|
من الفائز بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 22:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الفائز بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات أولا ، لا بد من التأكيد على بديهية أساسية ، وهي أن جميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، هي أحزاب ملكية بامتياز رغم محاولة ظهور بعضها بمظهر متميز يميزها عن غير ها من الأحزاب . إن كل الأحزاب هي مرخص لها بقرار لوزارة الداخلية بعد تقديم ملفها الى الدوائر المسؤولة بالوزارة . وبما ان للنظام الحاكم خصوصيات يُعرف بها مثل التّدجين والإذلال ، والتركيز على القيم المخزنية ، فان اي حزب لكي ينشط بمقتضى ظهير الحريات العامة ، عليه أن يعترف بالشعار المقدس " الله الوطن الملك " . فبدونه يعتبر من ضروب المستحيل السماح لتنظيم بالنشاط السياسي . من جهة ثانية ، فان كل الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، كانت تتنافس في من يكون له شرف السبق لتطبيق برنامج الملك ، وليس برنامج الحزب الذي يختفي بمجرد الانتهاء من العملية الانتخابية بإعلان نتائجها . وهنا نتساءل : ما الفائدة من طرح الأحزاب ، لما يسمى ( برامجها ) ، في الوقت الذي صادق فيه الملك على القانون المالي ، البرنامج الحكومي لسنة 2017 ، في 26 شتنبر 2016 . فإذا كان الوضع هكذا فما الفائدة من الانتخابات ومن المشاركة فيها . ان الحكومة القادمة والبرلمان القادم سيرميان جانبا كل البرامج الحزبية التي سوقوا لها عند التهريج للحملة ، وسينكب الجميع على مناقشة ، والتصويت على القانون المالي للملك لسنة 2017 ، والذي صادق عليه حتى قبل إجراء الانتخابات . فعلى من يكذب من يردد المقولة الشائخة " إصلاح النظام من الداخل " وهو الإصلاح الذي فشل منذ 1975 وليس فقط اليوم ، لان الذي تغير من الداخل كان أصحاب الإصلاح من الداخل ، وليس النظام الذي طوّع ورود الجميع في قالب متحكم فيه بالترهيب أحيانا ، وبالترغيب أخرى . فكانت النتيجة ان أصبح الجميع يتهافت على إكراميات ومنافع القصر ، باسم الدفاع المغشوش عن الجماهير مرة ، والطبقات الشعبية أخرى . من هنا نجد ان النظام حين يتعامل مع ( ظاهرة الانتخابات ) ، فهو من جهة للتحكم في الخريطة السياسية وتوجيهها نحو غاياته المقصودة ، ومن جهة لتزليج الواجهة ( الديمقراطية ) للنظام أمام أوربة وأمريكا ، حتى يتم التغاضي عن مادة حقوق الإنسان ، وحتى يتمكن النظام من الحصول على المساعدات الغربية المختلفة ، ومن جهة للدفاع عن أطروحته في ملف الصحراء الذي أضحى يركز على الجانب الحقوقي أكثر منذ 1991 . و الهدف من كل هذا الخليط ، إثبات مشروعية النظام كنظام فريد بالمنطقة . وبالرجوع الى حصيلة النتائج الانتخابية بين انتخابات 2011 و انتخابات 2016 ، لا نكاد نسجل جديدا يذكر . انه الستاتيكو والحفاظ على الوضع الراهن للمراهنة على الوقت ريثما تتضح وضعية الملك ، وإمكانية تولي ابنه الحسن الحكم عند بلوغه سن الرشد . كما ان هذا الستاتيكو هو احتياط لما قد يسفر عنه نزاع الصحراء الغربية ، سواء بتعيين البرتغالي الاشتراكي انطونيو غويتريس خلفا لبانكيمون كأمين عام للأمم المتحدة ، او ترقب القرار الذي سيخرج به مجلس الأمن في 26 ابريل 2017 ، والذي وحسب المؤشرات قد يصدر تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة ، اي التحضير لتكرار حالة تيمور الشرقية حيث لعب البرتغالي انطونيو دورا أساسيا في انفصالها والاعتراف بها كجمهورية . ان ما يمكن اعتباره جديدا ، هو تراجع مقاعد العديد الأحزاب عما حصلت عليه في انتخابات 2011 ، في حين تقدمت أحزاب أخرى بعدد مقاعد مقارنة بالمقاعد التي حصلت عليها في انتخابات 2011 . مثلا حصل حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2016 على ما مجموعه 129 مقعدا ، في حين كان عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات 2011 ، 107 مقعد . حزب الأصالة والمعاصرة حصل في 2011 على 47 مقعد ، وفي انتخابات 2016 حصل على مقعد 103 . وباستثناء التقدم الذي حققه هذين الحزبين ، فان جميع الأحزاب عرفت تراجعا في عدد المقاعد المحصل عليها في انتخابات 2016 ، مقارنة بانتخابات 2011 . مثلا حصل حزب الاستقلال في انتخابات 2016 على 40 مقعد ، بينما كان عدد مقاعده في انتخابات 2011 ، 60 مقعد . كانت عدد مقاعد التجمع الوطني للأحرار 52 ولتصبح اليوم 39 . كانت عدد مقاعد الاتحاد الاشتراكي 39 ولتتدحرج اليوم الى 19 مقعد . كانت عدد مقاعد حزب التقدم والاشتراكية 18 ولتتدحرج اليوم الى 10 . كان عدد مقاعد الحركة الشعبية 32 ولتصبح اليوم 26 مقعد . كانت عدد مقاعد الاتحاد الدستوري 23 ولتصبح اليوم 22 ، والطامة الكبرى ، هي حصول فدرالية السار الديمقراطي على مقعدين فقط ، وهو نفس العدد كان لهم في البرلمان السابق . ونطرح السؤال بعد ظهور نتائج الانتخابات : من ربح ومن خسر ؟ بما ان كل الأحزاب هي ملكية وتتنافس على تطبيق برنامج الملك الحكومي لسنة 2017 ، والذي صادق عليه في 26 شتنبر 2016 ، فالرابح هو الملك الذي يرى الاقنان العبيد ( الأحزاب ) تتهافت وتتسابق للاشتغال على قانونه المالي . أما الخاسر الأكبر فهو الديمقراطية الكونية وليس الخصوصية التي تغرف من التقاليد المرعية والأعراف المخزنية العشائرية التي تركز كل السلط ، وبمقتضى الدستور الممنوح في يد الحاكم المستبد في إقطاعية تعود الى العصور البرونزية او الجليدية . اما الرابح الأكبر فهو حزب الأغلبية الغير الصامتة المقاطعة . ان المقاطعة لم تكن فقط فعل او إجراء تقني ، بل كانت إدانة صارخة من قبل الأغلبية التي ترفض الإسهال والتمييع ، وتطالب بالدولة الحقيقية التي تقوم على مبدأ الفصل بين السلط ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، واعتبار أصل الحكم الشعب وليس الملك . بالرجوع الى الدستور الممنوح ، سنجد ان الملك له سلطات مطلقة في تعيين شخص الوزير الأول من بين أعضاء الحزب ( الفائز ) بنتائج الانتخابات ، دون التنصيص على شرط ان يكون بالضبط زعيما للحزب المتصدر لنتائج الانتخابات وليس الفائز . وحين نقول الحزب المتصدر وليس الفائز ، فلان اي حكومة مقبلة ستكون فقط معولا لتنفيذ برنامج الملك ، وليس برنامج الحزب الذي على أساسه دخل الانتخابات . من هنا نجد ان للملك اليد الطول في اختيار الشخص الذي يريد ، وله اليد الطول في اقتراح نوع التحالفات الحزبية مع الحزب المتصدر للانتخابات لتطبيق برنامج الملك . ان فوز حزب العدالة والتنمية بما مجموعه 129 مقعد ، لا يعني انه ربح الرهان الديمقراطي ، بل ان الحزب من خلال هذه المقاعد المحصل عليها أضحى رهينة عند الملك . ان السؤال : هل يستطيع حزب العدالة ان يشكل الحكومة بمفرده ؟ . ولنفرض جدلا انه يستطيع ذلك ، وهو لا ولن يستطيع بدون تحالفات ، فان عدد المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب الملكية ، تجعل من السهولة بمكان التقدم بملتمس رقابة او بسحب الثقة ، وهذا يعني سقوط حكومة ( العدالة ) الملك في المنعرج الأول ، اي معارضة جلالة الملك ستسقط حكومة جلالة الملك . لكن ما العمل إذا كان حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 129 مقعد لا يستطيع تشكيل الحكومة بمفرده ، ، وما العمل اذا صدرت التعليمات إلى الأحزاب الملكية بعدم وضع يدها بيد حزب العدالة في الحكومة المقبلة ؟ ان تمكين حزب العدالة والتنمية من تحالفات للأحزاب الملكية ، سوف لن يحصل بسهولة ، فرغم ان الحزب والحكومة سيشتغلان على برنامج الملك لان الحكومة هي حكومته ، فان الأمور لن تمر بكل سهولة . ان للقصر والملك تقاليده المرعية وثقافته المخزنية . ومن بين الشروط الأساسية التي قد تسمح لبنكيران بتشكيل حكومة الملك بالتحالف مع أحزاب الملك ، التقيد بضوابط التحفظ ، والقطع مع التصريحات المسيئة للملك وللنظام ، ومن بينها كالقول بوجود حكومتين ، ودولتين ، والحكومة العميقة او غير المرئية او ما شابه ذلك من النعوت الكاشفة لحقيقة النظام المخزني . فإذا أبان بنكيران على استعداده لتجاوز وقبول اللاّمعقول ، فان جميع الأحزاب ، وبإشارة ملكية ستشاركه تكوين حكومة الملك . اما إذا ظل الطريق وزاغ عن البروتوكول المخزني الذي ترعاه التقاليد المرعية ، فقد يؤول تكوين الحكومة الى حزب الأصالة والمعاصرة الذي تتهافت كل الأحزاب للجلوس بجانبه في الحكومة ، ويستوي هنا حزب الاستقلال ، والاتحاد الاشتراكي ، والاتحاد الدستوري ، والحركة الشعبية ، والاتحاد الدستوري . اما حزب العدالة والتنمية ، فسيتخندق كمعارضة جلالة الملك ، لأحزاب حكومة جلالة الملك ، وليس ضد برنامج جلالة الملك . ويبقى اكبر خطر يشكله حزب العدالة والتنمية الاسلاموي الذي ينهل من فكر ابن تيمية الداعيشي ، انه حزب مشروع مجتمعي ، وليس حزب مقاعد برلمانية يتخذها كتكتيك للتغلغل وسط كل مفاصل المجتمع . لذا فعامل الوقت او الزمن لا يهم في شيء الحزب الذي ربط أجنداته بأجندات حركة الإخوان المسلمين بالشرق . ان تصدر ( فوز ) حزب العدالة والتنمية الانتخابات ، والتقدم المضطرد الذي يحققه من خلال كل استحقاق سياسي وسط الناخبين ، لهو دلالة ساطعة على المشروع الاردوغاني العثماني السجلوقي التركي الذي يحظر له على قدم وساق . ان المشكلة الخطيرة هنا تكمن في ان بنكيران يحاول تجاوز الملك كملك ، وكأمير للمؤمنين على الأمد المتوسط ، من خلال استناده على مشروعيتين . مشروعية شعبية يستمدها من الانتخابات ، اي من الشعب وليس من الملك ، وهذا في اعتقاده جعل من مكانته وسط الشعب أقوى من مكانة الملك الذي تصفه قواعد الحزب بالملك الجبري ( الفصيل الطلابي التجديديون ) ، كما ينافس الملك كأمير للمؤمنين من خلال التسويق للمرجعية الاسلاموية التي تهدف الى الوصول الى نظام الخلافة الراشدة المهددة للنظام الاثوقراطي والثيوقراطي العلوي المزيف . ان حزب العدالة والتنمية ، ليس كبقية الأحزاب الملكية الأخرى ، فهو عندما دخل الانتخابات ، فليس الهدف هو عدد المقاعد المحصل عليها ، بل الهدف هو مشروع مجتمعي لن يحيد عن أخونة ( الإخوان ) المجتمع ، وبعده أخونة الدولة للسيطرة عليها بالكامل ، وعندما تنضج الظروف لذلك . ان الإجراءات الخطيرة التي اتخذها بنكيران في الملف الاجتماعي والاقتصادي ، ومن خلال وباسم حكومة الملك ، تصب في خدمة المشروع المجتمعي من خلال إيجاد القاعدة الحاضنة للمشروع الاخواني بالمغرب . فهل سينجح بنكيران وحزب العدالة والتنمية في خطتهما ، ام ان للجيش وحزب المقاطعين الكلمة الفصل في الموضوع ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة ؟
-
الجمهورية الصحراوية ستصوت لصالح انضمام النظام المغربي الى ال
...
-
قراءة لتقرير المدعي العام لمحكمة العدل الاوربية بشأن اتفاقية
...
-
وجهة نظر تُعقّب على وجهة نظر
-
تحليل لخطاب الجلوس على كرسي الحكم - العرش -
-
بين العودة والانضمام وشرط الطرد ، النظام المغربي يجري جرية ا
...
-
هل اصبح النظام المغربي معزولا دوليا ؟
-
رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية السيد
...
-
مجموعة 24 ( اللجنة الخاصة المكلفة بتصفية الاستعمار التابعة ل
...
-
الصراع المفتوح مع الحكم
-
النظام المخزني يرضخ للشروط الهولندية بخصوص مستحقات الضمان ال
...
-
وفاة محمد عبدالعزيز
-
هل اضحى محمد السادس و ( نظامه ) غير مرغوب بهما ؟
-
تداعيات الحرب إذا اندلعت في الصحراء
-
حكومة صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة
-
قراءة في الرسالة التي بعتها الامين العام للامم المتحدة الى ا
...
-
إيجابيات وخطورة القرار 2285 لمجلس الامن
-
الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع
...
-
قدر المغرب الراهن بين نظامين . نظام الملكية المطلقة ، ونظام
...
-
تمخض الجبل فولد فأرا
المزيد.....
-
-لم أستطع تجاوز الأمر-.. روبرت إيفريت يقول إنه طُرد من مسلسل
...
-
بركان بروسيا يثور بعد قرون من السكون.. هل الزلزال هو السبب؟
...
-
غارات إسرائيلية تستهدف مقر الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة
-
لبنان على مفترق حاسم حول ملف السلاح.. وزير العدل: لن نسمح ل
...
-
تصعيد جديد في السويداء.. خرق لوقف إطلاق النار ووضع إنساني يت
...
-
البطاطا تنحدر من الطماطم! .. كشف أصل غذاء البشر الرئيسي
-
صحف عالمية: البحث عن طعام قاتل كما الجوع بغزة ومفتاح الحل مع
...
-
أسانج يشارك في مسيرة حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في سيدني
-
مناورات بحرية روسية صينية في بحر اليابان
-
مسيرات في الضفة تضامنا مع غزة وبن غفير يجدد دعوته لاحتلال ال
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|