهاته السامية ، إلا انه لم يستوعب استعلائه حتى عليه وكأن الأدوار تبدلت بينهما. عندما يدخل لإطعامه يبقى منتصبا في مكانه وكأنه يستعرض جحافله المقاتلة .. مع ان الخان فارغ من وسائل القتال .. وفكر مسئول الخان ان يكسر عصاه الغليظة على ظهر هذا الثرثار.. ليرى كيف تصير حاله .. لكن السؤال الأساسي كان عن مدى الارتباط العاطفي بين الحمير السمراء وحمارهم الأبيض ، خاصة ما لاحظه من صد الاتان لإصرار الحمير السمراء على الاقتراب منهن، والتنافس بينهن على الاقتراب من الحمار الأبيض، الذي يبدو انه أرهق بواجباته الوطنية، غير ان المستهجن ان معظم الجيل الجديد كان اسمرا، او موشحا ببعض البياض؟ لكن الأمل ان يجيء الأحفاد بلون الجد .
كان خوف مسئول الخان ان يسبب ضرب الحمار الأبيض بالعصا وإهانته نكسة عاطفية للحمير، فيخسر أكثر مما يربح. بدل ان ينقذ حميره من مُنظر، مُتذاكي ويتصرف كملك متوج ، يعرضهم لحزن شديد وطويل تسبب الفوضى والتسيب في نظام حكم الخان وربما إضراب تباطؤ في تنفيذ المهام .. ينعكس سلبيا على إنتاجية العمل بالنظافة ... وقد يُحمل مسؤولية إضراب التباطؤ للحمير، فيعزل من عمله في إدارة خان الحمير.
تساءل مسئول الخان :
- لماذا يخلق الله الحمير ؟ .. هل للعمل الشاق والنهيق فقط ؟.. هل من فائدة أخرى لهم ..؟ حتى لحومهم لا تؤكل .. يمكن الاستغناء عنهم بعربات لا تجرها الحمير ... الا يفهم هذا الأبيض انه جسم زائد في هذه الدنيا ؟ فلماذا هو مشغول دائما مثل ام العروس ، لا شيء يعمله الا القفز على الأتان وإطلاق نهيقه القوي مثل ساعة المنبه؟
كان الحمار الأبيض يتأمل مسئول الخان وهو يفكر .. ويقول لنفسه : " آه ما أتفهكم أيها البشر.. هذا ما يشغلكم كل نهاركم .. كم نقلة سيقوم فيها الحمير اليوم .. اما أن تفكروا وتستعملوا دماغكم ، فهذا مرهق للعقل. ربما حان الوقت يا الهي لتتغير الأدوار. هم في الخان ونحن طلقاء .. لكن هل بقدرة البشر القيام بما نقوم به من مهمات ؟..


2–

في فجر أحد الأيام وصلهم خبر مزعج . بأن اعتداء آثما وقع على خان أبي علاء في الحي المجاور من ذئاب داشرة .. على أثره جرت اتصالات عاجلة بين كبار الحمير للتشاور، وأقر رأي الأكثرية على عقد مؤتمر قمة طارئ لزعماء الحمير من مختف الخانات في الوطن .. رغم ان التشاور لم يقد الى موقف واضح بينهم.
جرت الاستعدادات لاستقبال الحمير الأشقاء في خان الحمار الأبيض، الحائز على لقب بروفيسور فخري.
نبه الحمار الأبيض على أتان خانه بلهجة قاطعة بأن لا يظهرن أمام الحمير الوافدة لحضور القمة ، منعا لوقوع المحظور، وان التي تتهاون بتحذيره ستتعرض لمائة رفسة وينسب نفوقها للذئاب.
تجمع الحمير لتدارس الوضع .. ورغم أهمية الحدث الا ان عيونهم لم تتوقف عن البصبصة شمالا ويمينا.. لعل وعسى تظهر لهم حورية من خان الملك الأبيض ، ربما لها طعم مختلف عما اعتادوا عليه ، الأمر الذي جعل الحمار الأبيض بارزا على الجميع في دنيا الحمير وشهرته عمت الشرق والغرب ..
افتتح الحمار الأبيض مؤتمر القمة داعيا الجميع لإدانة العدوان وإعلان التضامن والأسى الشديد على الحمير النافقة في عدوان الذئاب الوحشي .. وذلك تنفيذا لأبسط بنود اتفاق الدفاع المشترك . أعلمهم كذلك انه توصل لرؤية سياسية جديدة تماما في هذا الظرف المأساوي ، وقبل ان يسمع أي تعليق بدأ يشرح سياسته رغم زيغان عيون الأشقاء وراء مؤخرات أتانه ، اللواتي أخفين وجوههن حسب تنبيهاته .. قال شارحا ، والله أعلم اذا أنصتوا لحديثه ان
"الخواص ذات القيمة هي الخواص التي تجعلني انا نفسي الحمار الأبيض الذي أمامكم . صاحب الفكر والقدرات الصوتية والعقلية" وأضاف "إخواني ، بدون عقلي لن أكون أنا نفسي. لو نزعتم لوني الأبيض الزاهي الجميل ، لن يتغير الواقع ، سأظل انا نفسي . أما الخواص غير ذات القيمة فهي تتعلق بالشكل والحالة. من هنا اعتداء الذئاب على خان الجيران الأشقاء لم يغير مضمون الحمير في الحارة او في البلد . ظل مضموننا سليما.. ما تغير هو الشكل والكم وهذا نتجاوزه بزيادة جهودنا المشتركة مع جماهيرنا الاتانية. قتل الذئاب 23 حمارا ، الله لا يعطيهم عافية ، لكن ، وهذا المهم والجوهري .. ولد في الخان نفسه وفي نفس ليلة الاعتداء الإجرامي الغاشم ، أكثر من 29 حمارا صغيرا جميلا يفرح قلوبنا جميعا .. لذا نحن لم ننهزم . بل انتصرنا على الذئاب، لأن القيمة الأساسية لم تتغير ولم تسقط بل ازدادت وهذا نصر عظيم !!"
قام نهيق كبير عاصف تأييدا لهذا الموقف السياسي القومي الجريء.
هذه الفلسفة المستحدثة في القمة الحمارية الطارئة أرضت جميع الحمير .. لدرجة ان عيونهم لم تعد تبصبص شمالا ويمينا. فقد وجد الحمار الفيلسوف الكلمات الدقيقة للتعبير عن الموقف السياسي الطارئ وإيجاد التعابير التي تلائم الموقف الحميري المسئول ومن لم يفهم صمت خوفا من فضيحة جهالته وقصر نظره !!
اعلن الحمير أنهم مساهمة في تعميق هزيمة الذئاب سيبدأون بإعادة بناء ما تهدم من الخان ..
وتساءل حمار تبدو عليه الوقاحة والجرأة ، عرف نفسه كمراسل لإحدى الفضائيات :
- وإذا هوجم الخان مرة أخرى .. ما هي خطط المستقبل ايها السادة ؟
- سنعيد البناء مرات حتى تفهم الذئاب اننا لن نتخلى عن الأشقاء.. لأن النصر يجر النصر .
- لكن انتم سالمين بأجسادكم ، لا تتعرضون للتمزيق بأنياب المعتدين ، وعظامكم لا يكسر مثل عظامهم ، وانتم لا تتعرضون لأي خطر في خاناتكم ؟
- وهل تظن يا مراسل ان الانتصار يتحقق بدون تضحية ؟ واذا تعرضنا للخطر من سيعقد حسب رأيك مؤتمر القمة القادم ؟ هل نستورد حميرا أوروبية أو صينية أو هندية لتعقد المؤتمرات نيابة عنا ؟
- هل التضحية هي من نصيب خان الأشقاء فقط ؟
- الله أكبر.. تستهتر بالشهادة أيها الزنديق ؟ .. هذا كفر.. هذه عمالة للذئاب ..
صرخ الحمير صرخة واحدة. لكن الحمار المراسل أصر متشجعا من تأييد الحمير المنكوبة:
- ما رأيكم ان تستبدلوا مكانكم بمكانهم لتعاركوا انتم الذئاب وتفخرون بالنصر القادم؟ ألستم أولي الأمر الأقوياء والشرسين ذوي الحوافر القاتلة ؟
- وقاحة .. خيانة قومية ..
صرخ المؤتمرين الحمير . انتظر الحمار الابيض حتى هدأ غضب المؤتمرين . وقف متأملا جرأة المراسل مفكرا ، ترى لو رفسة بحافريه كيف ستصير حاله ؟ وقال :
- أيها المراسل .. قلوبنا تبكي على إخواننا الحمير النافقين .. فلماذا هذه الأسئلة الاستفزازية التي تخدم أعداء الأمة ..؟ اجتمعنا لنتخذ قرارات حاسمة ، مثل هذه التضحية لن تجدوها في خانات حمير الغرب الفاسدة . لذا نحن لا نتشبه بهم .
- يا سيدي أنت تتحدث من الصبح ولم نفهم الا ان موت الحمير الأشقاء انتصارات.. ولكن الحمير المنكوبة تقول انها تريد الحياة وان لا يتكرر غزو خانهم وقهرهم وذبحهم من جديد ، فهل هذا مستحيل ؟
فغضب حمار من المؤتمرين ونهق :
- هذا استهتار بالنصر التاريخي .. هذه اهانة للنافقين الشجعان .. هذا استهتار بانتصاراتنا القادمة ..
وقام نهيق عظيم :
- لا تستهتر بالانتصار.. يجب طردك من الخان .. اذهب لخان اوروبي يا ملعون .. اسحبوا ترخيصه الصحفي هاه المغرور .. انه يعمل لصالح العدو ..
علت الأصوات تشجيعا لهذا الموقف الثوري . واستنكارا لأسئلة المراسل الصحفية الاستفزازية.
وانتهى مؤتمر القمة بقرارات حاسمة. . على رأسها قرار لا يقبل التأخير.. استنكار وشجب قناة الفضائية غير الملتزمة بقضايا النصر ومراسلها الوقح ، وسحب ترخيص عمله في وطن الأبطال.. وإدانة وشجب العدوان الذئبي ، والاستعداد لاستقبال اتان الخان المنكوب في ضيافة خانات الحمير المنتشرة في الوطن .. وبذلك يستفيد الجميع ويكرس الحمير الأشقاء طاقات يومهم ونهارهم في إنشاء جيل جديد يسير على الدرب البطولي الذي شقه الآباء والأجداد النافقين .
وكلف الحمار الأبيض بصياغة نشيد قومي يعبر عن المرحلة الجديدة من التضامن والتآخي بين خانات الحمير!!
وانتهى المؤتمر بعاصفة النهيق الحماسي ...
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات نصراوي: جبهة الناصرة من التألق الى الاندثار!!
- لم انتبه لما قلت
- الوعي الأدبي وغياب المسئولية الأدبية
- الديوك تستعد للانتصار
- طريقة نصراوية للانتحار
- تجربتي في الحركة الشيوعية – 2
- فلسفة مبسطة: الفاعل والفعل والمفعول به!!
- رجل القانون.. وحملة التبرعات!!
- ساعات يوم الحساب
- يوميات نصراوي: تجربتي في الحركة الشيوعية
- فلسفة مبسطة: اطلالة على فلسفة سبينوزا
- شر التعددية في مجتمعات يسودها فكر اثني وطائفي
- الببغاوات
- مزامير
- من أجل ثقافة بلا سلاطين..!!
- جماعة -ميري كريسماس- أحيوا العروبة ثقافة وانتماء
- اناشيد لا تموت..!!
- -الاستجابة الشرطية- في تفكير مالك قبطي وأصحابه
- الوجه الطفولي الأجرد...
- يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة.. ايام مع سالم جبران - 3


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حكايات من عالم الحمير..!!